
قلم خائف يصنع حكاية نجاح
النجاح ….حين تكتب التجربة اول سطر
في لحظة هادئة من إحدى لياليها، جلست فتاة صغيرة تحمل بين يديها قلمًا متردّدًا وورقة بيضاء تحدّق فيها بخوف وارتباك. كان قلبها يخفق بسرعة، وكأنّه يخشى من كلمة قد تخرج ناقصة أو جملة قد لا تلقى قبولًا. لم تكن تعرف إن كانت قادرة على كتابة نص واحد يستحق القراءة، لكن شيئًا في داخلها كان يلحّ عليها بأن تجرّب. ارتجفت أصابعها، وتردّد قلبها، ثم كتبت سطرها الأول. كان ذلك السطر بسيطًا وعفويًا، لكنه كان المفتاح الذي فتح أبوابًا لم تكن تتوقعها يومًا.
لم يكن المقال الأول تحفة أدبية، ولم يكن مثاليًا كما كانت تتصوّر. لكنه كان صادقًا، محمّلًا بكل المشاعر التي سكنت روحها طويلًا. وعندما فرغت من كتابته، شعرت بخفة غريبة، وكأنها أزاحت عن قلبها حملًا ثقيلاً. أدركت حينها أن الكتابة ليست مجرد حروف تُسطّر على الورق، بل هي حياة كاملة تنبض بين السطور. كانت التجربة الأولى أشبه بفتح نافذة صغيرة نحو عالم واسع، نافذة رأت من خلالها نفسها كما لم ترها من قبل : قادرة، مختلفة، وحالمة.
توالت الأيام، وكل محاولة جديدة كانت بمثابة بدايةاخرى. كانت تخطو بخوف، لكنها تخطو على أي حال. واجهت نقدًا وسخرية أحيانًا، وفقدت الحماس مرات عديدة، لكنها كانت تعود دائمًا إلى قلمها، كمن يعود إلى ملجأ آمن وصديق وفيّ. ومع كل نص تكتبه، كانت تكتشف شيئًا جديدًا في نفسها: قوّة لم تكن تعلم بوجودها، وجرأة لم تتوقع أن تتحلّى بها.
ومع مرور الوقت، تعلّمت أن النجاح لا يأتي صدفة، ولا يُمنح مجانًا. النجاح هو ثمرة صبر طويل، وجهد متواصل، وإيمان عميق بأن البدايات البسيطة قد تصنع المعجزات. لم يكن الطريق إليها سهلًا، لكن كل عثرة كانت درسًا جديدًا، وكل تأجيل كان فرصة لإعادة التفكير، وكل انتقاد كان حافزًا للنمو والتطوّر.
لقد كانت لحظات الشكّ جزءًا من رحلتها. كثيرًا ما تساءلت: هل ما أكتبه يستحق؟ هل سأجد من يفهم مشاعري؟ لكنها تعلّمت أن الكتابة لا تحتاج دائمًا إلى جمهور ضخم، بل إلى صدق داخلي. فالكلمة التي تُكتب بصدق تجد طريقها يومًا ما، حتى وإن تأخّر وصولها. وكانت تلك اللحظات الصعبة وقودًا للاستمرار، وحافزًا للبحث عن صوتها الخاص وسط ضجيج العالم.
الأجمل أنها بدأت ترى أثر كتابتها في الآخرين. كلمات بسيطة جعلت صديقة تبتسم، أو قارئًا يتأمل معنى لم يخطر بباله من قبل. عندها أدركت أن النجاح لا يُقاس بعدد القرّاء، بل بمدى ما تتركه الكلمة من أثر. أن تزرع في قلب واحد على الأقل لحظة أمل أو شرارة تفكير، فهذا وحده كافٍ ليجعل الكتابة رحلة تستحق أن تُعاش.
واليوم، بعد عامين من تلك المحاولة الخجولة، أصبحت تلك الفتاة كاتبة على منصات أدبية، تنشر خواطرها العذبة، ورواياتها التي تعكس عمق التجربة الإنسانية، ومقالاتها التي تحرّك القلوب والعقول معًا. لم يكن ذلك وليد صدفة، بل ثمرة إصرار على ألا تستسلم لذلك الصوت الداخلي الذي كان يهمس: "لن تستطيعي." لقد ردّت عليه بكلماتها، كلمةً بعد كلمة، حتى صارت كاتبة.
إن النجاح ليس نهاية المطاف، بل هو بداية متجدّدة. هو أن تؤمن بنفسك، أن تمنح قلمك فرصة، أن تكتب بصدق دون أن تخشى رأي الآخرين. فالكلمات الصادقة لا تضيع أبدًا، بل تجد دائمًا طريقها إلى القلوب. وهكذا، يصبح النجاح حكاية تبدأ بخطوة صغيرة، أو ربما بسطر واحد، لكنها قادرة على تغيير حياة كاملة نعم انا