المرأة الرجل : قصة حقيقية وملهمة.
المرأة الرجل.
قصة حقيقية وملهمة.
تعود أحداث القصة إلى أربيعين سنة خلت ، ولكنني مازلت أتذكر أحداثها ، وأفتخرببطلتها التي هي أمي الغالية.
في قرية نائية وسط جبال جرجرة ،حيث الطبيعة الخلابة،المسالك الوعرة ،الحياة البسيطة بساطة سكانها،تعيش عائلة تتكون من الأب الذي كان يعمل لحسابه على شاحنته القديمة ،يحمل كل مستلزمات البناء لأصحابها ،هذا عمله يوميا.
الأم في الأربعين من عمرها ،شقراء،بعيون زرق ، كأنها الشمس في ضيائها.
الأبناء والبنات : كلهم متمدرسون غدا الإبن الأصغر الذي لم يتجاوز الثانية من العمر .
إلى غاية اليوم كل شيء طبيعي:
الأب يخرج لعمله وكسب لقمة العيش
الأم تقوم بالأعمال المنزلية من مسح وجلي وطبخ وعجن وترتيب وغسل مثل أي ربة بيت عادية.
الأبناء والبنات في مدارسهم .
الحالة المادية كانت ، متردية نوعا ما ولكن السعادة تغمرها مع وجود امرأة حكيمة ووجود الرضا والقناعة بالقليل.
إلى أن جاء اليوم المشؤوم ،ذلك اليوم الذي لن أنساه أبدا.
كنا ننتظر عودة أبي ،لقد تأخر عن المعتاد والهاتف لم يكن موجودا في ذلك الوقت.
تأخر ساعة ،ساعتين ،ثلاث ساعات ،الظلام بدء يسدل رداءه على الكون وفجأة سمعنا مناديا ، هرعنا إلى الباب جميعنا
إنه رجل من االقرية يخبرنا بما حدث:
انقلبت الشاحنة في المنعطف قال.
نزل هذا الخبر على مسامعنا كالصاعقة.
هل مات ،هل مات ،أخبرنا.؟
لا نعلم ،هناك جماعة تحاول الوصول إليه الآن
ولكنه مات .
.علا الصراخ والعويل وامتلأ البيت بالجيران .!
أتذكر جيدا .، وكيف لي أن أنسى؟،
أخذ وا جثته إلى المستشفى حيث غسل هناك ودفن مباشرة نظرا لما سببه الحادث من أضرار.
.
بعد مراسيم الدفن ، بدا البيت باردا ،خاليا ،عم الحزن ولكن
المرأة الرجل التي هي أمي أحست بثقل الحمل على كتفيها فهي الآن الأب والأم معا ، ولكن السؤال الذي كان يحيرها:
كيف تعيل ثمانية من الأبناء؟ ،فهي لم تدخل المدرسة يوما، والأب كان عاملا يوميا والجميع يعرف أنه لا يوجد أي دخل تقنات به هذه العائلة.
ما آلمني ويؤلمني عندما أتذكره لحد الآن هو عندما أجتمع الأعمام والأقارب ليجدوا حلا .
اقترح أحدهم تقسيم الأبناء على العائلات ،
أنا آخذ فلا ن وفلان وأنت تأخذ فلان و…….
مهلا قال الخال أبناء أختي لن يذهبوا إلى أي مكان أنا أتكفل بهم.
ومع أنه لن يفي بوعده ولكنه أخرس الجميع مم أبسط أمي.
شمرت اللبؤة على ذراعيها ، وشدت الحزام على بطنها
فكانت لا تنام الليل ،تنسج الزرابي، تخيط الملابس بالأجرة ،تعمل في بستانها ، وترعى أغنامها ، وبالأخص تربي أبناءها وترعاهم .
ما رأيكم في امرأة تمسك الدفتر المدرسي بالمقلوب لأنها لا تفقه حرفا ونقول لابنها الذي يدرس في الأبتدائية:
نتائجك لم تعجبني وهي تنظر للدفتر ،وتظيف يجب عليك أن تبذل أقصى مجهود لأن…… ولأن وتكمل المحاظرة
تحثهم جميعا على العمل بعد وقت الدراسة ،.
أصدقكم القول إن قلت أن طبيب اليوم رعى الأغنام ، ومدير اليوم كسر الحجارة ، وآخرون في مناصب مرموقة عملوا باليومية في العطلة.
ربت أبناءها وبناتها على الفضيلة ،ولم تمد يوما يدها لأحد رغم الفقر وقلة الحال.
اليوم أبناؤها كلهم دون استثناء في مناصب عالية ،تعيش
كالملكة على عرشها بعد أن أكملت مهمتها .
مرض رجل في القرية بمرض عضال وكانت حالته ميؤوسا منها وكانت وصيته لزوجته كالآتي:
كوني رجلا لا امرأة مثل فلانة بنت فلان.
يكفيني فخرا اليوم أنني ابنتها .
فألف تحية لها وأطال الله بعمرها.