محمد علي باشا: قصة حياته من الميلاد إلى الوفاة — مؤسِّس مصر الحديثة

محمد علي باشا: قصة حياته من الميلاد إلى الوفاة — مؤسِّس مصر الحديثة

0 المراجعات

مقدمة: 

لماذا لا تزال سيرة محمد علي باشا تُلهم القرّاء اليوم؟

قصة محمد علي باشا (1769–1849) هي رحلة صعود استثنائية من تاجر وجندي ألباني إلى حاكمٍ أحدث تحوّلًا عميقًا في مصر: أسّس جيشًا ونظّم الإدارة، أطلق نهضة التعليم والطباعة، وبنى اقتصادًا مركزيًا قائمًا على الزراعة والصناعة، قبل أن تصطدم طموحاته بحسابات القوى الكبرى في شرق المتوسط. هذه السيرة تربط بين التاريخ والسياسة والاقتصاد والثقافة في حكايةٍ واحدة مشوّقة.

النشأة والبدايات في كافالا… طريقٌ يقود إلى النيل 

جذور ألبانية وبداية عسكرية 

وُلد محمد علي في كافالا (حاليًا في اليونان) لأسرة ألبانية، واكتسب خبراته الأولى في التجارة والشحن، ثم التحق بوحدة ألبانية عسكرية مرسلة إلى مصر لطرد الفرنسيين. بعد جلاء الحملة الفرنسية، بقي في مصر واستثمر فراغ السلطة لصالحه حتى صار واليًا عام 1805.

بين الأتراك والمماليك والعلماء 

ثبت محمد علي أقدامه بمهادنة قوى المجتمع (العلماء والتجار) ثم التفوّق عليهم تنظيميًا. هزَم محاولة غزوٍ بريطانية (حملة فريزر 1807) في رشيد والحماد، فأكسبه ذلك رصيدًا شعبيًا وسياسيًا حسَم صراعه على الحكم.

تثبيت الحكم: نهاية المماليك ومذبحة القلعة (1811) 

الضربة القاصمة للمماليك 

في مارس 1811 دُعي زعماء المماليك لتهنئة إبراهيم باشا قبل حملة الحجاز، فدبّر محمد علي مذبحة القلعة التي أنهت نفوذهم نهائيًا ومهّدت لتركيز السلطة بيد الدولة الجديدة.

مشروع الدولة الحديثة: جيشٌ جديد، تعليمٌ مطوّر، واقتصادٌ مركزي 

الجيش والتجنيد وبناء الأسطول 

طبّق محمد علي التجنيد الإجباري، وأنشأ مصانع تسليح، وأقام ترسانة بحرية في الإسكندرية لبناء الأسطول المصري، استعدادًا لحروب توسّعية وحماية السواحل.

التعليم والبعثات ومطبعة بولاق 

أسّس مدارس متخصّصة (مثل مدرسة الطب بقصر العيني 1827 بإشراف كلوت بك) وأرسل بعثات إلى أوروبا، وكان من رموزها رفاعة الطهطاوي. كما أنشأ مطبعة بولاق (1820/1821) التي أطلقت حركة نشرٍ رسمية بالبلاد. موسوعةmarxists.org

الزراعة والصناعة والأشغال الكبرى 

أدخل القطن طويل التيلة (جُمّل) كمحصول نقدي رئيسي، ومدّ ترعة المحمودية (1817–1820) لربط النيل بميناء الإسكندرية وتنشيط التجارة، وبدأ مشروع القناطر (النيل Barrage) الذي اكتمل لاحقًا في عهد خلفائه. اتّبع نظام الاحتكار وتوسيع الرقعة الزراعية بالريّ، ما زاد عائد الدولة وأعباء الفلاحين معًا. ويكيبيديا المصدر


التوسّع العسكري: الجزيرة العربية، السودان، اليونان، والشام 

حملة الحجاز وإسقاط الدرعية (1811–1818) 

بتكليفٍ عثماني، أرسل قوات بقيادة إبراهيم باشا لإسقاط الدولة السعودية الأولى؛ وانتهت الحملة بتدمير الدرعية (1818). ويكيبيديا

فتح السودان (من 1820) 

اتجه جنوبًا لضمّ السودان بحثًا عن الجنود والموارد، وولّى أبناءه على الأقاليم الجديدة لتأمين طرق النيل. historytoday.com

حرب اليونان ومعركة نافارين (1827) 

تدخّل إلى جانب الدولة العثمانية في حرب استقلال اليونان، لكن تحالف بريطانيا وفرنسا وروسيا دمّر الأسطولين العثماني والمصري في معركة نافارين (20 أكتوبر 1827)، فكانت نقطة تحوّل ضد طموحاته البحرية. 

