ظل في الظلام: أسرار منزل بيرون الملعون

ظل في الظلام: أسرار منزل بيرون الملعون

0 reviews

 

في أحد أيام خريف السبعينيات، عثرت عائلة بيرون على منزل بدا وكأنه مستوحى من روايات الخيال، منزل كبير قديم بُني في القرن الثامن عشر، يقع في منطقة معزولة بولاية رود آيلاند، محاطاً بالأشجار الكثيفة التي تحجب عنه ضوء الشمس. كان المنزل هو ما كانت تبحث عنه العائلة؛ مساحة شاسعة لأطفالهم الخمسة وأجواء من الهدوء بعيدًا عن ضوضاء المدينة. لكن ما لم يعرفه أفراد الأسرة أن المنزل الجديد يحمل بين جدرانه ظلامًا من نوع آخر، وأن شيئًا مخيفًا كان في انتظارهم.

بدأت الأحداث الغريبة منذ الليلة الأولى، عندما سمع روجر، رب الأسرة، صوت خطوات في الطابق العلوي. نهض من سريره واتجه نحو الصوت، ظنًا أنه أحد أبنائه، لكنه لم يجد أحدًا. عزا الأمر إلى رهبة الانتقال لمكان جديد، وطمأن نفسه بأن كل شيء سيكون على ما يرام. لكن هذه الخطوات كانت بدايةً لما هو أسوأ.

في الأيام التالية، بدأت كارولين، الأم، تشعر بأشياء غريبة. كانت تجلس بمفردها في المطبخ، وتشعر فجأة ببرودة شديدة تُحيط بها، كأن هواءً ثقيلاً يلتف حولها. وفي بعض الأحيان، كانت تلمح أطيافاً غامضة تتحرك في طرف عينها، لكنها تختفي عندما تحاول النظر مباشرة. كان الشعور مخيفًا وغامضًا في الوقت ذاته، لكن لم تكن تملك تفسيرًا لما يحدث.

الأطفال أيضًا بدأوا يتحدثون عن أمور غريبة، كأنهم يرون أشخاصًا لم يعرفوهم يجلسون في زوايا الغرف أو يمرون في الممرات بسرعة خاطفة. أحيانًا كانوا يرون امرأة تقف بالقرب من النافذة في الغرفة، تنظر إليهم بعينين فارغتين، ثم تختفي في لمح البصر. لم يكن الوالدان يرغبان في زيادة مخاوف الأطفال، لذا تجاهلا قصصهم واعتقدا أن خيالهم الواسع هو السبب. لكن الحقيقة كانت أعمق مما توقعوا.

مع مرور الأيام، ازدادت غرابة الأحداث داخل المنزل. كانت الأشياء تُنقل من مكان إلى آخر من تلقاء نفسها، والأبواب تُفتح وتُغلق في منتصف الليل دون أن يلمسها أحد. أكثر من ذلك، كانت كارولين تستيقظ كل صباح لتجد كدمات غامضة على جسدها، كأن أحدًا قد اعتدى عليها أثناء نومها. كانت تشعر بألم غريب وكأن يداً خفية تمسك بها بشدة. لم يعد بمقدورها تجاهل هذه العلامات، وبدأت تشعر بأن المنزل مسكون بروح غريبة.

في أحد الأيام، وبينما كانت كارولين وحيدة في المنزل، سمعت صوت همسٍ يأتي من الطابق السفلي. كانت الهمسات متواصلة، لكنها لم تستطع تمييز الكلمات. جمعت شجاعتها ونزلت إلى الطابق السفلي، لكنها لم تجد أحدًا. لكن في تلك اللحظة، شعرت بيدٍ باردة تُمسك بكتفها من الخلف. التفتت بسرعة، لتجد أن الغرفة كانت فارغة. كانت التجربة صادمة ومرعبة، وكأن هناك قوة خفية تتلاعب بها وتطاردها.

ازداد الوضع سوءًا، ولم تجد الأسرة مفرًا من طلب المساعدة. لجأت إلى إد ولورين وارن، المحققين المشهورين في الظواهر الخارقة. عندما وصلا إلى المنزل، شعرت لورين، التي تمتلك قدرات حسية خارقة، بوجود طاقة مظلمة وغريبة. أخبرتهم لورين أن المنزل مسكون بروح تُدعى "باتشيبا"، امرأة يقال إنها كانت تمارس السحر الأسود وتهوى إلحاق الأذى بالآخرين. وفقاً للأساطير، كانت باتشيبا قد قامت بتقديم طفل قربانًا للشيطان، وأن روحها ملعونة منذ ذلك الحين، وأنها تسكن المنزل لتبقى بين الأحياء وتتلاعب بمصيرهم.

بدأ وارنز في إجراءات تطهير المنزل، وكانت محاولات الطرد الروحي تستدعي قوى مظلمة إلى السطح، مما جعل المنزل يغمره الظلام بشكل مرعب. كان أفراد العائلة يسمعون صرخات عالية تأتي من الطوابق العلوية، وكأن المنزل يرفض التخلص من الروح الشريرة. وفي أحد الأيام، تعرضت كارولين لنوبة غريبة أثناء جلسة التطهير؛ صارت تتحدث بصوتٍ غير صوتها، وتصرخ بكلمات لم يفهمها أحد، وكانت تبدو وكأنها مسكونة بروح شريرة.

في أحد الليالي، بينما كان إد ولورين في المنزل، تعرض أحد الأطفال لهجوم غير مرئي؛ كان يصرخ بصوت عالٍ ويشعر بألمٍ شديد في صدره، كأن شيئاً ثقيلاً يجثم عليه. حاول المحققون مساعدته، لكنهم أدركوا أن الأمر يتجاوز قدراتهم. كانت باتشيبا تُحكم سيطرتها على المنزل، وتسيطر على حياة أفراد العائلة.

أدركت العائلة أن السبيل الوحيد للنجاة هو الهروب من المنزل. غادرت عائلة بيرون المنزل تاركةً خلفها كل شيء، وانتقلوا للعيش في مكان آخر، محاولين نسيان تلك التجربة المريرة. ومع مرور السنين، أصبحت قصتهم واحدة من أشهر القصص المخيفة، وألهمت أفلام الرعب مثل "The Conjuring"، حيث جذب الفيلم جمهورًا واسعًا وأحيا أحداث القصة من جديد.

وبينما البعض يعتبر القصة خرافة أو مبالغة، يؤكد أفراد عائلة بيرون أنها كانت تجربة حقيقية عاشوها بأنفسهم. أما إد ولورين وارن، فقد وصفا تلك القضية بأنها واحدة من أصعب القضايا التي واجهوها، وأن المنزل كان يحتوي على شر لا يمكن القضاء عليه بسهولة.

قد لا يعرف أحد الحقيقة الكاملة لما حدث في ذلك المنزل، لكن قصصه تبقى محفورة في الذاكرة، لتثير في النفس تساؤلات حول العالم الخفي المحيط بنا، وما إذا كانت هناك فعلاً قوى مظلمة تراقبنا من الظلال

 

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

5

followers

5

followings

2

similar articles