
قصة فلسطين من 1900 حتى 2025: أكثر من قرن من الاحتلال والمقاومة والتاريخ المنسي
المقدمة
ليست فلسطين مجرد اسم على خريطة، بل حكاية أمةٍ وُلدت بين الجبال والسهول، وقاتلت من أجل البقاء في وجه أعاصير التاريخ. تبدأ قصتنا في أوائل القرن العشرين، عندما كانت فلسطين تنعم بهويتها العربية، وتمتد حتى يومنا هذا، مرورًا بالوعد، والتهجير، والاحتلال، والانتفاضات، والحصار، والبطولة.

أرض الأجداد (1900–1917) في بداية القرن العشرين، كانت فلسطين جزءًا من الإمبراطورية العثمانية، يعيش فيها العرب من المسلمين والمسيحيين إلى جانب أقلية يهودية. كانت القرى عامرة، والأسواق مزدهرة، والقدس تتنفس روح السلام. لكن في أوروبا، كانت حركة غريبة تُحاك في الخفاء: الحركة الصهيونية التي نشأت في عام 1897، وبدأت تخطط لاحتلال فلسطين باسم "الوعد التاريخي".
الوعد الذي لم يكن لأهله (1917–1947) في عام 1917، أصدرت بريطانيا وعد بلفور الذي تعهد بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، متجاهلةً وجود أكثر من 90% من السكان الأصليين العرب.
ومع نهاية الحرب العالمية الأولى، تم وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني. خلال هذه المرحلة، بدأ تدفّق المهاجرين اليهود بدعم مباشر من سلطات الاحتلال البريطاني، واشترت المنظمات الصهيونية الأراضي بأساليب غير قانونية، وتشكّلت الميليشيات المسلحة مثل "الهاجاناه". وفي المقابل، لم يسكت الفلسطينيون، فثارت القدس في أحداث البراق عام 1929، ثم اندلعت الثورة الكبرى عام 1936، التي دامت ثلاث سنوات وسُحقت بقوة.
الطعنة الكبرى (1947–1949) عام 1947، قررت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين إلى دولتين. لم يكن ذلك القرار عادلًا؛ إذ أعطى اليهود أكثر من نصف الأرض رغم أنهم لم يكونوا يملكون إلا أقل من 7% منها. في الصوره التالية خريطة التقسيم الاداري لفلسطين قبل الاحتلال في عام 1945

📷 الصورة: "خريطة فلسطين 1945"
المصدر: Wikimedia Commons
المؤلف: Original: Zero0000 Derivative: ساندرا - Derivative from Herehttps://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%84%D9%81:Mandatory_Palestine_1945_subdistricts_and_districts-ar.svg
الرخصة: CC BY-SA 4.0
في 15 مايو 1948، أعلنت العصابات الصهيونية قيام دولة إسرائيل، وبأت فصول المأساة: أكثر من 750 ألف فلسطيني طُردوا من بيوتهم في حملة تطهير عرقي، ودُمرت أكثر من 500 قرية. كانت دير ياسين، اللد، والرملة شهودًا على المجازر. بدأت النكبة... ولم تنتهِ.
سنوات الضياع (1949–1967) تشرد الفلسطينيون بين الأردن وسوريا ولبنان وغزة و مصر. وفي المخيمات، وُلد جيل جديد من الأطفال لا يعرف الوطن إلا من حكايات الأمهات. وفي عام 1964، تأسست منظمة التحرير الفلسطينية. أما الاحتلال فواصل توسعه، حتى جاءت حرب 1967، واحتلت إسرائيل ما تبقى من فلسطين: الضفة الغربية، القدس الشرقية، قطاع غزة و سيناء المصرية. أُحكم الحصار، وبدأت المستوطنات تنمو كالسم في جسد الأرض.
المقاومة تولد من الرماد (1967–1993) خرجت البنادق من الخيام، وبدأت فصائل المقاومة مثل فتح، والجبهة الشعبية، وحماس لاحقًا في تنفيذ عمليات ضد الاحتلال. اندلعت الانتفاضة الأولى عام 1987، ورمى الأطفال الحجارة في وجه الدبابات. أثار المشهد تعاطفًا عالميًا واسعًا. في 1993، وُقعت اتفاقيات أوسلو التي منحت الفلسطينيين حكمًا ذاتيًا جزئيًا. عاد ياسر عرفات إلى غزة، لكن الأرض بقيت مقسّمة والمستوطنات في ازدياد.

الانتفاضة الثانية وانفجار الغضب (2000–2005) في عام 2000، اقتحم أرئيل شارون المسجد الأقصى، فانفجرت الانتفاضة الثانية. استُشهد الآلاف، ودمّرت إسرائيل البنى التحتية. استُخدمت الطائرات والدبابات ضد المدنيين، ونُفذت اغتيالات لقادة المقاومة. في المقابل، شهدت إسرائيل تفجيرات داخل أراضيها. كان المشهد دمويًا، لكن النداء لم يُسكت: "فلسطين حرة".
غزة المحاصرة والانقسام (2006–2020) فازت حركة حماس بالانتخابات عام 2006، وبدأ الانقسام بين فتح وحماس. منذ عام 2007، فرضت إسرائيل حصارًا خانقًا على قطاع غزة. اندلعت الحروب: 2008، 2012، 2014، ومئات الشهداء من المدنيين. في الضفة، استمر التنسيق الأمني، بينما توسعت المستوطنات في الخليل ونابلس والقدس.
سنوات النار (2021–2025) في مايو 2021، انتفضت القدس، وتبعتها غزة في معركة "سيف القدس".
في 2023 تحديدا يوم 7 اكتوبر 2023، اندلعت حرب شرسة إثر اقتحامات المسجد الأقصى تحت اسم (طوفان الأقصى). ردت المقاومة بصواريخ وصلت إلى تل أبيب. بينما إسرائيل شنت هجومًا عنيفًا على غزة منذ بدء الحرب.
عام 2024، تقدّمت فلسطين بطلب للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة وسط تأييد عالمي متزايد. عام 2025، لا تزال النار مشتعلة، لكن الراية ما زالت مرفوعة.
الحق في الأرض: الحقيقة القانونية والأخلاقية
فلسطين كانت مأهولة بأصحابها، ويملكون 93% من الأرض حتى عام 1948.
قرارات الأمم المتحدة (181، 194، 242) تؤكد حق الفلسطينيين في العودة والاستقلال.
الرواية الإسرائيلية تعتمد على نصوص دينية غير معترف بها وانتزاع قرارات دولية دون تنفيذ جوهرها.
الأرض لمن سكنها، وعاش فيها، ودُفن فيها أجداده.
حتى وقت كتابة هذا المقال ما زالت غزه تحت النيران من العدو الاسرائيلي منذ حرب 7 اكتوبر و تخلف عن هذا الى هذا اليوم تجاوز 52 الف شهيدا اكثرهم نساء و اطفال.
الخاتمة: قصة فلسطين ليست فقط تاريخًا، بل دماء وشهداء وصمود. من النكبة إلى النكسة، من الحجارة إلى الصواريخ، من الشتات إلى الأمل، تستمر الحكاية حكاية شعب لا ينكسر.
المصادر :Photo by Ahmed Abu Hameeda on Unsplash - Photo by Raimond Klavins on Unsplash -Photo by Mohamed Jamil Latrach on Unsplash