*"قصة عماد الدين زنكي"* هزيمة المسلمين أمام الصليبيين*2
ذكرنا اخواني قبل المقالة السابقة ان الامة الاسلامية اذا مكنت في الارض واذا ارتفع سهمها وقويت شوكتها وكثر مالها وزاد سلطانها واتسع فإنها تفتن بالدنيا. وهذه امور لا يمكن ابدا ان نهرب منها. هي سنة من سنن رب العالمين سبحانه وتعالى. لذلك كان يحذرنا صلى الله عليه وسلم من الدنيا وكان يحذرنا منها باكثر من طريقة اكثر من وسيلة ذكر فيها ان حجم الدنيا قليل وانها مهما زادت فلن تعدوا ان تكون جناح بعوضة لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء. يحاول ان يلفت انظار المسلمين الى حقارة هذه الدنيا والى قلة اهميتها لكن هذا لا يمنع ان يسقط المسلمون مهما عظموا مهما عظموا حتى ايمانيا. كما ذكرنا الجيش الاسلامي في زمن الحبيب صلى الله عليه وسلم يفتنن بالدنيا.
رأينا المسلمون في حنين يفتنون باعدادهم اذا كثرت الاعداد فان المسلمين ينظرون الى الاعداد وينظرون الى العدة. قبل الحروب الصليبية مباشرة ارتفع سهم الدولةالسلجوقية جدا كبرت بحجم كبير جدا وصلت من الصين الى الشام فكانت تضم بين طياتها اكثر من عشرين دولة وهذا اعطاها نوع من الاعتداد بالقوة. والاعتدال بالدنيا والاعتداد بالمال والاعتداد بالجيش ولن يعتدوا بالله عز وجل. انكم لاتنتصرون على عدوكم بكثرة العدة والعتاد ولكن تنصرون عليه بطاعتكم لربكم ومعصيتهم له فان تساويتم في المعصية كانت لهم الغلبة عليكم بقوة العدة والعتاد. كلمة الفاروق رضي الله عنه وارضاه وهي كلمة خالدة وكلمة منتهى العمق دولة السلاجقة في ذلك الزمن اعتدت بمالها. وتركت كتاب نبيها كتاب ربها عز وجل وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم. فشربت فيها الخمور وتعومل فيها بالزنا وبالربا وانتشرت فيها الخلاعة والمجو وقل فيها دور العلم والعلماء فكانت نتيجة حتمية السقوط. لكن هناك عامل اخر خطير جدا يحدث ايضا عندما تنتشر الدنيا وعندما تبسط الدنيا على المسلمين وهو عامل التنازع بين المسلمين. كما قال صلى الله عليه وسلم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما اهلكتهم. المسلمون في زمن الفقر لا يتنازعون سويا. انما يتنازعون في زمن الغنى عندما تكثر الاموال وتصبح الغنيمة كبيرة ويصبح العرض واسع هنا يتصارع المسلمون وربنا عز وجل يذكر حقيقة بارزة واضحة في كتابه عز وجل قال ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين. ولا تنازعوا فتفشلوا. هذه حقيقة قرآنية واضحة جدا. قرين التنازع ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم. واصبروا ان الله مع الصابرين. الوحدة تحتاج الى صبر. والمسلمون افتقروا الى هذا الصبر وافتقدوه في هذه الفترة فقسمت الامة الاسلامية قبل الحروب الصليبية الى الدويلات الصغيرة.
