إلى كل من ينشد التصرف الحكيم، والسلوك القويم، والنجاح

إلى كل من ينشد التصرف الحكيم، والسلوك القويم، والنجاح

0 reviews

إلى كل من ينشد التصرف الحكيم، والسلوك القويم، والنجاح، والفلاح في حياته على ضوء الدين، والإيمان، والرسالة الإسلامية الخالدة. إلى كل من أراد تربية نفسه، وحملها على مقتضى الشرع، والعقل، والحكمة، والأخلاق الإسلامية، وممارسة العمل الصالح.
2
الإنسان – في هذه الحياة – تارة يكون جاهلاً، وتارة أخرى يكون عاقلاً ولكنه لا يعرف كيف يستخدم عقله عملياً، وبالتالي فهو بحاجة إلى العلم، والحكمة التي تتطلب القضاء على الجهل، وإحلال الوعي، والعلم مكانة، بالنسبة للحالة الأولى، وإستخدام العقل بشكل حكيم في التصرف والسلوك العملي بالنسبة للحالة دعنا نضرب لذلك مثالاً: - فالإنسان قد لا يعي، عامل الزمن وقيمته، فتراه يصرف الساعات والأيام، والسنوات من عمره، دون أن يدري، وبشكل لا أبالي. ولكنه بمجرد أن يعيه، ويحث على الإستفادة منه، تراه ينظر إلى الزمن نظرة جدية. أو أنه يعرف عامل
3
الزمن نظرياً، ولكنه بحاجة إلى تصميم، أو توجيه للإستفادة عملياً من هذه المعرفة، فتراه بعد توجيه نظرة عقلانية، تطبيقية، حكيمة لعامل الزمن. والحكمة توفيق، ومشيئة من الله الحكيم، وهي خصلة قابلة للإكتساب، إذا وفر الإنسان في نفسه شروط الإكتساب . وهي ليست حكراً على أحد، فمن يوفر في نفسه شروط الحكمة يوفقه الله لأن يصبح حكيماً. ويصفها الله – جل وعلا – بالخير الكثير، إذ عن طريقها يستطيع الإنسان أن يتعامل مع الكثير من القضايا- في الحياة- ويتغلب على الكثير من العقبات والموانع التي تواجهه فيها. والحكمة من صفات العقلاء، ولا ينحصر مفهوم العقلاء في الفلاسفة، أو الذين وصلوا الى مراحل علمية متقدمة، أو الذين تخرجوا من الجامعات، والكليات ، والمعاهد. وإما يشمل كل إنسان عاقل، متفكر، واع، يعرف كيف يستخدم عقله في جعل معاملاته، وتصرفاته، وسلوكياته، بعيدة عن الخطأ، والإنحراف، والباطل، مرضية للخالق، مقبولة لدى عقلاء الناس. ولا غرابة أننا نجد بعض الأميين - وإن كانت الحكمة تستدعي المعرفة وتجاوز الأمية - نجدهم يتصفون بنوع من الحكمة في بعض الجوانب، ذلك لأن تجاربهم في هذه الجوانب خلقت فيهم الوعي والإعتبار، وبالتالي نجد تصرفاتهم - في هذه الجوانب - تأتي منطقية، بعيدة عن الخطأ، والإنحراف. وهنا يبرز الدور الكبير للتجربة، والإعتبار بها، في خلق الوعي التنظيمي، والحكمة في الإنسان. يقول الإمام علي (ع): «قد يقول الحكمة غير الحكيم»". إضافة إلى ذلك أن الحكمة قد تعني أمراً مطلقاً، ولكن المقصود هنا بالحكمة باعتبارها قيمة إلهية دينية، تقود الانسان - في الدرجة الاولى - الى الهداية، والتدين، والإيمان بالله، وليس أي حكمة. ان هناك الكثير من الخكماء في التاريخ، كانوا يتسمون بالحكمة في أكثر من مجال، إلا أنهم كانوا يفتقرون إلى الهداية، والتدين، والإيمان بالله. وهناك من العلماء - في عصرنا الحاضر- من يُسخر علمه لتدمير البشرية او لتضليل المجتمعات، أو لتلحيدها بدلاً من هدايتها، وهناك
4
