الصداقة و ما معنى الصداقة
قرأت مقاال في إحدى الصحف اليومية ينتقد فكرة الصداقة ومفهومها ، ويزعم أ ّن اإلنسان صديق نفسه ،
وأ ّن معظم المشاكل االجتماعية تنبع من وراء صداقات اإلنسان .
ورأى الكاتب في مقاله أنّه يجب على اإلنسان أن يحصر عالقاته االجتماعية في دائرة ضيقة ومحدودة من
األسرة واألقارب فقط الذين بينهم وبينه صلة الدم أو النسب .
وقد أردت في مقالي هذا الرد على هذا الفكرة التي أرى أ ّن كاتبها قد جانبه الصواب ، وأ ّن وجود
) أصدقاء سيئين( ال يعني أ ّن الصداقة في حد ذاتها سيئة ، وال يمكن أن ي سقط اإلنسان تجاربه الشخصية ،
ثم يحاول أن يضع قوانين اجتماعية للبشرية من خالل هذه التجارب الشخصية .
فحين خان ) بروتوس ( صديقه ) يوليوس قيصر ( إنّما خان نفسه ولم يخن مفهوم الصداقة ، ولو جعلنا هذه
الحادثة منهجا لما اتّخذ الحكام أصدقاء وخلصاء بجوارهم .
الصداقة الحقّة موجودة في كل زمان ومكان ، فوجود نقطة سوداء على ثوب ال تعني مطلقا ضرورة إلقاء
هذا الثوب في صندوق القمامة .
تتنوع العالقات التي تربط اإلنسان بغيره من الناس، فهو بطبعه اجتماع ي ويرفض فكر الوحد والعزلة، ولعل
الصداقة من أجمل وأعذب العالقات التي يؤسسها اإلنسان مع الغير، وهي العالقة التي تقوم على أساس
االحترام والود والتعاون بين الشخص والشخص اآلخر أو مجموع ة من األشخاص الذين يمتلكون االهتمامات
نفسها أو النقاط المشتركة التي تجمع بينهم وتضمن بقاءهم معا في أحلك األوقات وأجملها.
والصداقة من الصدق ، فهي قائمة على صدق المشاعر والنوايا والحديث ، وهي قائمة على صدق القول
وصدق الفعل ، فليس الصديق إن لم يصدق صديقا !
والصداقة شكل من أشكال التعبير عن األخو والسند، ومع األصدقاء يستمتع اإلنسان بوقته أكثر، ويقوم بما
يحب من األمور، ويكون على طبيعته فال يخجل، وإليهم يفضي أسراره ويشكو، كما ويحصل منهم على
النصائح والدعم المعنوي والمساعد ’ وعلينا في البداية التأني في اختيار الصديق ، فأثره كبير ، فالصديق
مرآ صديقه ، وقد قال رسولنا الكريم : " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " ، وللصداقة العديد
من الفوائد التي أكسبتها عظيم األهمية، مثل الحصول على الدعم والمساعد وقت الحاجة ، والحصول على
النصائح المهمة لكل إنسان :
يدله على الخير
ومن هذه الفوائد تذكير اآلخرين بالخير، فالمحظوظ من الناس هو من امتلك رفيقاً صالحاً
وعلى الطرق المستقيمة واألخالق الحميد و التعاون وإنجاز األمور المفيد واإلبداع ومن فوائد الصداقة
تشارك الخبرات من خالل اختالف الشخصيات، األمر الذي يثري شخصية اإلنسان ، وقضاء األوقات السعيد
واالستمتاع بالحيا و التغلب على المصاعب واألزمات واألوقات العصيبة ، وقد قالوا :
" الصديق وقت الضيق "
ومن فنون الصداقة التي يجب أن نراعيها األخذ والعطاء ، فالصداقة طريق ذو اتجاهين ، كما أن الصداقة
تحتاج إلى تقبل العيوب ، وعدم اإلكثار من العتاب ، وقد قال الشاعر العربي :
إذا كنت في كل األمور معاتبا صديقك لم تلق الذي تعاتبه .
فجميعنا ال نستطيع االستغناء عن الصداقة واألصدقاء ، مهما كانت العيوب ، ومهما واجهنا من األصدقاء
ستبقى الصداقة من أجمل العالقات االجتماعية واإلنسانية ..
حقا ما أروع الصداقة !! وما أجمل األصدقاء