انتي الامان بالنسبة لي" حبيبتي الوحيدة"

انتي الامان بالنسبة لي" حبيبتي الوحيدة"

0 المراجعات

"أنتِ الأمان بالنسبة لي"

كانت أضواء المدينة ترقص على نوافذ المقهى الزجاجية، تعكس قطرات المطر التي تساقطت بخفة طوال المساء. جلس أحمد في الزاوية، بعيدًا عن صخب المكان، يحدق في كوب قهوته الذي برد منذ فترة. كان يشعر بثقل العالم على كتفيه—العمل المرهق، التوقعات التي لا تنتهي، والوحدة التي أصبحت رفيقته الدائمة. بدا وكأن حياته تائهة وسط أمواج من الضغوط، دون ميناء يلجأ إليه.

وفجأة... دخلت منى.

لم تكن منى من الأشخاص الذين يسرقون الأنظار عند دخولهم، لكن هناك شيء في حضورها كان يفرض نفسه بهدوء. شعرها الداكن كان مبللًا ببعض قطرات المطر، وكانت تبتسم بخجل بينما تبحث عن طاولة فارغة. كانت بسيطة، ولكن في بساطتها جمال نادر لا يمكن تجاهله.

توقف الزمن للحظة عندما تلاقت نظراتهما. شعر أحمد بشيء غريب، كأن سكينة نادرة تسللت إلى داخله. لم يكن يعرفها، ولكن هناك شيء فيها بدا مألوفًا، كأنه يعرفها منذ زمن بعيد.

جلست منى على طاولة قريبة، أخرجت دفتراً صغيراً وبدأت تكتب. حاول أحمد أن يشغل نفسه بأي شيء، لكنه كان يجد عينيه تعودان إليها دون قصد. كان هناك شيء في هدوئها يجذبه، شيء يخبره بأنها ليست كأي شخص آخر.

بعد لحظات، وبطريقة مفاجئة، نظرت إليه وابتسمت. ثم قالت بصوت ناعم: "يبدو أنك غارق في التفكير... يوم صعب؟"

تفاجأ أحمد، لكنه سرعان ما استعاد توازنه. "يمكنكِ أن تقولي ذلك."

ابتسمت منى، وأشارت إلى الكرسي المقابل له. "هل تمانع إذا جلست هنا؟ أحيانًا الحديث مع شخص غريب يجعل الأمور أسهل."

تردد أحمد لثوانٍ، لكنه أومأ في النهاية. "بالطبع، تفضلي."

جلست منى وبدأ الحديث. في البداية، كان أحمد متحفظًا، لكنه سرعان ما وجد نفسه يشاركها تفاصيل حياته، عن العمل المرهق، والضغوط العائلية، وحتى شعوره بالوحدة الذي كان ينهشه. كانت تستمع باهتمام، دون أن تقاطعه، عيناها مليئتان بالدفء والفهم.

لم تقدم منى نصائح جاهزة أو كلمات مواساة مكررة. بدلاً من ذلك، شاركته قصصًا عن حياتها—كيف مرت بأوقات صعبة، وكيف تعلمت أن تجد القوة في نفسها رغم كل التحديات.

عندما توقف المطر وأصبح المقهى أكثر هدوءًا، شعر أحمد وكأن الحمل الذي كان يثقل قلبه قد خفّ. لأول مرة منذ زمن، لم يشعر أنه وحده في معركته مع الحياة.

قبل أن تغادر، أخرجت منى ورقة صغيرة من دفترها، طوتها بعناية ووضعتها أمامه. "هذه لك. اقرأها عندما تشعر أن العالم يضيق عليك."

فتح أحمد الورقة بمجرد أن غادرت. كانت مكتوبة بخط يدها الجميل:

"أنت أقوى مما تظن. وإذا شعرت أنك نسيت ذلك، فاعلم أنني هنا دائمًا، فقط فنجان قهوة يفصل بيننا."

مرّت الأيام، وبدأ لقاء أحمد ومنى في المقهى يصبح عادة. لم يكن هناك مواعيد محددة، ولكن كلما شعر أحدهما بالحاجة إلى حديث أو هدوء، كان يعرف أن الآخر سيكون هناك. أصبحت منى ملاذه الآمن، والشخص الذي يمنحه الطمأنينة التي افتقدها لسنوات.

وفي إحدى الأمسيات، بينما كانت السماء تُلوّن بألوان الغروب، أمسك أحمد بيد منى. نظر في عينيها وقال بصوت خافت ولكنه مليء بالمشاعر: "منى، لا أعرف كيف أصف ذلك، لكنكِ كنتِ الأمان الذي أحتاجه في حياتي. كنتِ الهدوء وسط كل هذه الفوضى. أنتِ... بيتي."

شعرت منى بالدموع تتجمع في عينيها، لكنها ابتسمت وقالت: "وأنت يا أحمد، كنت تذكرتي أن الحب الحقيقي هو الملاذ الأجمل."

في عالم مليء بالضجيج والفوضى، وجد أحمد ومنى الراحة في بعضهما. لم تكن قصتهما عن لحظات درامية أو وعود عظيمة، بل عن أمان بسيط ودعم لا يتزعزع.

وبالنسبة لأحمد، منى لم تكن مجرد شخص قابلها. كانت ملاذه، وكانت بيته.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

39

متابعين

27

متابعهم

2

مقالات مشابة