حرب يوم الغفران بعيون المصريين

حرب يوم الغفران بعيون المصريين

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات
image about حرب يوم الغفران بعيون المصريين

حرب يوم الغفران بعيون المصريين

قبول وقف إطلاق النار (22 أكتوبر 1973)

في 22 أكتوبر 1973، أعلن الرئيس أنور السادات عبر إذاعة القاهرة موافقته على قرار مجلس الأمن رقم 338، الذي دعا إلى وقف إطلاق النار فورًا والبدء في تطبيق قرار 242 الصادر في 22 نوفمبر 1967، والدخول في مفاوضات تهدف إلى تحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط تحت إشراف الأمم المتحدة.

قال السادات إن مصر وافقت على وقف إطلاق النار بعد أن تمكنت من كسر الجمود الذي سيطر على المنطقة منذ حرب 1967، وأكد أن هذه الخطوة هي بداية طريق نحو تسوية عادلة. وقد تلقّى الرأي العام المصري هذا الإعلان بالمفاجأة، بل وببعض الاستياء، إذ لم يعتد الناس على سماع رئيسهم يعلن عن وقف القتال بينما لا تزال المعارك دائرة.

خطابات السادات والتباين مع تصريحات الزيات

في 16 أكتوبر، قال السادات في خطاب:

"نحن نقاتل وسنواصل القتال من أجل استعادة أراضينا التي احتلت عام 1967، ومن أجل حقوق الشعب الفلسطيني."

هذا التناقض بين الاستمرار في القتال وبين القبول بوقف إطلاق النار فجأة أثار نقاشًا واسعًا. وبعد خطاب السادات، أوضح وزير الخارجية محمد حسن الزيات أن مصر ستوافق على وقف إطلاق النار فقط إذا التزمت إسرائيل بالانسحاب من جميع الأراضي المحتلة عام 1967.

لكن المتابعين لاحظوا فجوة بين لهجة السادات المعلنة (السلام وكسر الجمود) وتصريحات الزيات الأكثر تشددًا، مما أثار ارتباكًا في الشارع المصري.

ارتباك الشارع المصري وصورة الإعلام الرسمي

وسائل الإعلام المصرية الرسمية تحدثت بنبرة انتصار، وعرضت صورًا عن الإنجازات العسكرية مثل عبور القناة وتدمير خط بارليف، بينما أخبار الهجوم الإسرائيلي المضاد غرب القناة قُدمت للجمهور بحذر شديد.

التغطية العربية: موقف صحيفة النهار اللبنانية

في بيروت، نشرت صحيفة النهار اللبنانية افتتاحية في 30 أكتوبر 1973 قالت فيها إن الحرب انتهت فعليًا بمجرد عبور الجيش المصري، لكنها تساءلت: هل كان ذلك نصرًا كاملًا، أم أن التوقف المبكر فوت فرصة أكبر؟


معركة 14 أكتوبر: أكبر معركة دبابات منذ الحرب العالمية الثانية

في 14 أكتوبر 1973 شنّ الجيش المصري هجومًا واسعًا شرق القناة بمشاركة أكثر من 1000 دبابة، مقابل نحو 900 دبابة إسرائيلية.
رغم البداية الجيدة، فقد رجحت الكفة تدريجيًا لصالح إسرائيل بفضل التفوق الجوي والدعم اللوجستي. تكبد الجيش المصري خسائر جسيمة واضطر للتراجع جزئيًا غرب القناة.

قال الفريق سعد الدين الشاذلي لاحقًا:

"لقد كان يوم 14 أكتوبر نقطة تحول في مسار الحرب. كان يمكن تجنبه لو أننا التزمنا بخطة الدفاع الأصلية."


عملية "الثغرة" وعبور القوات الإسرائيلية غرب القناة

ليلة 15–16 أكتوبر نفذت إسرائيل عملية التفاف عند الدفرسوار، حيث عبرت قوة صغيرة إلى غرب القناة ثم توسعت سريعًا.
نجحت في تهديد السويس وقطع طريق القاهرة–السويس، بينما أصبح الجيش الثالث المصري في وضع شبه محاصر.


