قصة نور والببغاء
السلحفاة نور
في غابة هادئة وجميلة على شاطئ البحر، كانت تعيش سلحفاة حكيمة تُدعى "نور" تحت شجرة ضخمة تمتد جذورها إلى الماء. كانت نور معروفة بحكمتها وكلماتها الطيبة، وكانت دائمًا تُحدث أصدقائها عن جمال خلق الله وتوازن الكون. كانت تشجعهم على التواضع وشكر النعم التي منحها الله.
في أعلى تلك الشجرة، عاش طائر مغرور يُدعى "الببغاء"، الذي كان دائمًا يتفاخر بجمال ألوانه الزاهية وسرعة طيرانه. ذات يوم، نظر الببغاء إلى نور بازدراء وقال بسخرية:
— "انظري إلى نفسكِ! بطيئة وثقيلة! أما أنا، فأنا الأسرع والأجمل!"
ابتسمت نور وأجابته بهدوء وحكمة:
— "يا صديقي الببغاء، الجمال والسرعة ليست كل شيء. التواضع هو زينة النفس، ومن تواضع لله رفعه."
لكن الببغاء لم يأخذ كلامها على محمل الجد، واستمر في التفاخر والغرور.
العاصفة المفاجئة
في أحد الأيام، اجتاحت الغابة عاصفة قوية. ارتفعت أمواج البحر، واشتدت الرياح حتى أصبحت الطيران مستحيلاً. حاول الببغاء التحليق للهرب من الخطر، لكنه فقد السيطرة وسقط في الماء. بدأ يصرخ:
— "يا إلهي، خذ صوتي وألواني وأجنحتي، لكن لا تدعني أغرق!"
في تلك اللحظة، ظهرت السلحفاة نور بهدوء من بين الأمواج العاتية. سبحت بثبات نحو الببغاء، وحملته على ظهرها حتى أوصلته إلى بر الأمان تحت جذور شجرة المانجروف.
درس في التواضع
بعد أن استعاد الببغاء أنفاسه، قال بخجل:
— "شكراً لكِ، يا سلحفاة. كنت مغروراً وسخرت منك، لكنك أنقذت حياتي."
ابتسمت نور وأجابته:
— "التواضع هو ما يدفعنا إلى مساعدة الآخرين وقت الحاجة. نحن جميعًا نكمل بعضنا البعض، فلا يسخر أحد من الآخر، فقد تكون في الآخر ميزة نفتقدها."
سألها الببغاء باستغراب:
— "كان بإمكانكِ البقاء داخل صدفتك الآمنة بعيدًا عن الخطر. لماذا أنقذتِني وأنا الذي سخرت منك؟"
أجابته نور بابتسامة حكيمة:
— "لأن الحياة تعلمنا أن نرى في الآخرين جوانبهم الإيجابية. لا أحد كامل، فالكمال لله وحده. وكلنا نحتاج لبعضنا البعض. من تواضع لله رفعه، ومن غرّته نفسه أهلكته."
الحكمة المستفادة
في ذلك اليوم، تعلم الببغاء درسًا مهمًا عن التواضع والتقدير. أصبح أكثر احترامًا لجميع مخلوقات الغابة، وعرف أن التواضع هو جوهر الأخلاق. قالت السلحفاة نور:
— "التواضع يجلب المحبة والاحترام، بينما الغرور قد يكون طريقًا للهلاك."
ومنذ ذلك الحين، عاش الببغاء ونور في وئام وسلام، ينقلان درس التواضع إلى جميع سكان الغابة.