
⚔️ معركة الزلاقة: يوم ارتوت أرض الأندلس بدماء الاسترداد
⚔️ معركة الزلاقة: يوم ارتوت أرض الأندلس بدماء الاسترداد
في عام 1086م، وقعت واحدة من أكثر المعارك دموية في تاريخ الأندلس، حين اتحدت جيوش المسلمين بقيادة يوسف بن تاشفين ضد قوات قشتالة بقيادة ألفونسو السادس. معركة الزلاقة لم تكن مجرد صدام عسكري، بل لحظة مفصلية حددت مصير الإسلام في الأندلس.
أرض تهتز تحت سنابك الخيل
كان ملوك الطوائف في الأندلس قد ضعفوا وتفرّقوا، وتجرّأ ألفونسو السادس ملك قشتالة وليون على مهاجمتهم وابتزازهم بالجزية. شعر المعتمد بن عباد، ملك إشبيلية، بالخطر الحقيقي، فاستنجد بيوسف بن تاشفين، أمير دولة المرابطين في المغرب.
يوسف استجاب للنداء، فاجتاز البحر من المغرب إلى الأندلس بجيش قوي مدرب على القتال في الصحراء والجبال. انضم إليه جيش المعتمد، وقرروا مواجهة جيش قشتالة في سهل الزلاقة بالقرب من بطليوس.
خطة ذكية تحطم الغرور القشتالي
كان جيش ألفونسو يضم أكثر من 60 ألف مقاتل، مدجج بالفرسان الأوروبيين المدرعين، وكان واثقًا من النصر. أما يوسف بن تاشفين، فخطط لمفاجأة عسكرية مذهلة. أخفى قوة احتياطية خلف التلال، وبدأ القتال بالجيش الأمامي تحت قيادة المعتمد.
بدأت المعركة فجر يوم الجمعة، 12 رجب 479هـ (23 أكتوبر 1086م)، ودام القتال حتى الظهر، حيث تظاهرت القوات الإسلامية بالتراجع، فاندفعت قوات ألفونسو نحوها. وهنا، أعطى يوسف الإشارة لقواته الاحتياطية، فهاجمت مؤخرة الجيش القشتالي.

نهاية دامية ودرس لا يُنسى
حُوصرت جيوش ألفونسو من كل جانب، وتحولت ساحة المعركة إلى جحيم، سقط فيها عشرات الآلاف من القتلى. نجا ألفونسو بنفسه وهو مصاب بجراح خطيرة، لكنه لم يعد لتهديد الأندلس بنفس القوة مجددًا.
رغم أن النصر لم يُستثمر بشكل كامل بسبب خلافات ملوك الطوائف، إلا أن معركة الزلاقة حفظت الأندلس لعقود إضافية، وأثبتت أن وحدة المسلمين قادرة على ردع أقوى القوى.
🔚 ما بعد الزلاقة: نصر عظيم... وفرصة ضائعة
رغم أن معركة الزلاقة كانت نصرًا عظيمًا، إلا أن الخلافات بين ملوك الطوائف عادت بسرعة بعد انسحاب يوسف بن تاشفين إلى المغرب. لم يتعلم بعضهم الدرس، فاستمروا في التنافس والانقسام، وكأن دماء الزلاقة لم تُسفك.
يوسف بن تاشفين لم يترك الأندلس لمصيرها، بل عاد مجددًا بعد سنوات، وأزال ممالك الطوائف الواحدة تلو الأخرى، دون سفك دماء غير ضروري، وضم الأندلس إلى دولة المرابطين.
كانت الزلاقة علامة فارقة في تاريخ الأندلس؛ أثبتت أن وحدة المسلمين تصنع المعجزات، وأن الانتصار ليس بالمصادفة، بل بالتخطيط، والتضحية، والقيادة الحكيمة.
لكنها أيضًا كانت تذكيرًا مؤلمًا بأن النصر إن لم يُستثمر سياسيًا، قد يتحول إلى مجرّد لحظة مجيدة في ذاكرة التاريخ... لا أكثر.