المدرسة المهجورة ج1

المدرسة المهجورة ج1

1 reviews

في زاوية نائية من المدينة، حيث لا يصل إليها سوى القليل من الناس، توجد مدرسة قديمة مهجورة. كانت في يوم من الأيام مركزًا للعلم والمعرفة، ولكنها الآن عبارة عن هيكل مهدم يتناثر فيه الغبار وتكتنفه الظلال العميقة. لم يكن هناك ما يدعو للقلق في البداية؛ ولكن مع مرور الزمن، بدأت القصص المرعبة تلتف حول هذه المدرسة، مما جعلها محط فضول الكثيرين، رغم تحذيرات السكان المحليين.

تبدأ الحكاية منذ سنوات مضت، حين كانت المدرسة تفتح أبوابها صباحًا لتستقبل الطلاب الذين كانوا يملؤون فصولها بالضحك والصخب. ولكن، في ليلة عاصفة واحدة، انقطعت الكهرباء في جميع أرجاء المنطقة، ليجد الجميع أنفسهم في ظلام دامس. في اليوم التالي، اكتشف الجميع أن المدرسة قد أغلقت أبوابها بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار. كان الأمر غريبًا، لكن ما جعل الوضع أكثر غموضًا هو اختفاء العديد من المعلمين والطلاب في نفس الليلة.

مرت الأيام، والشرطة لم تتمكن من حل اللغز. وفي النهاية، تقرر إغلاق المدرسة تمامًا. ومع مرور الوقت، بدأ الناس يتجنبون المنطقة المحيطة بها. لكن بعض الشجعان قرروا اقتحام المدرسة المهجورة بحثًا عن إجابات.

في إحدى الليالي المظلمة، قرر مجموعة من الأصدقاء دخول المدرسة المغلقة. كان الجو ممتلئا بالخوف والقلق، خاصة مع الرياح العاتية التي كانت تعصف بالشوارع. بمجرد أن دخلوا من الباب الخلفي المهدم، شعروا بشيء غريب يحيط بهم. كانت الجدران مغطاة بالصدأ والرطوبة، ولكن ما كان يثير الذعر أكثر هو الصمت القاتل الذي يملأ المكان، كأن المدرسة تنتظر شيئًا.

بينما كانوا يتنقلون بين الفصول المظلمة، بدأوا يسمعون أصواتًا خافتة، وكأن هناك همسات بعيدة تأتي من الزوايا المظلمة. كان الصوت أشبه بتلك الأصوات التي تصدرها الأقدام وهي تتجول في الممرات. ثم، فجأة، سمعوا صراخًا مفاجئًا ينبعث من أحد الفصول المغلقة.

اندفعوا نحو الصوت، ولكن عندما وصلوا إلى الباب، كان الفصل فارغًا تمامًا، وكل شيء هادئ. ومع ذلك، كانوا يلاحظون شيئًا غريبًا على السبورة. كانت هناك كلمات مكتوبة بخط يدي شخص لم يعد حيًا: "لن تخرجوا أبدًا". كان الخط غير واضح، وكأن شيئًا ما قد كتب على عجل.

ثم بدأ الظلام يزداد كثافة، وتغير الجو فجأة. تمايلت الأبواب والنوافذ وكأن شيئًا غير مرئي كان يعبث بها. لكن الأغرب كان رؤية ظلال تتحرك بسرعة عبر الممرات. كان هناك شيء يراقبهم من الظلال.

أحد الأصدقاء بدأ يشعر ببرودة شديدة في جسده، وكأن روحًا ما كانت تلتصق به. في لحظة جنونية، حاول الهروب، ولكن الباب الذي دخلوا منه كان مغلقًا بإحكام. في تلك اللحظة، ظهرت أمامهم ملامح معلم قديم، كانت عيناه فارغة وتدور حولهما الظلال وكأنها تعكس فزعًا لا ينتهي.

قبل أن يصرخ أحدهم، أغلقت الأضواء فجأة، وتحولت المدرسة إلى مكان مظلم تمامًا. لم يسمع أحد من الأصدقاء بعد تلك الليلة. وعندما عثر عليهم رجال الشرطة في اليوم التالي، كانوا جالسين على الأرض في حالة من الذهول التام، وعيناهما فارغتين كأنما كانوا في حالة غيبوبة عميقة.

منذ ذلك الحين، أصبحت المدرسة المهجورة ملاذًا لأرواح ضائعة، مكانًا تتجمع فيه كوابيس الماضي التي لا يمكن الهروب منها. أما من يجرؤ على الاقتراب، فسرعان ما يختفي، وتبقى المدرسة تتنفس في صمت مرعب، تنتظر ضحاياها الجدد في كل ليلة.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

2

followers

3

followings

0

similar articles