قصه حب بين عمياء ومريض
في قرية صغيرة تقع بين الجبال، كانت تعيش فتاة تُدعى "نورا". كانت نورا فتاة ذات جمال نادر، بشعر أسود طويل وعينين كبيرتين، لكنهما لم تكونا تبصران. فقدت بصرها عندما كانت طفلة بسبب مرض نادر، ولكن رغم الظلام الذي غلف عالمها، كانت تحمل في قلبها نورًا لا يخبو. كانت تملك موهبة رائعة في العزف على البيانو، وكان صوت الموسيقى التي تعزفها يسحر كل من يسمعه.
نورا كانت تعيش مع والدتها في منزل صغير بالقرب من الغابة. كانت والدتها تكرس حياتها للعناية بها، لكنها كانت تؤمن بأن ابنتها قوية بما يكفي لتعيش حياتها بشكل طبيعي قدر الإمكان. كانت نورا تتجول في الغابة وتعرف طريقها بالأصوات والروائح، وكانت الطبيعة تلهمها في كل مرة تعود فيها إلى منزلها لتجلس أمام البيانو وتعزف.
في يوم من الأيام، بينما كانت نورا تسير في الغابة، سمعت صوت أنين ضعيف قادم من بين الأشجار. اقتربت بحذر واكتشفت شابًا مستلقيًا على الأرض، بدا عليه الإرهاق الشديد. كان اسمه "سامر"، وكان شابًا وسيمًا ولكنه كان يعاني من مرض نادر يجعل جسده ضعيفًا ويتركه في حالة دائمة من الألم. كان سامر قد ضل طريقه أثناء تجوله في الغابة، ولم يتمكن من العودة بسبب حالته الصحية.
شعرت نورا بتعاطف كبير مع سامر، وساعدته على الوقوف وأخذته إلى منزلها. هناك، قامت والدتها بعلاجه ورعايته حتى استعاد قوته. خلال الأيام التي قضاها في منزل نورا، اكتشف سامر أنها لا تبصر، لكنه اندهش من قدرتها على التعامل مع العالم بحواسها الأخرى. كان يتحدث معها لساعات طويلة، وبدأ يشعر بانجذاب عميق نحوها.
سامر كان يعيش حياة مليئة بالوحدة، حيث كان مرضه يعزله عن الآخرين. لكنه في نورا وجد شيئًا مختلفًا. كانت مليئة بالحياة، رغم أنها لا ترى، وكانت موسيقاها تحمل السعادة والأمل في كل نغمة تعزفها. كان يجد راحة كبيرة في الحديث معها والاستماع لعزفها.
مع مرور الوقت، بدأ سامر يشعر بأن نورا أصبحت أكثر من مجرد فتاة أنقذته. بدأت مشاعر الحب تنمو في قلبه، لكنه كان مترددًا في التعبير عنها. كان يخشى أن يكون حبًا غير متبادل، أو أنه بسبب حالته الصحية قد لا يكون قادرًا على إسعادها كما تستحق.
نورا أيضًا بدأت تشعر بشيء مختلف نحو سامر. كانت تستمتع بوجوده، وكانت تجد في صوته الأمان والراحة. لكن كونها عمياء جعلها تشعر بعدم الأمان، وخشيت أن تعترف بمشاعرها وتفقده إن لم يكن يشعر بنفس الشيء.
في إحدى الليالي، بعد أن انتهت نورا من عزف قطعة موسيقية مؤثرة، جلسا سويًا يتحدثان عن الأحلام والمخاوف. فجأة، قال سامر بصوت متهدج: "نورا، هناك شيء أود أن أقوله لك منذ فترة. قد يبدو هذا مجنونًا، لكنني... أحبك."
توقفت نورا للحظة، ثم ابتسمت، قائلة: "سامر، لقد كنت خائفة من الاعتراف بمشاعري، لكنني أشعر بنفس الشيء. أحبك أيضًا."
كان ذلك الاعتراف بمثابة تحول كبير في حياتهما. رغم أنهما كانا يعلمان أن المستقبل قد يحمل العديد من التحديات، إلا أنهما كانا مستعدين لمواجهتها معًا. سامر وجد في حب نورا القوة لمحاربة مرضه، ونورا وجدت في حب سامر النور الذي ينير عالمها.
مرت الأيام، وعلاقتهما أصبحت أقوى. كان سامر يشعر بسعادة غامرة كلما استمع إلى عزف نورا، وكانت نورا تجد في سامر الدعم والقوة التي تحتاجها. قررا أن يتزوجا، وكان زفافهما بسيطًا ولكنه مليء بالحب. حضر أهل القرية الذين كانوا يعرفون قصة الحب التي جمعت بينهما، وكان الجميع يشعر بالسعادة من أجلهما.
بعد الزواج، عاشا في منزل صغير بجوار الغابة، حيث واصلت نورا عزف الموسيقى التي أصبحت أكثر جمالًا بفضل الحب الذي يغمر قلبها. سامر، رغم مرضه، كان يساعدها في كل شيء ويشجعها على تحقيق أحلامها. كانت حياتهما مليئة بالتحديات، لكنهما تغلبا عليها بفضل الحب والإيمان ببعضهما البعض.
وفي النهاية، أدركا أن الحب يمكن أن يتغلب على أي شيء، وأن النور الحقيقي يأتي من داخل القلوب، وليس من العيون أو الجسد. عاشا معًا بسعادة، يحترمان بعضهما ويقدران النعم الصغيرة التي منحتهما الحياة. وكانت موسيقى نورا تستمر في إسعاد كل من يسمعها، تحمل في كل نغمة قصة الحب الذي لا يُهزم.