لما تنظروا الى خارطة العالم الاسلامي في ذلك الوقت تجدون امرا مفجعا واذا نظرتم الى خريطتنا في زماننا الان في القرن الواحد وعشرين ستجدون تفسيرا وتبريرا واضحا لما يحدث مع امة الاسلام. المعاصي والذنوب الكثيرة المنتشرة في كل مكان والفرقة الهائلة التي تتعرض لها الامة. كيف كانت الامة الاسلامية قبل حروب الصليبية؟ كان هناك على سبيل المثال الخلافة العباسية. والحقيقة ان التاريخ الاسلامي يا اخواني يحتاج ان يكتب من جديد. من الظلم الشديد لتاريخنا الاسلامي. الفترة الهائلة الطويلة من سنة مئة اتنين وتلاتين هجرية الى سنة ستمئة ستة وخمسين هجرية يعني اكتر من خمسمئة سنة..نصف كل هذه الفترة الطويلة للخلافة العباسية واقع الامر ان الخلافة العباسية الحقيقية كانت عبارة عن مئة سنة او مئة وخمسين سنة على اكثر تقدير. من سنة مئة اتنين وتلاتين لمئتين اربعة وخمسين. بعد ذلك انتهى زمن الخلفاء العظام. انتهى زمن هارون الرشيد وزمن ابي جعفر المنصور وزمن المأمون والمعتصم. الذين كانوا يحكمون دولة هائلة. دولة لها جيوش قوية ولها كلمة مسموعة في العالم. انتهى هذا الزمن وسيطر الاتراك في تارة وبني أيوب في تارة والسلاجقة تارة على مقدرات الخلاف العباسية. وتقلصت جدا حجم الخلافة. الى ان وصل الى ان الخلافة العباسية في بعض فتراتها كان الخليفة العباسي لا يحكم فقط الا بغداد واحيانا لا يحكم فقط الا قصره. ليست له كلمة مسموعة الا على زوجته واولاده وليس له شأن بالمرة لا مع الجيوش ولا مع الوزارات ولا مع الامارات ولا مع حكام المسلمين ولا مع الشعب الذي يعيش معه في نفس المدينة في بغداد.
فكيف يصف التاريخ في هذه الفترة بانه تاريخ عباسي ويضع تحت الخليفة العباسي اسماء ضخمة هائلة مثل عماد بن زنكي ونور الدين محمود وصلاح الدين الايوبي وطغرل آآ بك ويوسف ابن تشريد هؤلاء جميعا عاصروا الدولة العباسية فنحتاج الى اعادة كتابة التاريخ من جديد. في هذه الفترة الخلافة والخليفة العباسي لم يكن يسيطر الا على اجزاء قليلة جدا من العراق…بغداد وما حولها من قرى واحيانا كانت تضم اليه البصرة. وغير ذلك ليس له من ملكه شيء. فهذا اول قطاع منطقة العراق بكاملها مفتت جزء منه تحت قيادة الخليفة وموجود تحت قيادات اخرى مختلفة دولة السلاجقة العظام التي كانت تسيطر على العالم الاسلامي حقيقة وكانت دولة عزيزة ودولة مجاهدة ودولة تقية سيطرت على العالم الاسلامي فترة من الزمان من منتصف تقريبا القرن الخامس الهجري الى قبيل الحروب الصليبية. كانت وصلت الى قوة مجدها قبل الحروب الصليبيةبخمس سنوات. لكن ما الذي حدث عندما مات ملك شاه وكان من اعظم الحكام في تاريخ الدولة السلجوقية. عندما مات انفرط العقد وتقطعت دولة السلاجقة الى خمسة اقسام رئيسية وفي داخل هذه الاقسام الخمسة هناك قتالات شتى وصراعات كثيرة بين الاشقاء بين افراد بني سلجوق انفسهم بين قوات السلاجقة بين ابناء قلب ارسلان القائد الفذ العظيم. هكذا حدثت لماذا كل هذا؟ لكثرة الاموال كثرة انبساط الدنيا فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما اهلكتهم كان من اهم هذه الاقسام التي انقسمت دولة السلاجقة ما يسمى بدولة السلاجقة العظام هذا قسم كان على زعامته رجل اسمه برق ياروك وبرق ياروك هذا ابن ملك شاه حفيد الب ارسلان وكان رجلا طيبا وكان رجلا مجاهدا لكنه لم يكن على مستوى قلب ارسلان او ملك شاه. وكانت هناك سلاجقة كرمان في منطقة جنوب ايران ومنطقة باكستان وسلاجقة كردستان في منطقة شمال العراقوسلاجقة الشام في منطقة الشام وهؤلاء هم الذين تعرضوا للضربة الرئيسية من الحروب الصليبية وسلاجقة الروم كانوا يعيشون في منطقة اسيا الصغرى او تركيا الان. خمس اقسام مختلفة.
يتبع…..