*"قصة عماد الدين زنكي" ✨ *أوروبا قبيل الحملات الصليبية*
تكملة لقصة عماد الدين زنكي تحدثنا في المقالات الماضية على ان الوضع الذي كانت عليه الامة الاسلامية قبيل الحروب الصليبية كان ينذر قدوم جيش من الجيوش العدائية للامة الاسلامية من اي مكان وهذا الجيش سيسقط الامة الاسلامية لا محالة. كان هذا الجيش صليبيا او كان هندوسيا او كان صينيا كان سياتي من أي مكان . لان حالة الامة الاسلامية في ذلك الوقت كانت تستدعي الإهلاك كما قال ربنا عز وجل فاهلكناهم بذنوبهم. وذكرنا ان المشكلة الرئيسية التي كانت تمر بها الامة الاسلامية انه تفشى فيها امران خطيران.
اما الامر الاول فكانت المعصية والذنوب و فعل المنكرات والبعد عن كتاب الله عز وجل وارتكاب المعاصي بشتى انواعها. ذكرنا الربا وذكرنا الزنا ذكرنا منع الزكاة ذكرنا الخمور ذكرنا الخلاعة والمجون ذكرنا قبول الظلم. هذه الاشياء تفشت في الامة الاسلامية في هذه الفترة ومن ثم كانت هذه علامة من علامات الضعف الكبيرة التي مرت بها الامة. واما الامر الثاني فكان الفرقة والتشرذم والتشتت وانقسام الامة الاسلامية الكبيرة الى اعداد هائلة من عشرات الدويلات الصغيرة التي لا يثمن جيشها ولا يغني من جوارها. وكان السبب في هذين الامرين هو انبساط الدنيا. وذكرنا ان الدولة السلجوقية كانت قد بلغت الى درجة كبيرة جدا من العلو والتمكين وكثرة الاموال واتسعت البلاد وكانت هناك فتنة للمسلمين بهذا الملك الكبير وهي نتيجة طبيعية لتمكين المسلمين ولكثرة اموالهم فكان هذا هو حال الامة الاسلامية ولعل من اشد المناطق التي تعرضت للتفتيت في الامة الاسلام وللضياع كانت منطقة الشام ولذلك اتى الصليبيون الى هذا المكان تحديدا.
على سبيل المثال نقول ان الوضع في منطقة الشام اه كان حرجا للغاية بعد موت تتش ابن ألب ارسلان وتتش ابن الب أرسلان هذا هو الذي كان من نصيبه حكم منطقة سلاجقة الشام كما ذكرنا في المقالة السابقة. وكان رجلا ظالما وكان رجلا بعيدا كل البعد عن كتاب ربنا عز وجل على خلاف تام ما كان عليه ابوه رحمه الله. هذا البطل الاسلامي ألب ارسلان صاحب الانتصار الضخم في موقعة ملاذكرد … ابن الب أرسلان كان على خلافه تماما وكان من الذين دعوا الى الحرب بين سلاجقة الشام وسلاجقة الروم وكان منشقا حتى على اخيه الاكبر ملك شاه للغاية لكن الاسوأ ما حدث بعد وفاته... بعد وفاته قد اقسم ابن ألب ارسلان منطقة الشام الى قسمين كبيرين اعطى القسم الاول لاحد ابنائه اسمه رضوان وكان مركزه في حلب واعطى القسم الثاني الى تقاق. الاثنين اولاد تتش ابن الب ارسلان تصارعوا سويا ودارت بينهما حروب شتى وسقط قتلى من الفريقين. القتلى هنا مسلمون والقتلى هنا مسلمون. ثم زاد التفتيت بعد ذلك جدا حتى قسمت المنطقة السورية فقط الى اكثر من خمس امارات مستقلة. كل امارة لها زعيمها ولها جيشها ولها سفاراتها ولها وزرائها. ولها شعبها. فكانت هناك امارة حلب وامارة دمشق وامارة حمص وامارة حماة وامارة شيزر. واحيانا كانت هناك امارة اللاذقية. كل ذلك في قطاع واحد من قطاعات الشام قطاع سوريا. كذلك حدث في لبنان وحدث في فلسطين وحدث في الاردن قسمت بلاد الشام الى عشرات الدويلات في مساحة صغيرة جدا وكان الفارق بين دولة ودولة او بين امارة وامارة لا يعدو مسيرة يوم وليلة في هذه الظروف التفرقية المبالغ فيها كان من الطبيعي جدا ان تأتي القوات الصليبية وتقتحم البلاد دون جيش كبير.
الحقيقة يا اخواني في نقطة مهمة جدا لابد ان نقف عندها وهي ان الصراع بين المسلمين وغيرهم هو يعني المسلمون في ناحية وغيرهم في ناحية اخرى. ولذلك اذا اردنا حقيقة ان نفهم طبيعة الامور وان نفهم معادلة الصراع لابد ان ندرس الحالتين. لابد ان ندرس طرفي المعادلة فاذا ذكرنا الامة الاسلامية بالتحليل كانت تستحق ان تقتحم وكانت كانت تستحق ان تسقط وان تهزم لانها تفشت فيها كثير من الامور السيئة. هذا التحليل خاص بالامة الاسلامية. فماذا كان عليه الطرف الاخر؟ ماذا كانت حالة الصليبيين عندما قدموا الى بلاد المسلمين؟ بعض المحللين وخاصة في كتب الاسلاميين الذين يكتبون عن الحروب الصليبية يهتم كل الاهتمام بتحليل موقف عماد الدين او نور الدين او صلاح الدين او قبله او بعده جانب الاسلام فقط. ولا ينظر بحال من الاحوال او قد ينظر بصورة عابرة الى الوضع في اوروبا. ما هي خلفيات اولئك الذين قدموا الى حربنا لماذا اتوا الى بلادنا? ما الذي يدفع هذا العدو الى ان يأتي الى بلادنا؟ كيف يفكرون؟ ما هي الدوافع التي تحركهم. ما هي مكونات الشعب الذي اخرج هذا الجيش? ومن هو القائد الذي على هذا الجيش؟
كل هذه الأمور سوف نتعرف عليها في المقالة القادمة ان شاء ….فتابعونا