حملتا الشام وتسوية كوتاهية (1831–1833) 

تقدّم إبراهيم باشا في الشام والأناضول، فاضطرت الدولة العثمانية إلى اتفاق كوتاهية (1833) الذي منح مصر حكم سوريا وأضنة لإبراهيم باشا. 

نِزِب ومعاهدة لندن 1840 

عاد الصدام في 1839 وانتصر المصريون في نِزِب، لكن تدخّل القوى الأوروبية انتهى بـ معاهدة/اتفاق لندن (1840): تنازل محمد علي عن الشام مقابل الاعتراف بوراثة حكم مصر (ومساحات من السودان) لذريته وخفض الجيش والأسطول. 


أواخر السنوات: من العَزْل إلى الوفاة 

العزل بسبب المرض وتولية إبراهيم ثم عباس 

أُعلن عزل محمد علي بسبب المرض والشيخوخة في يوليو 1848، فتولّى ابنه إبراهيم باشا الذي توفّي بعد أشهر قليلة، ليخلفه عباس الأول.

الوفاة والدفن بمسجد القلعة 

توفّي محمد علي في الإسكندرية في 2 أغسطس 1849، ودُفن في مسجد محمد علي (المرمري/الألباستر) الذي شُيِّد بقلعة صلاح الدين وانتهى بناؤه تقريبًا قبل وفاته بعام. 


الإرث والتقييم: ماذا بقي من مشروع محمد علي؟ 

مكاسب مؤسسية وثمنٌ اجتماعي 

ترك محمد علي دولة مركزية حديثة بجيشٍ وإدارة ومدارس ومطبعة، وفتح باب الترجمة والبعثات، ورسّخ زراعة القطن والريّ الحديث. في المقابل، أثقلت سياسات الاحتكار والسُّخرة والتجنيد كاهل الفلاحين، وأدخلت مصر في لعبة توازنات دولية حدّت من طموحه الإمبراطوري. إرثه إذن مزيجٌ من نهضةٍ مؤسّسية واضحة وتكاليف اجتماعية وسياسية لا تُنكر.

 

خطٌّ زمني سريع 

أبرز المحطات من 1769 إلى 1849 

1769: الميلاد في كافالا. 

1805: تعيينه واليًا على مصر. 

1807: إفشال حملة فريزر البريطانية. 

1811: مذبحة القلعة. 

1811–1818: حملة الحجاز وإسقاط الدرعية. 

1820–1824: التوسّع في السودان. 

1827: تدمير الأسطول المصري–العثماني في نافارين. 

1833: اتفاق كوتاهية ومنح الشام وأضنة. 

1839–1841: نِزِب ثم اتفاق/معاهدة لندن؛ الاعتراف بالوراثة لمصر مقابل الانسحاب من الشام. 

1848–1849: عزله للمرض؛ وفاة إبراهيم؛ وفاة محمد علي ودَفنه بمسجد القلعة. 


أسئلة شائعة (FAQ) 

لماذا يُلقّب محمد علي بـ«مؤسس مصر الحديثة»؟ 

لأنه أعاد بناء مؤسسات الدولة (جيش، إدارة، مدارس، طباعة)، ووجّه الاقتصاد نحو الإنتاج المنظّم والتصدير، وربط البلاد ببنية ريّ ونقل حديثة، رغم كلفة اجتماعية وسياسية. 

ما أثر معركة نافارين على مشروعه؟ 

أفقدته التفوّق البحري ومنعته من تثبيت مكاسب حرب اليونان، فاضطر للبحث عن تعويضٍ بريّ في الشام—قبل أن تُحجم القوى الأوروبية طموحه بمعاهدة لندن. 

ما أهم منجزاته التعليمية والثقافية؟ 

تأسيس مطبعة بولاق، إطلاق البعثات (منها بعثة الطهطاوي)، إنشاء مدارس الطب والهندسة وغيرها—وهي التي فتحت باب «النهضة» العربية. 


المراجع الأساسية المعتمدة

موسوعة بريتانيكا: سيرة محمد علي باشا، نافارين، نِزِب، كوتاهية، إلخ. Encyclopedia Britannica+3Encyclopedia Britannica+3Encyclopedia Britannica+3

ويكيبيديا (سيرة محمد علي، مسجد محمد علي، اتفاق لندن 1840، إلخ). ويكيبيديا+1

مكتب المؤرخ – وزارة الخارجية الأمريكية: مذكرة مؤتمر لندن (1841) حول وراثة حكم مصر. history.state.gov

مكتبة الإسكندرية: مطبعة بولاق. marxists.org

جامعة سانت أندروز: رفاعة الطهطاوي. موسوعة

ويكيبيديا/مراجع متخصصة: التجنيد، القطن طويل التيلة، ترعة المحمودية.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة