چورچ باروت: الرجل الذي تحول إلى حذاء! - ج٢
بعد موته
بعد موت باروت لم يتقدم أحد للمطالبة بجثته، فتكفل أوزبورن بأخذها من أجل إجراء بعض الدراسات الطبية عليها، خصوصاً تلك الدراسات المرتبطة بنظرية كانت مشهورة في ذلك الزمان تزعم بأن جماجم و أدمغة المجرمين مختلفة فسيولوچياً و تشريحياً عن أدمغة الناس العاديين، بشكل غير عادي.
لكن الطبيب أوزبورن لم يكتفي باستخراج دماغ باروت، بل أراد أن يستفيد أيضا ً من بقية أجزاء جسده، فأعطى الجزء العلوي من الجمجمة إلى مساعدته ليليان هيلث التي كانت تبلغ ١٥ عاماً من العمر، و صارت لاحقاً أول امرأة طبيبة تعمل في ولاية "وايومينج" الأمريكية.
و تفيد التقارير أن ليليان استخدمت الجمجمة كمطفئة للسجائر، و أحيانا كمزهرية، و لحفظ الأقلام ، كما استعملتها كمسند للأبواب، أي كانت تضعها خلف الباب لكي لا يغلق!..
و الجزء العلوي من جمجمة باروت تم قطعه و استعماله لاغراض شتى.
أما أوزبورن فقد صنع من جسد باروت شئ أغرب بكثير، و هو الجزء الأكثر إثارة في القصة، فقد قام أولاً بصناعة قناع من الجص لوجه باروت، و هو الأمر الذي كان معروفاً في ذلك الزمان و كان يسمى بـ "قناع الموت"، ثم قام بسلخ جلد باروت، و ذهب الى أحد صانعي الأحذية و طلب منه أن يصنع له زوجاً من الأحذية بإستعمال جلد باروت!.
و فعلا تم صنع زوج من الأحذية للطبيب من جلد باروت، أما الفائض من الجلد فتم صنع حقيبة طبية منه.
و زوج الأحذية التي تم صنعها من جلد چورچ باروت معروضة في المتحف الأن.
و برغم بشاعة ما قام به، إلا أن الطبيب أوزبورن كان يفتخر بذلك الحذاء و يرتديه في العديد من المناسبات، حتى أنه سار به إلى داخل حفل تنصيبه حاكماً على ولاية وايومينج، نعم لقد تم تنصيبه حاكماً و احتفلوا به و هو يرتدي حذائه المُقرف المصنوع من جلد بشري.
أما باقي جسد و أشلاء باروت فقد أُلقيت داخل برميل و غطيت بالملح، و هو البرميل الذي عُثر فيه بعد ذلك على بقايا باروت.
و مرت السنين بسرعة، و مات الطبيب أوزبورن، و نسى معظم الناس اسم باروت و قصة الحذاء المصنوع من جلده، لكن في عام ١٩٥٠م، و أثناء اجراء تصليحات في قبو البنك الوطني في مدينة رولينز، تم العثور على برميل يحتوي على عظام بشرية، و جمجمة جزئها العلوي مفقود، و زوج من الأحذية.
العجائز من سكان المدينة تذكروا فورا حكاية باروت و جمجمته و الحذاء المصنوع من جلده الذي كان ينتعله عُمدتهم، و للتأكد من أن العظام تعود لباروت، تم الإتصال بالطبيبة ليليان هيلث، و التي كانت وقتها في منتصف الثمانينات من عمرها، فأعطتهم الجزء العلوي من جمجمة باروت الذي أعطاه لها الطبيب أوزبورن عندما كانت مساعدته، و كان الجزء العلوي مطابقاً تماماً للجمجمة التي تم العثور عليها في البرميل، و بفحص الحذاء تبين أيضاً أنه مصنوع من جلد بشري، فتأكد الجميع أنها أشلاء باروت.
لكن حتى بعد أن عثروا على بقاياه فأن باروت لم يدفن و لم يرقد بسلام أبداً ، إذ تم توزيع محتويات البرميل على عدة متاحف لعرضها على الجمهور.
قناع الموت المأخوذ من وجه باروت و الحذاء معروض في أحد المتاحف.
و اذا زرت يوماً ما مقاطعة كاربون في ولاية وايومينج، فلا تنس أن تزر متاحفها، ففي بعض قاعاتها، تقبع باإنتظارك جمجمة باروت، و الحذاء المصنوع من جلده!.
لا أدري حقاً إذا كان چورچ باروت يستحق كل ما جرى له مهما كان سوء جرمه؟، لكنني أعلم أن الطبيب أوزبورن ربما لا يقل عنه في الإجرام و بشاعة الفعل.
و لعل السؤال الأبرز هنا هو هل كان العقاب متكافئاً و مساوياً للجريمة في هذه القصة؟ هل استحق باروت أو أي مجرم قاتل آخر هذا المصير الأسود بعد الموت؟ .. أم أن دفن الإنسان و إكرام جسده بعد موته يسري على جميع الناس مهما كان سوء عملهم في الحياة الدنيا.
كانت تلك قصة شخصية مغمورة أراهن أنك لم تكن لتسمع عنها من قبل عزيزي القارئ، و هي شخصية چورچ باروت، ذلك المجرم الذي عاش في الظلال و مات ليتحول إلى حذاء.