مندليف.. قصه نجاح أضاءت طريق الكيمياء
من هو مندليف ؟
ديمتري مندليف، اسمٌ يرتبط ارتباطًا قويا بتطور علم الكيمياء، فهو العقل المدبر وراء أحد أهم الاكتشافات في هذا المجال وهو اول من اسس جدول دورى حقيقى: للعناصر. هذا الرجل الروسي، الذي ولد في عام 1834، تمكن بعبقريته الفذة من تنظيم الفوضى الظاهرة في عالم العناصر، ووضعها في نظام منطقي ومرتب.ثم جاء من بعده العلماء ليكملوا ما بدأه فى ترتيب العناصر الكيميائيه الى ان وصلوا الى الجدول الدورى الحديث الموجود حاليا
مولده :
ولد مندليف في قرية صغيرة في سيبيريا عام 1834. فقد والده في سن مبكرة، مما أجبر أسرته على مواجهة صعوبات الحياة. ورغم هذه الظروف الصعبة، أظهر مندليف منذ صغره شغفًا بالتعلم والمعرفة.
رحلة التعليم والتدريس:
بعد تخرجه من الجامعة، عمل مندليف أستاذًا للكيمياء في جامعة سانت بطرسبرغ. خلال هذه الفترة، بدأ يلاحظ وجود فوضى في تصنيف العناصر الكيميائية، وحاول جاهدًا إيجاد نظام منطقي يربط بينها.
رحلة البحث عن النظام
قبل مندليف، كانت العناصر الكيميائية عبارة عن مجموعة من المواد المختلفة، دون أي رابط واضح بينها. حاول العديد من العلماء ترتيب هذه العناصر، لكن محاولاتهم باءت بالفشل. إلا أن مندليف كان يتمتع بنظرة ثاقبة، فقد لاحظ وجود تكرار في خصائص العناصر، واعتقد بوجود نظام خفي يربط بينها.
ولادة الجدول الدوري
بعد سنوات من البحث والدراسة، توصل مندليف إلى فكرة مبتكرة: ترتيب العناصر حسب زيادة أوزنها الذرية.فعندما بدأ ديمتري مندليف في عمله على تصنيف العناصر الكيميائية، لم يكن مفهوم العدد الذري معروفًا فى ذلك الوقت و لاحظ مندليف أن هناك تكرار دوري في خصائص العناصر عند ترتيبها حسب زيادة وزنها الذري. أي أن العناصر التي تقع في نفس العمود تمتلك خصائص متشابهة. على سبيل المثال، الليثيوم والصوديوم والبوتاسيوم، وهي عناصر تقع في نفس العمود، تمتلك خصائص معدنية قوية وتتفاعل بقوة مع الماء.
لماذا كان ترتيب العناصر بناءً على الوزن الذري مهمًا؟
- كشف عن النظام الكامن: أظهر هذا الترتيب وجود نظام خفي يربط بين العناصر، مما ساهم في فهم بنية المادة.
- التنبؤ بالعناصر المفقودة: استطاع مندليف التنبؤ بوجود عناصر لم تكتشف بعد، ووصف خصائصها بناءً على موقعها المتوقع في الجدول الدوري.
- أساس للجدول الدوري الحديث: على الرغم من أن ترتيب مندليف كان مبنيًا على الأوزان الذرية، إلا أنه وضع الأساس للجدول الدوري الحديث الذي نستخدمه اليوم والذى ترتب فيه العناصر بناءا على اعدادها الذريه وطريقه ملئ مستويات الطاقه الفرعيه بالالكترونات
التعديلات التي طرأت على الجدول الدوري
بعد اكتشاف البروتونات والنيوترونات، وتحديد العدد الذري بدقة، تبين أن هناك بعض الاستثناءات في ترتيب العناصر بناءً على الوزن الذري. لذلك، تم تعديل الجدول الدوري ليكون مرتبًا بناءً على العدد الذري، وهو الرقم الذي يمثل عدد البروتونات في نواة الذرة. وبينما كان يقوم بذلك، لاحظ أن الخصائص الكيميائية للعناصر تتكرر دوريًا. فمثلاً، العناصر الموجودة في نفس العمود تمتلك خصائص متشابهة.
بهذه الطريقة، تمكن مندليف من وضع أول جدول دوري للعناصر، والذي أصبح فيما بعد أساسًا لفهمنا لبنية المادة وخواصها. الجدول الدوري لم يكن مجرد قائمة بالعناصر، بل كان خريطة طريق للكيميائيين ويُقال إن مندليف رأى الجدول الدوري في المنام. من كثره شغفه
اسهامات مندليف :
- توقع وجود عناصر جديدة: استطاع مندليف التنبؤ بوجود عناصر لم تكتشف بعد، ووصف خصائصها بدقة، مما شجع العلماء على البحث عنها والعثور عليها.
- فهم التفاعلات الكيميائية: ساعد الجدول الدوري في فهم سبب حدوث التفاعلات الكيميائية بين العناصر المختلفة.
- تطوير الصناعات: أصبح الجدول الدوري أداة أساسية في تطوير الصناعات المختلفة، من صناعة الأدوية والاسمده والمواد البلاستيكيه والدهانات وغيرها
ماذا ترك مندليف :
توفي مندليف عام 1907، تاركًا إرثًا علميًا عظيمًا. الجدول الدوري الذي وضعه لا يزال يستخدم حتى يومنا هذا و هو شاهداً على عبقرية هذا الرجل الروسي.ولم يتوقف تأثير مندليف عند هذا الحد، فقد ألهم أجيالًا من العلماء، وشجعهم على استكشاف أسرار المادة.
لماذا نعتبر مندليف شخصية ملهمة؟
- الفضول: كان مندليف يتمتع بفضول كبير، ودائمًا ما يسعى لفهم الأشياء بشكل أعمق.
- الاجتهاد: لم يستسلم مندليف أمام الصعوبات، بل استمر في البحث حتى توصل إلى إجاباته.
- الإبداع: تمكن مندليف من التفكير خارج الصندوق، وابتكار نظام جديد لتصنيف العناصر.
- التأثير: ترك مندليف إرثًا خالداً في عالم الكيمياء، ولا يزال تأثيره يشعر به حتى يومنا هذا.
مواهب مندليف المتعددة:
لم يقتصر عبقرية مندليف على الكيمياء فقط. فقد كان له اهتمامات واسعة في مجالات أخرى، مثل الزراعة والاقتصاد والجيولوجيا. كما كان كاتبًا مبدعًا، وله العديد من المؤلفات في مجال الكيمياء.
و ليس مجال الكيمياء فقط بل كان مندليف مهتمًا بدراسة الزيوت والبترول، وله مساهمات كبيرة في هذا المجال حيث كتب مندليف كتابًا عن أصول البترول، والذي لا يزال يعتبر مرجعًا مهمًا حتى اليوم.
وفى النهايه : ديمتري مندليف ليس مجرد اسم في كتب التاريخ، بل هو رمز للعبقرية البشرية والإصرار على البحث عن الحقيقة. قصته تلهمنا جميعًا للسعي وراء المعرفة واكتشاف أسرار الكون.