حتشبسوت الفرعون العظيم
### الملكة حتشبسوت: الفرعون العظيم
الملكة حتشبسوت تعد واحدة من أبرز الفراعنة في تاريخ مصر القديمة. حكمت البلاد خلال الأسرة الثامنة عشرة، وتركت إرثًا معماريًا وثقافيًا يستحق الاهتمام والإعجاب. تميزت فترة حكمها بالسلام والاستقرار والنمو الاقتصادي والفني.
#### الطفولة والتربية
ولدت حتشبسوت حوالي عام 1507 قبل الميلاد، وكانت ابنة الملك تحتمس الأول والملكة أحمس. تلقت تعليمًا ممتازًا في القصر الملكي، حيث تعلمت القراءة والكتابة، وتلقت دروسًا في إدارة الدولة والدين والفنون العسكرية. منذ صغرها، أظهرت حتشبسوت ذكاءً وقياديةً لافتة، ما جعلها مؤهلة للعب دور مهم في مستقبل البلاد.
#### الزواج والصعود إلى السلطة
تزوجت حتشبسوت من نصف شقيقها تحتمس الثاني، الذي كان الابن الأكبر لتحتمس الأول من زوجة ثانوية. بعد وفاة تحتمس الأول، أصبح تحتمس الثاني فرعون مصر، وحتشبسوت زوجته الرئيسية. أنجبت حتشبسوت ابنة واحدة تدعى نفرورع، ولم تنجب وريثًا ذكرًا. بعد وفاة تحتمس الثاني، تولى العرش تحتمس الثالث، ابن تحتمس الثاني من زوجة ثانوية. كان تحتمس الثالث طفلًا صغيرًا في ذلك الوقت، لذا أصبحت حتشبسوت وصية على العرش وحاكمًا فعليًا لمصر.
#### تولي العرش
في حوالي السنة السابعة من حكم تحتمس الثالث، أعلنت حتشبسوت نفسها فرعونًا لمصر. اتخذت جميع ألقاب الفراعنة الذكور وارتدت الملابس الملكية التقليدية، بما في ذلك اللحية المستعارة. كانت هذه خطوة جريئة وغير مسبوقة في تاريخ مصر، حيث لم تكن النساء عادةً يتولين العرش كفراعنة.
#### المشاريع الإنشائية
كانت حتشبسوت راعية للفنون والعمارة، وشهدت مصر خلال حكمها العديد من المشاريع الإنشائية الكبرى. أشهر أعمالها هو معبد الدير البحري، المعروف أيضًا باسم معبد حتشبسوت، والذي يقع في الدير البحري بالقرب من وادي الملوك. يعتبر هذا المعبد أحد أعظم الإنجازات المعمارية في مصر القديمة، حيث يتميز بتصميمه الفريد والمدرجات الثلاث المتصاعدة.
أشرفت حتشبسوت أيضًا على إعادة بناء العديد من المعابد القديمة وترميمها، وأمرت ببناء العديد من الأضرحة والنصب التذكارية في مختلف أنحاء مصر. كانت تسعى من خلال هذه المشاريع إلى تعزيز شرعيتها كفرعون وتأكيد مكانتها كحاكم قوي ومؤثر.
#### الحملات التجارية والبعثات
عملت حتشبسوت على تعزيز العلاقات التجارية مع الدول المجاورة، وأرسلت العديد من البعثات التجارية إلى بلاد بونت، التي يعتقد أنها تقع في منطقة القرن الإفريقي. جاءت هذه البعثات محملة بالبضائع الثمينة مثل الذهب والأبنوس والعطور والبخور والحيوانات النادرة. هذه الحملات التجارية ساهمت في تعزيز الاقتصاد المصري وزيادة ثروة البلاد.
#### التحديات والمعارضة
رغم نجاحاتها الكبيرة، واجهت حتشبسوت معارضة من بعض الفئات التقليدية التي لم تكن تتقبل فكرة وجود امرأة على عرش الفراعنة. بالرغم من ذلك، تمكنت من الحفاظ على استقرار حكمها بفضل قوتها وحكمتها ودعم العديد من القادة العسكريين والإداريين.
#### نهاية الحكم ومصيرها
بعد حوالي 22 عامًا من الحكم، توفيت حتشبسوت لأسباب غير واضحة. هناك نظريات تشير إلى أنها قد تكون توفيت نتيجة مرض أو تم تسميمها، لكن لا توجد أدلة قاطعة. بعد وفاتها، تولى تحتمس الثالث الحكم بمفرده وبدأ في محو آثار حتشبسوت من النقوش والمعابد. كان يحاول محو ذكراها وكأنها لم تحكم قط، ربما لأنه شعر بأنها اغتصبت عرشه.
#### الإرث والتأثير
رغم محاولات تحتمس الثالث لمحو آثارها، لا تزال حتشبسوت تُذكر كواحدة من أعظم حكام مصر. إنجازاتها المعمارية وأعمالها الفنية تثبت مدى عظمتها وذكائها كقائدة. تعتبر فترة حكمها من أكثر الفترات ازدهارًا واستقرارًا في تاريخ مصر القديمة.
حتشبسوت تعد رمزًا للقوة والشجاعة والإبداع، وتظل قصتها مصدر إلهام للعديد من الباحثين وعشاق التاريخ. حكمها الفريد وإنجازاتها الرائعة يؤكدان على أن المرأة كانت قادرة على الوصول إلى أعلى مراتب السلطة والحكم بنجاح وكفاءة في مصر القديمة.