الثعلب في مصيده الكسوف (قصص الاطفال)
الثعلب في مصيدة الكسوف
استعد كثيرون من سكان القرية ، التي تقف على حافة الصحراء ، لاستقبال الظاهرة الغريبة التي سيمكنهم مشاهدتها من فوق أسطح البيوت ، وقمم التلال المحيطة والأماكن المرتفعة المكشوفة تحت السماء
الاستعداد لرؤية الظاهرة :تزود كل منهم بقطعة زجاج ملونه ، أو نظارات غامقة ، أو شرائح مستخدمة من أفلام تصوير الأشعة ، لقد عرفوا ذلك من الاذاعة والتلفزيون والصحف ، بل أن بعثة من العلماء والمحليين والأجانب ، جاءت ونصبت معدات معقدة ، فوق أعلى التلال المحيطة بالقرية ، تليسكوبات كبيرة ، وكاميرات تصوير وأجهزة الكترونية ، وتردد أن هذا المكان هو أفضل موقع في العالم ، لرصد ظاهرة كسوف الشمس الذي لا يتكرر كثيراً
كسوف الشمس :كانت السماء صافية ، والشمس ساطعة وقوية ، وفجأة بدا وكأن الدنيا تغيم ، إذ أخذ ضوء النهار يضعف ، ثم يعتم ، وسادت ظلمة رمادية ، وكأن الوقت ما بعد الغروب ، برغم أن الساعة لم تكن تجاوزت الثانية عشر ظهراً ، ورأى الجميع من وراء نظارات وشرائح أفلام الأشعة والعدسات الداكنة ، مراحل كسوف الشمس ، منذ بدأت الدنيا تغيم حتى انتشرت العتمة ، كان قرص القمر ينزاح ببطء ، ببطء نحو قرص الشمس
تحول قرص الشمس :في البداية ، تلامس القمر الذي ظهر كدائرة سوداء ، مع حافة قرص الشمس المضيء ، ثم بدى أن قرص الشمس يتآكل حتى بدى هلالاً ، أخذ ينحف حتى غطى القمر قرص الشمس في النهاية ، فلم تعد هناك غير دائرة سوداء مثل هالة رقيقة من الغميض الذي لم يكن يكفي لإضاءة الأرض
العتمة :استمرت تلك العتمة بضع دقائق ، حبس فيها الناس أنفاسهم ، وسكتت الدنيا بكل ما فيها من حيوانات وطيور كانت تصرخ وتتحرك في الضوء ، باستثناء الأوز الذي أخذ في التصايح بشكل عصبي ، وكان هناك حيوان من حيوانات الصحراء ، وثعلب الفينك ، التقطت أذناه الكبيرتان جداً ، صوت الأوز من بعيد ، فأطل بحذر من أحد أبواب جحره ، أحست عيناه المستديرتان ضعيفتا البصر بغياب الضوء ، فظن أن الليل قد حل ، فهو يهجع داخل الجحر في النهار ، ويخرج للصيد عند حلول الظلام
الثعلب في المصيدة :تصاحب عبر التلال ، ودخل القرية مهتدياً بصوت الأوز ، وما أن هم باختطاف دجاجة ساكنة عند مدخل أحد البيوت ، حتى انتشر الضوء ، وعاد ضجيج النهار في لحظة ، تصايح البشر ونبحت الكلاب ، وصوصوة العصافير ، فتجمد الثعلب من شدة الرعب
انتهى الكسوف :لقد انتهى كسوف الشمس ، انزاحت دائرة القمر المعتمة عن قرص الشمس رويداً رويداً ، فبدأت الشمس تسطع كهلال نحيف ، أخذ يكبر ويكبر ، حتى اكتمل القرص ساطعاً ، وبهت القمر ، وعاد الضوء يغمر الأرض
الهروب :لبث الثعلب المبهوت في مكانه جامداً ، يبهر الضوء عينيه المستديرتين الضعيفتي البصر ، وتلتقط أذناه الكبيرتان أصوات النهار الكثيرة العالية ، فيرتبك سمعه الحاد وكأن عشرات من مكبرات الصوت تصرخ في أذنيه ، وقع الثعلب في مصيدة ، لم يفطن اليها بمكرهم المعروف ، ولم يكن أمامه مع اقتراب أقدام الناس الذين أخذوا في مطاردته ، إلا أن يفر بعيداً ، في اتجاه الصحراء