الصعود إلى الهاوية: أخطر جاسوسة تم تجنيدها من قبل الموساد - ج٤
وفي اجتماع موسع.. وضعت خطة القبض على هبة. . وعهد الى اللواء حسن عبد الغني ومعه ضابط آخر بالتوجه الى ليبيا لمقابلة
رسمت المخابرات المصرية خطة برئاسة الفريق أول رفعت جبريل من أجل احضار هبة إلى مصر وعدم هروبها إلى إسرائيل إذا ما اكتشفت أمر خطيبها المعتقل ، وكانت الخطة تتضمن أن يسافر اللواء حسن عبد الغني ومعه ضابط آخر من جهاز المخابرات إلى ليبيا لمقابلة والدها الذي كان يشغل وظيفة كبيرة في طرابلس، وإقناعه بأن ابنته هبة التي تدرس في باريس تورطت في عملية خطف طائرة مع منظمة فلسطينية، وأن الشرطة الفرنسية على وشك القبض عليها، وما يهم هو ضرورة هروبها من فرنسا لعدم توريطها، لذا يجب السعى لخروجها من فرنسا لمنع الزج باسم مصر في مثل هذه العمليات الارهابية، وطلب الضابطان من والد هبة أن يساعدهما بأن يطلبها للحضور لرؤيته بزعم أنه مصاب بذبحة صدرية.
أرسل والد هبة برقية عاجلة لابنته فجاء ردها سريعا ببرقية تطلب منه أن يغادر طرابلس إلى باريس، حيث إنها حجزت له في أكبر المستشفيات هناك، وأنها ستنتظره بسيارة إسعاف في المطار،وأن جميع الترتيبات للمحافظة على صحته قد تم اتخاذها. ولكي لا تترك المخابرات المصرية ثغرة واحدة قد تكشف الخطة بأكملها. فقد تم إبلاغ السلطات الليبية بالقصة الحقيقية، فتعاونت مع الضابطين من أجل اعتقالها. قامت المخابرات الليبية بحجز غرفة في مستشفى طرابلس لوالدها وإفهام الأطباء المسؤولين مهمتهم وما سيقومون به بالضبط.، أرسل والدها مجددا لابنته يخبرها بعدم قدرته على السفر إلى باريس لصعوبة حالته. وبالفعل صح ما توقعته المخابرات المصرية إذ أرسل الموساد شخصين للتأكد من وجود والدها في المستشفى الليبي وعندها فقط سمح لها بالسفر على متن طائرة ليبية في اليوم التالي إلى طرابلس.
عندما نزلت هبة عدة درجات من سلم الطائرة في مطار طرابلس وجدت ضابطين مصريين في انتظارها، صحباها إلى حيث تقف طائرة مصرية على بعد عدة أمتار،
فسألتهما: إحنا رايحين فين؟
فرد اللواء حسن عبد الغني: المقدم فاروق عايز يشوفك.
فقالت: هو فين؟.
فقال لها: في القاهرة.
صمتت برهة ثم سألت: أمال أنتوا مين؟!
فقال: إحنا المخابرات المصرية.
وعندها أوشكت أن تسقط على الأرض. فأمسكا بها وحملاها حملاً إلى الطائرة التي أقلعت في الحال، بعد أن تأخرت ساعة عن موعد إقلاعها في انتظار الطائرة القادمة من باريس بالهدية الغالية. لقد تعاونت شرطة المطار الليببي في تأمين انتقال الفتاة لعدة أمتار حيث تقف الطائرة المصرية. .وذلك تحسباً من وجود مراقب أو أكثر صاحب الفتاة في رحلتها بالطائرة من باريس. قد يقدم على قتل الفتاة قبل أن تكشف أسرار علاقتها بالموساد.
مثلت هبة أمام القضاء المصري ليصدُر بحقها حكم بالإعدام شنقا بعد محاكمة اعترفت أمامها بجريمتها، وأبدت ندماً كبيراً على خيانتها بل إنها تقدمت بالتماس لرئيس الجمهورية لتخفيف العقوبة لكن التماسها رفض.
وكان وقتها هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي قد حضر إلى أسوان لمقابلة الرئيس السادات، في أول زيارة له إلى مصر بعد حرب أكتوبر 1973 وفوجئ السادات به يطلب منه بناء على رغبة شخصية من جولدا مائير أن يخفف الحكم عليها، التي كانت تقضي أيامها في أحد السجون المصرية. وفطن السادات أن الطلب سيكون بداية لطلبات أخرى ربما تصل إلى درجة إطلاق سراحها.
فنظر إلى كيسنجر قائلاً: “ تخفيف حكم؟ لقد أعدمت ”.
وعندما سأل كيسنجر بإستغراب: “متى؟”.
رد السادات دون أن ينظر لمدير المخابرات الحربية الذي كان يقف على بعد خطوات وكأنه يصدر له الأمر: “النهاردة
تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً في هبة سليم في اليوم نفسه في سجن الاستئناف بحى باب الخلق وسط القاهرة .
ولقد بكت جولدا مائير حزناً على مصير هبة التي وصفتها بأنها “قدمت لإسرائيل أكثر مما قدم زعماء إسرائيل”.