أغاثا كريستي: المرأة التي اتُّهِمت بالجريمة لأنها أتقنت كتابتها.

أغاثا كريستي: المرأة التي اتُّهِمت بالجريمة لأنها أتقنت كتابتها.

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

أغاثا كريستي: المرأة التي اتُّهِمت بالجريمة لأنها أتقنت كتابتها.

 

 

image about أغاثا كريستي: المرأة التي اتُّهِمت بالجريمة لأنها أتقنت كتابتها.

 

لم تكن أغاثا كريستي مجرد كاتبة عابرة في تاريخ الأدب، بل كانت ظاهرة هزّت العالم وجعلت القرّاء يصدقون أن الجريمة يمكن أن تكون فناً راقياً. ولكن خلف هذا النجاح الساحق، نشأت أساطير كثيرة  بعضها يقول إنها قتلت أحدهم في حياتها، وبعضها ربط اختفاءها الغامض بجريمة خفية، بل وصل الأمر بالبعض إلى الادعاء أنها نفسها استخدمت السم الذي كتبت عنه في قتل أحد أقاربها.لكن ما الحقيقة؟ وهل كانت أغاثا كريستي بالفعل أكثر من مجرد كاتبة؟ لنفهم ذلك، علينا أن نعود إلى البداية إلى الطفلة الهادئة التي صنعت عالم الجريمة من خيالها فقط.

طفولة تصنع أسطورة

وُلدت أغاثا ماري كلاريسا ميلر في الخامس عشر من سبتمبر عام 1890، في مدينة توركي البريطانية المطلة على البحر. كانت أسرتها مرفهة، لكنها لم تكن أسرة اعتيادية، فقد تلقت أغاثا تعليمها في المنزل، بعيداً عن المدارس والزحام. هذا العزل المبكر أعطاها وقتاً غير محدود للقراءة، والتأمل، وصنع حكايات صغيرة كانت تخبر بها دميتها.كانت طفلة خجولة، لكنها تمتلك خيالاً لا حدود له. وعندما توفي والدها وهي في الحادية عشرة، دخلت في عزلة أعمق، وكانت الكتب هي ملاذها الوحيد. لم يكن أحد يتوقع أن هذه الطفلة الهادئة ستصبح يوماً "ملكة الجريمة" في العالم.image about أغاثا كريستي: المرأة التي اتُّهِمت بالجريمة لأنها أتقنت كتابتها.

الحرب التي علمتها أسرار السموم

اندلعت الحرب العالمية الأولى، وقررت أغاثا الانضمام للعمل التطوعي. كانت تعمل في صيدلية المستشفى، وهناك حدث التحوّل الأكبر في حياتها. لم تكتفِ بترتيب الأدوية، بل دراستها بعمق، وتعلّمت:

  1. كيفية تركيب العقاقير
     
  2. نسب الجرعات
     
  3. أسماء السموم
     
  4. كيفية تحديد آثار التسمم

كانت هذه السنوات مدرسة حقيقية، وليس غريباً أن النوم كان يداعب بعض الممرضات بينما تسهر أغاثا على قراءة كتب السموم، تمعن في تفاصيلها وتخزّنها في ذهنها بدقة مدهشة. هذه المعرفة العلمية الدقيقة هي التي جعلت رواياتها تبدو حقيقية بشكل مرعب وكأنها تروي جرائم عاشتها بنفسها.Agatha Christie

هل قتلت أغاثا كريستي أحداً؟ الحقيقة التي أخافَت العالم

image about أغاثا كريستي: المرأة التي اتُّهِمت بالجريمة لأنها أتقنت كتابتها.

بعد شهرتها الواسعة، ظهرت أسطورة تقول إن أغاثا كريستي ربما قتلت شخصاً ما باستخدام السم.
لكن الحقيقة المؤكدة: أغاثا كريستي لم تقتل أي شخص في حياتها. لم تتهم، لم تُستدع للتحقيق، ولم تُفتح أي قضية

 ضدها.

لماذا إذن انتشرت الشائعة؟

1. خبرتها “المرعبة” بالسموم

كانت تكتب تفاصيل دقيقة للغاية، لا يستطيع وصفها سوى:

  •       طبيب متخصص
     
  •        أو صيدلي محترف
     
  •        أو مجرم محترف!

وهذا جعل البعض يظن أن خلف الكتابة معرفة عملية بالجريمة وليس مجرد خيال.

2. اختفائها الغامض عام 1926

هذه الحادثة أعطت الشائعة وقوداً إضافياً.