حصار الجيش الثالث ومأزق السويس

مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 22 أكتوبر، كان الوضع الميداني قد تغير جذريًا:

الجيش الثالث محاصر.

إسرائيل متوغلة غرب القناة.

القاهرة مهددة مباشرة.

بينما عرض الإعلام المصري الوضع كـ"تكتيك مرحلي"، رأى محللون عرب أن هذا التطور كشف ثغرات كبيرة في القيادة المصرية.


وقف إطلاق النار والجدل حول النتائج

خرج السادات بخطابات يؤكد فيها أن مصر حققت انتصارًا تاريخيًا، وأن عبور القناة كان كافيًا لتحطيم أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر".

لكن في الكواليس ظهرت خلافات:

الشاذلي: الهجوم في 14 أكتوبر خطأ استراتيجي أدى إلى "الثغرة".

الجمسي: القرارات كانت مرتبطة بضغوط سياسية.

هيكل: الحرب انتهت إلى "نصر عسكري محدود وإنجاز سياسي كبير".


المفاوضات مع كيسنجر وسياسة "الخطوة خطوة"

كان حصار الجيش الثالث ورقة ضغط قوية بيد وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر، الذي استغل الموقف لدفع السادات نحو التسوية السياسية.
وهكذا بدأت سياسة "الخطوة خطوة" التي مهدت لاحقًا لاتفاقيات فض الاشتباك ثم كامب ديفيد.


تقييم القادة العسكريين المصريين للحرب

الفريق سعد الدين الشاذلي: رأى أن القرار بالهجوم شرقًا في 14 أكتوبر كان خطأ قاتلًا أضاع النصر الأولي.

الفريق عبد الغني الجمسي: اعتبر أن الخطة كانت دفاعية بالأساس، وأن الهدف تحقق بكسر التفوق الإسرائيلي.

اللواء سعد مأمون: ركز على الروح القتالية للجنود المصريين وما أظهرته من تحدٍ للتفوق الإسرائيلي.

أما السادات فكان يكرر:

"أردتُ من الحرب أن تفتح لي الباب إلى السلام، وقد فتحتْه."


صورة الحرب في الإعلام العربي والدولي

الاتجاه الاحتفالي العربي: ركز على عبور القناة وتدمير خط بارليف كـ"معجزة عسكرية".

الاتجاه النقدي العربي: اعتبر أن التوقف المبكر سمح لإسرائيل بالثغرة وحصار الجيش الثالث.

الاتجاه الغربي: صوّر الحرب كتوازن استراتيجي – لا نصر كامل لأي طرف، لكن الوضع فتح المجال أمام الدبلوماسية الأمريكية.


الدروس المستخلصة من حرب أكتوبر

في مصر: جدل بين خيار التوسع شرقًا أو التوقف عند العبور.

في سوريا: غياب التنسيق العربي الكامل كان سببًا في فشل تحقيق نصر شامل.

في العالم العربي: الحرب كانت بداية الانتقال من "حلم التحرير الكامل" إلى "التسويات السياسية الجزئية".


الخلاصة العامة

حرب أكتوبر 1973 لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل حدث مفصلي أعاد تشكيل الشرق الأوسط:

عسكريًا: أثبتت أن الجيش الإسرائيلي ليس قوة لا تُقهر.

سياسيًا: فتحت باب التسوية والمفاوضات.

عربيًا: أظهرت أهمية التنسيق والدعم العربي.

دوليًا: أكدت أن القوى الكبرى تتحكم في مآلات الصراع.

وبينما يراها البعض نصرًا عسكريًا محدودًا وإنجازًا سياسيًا كبيرًا، يظل تأثيرها حاضرًا في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي حتى اليوم.image about حرب يوم الغفران بعيون المصريين

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

30

متابعهم

21

متابعهم

61

مقالات مشابة
-