الحملة الفرنسية على مصر

الحملة الفرنسية على مصر

3 reviews

تاريخ الحملة الفرنسية على مصر

 

مقدمة

تُعَد الحملة الفرنسية على مصر (1798-1801م) واحدة من أهم الحملات العسكرية التي شهدتها المنطقة العربية في العصر الحديث، وهي لم تكن مجرد غزو عسكري تقليدي، بل حملت في طياتها أهدافًا سياسية واقتصادية وعلمية وثقافية. جاءت بقيادة نابليون بونابرت، القائد الفرنسي الطموح الذي رأى في مصر مفتاحًا للسيطرة على طرق التجارة العالمية وميدانًا لتحقيق طموحاته الإمبراطورية.

خلفية تاريخية

في أواخر القرن الثامن عشر، كانت أوروبا مسرحًا لصراع محتدم بين القوى الكبرى، وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا. كانت بريطانيا تسيطر على طرق التجارة مع الشرق، وخاصة طريق الهند البحري عبر رأس الرجاءالصالح، بينما كانت فرنسا تبحث عن طرق بديلة لإضعاف منافستها الأشد، وفي هذا الإطار برزت فكرة احتلال مصر التي تتمتع بموقع استراتيجي على مفترق طرق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، وتشكل بوابة نحو الشرق.

كما أن مصر في تلك الفترة كانت تحت الحكم العثماني، ولكن السلطة الفعلية كانت بيد المماليك، الذين عانوا من ضعف داخلي وصراعات قبلية، إضافة إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مما جعل البلاد عرضة للتدخل الخارجي.

أهداف الحملة الفرنسية

جاءت الحملة الفرنسية لتحقيق عدة أهداف، يمكن تلخيصها فيما يلي:

 1.  قطع طريق الهند على بريطانيا والسيطرة على طرق التجارة.

 2.  توسيع النفوذ الفرنسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. 

 3.  إقامة مستعمرة فرنسية في مصر تكون قاعدة للانطلاق نحو الهند.   

4.  إجراء بحوث علمية ودراسة موارد مصر وتاريخها وحضارتها. 

 5.  التأثير على الرأي العام الفرنسي عبر إظهار قوة فرنسا ومكانتها بين الأمم. 

أحداث الحملة

النزول في الإسكندرية

في يوليو 1798م، وصلت الأساطيل الفرنسية إلى السواحل المصرية، ونزلت القوات في الإسكندرية بقيادة نابليون تمكن الفرنسيون من السيطرة على المدينة بسرعة بعد معركة قصيرة مع الحامية المحلية.

التقدم نحو القاهرة ومعركة الأهرام

تحرك الجيش الفرنسي نحو القاهرة لمواجهة قوات المماليك بقيادة مرادبك وإبراهيمبك. جرت معركة حاسمة بالقرب من إمبابة عُرفت باسم معركةالأهرام، انتهت بانتصار ساحق للفرنسيين بفضل تنظيمهم العسكري واستخدام المدفعية بكفاءة، مقارنة بالفرسان المماليك الذين اعتمدوا على الهجمات المباشرة

ثم جرت معركة أخرى في شبراخيت مما أدت إلي هزيمة المماليك للمرة الثانية وهذه الحروب التي هزمت فيها المقاومة الشعبية في الإسكندرية وأيضا هزيمة المماليك أدت أي دخول الحملة الفرنسية إلي القاهرة دون مقاومة.

تأسيس المجمع العلمي المصري

إدراكًا منه لأهمية العلم والمعرفة، أسس نابليون "المجمع العلميالمصري" الذي ضم مجموعة من العلماء والمهندسين والرسامين لدراسة مصر من جميع الجوانب: الجغرافيا، التاريخ، الزراعة، والآثار وكانت هذه البعثة العلمية هي التي جمعت المواد التي صدرت لاحقًا في كتاب "وصف مصر".

المقاومة الشعبية

لم يقبل الشعب المصري بالاحتلال، واندلعت ثورة القاهرة الأولى عام 1798م، حيث هاجم الأهالي الحاميات الفرنسية، لكن الفرنسيين تمكنوا من قمع الثورة بعنف، ما أسفر عن سقوط مئات القتلى، و تكررت الأحداث في ثورة القاهرة الثانية عام 1800م، لتؤكد رفض المصريين للحكم الأجنبي.

تدهور موقف الفرنسيين

رغم النجاحات الأولية واجهت الحملة أزمات خطيرة

الهزيمة البحرية في أبي قير:  في أغسطس 1798م، دمر الأسطول البريطاني بقيادة الأدميرال نيلسون الأسطول الفرنسي، مما قطع خطوط الإمداد والاتصال مع فرنسا.

الضغط العسكري العثماني والبريطاني:  تحركت القوات العثمانية من الشام، بدعم الأسطول البريطاني، لمهاجمة القوات الفرنسية في مصر.

رحيل نابليون:  في أغسطس 1799م، غادر نابليون مصر سرًا متجهًا إلى فرنسا، تاركًا القيادة للجنرال كليبر، الذي اغتيل لاحقًا، فتولى الجنرال مينو.

نهاية الحملة

في عام 1801م، حاصرت القوات البريطانية والعثمانية الجيش الفرنسي في الإسكندرية، واضطر مينو للاستسلام، ليعود الفرنسيون إلى بلادهم، وتعود مصر اسميًا تحت الحكم العثماني، مع بقاء نفوذ المماليك.

آثار الحملة على مصر

رغم قصر مدة الحملة، فإنها تركت آثارًا عميقة

  1. في المجال العلمي:  إصدار "وصف مصر" واكتشاف حجر رشيد الذي ساهم في فك رموز الهيروغليفية.
  2. في المجال الثقافي:  إدخال مفاهيم إدارية حديثة وأنظمة جديدة في الضرائب والزراعة.
  3. في المجال السياسي:  زيادة وعي المصريين بضرورة الوحدة لمواجهة الاحتلال.
  4. في المجال العسكري:  إدراك ضعف الأسلوب الحربي التقليدي مقارنة بالتنظيم العسكري الأوروبي.

الخاتمة

كانت الحملة الفرنسية على مصر حدثًا مفصليًا في التاريخ المصري والعالمي، إذاً كشفت عن أهمية مصر الاستراتيجية والثقافية، وفتحت الباب أمام مرحلة جديدة من الصراع بين القوى الكبرى على الشرق الأوسط ورغم أنها فشلت عسكريًا، فإنها نجحت في ترك بصمة علمية وثقافية لا تُمحى، وأثارت في المصريين روح المقاومة التي ظلت تتجدد في العقود التالية.

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
Mostafa Abd Elfatah
user hide earnings
articles

6

followings

4

followings

119

similar articles