تواحد و عمر
التواحدة
في ليلة غامضة وباردة، كانت المدينة نائمة بسلام تحت غطاء من الضباب الكثيف. بين الأزقة الضيقة والمنازل القديمة، كانت هناك أسطورة تُروى بين الناس عن "التواحدة"، كائن غامض يسكن في أطراف المدينة، يتغذى على أحلام الناس ويحولها إلى كوابيس.
كان عمر، الشاب الجريء والمغامر، يسير في أحد تلك الأزقة المعتمة. سمع عن التواحدة من القصص التي ترويها الجدات للأطفال لإخافتهم، لكنه لم يصدقها قط. كان يسعى لاكتشاف الحقيقة بنفسه. وبينما هو يتقدم ببطء، شعر ببرودة غريبة تسري في جسده وكأن أنفاسًا باردة تلامس رقبته. التفت فجأة، فلم يجد أحدًا، ولكن الظلال من حوله بدأت تتحرك بشكل غير طبيعي.
واصل عمر السير، لكن خطواته أصبحت ثقيلة كأنه يسير في مستنقع من الرعب. فجأة، سمع صوتًا هامسًا يقول: "أنت جريء، أليس كذلك؟" كان الصوت يأتي من كل مكان ولا مكان في نفس الوقت. عندها، رأى ظلًا يتحرك بسرعة البرق باتجاهه. لم يستطع تمييز ملامحه، لكن عيناه كانتا تتوهجان بلون أحمر مخيف.
استجمع عمر شجاعته وقال: "أنا هنا لمواجهتك، أيتها التواحدة. أظهرِي نفسك!". ضحكت التواحدة بصوت مدوي، وقالت: "أنت أول إنسان يجرؤ على تحديّ. لكنك لا تعرف ما تنتظرك". في تلك اللحظة، اختفت الظلال وظهرت التواحدة بشكلها الحقيقي، كائن ضخم ذو أجنحة سوداء وعينين تلمعان كالجمرة.
بدون سابق إنذار، فتحت التواحدة أجنحتها واختطفت عمر إلى عالم آخر، عالم مليء بالكائنات الغريبة والمناظر الطبيعية الساحرة التي لا توجد إلا في الخيال. كانت الأشجار تتحدث، والأنهار تضيء بلون الذهب، لكن هناك شعور مستمر بالخطر يلوح في الأفق.
في هذا العالم الجديد، اكتشف عمر أنه ليس وحيدًا. التقى بمجموعة من الأبطال الذين كانوا قد وقعوا في أسر التواحدة لسنوات. كانوا يبحثون عن طريقة للخروج والعودة إلى عالمهم، ولكن التواحدة كانت تحكم هذا العالم بقبضة من حديد. تحالف عمر مع هؤلاء الأبطال وبدأوا في التخطيط هروبهم الكبير.
عندما واجهوا التواحدة للمرة الأخيرة، كانت المعركة حامية الوطيس. استخدم عمر ذكاءه وشجاعته، واستطاع بالتعاون مع أصدقائه أن يهزم التواحدة. ومع ذلك، قبل أن تلفظ التواحدة أنفاسها الأخيرة، قالت بصوت متهدج: “لقد حررتني. كنت أسيرة لقرون. الآن يمكنني الراحة.”
استيقظ عمر ليجد نفسه في سريره، كان كل شيء يبدو كحلم، لكن الآثار التي على جسده تثبت أن ما حدث كان حقيقيًا. خرج إلى الشارع، ورأى الناس يعيشون حياتهم الطبيعية، لكنه يعرف في داخله أنه قد أنقذهم من كابوس كان يمكن أن يبتلع المدينة بأكملها.
عاد عمر إلى حياته الطبيعية، لكنه لم ينسَ أبداً تلك الليلة الغامضة. احتفظ بقصته كسرٍ دفين، لكنه كان يعلم أن العالم مليء بالأسرار والغموض، وأن هناك الكثير مما لم يُكتشف بعد. كانت مغامرته مع التواحدة بداية لمغامرات أخرى تنتظره في الأفق.
هكذا انتهت قصة التواحدة، لكنها لم تُنسَ، بل بقيت ترويها الأجيال كحكاية عن الشجاعة والمغامرة في مواجهة المجهول.