3. غرابة بعض وفَيَات محيطها

بعض الأشخاص الذين عرفتهم توفّوا لاحقاً لأسباب مختلفة، والناس ربطوا كل شيء بالجريمة. لكن لم يكن هناك أي دليل حقيقي على قتلها لأي شخص.

اختفائها الغامض الحقيقة التي تجاوزت رواياتها

في مساء 3 ديسمبر 1926، غادرت أغاثا منزلها واختفت. بعد ساعات قليلة، عُثر على سيارتها قرب حافة منحدر، وبداخلها:

  • معطفها
     
  • رخصتها
     
  • وبعض أغراضها

مشهد جعل الشرطة تعتقد أنها انتحرت أو أنها قُتلت.

  • أكبر عملية بحث في بريطانيا

شارك في البحث عنها:

  1. أكثر من 1000 شرطي
  2. 15 ألف متطوع
  3. غواصون
  4. كلاب بوليسية
  5. وطائرات للبحث الجوي

وبدأت الصحف تتحدث: هل هذه جريمة حقيقية تليق بكاتبة الجريمة الأولى؟

  • العثور عليها بعد 11 يوماً

كانت المفاجأة مدوّية عثروا عليها في فندق “هارد وجيت”، مسجّلة اسمها باسم آخر اسم المرأة التي كان زوجها يخونها معها!

كانت هادئة، وبدا أنها لا تتذكر شيئاً.

  • التفسير العلمي الحديث

بعد دراسة حالتها، رجح الأطباء أنها كانت تعاني من:

  • فقدان الذاكرة الانفصالي (Dissociative Fugue)
     
  • صدمة نفسية حادة بعد خيانة زوجها
     
  • تشتت في الهوية والوعي

هكذا يبدو أن أغاثا لم تهرب من جريمة… بل هربت من قلب مكسور.

 السموم التي استخدمتها في رواياتها… وليست في حياتها

أغاثا لم تستخدم السم لقتل أحد، لكنها استخدمته لقتل شخصيات روائية تركت القراء مذهولين.

أشهر أنواع السموم التي كتبت عنها

1. السيانيد Cyanide

سريع، قاتل، يوقف التنفس خلال دقائق. استخدمته في عدة أعمال  قصصية أبرزها “ثم لم يبقَ أحد”.

2. الثاليوم Thallium

سم بطيء، لا لون له ولا رائحة، ويؤدي إلى تساقط الشعر. استخدمته في رواية  “موعد مع الموت”.

3. الأكونتين Aconitine

مستخرج من نبات فائق السمية. وصفته بشكل علمي مذهل.

4. الديجيتاليس Digitalis

دواء للقلب قد يتحول إلى سم مع زيادة الجرعة. وظيفته ببراعة في  رواية “أوراق على المائدة”.كان جمهورها يسألها دائماً:
“كيف تعرفين كل هذا؟” فتجيب بابتسامة غامضة: “من أيام العمل في الصيدلية.”

موت بلا جريمة

توفيت أغاثا كريستي في 12 يناير 1976، عن عمر 85 عاماً، بسبب:

  • هبوط في القلب
     
  • أعراض الشيخوخة

كانت وفاة طبيعية تماماً. لم يكن في حياتها جريمة واحدة… سوى الجرائم التي صنعتها من خيالها العبقري.

الخاتمة: 

امرأة حوّلت الجريمة إلى فن، والغموض إلى أسلوب حياة أغاثا كريستي لم تكن قاتلة، لكنها كانت تمتلك قدرة نادرة على جعل القارئ يشك في كل شيء، حتى في حياتها الشخصية. اختفاؤها الغامض لم يكن مؤامرة، بل كان ألماً إنسانياً عميقاً.ومعرفتها بالسموم لم تكن نتيجة رغبة في القتل، بل نتيجة سنوات من العمل الصيدلي.

ومع ذلك… تبقى أغاثا أسطورة لا تتكرر، امرأة صنعت عالم الجريمة دون أن تؤذي أحداً، وجعلت التاريخ نفسه يكتب قصتها بأسلوب لا يقل إثارة عن رواياتها.

المصادر:

https://en.wikipedia.org/wiki/Agatha_Christie#:~:text=Christie's%20autobiography%20makes%20no%20reference,

disappeared%20during%20a%20fugue%20state.

 

 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
safaa labib تقييم 5 من 5.
المقالات

6

متابعهم

2

متابعهم

1

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.