لغز الزمن على مر العصور
لغز الزمن على مر العصور
الزمن كلمة واحده، ولكنها تثير تساؤلات كثيرة
الزمن هو عنصر أساسي في الحياة وله دور كبير فى ادراكنا وفى المنظومة الكونية كلها ، فكل شئ فى الكون يحكمه عنصر الزمن وسوف تندهش عزيزى القارئ مما ستقرأ فى هذا المقال الذى يتناول فكرة الزمن على كواكب مجموعتنا الشمسية بل وفكرة الزمن ونحن تحت تأثير التنويم المغناطيسى ولن اطيل عليك فلنبدأ سوياً:
ما هو الزمن : توجد تعريفات متعددة للزمن فى العلوم المختلفة سواء كانت الفلسفة أو الفيزياء أو الرياضيات او حتى علم النفس
ونحن نريد أن نصل لتعريف مبسط للزمن بعيداً عن التعقيدات ومن هذا المنطلق نستطيع تعريفه بأنه :
مساحة زمنية تقاس بوحدات اصغرها اللحظة ، له بداية وله نهاية وينقسم لثلاث عناصر رئيسية الماضى و الحاضر و المستقبل. والأساس فى الزمن هو الوقت الحاضر فى اللحظة التى نعيشها فعندما تمر تصبح ماضى والآتية هى مستقبل والمستقبل يتفرع إلى مستقبل قريب وآخر بعيد.
الزمن مرهون على كرتنا الأرضية بدوران الأرض حول نفسها امام الشمس فتتم دورة واحده حول نفسها امام الشمس فى 24 ساعة وفى نفس الوقت تدور الأرض حول الشمس فى 365 يوم فتتم عام كامل وعندما تدور الأرض حول الشمس عشر مرات فهذا يعنى عشر سنوات أو عقد وعندما تتم الأرض الدوران حول الشمس مئة مرة فهذا يعنى 100 عام أى قرن وهكذا.
هذا ما يتعلق بكوكب الأرض ودعنا نرى أول حالة نسبية فى الزمن او بمعنى آخر اختلاف الزمن من مكان لآخر فدعنا نطير إلى كوكب عطارد و هو أول كوكب فى مجموعتنا الشمسية وأكثر الكواكب قربا للشمس.
نجد أن كوكب عطارد يتم دورة كاملة حول الشمس فى 80 يوم وهذا يعنى ببساطة أن السنة او العام على كوكب عطارد هى 80 يوم فقط بمعنى أن مدار كوكب عطارد حول الشمس يستغرق 80 يوماً، فإذا ما تخيلنا أن هناك من يعيش على كوكب عطارد وأن فى يوم محدد وساعة محددة ولد طفل على سطح كوكب عطارد وفى نفس التوقيت ولد طفل آخر على كوكب الأرض ، سنجد أن طفل عطارد قد تم سنة من عمره فى ثمانين يوماً(80 يوم) بينما طفل كوكب الأرض يكون عمره فى نفس التوقيت ثلاث شهور إلا عشرة أيام.
فى المثال السابق نجد ان الزمن نسبى بين الأرض و عطارد وان الزمن اختلف وإذا اضفنا معلومة بسيطة أن السنة على كوكب بلوتو تساوى 248 سنة بحساب الأرض أى ان بلوتو لكى يتم عام واحد دوران حول الشمس يستغرق حوالي 248 سنة أرضية لإتمام دورة واحدة حول الشمس بحساب كوكب الأرض بمعنى آخر عندما يتم بلوتو دورة واحده حول الشمس يكون كوكب الأرض قد اتم 248 دورة حول الشمس.
اما إذا اخذنا سفينة فضاء وانطلقنا نحو أى ثقب أسود فى مجرتنا او مجرات أخرى فسنجد الزمن يتباطأ كلما اقتربنا من مركزه وحينما نصل إلى مركزه يتوقف الزمن تماماً بسبب شدة قوة الجاذبية فى مركزه وذلك على عهدة علماء الفلك والفضاء.
وهنا يحضرنى فكرة واحداث فيلم (Interstellar)والذى تدور أحداثه في المستقبل حيث تواجه الأرض أزمة بيئية تهدد بقاء البشرية ويكتشف مجموعة من العلماء أن هناك ممرًا عبر الفضاء يمكن أن يؤدي إلى كواكب أخرى في مجرة درب التبانة. فتقوم رحلة بفريق من رواد الفضاء عبر ثقب دودي في محاولة للعثور على كوكب جديد يمكن أن يكون موطنًا للبشرية ويستعرض الفيلم تأثيرات الجاذبية القوية للثقوب السوداء على الزمن، كما يتم تقديم مشهد توضيحي لتأثير التمدد الزمني حول الثقب الأسود، حيث يتأثر مرور الوقت بشكل كبير بالقرب من الثقب الأسود، مما يؤدي إلى اختلافات ملحوظة في الزمن بالنسبة للشخصيات، وهبوط فريق رواد الفضاء على كوكب، الساعة على سطحه توازى 28 عاماً على سطح الأرض.
