السحابة المتمردة التي لا تمطر

السحابة المتمردة التي لا تمطر

0 reviews

السحابة المتمردة

في سماءٍ بعيدةٍ صافية، كانت هناك سحابة صغيرة اسمها رمودة. كانت رمودة جميلة وبيضاء، وتطفو بين الغيوم بكل فخر. لكن كان لديها رأي مختلف عن بقية السحب... كانت ترفض أن تصبح مطرًا!

في كل مرة كانت الشمس تدفئها، والهواء يرفعها عاليًا، كانت السحب الأخرى تقول لها بلطف:

“هيا يا رمودة، لقد جاء دورك لتهطلي وتمطري فوق الزرع والعشب والعصافير!”

لكن رمودة كانت تضحك وترد:

“ولماذا أفعل ذلك؟! أنا أحب أن أبقى سحابة! المطر يختفي، أما أنا فأريد أن أظل في السماء إلى الأبد!”

ومع مرور الأيام، بدأت السحب الصغيرة تنضم إلى السماء واحدة تلو الأخرى. كانت كل سحابة تمطر ثم تعود بعد رحلتها الجميلة، وتروي قصصًا عن الزهور التي نبتت، والأشجار التي ابتسمت، والأطفال الذين رقصوا تحت قطراتها.

أما رمودة... فكانت تكبر وتكبر، وتتلبد وتصبح رمادية غاضبة. لم تعد خفيفة ولا جميلة كما كانت. أصبحت ثقيلة، لا تطير مثل قبل، ولا أحد من السحب يقترب منها.

قالت لها السحب:

“يا رمودة، نحن نحمل الخير، ننزل المطر، ثم نعود صافيةً من جديد. أنتِ ترفضين العطاء، ولذلك أصبحتِ حزينةً وثقيلة.”

لكن رمودة كانت عنيدة، وقالت:

“أنا لا أريد أن أتغير! لا أريد أن أُمحى من السماء!”

ومرت الأيام... ثم الشهور... وكل السحب أصبحت تمطر وتفرح، إلا رمودة.

كانت تطوف في السماء وحدها، لا أحد يتحدث معها، ولا طيور تمر تحتها، ولا نسيم يداعبها.

ونظرت إلى الأرض... فلم تجد أثرًا لها. لم تُسقِ زهرة، ولم تُنعش جدول ماء، ولم تُسعد طفلًا.

وهنا، شعرت رمودة بالحزن الشديد، وقالت بصوت خافت:

“ليتني أمطرت... ليتني ساعدت... ليتني لم أخف من التغيير!”

لكن الوقت كان قد فات... فقد بدأت رمودة تتلاشى ببطء. لم تمطر، ولم تفرح، ولم تُثمر. ذابت في صمت... واختفت دون أثر.

ومنذ ذلك اليوم، علمت السحب الصغيرة درسًا عظيمًا:

أن الحياة جميلة حين نعطي، وأن من يخاف التغيير يخسر المعنى الحقيقي للوجود.

 

---

العبرة من القصة:

> من يرفض التغيير والعطاء، قد يضيع دون أثر، بينما من يشارك في الخير، يترك أثرًا خالدًا في الحياة.

 

 

 

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

13

followings

1

followings

1

similar articles