حرب الدلو ..ليست مزحة! لكنها أيضا ليست كما يُشاع عنها
تخيل حرب غنيمتها دلو … نعم دلو! ، قد يخطر ببالك أن الدلو مصنوع من الذهب أو معدن نفيس آخر لكنه مجرد دلو خشبى بسيط متواضع! ، و لكن أذا قلت لك أن هذه الحرب راح ضحيتها أكثر من 2000 ألف جندى و هذه ليست كذبة أو أشاعة بل و اقعة حقيقية و بداية القرن ال14، عانت إيطاليا من توترات و حروب على أراضيها بين فصائل مختلفة بسبب توجهاتها السياسية المتعاكسة، فإيطاليا وقتها لم تكن موحدة مثل اليوم بل كانت عبارة عن ولايات متفرقة ، خاضت احزابها و فصائلها نزاعات أستمر بعضها لقرون مثل حزبى “الغويلفيين و الغيبلينيين” فمن هما؟ وما سر الصراع بينهما؟ الإجابة فى هذه الحكاية
كان يا مكان فى قديم الزمان بلدتان إيطاليتان متجاورتان بولوينا و مودينا البلدتان لم تكونا على وفاق بسبب الإنتماءات السياسية لقاطنيها، فسكان بولوينا و هم حزب الغويلفيين عُرفوا بتأيديهم للبابا و الكنيسة، أما سكان بلدة مودينا و هم حزب الغيبلينيين فعرفوا بتأيديهم للإمبراطور ، و لكن لماذا فضل الحزب الأول البابا و الكنيسة و الحزب الثانى الإمبراطور ؟! ألم تكن العلاقة بين البابا و الأباطرة بأوروبا مثل “السمن على العسل”؟
فى الواقع ، كانت هذه العلاقة مشحونة و لكى تتضح لك الصورة أكثر عزيزي القارئ سنعود قليلاً بالتاريخ إلى الوراء و تحديداً فى أوائل القرن التاسع و تحديداً عندما شهدت أوروبا تزواجاً سياسياً بين كنسية روما و افمبراطورية الرومانية، فالملك او افمبراطور كانت له السلطة المدنية المتمثلة فى الجيوش و تولى الحكم ، اما البابا فكانت له السلطة الروحية و الدينية، لكن الحال اختلف فى القرون الوسطى، فنشبت حينها خلافات بين الكنيسة و الأباطرة، أشهرها خلاف الإمبراطور “هنرى الرابع” و البابا “جيرجورى السابع" وأثر هذا الخلاف على مواقف الشعب، فمنهم من اختار الإنجياز إلى الإمبراطور مثل سكان دولة مودينا و هم حزب الغيبلينيين و البعض الآخر أختار الإنحياز إلى البابا مثل سكان بولوينا و هم حزب الغويلفيين واستمر الصراع لأكثر من 3 قرون و وصل إلى حد نشوب المعارك مثل معركة فوسالتا بعام 1249.
و يُقال فى بعض الروايات إن سكان مدينة بولوينا سخروا من سكان مدينة مودينا برشقهم بحمار حى رموه عليهم بإستخدام منجنيق ، و فى عام 1325 هاجم سكان مودينا إحدى قلاع بولوينا الحدودية و أسروا سكانها الغويلفيين الذين انقلبوا على بلدهم الأم و أعلنوا عن و لائهم لآسريهم الغيبلينيين ، فقرر سكان بولونيا الإنتقام من مودينا عبر إرسال جنوداً لمحاربتهم بلغ عددهم 6 أضغاف جنود مودينا ، لكن الخبرة غلبت العدد و كانت الهزيمة من نصيب بولوينا ، فخسروا قلعة حدودية أخرى لصالح جنود مودينا ، الذين تقدموا نحو مركز بلدة بولونيا و حاصروها لكنهم لم يهاجموها، وقرروا التخيم أمام اسوار المدينة و الإحتفال ل 3 ليال على سبيل الشماتة من بولونيا بعد أن ألحقوا بها شر هزيمة ، و لم يكتفوا بذلك فحسب بل عند المغادرة اخذوا دلو بئر المدينة الشهير للسخرية من سكان بولونيا الذين يستخدمون اساليب بدائية فى الآبار و ذلك بعكس بلدة مودينا ، وتم عرض الدلو الخشبى بكاتدرائية فى مودينا ثم نُقل للعرض بمجلس المدينة و مازال موجوداً هناك إلى يومنا هذا .
و الجدير بالذكر انه بعد كل هذه الحروب و الصراعات بسبب الإختلاف فى الإنتماءات و السياسيات تم توحيد إيطاليا فى منتصف القرن التاسع عشر وتم هذا التوحيد بموجب إتفاقية للقضاء على الصراح و الفصل بين البابوية و السلطات الإيطالية و بفضل هذا الإتفاق ظهرت الفاتيكان.