جحا و البئر

جحا و البئر

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

 

جحا و البئر 

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاش جحا في قرية صغيرة هادئة. وكان جحا مشهورًا بين الناس بخفة دمه وحكمته الغريبة التي تختلط بالمرح.

في يوم من الأيام، اجتمع أهل القرية عند بئر قديمة كانوا يشربون منها منذ سنين طويلة. لكن البئر جف ماؤها، وصار لا يخرج منها إلا قطرات قليلة. جلس القوم يتشاورون:

– قال أحدهم: “لا بد أن نحفر بئرا جديدة.”

– وقال آخر: “بل نصلح هذه البئر، فهي قريبة من البيوت.”

– وقال ثالث: “لن ينفع هذا ولا ذاك، ربما جف الماء من الأرض كلها!”

ظلوا يختلفون حتى تعبوا، وفجأة جاء جحا وهو يركب حماره ويتمايل كعادته. فقال لهم:

– “ما الأمر يا جيراني؟ ما بالكم مجتمعين هنا؟”

حكوا له ما حدث. ففكر جحا لحظة ثم قال بكل ثقة:

– “الأمر بسيط! اتركوا هذه البئر مكانها، وابحثوا عن مكان آخر للبئر الجديدة.”

ضحك أحدهم وقال ساخرًا:

– “يا جحا، وهل كنا سننقل البئر من مكانها؟!”

فأجاب جحا بجدية:

– “ولمَ لا؟ إن كنتم تحبون هذه البئر القديمة، انقلوها إلى مكان فيه ماء كثير، فتصبح جديدة وتبقى كما تحبون!”

انفجر القوم ضاحكين وقالوا:

– “يا جحا، وهل يمكن نقل بئر مبنية في الأرض؟”

ابتسم جحا وقال:

– “إذا كنتم لا تستطيعون نقل البئر، فانقلوا أنفسكم من حولها إلى مكان آخر فيه ماء، فالبئر لا تأتي إليكم، أنتم من يذهب إليها.”

أعجب الناس بكلامه رغم أنه كان يبدو مضحكا، لأنه في النهاية قال الحقيقة بطريقة طريفة: إذا جف مكان، فلا فائدة من التمسك به، بل ابحث عن مكان أفضل.

لكن لم ينته الموقف هنا… فبينما كانوا يتحدثون، وقع حمار جحا في البئر الجافة! فصرخ جحا وقال:

– “يا مصيبتي! حماري العزيز وقع في البئر!”

تجمع الناس حول البئر، وأرادوا أن يساعدوا جحا. فقال أحدهم:

– “يا جحا، حمارك ثقيل جدًا، لا نستطيع إخراجه بسهولة.”

فجلس جحا يفكر ثم قال بحكمة مضحكة:

– “لا بأس، طالما أن البئر بلا ماء، فليكن حماري هو ماءها الجديد!”

تعجب القوم وقالوا:

– “وماذا ستستفيد من ذلك؟”

فرد جحا وهو يضحك:

– “على الأقل سيبقى حماري ذكرى في البئر، وكلما نظرتم إليها تذكرتم أن البئر كان فيها يوما شئ مفيد!”

ضحك الجميع حتى دمعت أعينهم، وأخيرا تعاونوا على إخراج الحمار من البئر. وبعد أن خرج، نظر جحا إلى حماره وقال له:

– “يا بني، كدتَ تصبح صاحب بئر، لكنك لا تصلح إلا لحمل الأثقال.”

ضحك القوم من جديد، ورجع كل واحد إلى بيته والابتسامة على وجهه. ومنذ ذلك اليوم صاروا إذا اختلفوا يقولون:

– “تذكروا حكاية جحا مع البئر، ولا تتمسكوا بما لا ينفع.”

 العبرة: جحا رغم سخريته كان يذكر الناس دائمًا أن التمسك بما انتهى لا يجلب فائدة، وأن البحث عن حلول جديدة هو الأفضل.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

2

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة
-