من الحُكماء من يُسخر جكمته - في المجال المتخصص والمبدع فيه - لخدمة الشيطان، وعبادة الذات، والمادة، وإستغلال الإنسان، وإستعباده. إلا أن هذه الحكمة لا تعتبر حكمة حقيقية في المنظار الديني. لا سيما إذا عرفنا أن الحكمة لا تعني المعرفة العلمية أنى كان نوعها، وإنما هي القيمة التي تدخل في طياتها المعرفة، ويدخل فيها الكثير من القيم الأخلاقية والإلهية، والإلتزامات السلوكية السنوية، التي تعرج بالإنسان إلى السماء، وتبعده عن الإنحراف، والإنفراط، والوقوع في الأخطاء. وهذا الكتاب هو محاولة بسيطة لتسليط الضوء على الحكمة، باعتبارها قيمة عقلية أخلاقية أكثر من ضرورية، يحتاجها الإنسان، في الخضوع والعبودية إلى ربه، وفي التعامل مع نفسه، ومع الناس، والعلاقات الإجتماعية معهم، وفي كل الممارسات الحياتية، وفي كل المعارف والعلوم التي يكتسبها، ونسأل الله أن يجعلنا على طريق الخكماء الذين يضعون الشيء في موضعه، والله من وراء القصد .
5
تعريف الحكمة ما هي الحكمة؟ هناك من يعتقد بأن للنفس الإنسانية، الناطقة قوتين، وهما: - قوة الإدراك (القوة العاقلة). - قوة التحريك (القوة العاملة). وللقوة الأولى شعبتان هما: - العقل النظري. - العقل العملي. والعقل النظري، هو القوة التي عن طريقها تنتقش الصور العلمية في ذهن الإنسان. أما العقل العملي، فهو القوة العاملة على تحريك جسم الإنسان في الأعمال الجزئية بالرويّة. وبعبارة أخرى: إدراك ما ينبغي أن يعمل. وهذه الشعبة لها علاقة بقوفي الشهوة، والغضب، وعن طريق هذه العلاقة تحدث بعض الكيفيات الموجبة للأفعال والإنفعالات، كالخجل، والضحك والبكاء، وغير ذلك، ومن حيث إستعمالها للوهم والخيال، تعمل على إستنباط الآراء، والأعمال الجزئية، ومن حيث نسبتها بالعقل، وحصول الإزدواج بينهما، هي سبب الحصول الآراء الكلية المتعلقة بالأعمال، كحسن الصدق وقبح الكذب، ونظائرهما. وللقوة الثانية شعبتان أيضاً، هما: - قوة الغصب. - قوة الشهوة. وقوة الغضب هي مبدأ لدفع الأعمال غير الملائمة، حين تغلب هذه القوة، وقوة الشهوة، هي مبدأ لجلب الأعمال الملائمة. ثم إذا كانت القوة الأولى (العاقلة)، غالبة على سائر القوى، وكانت هذه الأخيرة
6
مقهورة لها، ومطيعة، كان تصرف الأخرى على وجه الإعتدال، وحينها تنتظم أمور الإنسان، ويحصل تسالم، وتمازج للقوى الأربعة، فتهذب كل واحدة منها، ويحصل له ما يخصه من الفضيلة. فيحصل من تهذيب العاقلة، العلم، وتتبعه الحكمة، ومن تهذيب العاملة، العدالة، ومن تهذيب الغضبية، الحلم، وتتبعه الشجاعة، ومن تهذيب الشلهوية، العفة، وتتبعها السخاوة. وعلى هذا تكون العدالة، كما لا للقوى العملية التي هي قوة التحريك، ومن هنا يمكن القول أن الحكمة هي العدالة، والعدالة هي الحكمة، فالحكمة هي وضع الشيء في موضعه، والعدالة - ايضاً - كذلك. وقيل: الحكمة تحقيق العلم، وإتقان العمل. وقيل: ما يمنع الجهل. وقيل: هي الإصابة في القول. وقيل: هي طاعة الله. وقيل: هي الفقه في الدين وقيل: كل ما يؤدي الى مكرمة، أو يمنع من قبيح. وقيل: ما يتضمن صلاح الدنيا والآخرة. والتعاريف متقاربة، ويظهر من الأخبار (الأحاديث والروايات الشريفة) أنها العلوم الحقة النافعة مع العمل بمقتضاها. وقد تطلق على العلوم الفائضة من الله - عز وجل - على العبد، بعد العمل بما يعلم". والحكمة في اللغة، من الفعل (حكم)، أي صار حكيماً، والحكمة هي الكلام أو تفلسف، أي تأنق، وتفنن في المسائل العلمية، وهي علم الأشياء بمبادئها، وعللها الأولى، وهي كلمة مركبة من كلمتين يونانيتين: (فيليا) التي تعني محبة،
 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

1

followers

2

followings

0

similar articles