وبعد هذه الرحلة الكونية البسيطة بين الكواكب نعود إلى كوكب الأرض وهذه المرة نخوض تجربة غريبة جدا فقد قام فريق بحثى بعمل تجربة على شخص عادى أخضعوه للتنويم المغناطيسى وبدأ يحلم بأنه يسير فى غيط ويقوم باحصاء عدد الأزهار فيه و قد اخبروه أن يتوقف عن العد ويخبرهم حينما يصل إلى العدد (2000) زهرة وقمة الدهشة كانت على وجوه هذا الفريق حينما وصل هذا الشخص إلى هذا الرقم المحدد فى عشر من الثانية أى واحد على عشرة من الثانية وهذا بحساباتنا الأرضية مستحيل و درب من الخيال وهذه التجربة قد ذكرها المفكر العبقرى الدكتور مصطفى محمود فى احدى تسجيلاته، إذاً هناك زمن آخر كان هذا الرجل يعيش فيه او انتقل اليه من خلال التنويم المغناطيسى غير زمن الساعات الذى نعرفه نحن فى عالمنا الواعى.
ننتقل إلى موقف آخر:
عندما يبعث الله الخلق أول ما سيذكره بل و سيقسم عليه المجرمون انهم لم يستغرقوا سوى ساعة
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ [الروم : 55]
فهؤلاء المجرمون بصرف النظر عن الوقت الذى أمضوه تحت الأرض لن يشعروا به او يقدروه سوى بساعة
وهناك الكثير من الآيات تفيد هذا المعنى
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ۚ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ [يونس :45]
قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ [المؤمنون : 113]
نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا [طه : 104]
كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا [ النازعات : 46]
فى الآيات السابقة لم يتعرف من تتحدث عنهم الآيات على الوقت الحقيقى الذى قضوه حتى قيام الساعة، كذلك نجد أصحاب الكهف
وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ۚ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ۖ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۚ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا [ الكهف : 19 ]
فأهل الكهف لم يشعروا بعدد السنين التى قضوها فى الكهف
ونرى الله سبحانه و تعالى يذكر يوم بمقدار الف سنة ويوم آخر بمقدار خمسين ألف سنة مما نحسبه نحن على سطح الأرض.
يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ [السجده : 5]
تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [المعارج : 4]
الإسراء و المعراج:
ثم ننتقل الى معجزة أخرى تحتاج إلى التأمل و التدبر ألا وهى حادثة الإسراء و المعراج فسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) فى رحلته هذه قد رأى بالفعل مشاهد من يوم القيامة ورأى بالفعل أناسٌ يتعذبون وهنا يوجد احتمال من احتمالين
الأول: أن الرسول اتيح له بمقدرة الله سبحانه وتعالى أن يرى المستقبل فرأى ما رأى
الثانى: أن هذه الأحداث وقعت وأصبحت من الماضى عند الله سبحانه وتعالى فرآها االرسول عند الانتقال من عالم لعالم أخر أو لنكون أكثر دقة من زمن لزمن آخر.
مع ملاحظة أن كلام الله سبحانه وتعالى لنا فى القرآن يأتى فى صيغة الماضى فى مواضع كثيرة برغم انه بالنسبة لنا مستقبل فعلى سبيل المثال:
أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ [ النحل: 1]
ويقول بعض علماء الدين فى ذلك، إن الله عندما يتحدث عن يوم القيامة فإن هذا الحديث واقع لا محالة وبالتالي فإن الله استخدم صيغة الماضي ليؤكد لنا هذه الحقيقة.
فهل ما ذكره علماء الدين هو تفسير ذلك أم ان جميع الأحداث التى نعيشها وننتظرها فى المستقبل هى بالنسبة لله سبحانه وتعالى ماضى خاصة إذا ما تذكرنا قوله تعالى
(فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ)
نتحرك سوياً لمجلس سيدنا سليمان :
فى فلسطين عندما طلب عرش الملكة بلقيس الموجود فى مملكة سبأ ( اليمن ) فرد عليه عفريت من الجن بأنه يستطيع تحقيق ذلك قبل أن يقوم سيدنا سليمان من مجلسه وكان يقدر مجلس سيدنا سليمان بحوالى الساعتين أى ان العفريت سيذهب من فلسطين إلى اليمن ويحمل عرش بلقيس عائداً إلى فلسطين فى ساعتين، فرد الذى لديه علم من الكتاب ويقال انه آصف بن برخيا، رجل من الإنس وليس من الجن رد قائلاً آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك بمعنى آتيك به فى غمضة عين، هل ندرك حقيقة ما يحدث ؟؟؟؟ فقد رد رجل من الإنس أنه على استعداد أن يأتى بعرش بلقيس بأن ينتقل من فلسطين إلى اليمن ثم العودة مرة أخرى إلى فلسطين فى طرفة عين حرفياً فى طرفة عين، فقد تفوق الرجل على العفريت تفوق مبهر زمنياً فالفارق ليس نصف ساعة أو ساعة بل فى كسر من الثانية وكل ذلك لأنه لديه علم من الكتاب هذا العلم الذى جعله يطوى الزمن هكذا بهذا الشكل.
قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ
[ النمل : 40 ]
هيا بنا إلى لغز آخر لغز أيام المسيخ الدجال على الأرض :
- ذكر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الدَّجَّالَ فقال إن يخرُجْ وأنا فيكم ! فأنا حجيجُه دونكم ، وإن يخرُجْ ولست فيكم ، فامرؤٌ حجيجُ نفسِه ، واللهُ خليفتي على كلِّ مسلمٍ ، فمن أدركه منكم فليقرَأْ عليه فواتحَ سورةِ الكهفِ ، فإنَّها جِوارُكم من فتنتِه . قلنا : وما لُبثُه في الأرضِ ؟ قال : أربعون يومًا : يومٌ كسنةٍ ويومٌ كشهرٍ ، ويومٌ كجمعةٍ ، وسائرُ أيَّامِه كأيَّامِكم فقلنا : يا رسولَ اللهِ : هذا اليومُ الَّذي كسَنةٍ أتكفينا فيه صلاةُ يومٍ وليلةٍ ؟ قال : لا ، اقدُروا له قدرَه ، ثمَّ ينزِلُ عيسَى بنُ مريمَ ، عند المنارةِ البيضاءِ شرقِيَّ دمشقَ فيُدرِكُه عند بابِ لُدٍّ فيقتُلُه
الراوي : النواس بن سمعان الأنصاري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 4321 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
أربعون يوماً ، يوم كسنة فهل طول اليوم يوازى 365 يوم ويوم آخر كشهر أى 30 يوم، ويوم كجمعة أى سبعة أيام وباقى الأيام مثل الأيام العاديه فما المقصود بذلك هل هو الإحساس بطول اليوم أم انه فعلا سنة وشهر و أسبوع وبعد ذلك سبع و ثلاثون يوماً، بمعنى سنة و 74 يوم، فلغز أيام المسيخ الدجال لغز آخر يتعلق بالزمن.
فى أحلامنا لغز آخر، فالعلماء يؤكدون على أن الحلم لا يستغرق بضع ثوان وأحيانا بضع دقائق تصل لعشرون دقيقة و لكن عقل الانسان الباطن يشعره بأنه بات يحلم الليل بطوله فما الزمن المستخدم فى الحلم ويختلف عن الزمن الحقيقى فى الواقع.
يبقى لنا أن نذكر مثلين نمر بهم جميعاً دون أن ندرى أو أن ندرك، فالمثل الأول سيعرفه تماماً من يشجع فريقا او يشاهد مباراة يشجع فيها فريق معين، فإذا كان فريقه فائزاً سيشعر بأن الوقت يسير ببطء لا يريد أن ينقضى اما لو كان فريقه خاسراً فسيشعر بأن الوقت يجرى ويتسارع نحو نهاية المباراة برغم ان عقرب الثوانى فى كلتا الحالتين لم يتغير أداؤه.
مثل آخر اعتقد اننا جميعاً شعرنا به ونحن نؤدى امتحاناً من الامتحانات فمن منا لم يشعر بأن الوقت انتهى سريعاً ولم نستطع الانتهاء من الاجابة على الشكل الأكمل اذا كان الامتحان صعباً وإذا كان الامتحان سهلاً فنشعر بطول الزمن وننتظر لمرور نصف الوقت بفارغ الصبر لتسليم ورقة الاجابة.
مما تقدم نستطيع أن نخلص إلى :
أن الزمن نسبى أى انه ليس ثابت والشعور به كذلك نسبى متغير، ووفقاً لنظرية النسبية لأينشتاين، الزمن يعتبر نسبياً. تنص نظرية النسبية الخاصة، التي طورها ألبرت أينشتاين، على أن الزمن ليس ثابتاً بمعنى آخر فالزمن يمكن أن يتباطأ أو يتسارع بناءً على السرعة التي يتحرك بها الجسم.
أما نظرية النسبية العامة، فتمتد إلى أبعد من ذلك، حيث توضح أن الزمن والمكان مرتبطان في ما يسمى بـ"الزمكان"، وأن الجاذبية يمكن أن تؤثر على الزمن أيضاً، بمعنى أن الزمن يمر ببطء أكبر في الأماكن ذات الجاذبية القوية مقارنة بالأماكن ذات الجاذبية الضعيفة.
لذا، الزمن ليس مطلقاً بل نسبي ويعتمد على عوامل مختلفة مثل السرعة والجاذبية ونستطيع أن نضيف أيضاً أنه يعتمد على الشعور و الإحساس.