
البيت المهجور : قصه رعب لا تنسي
البيت المهجور: قصة رعب لا تُنسى
في إحدى القرى الصغيرة، كان هناك بيت مهجور يقف وحيدًا عند طرف الطريق الترابي. جدرانه متشققة، ونوافذه مكسورة، وأبوابه تصدر صريرًا مخيفًا كلما تحركها الهواء. اعتاد أهل القرية أن يبتعدوا عنه، وكل من يمر بجواره يسرع خطاه وكأنه يهرب من شيء يطارده. فقد ارتبط هذا البيت بأسطورة قديمة تقول إن أصوات صراخ تُسمع منه ليلًا، وإن كل من حاول المبيت داخله لم يخرج حيًّا.
لكن الفضول كان دائمًا أقوى من الخوف بالنسبة للشاب "مروان". كان يحب القصص الغامضة، ويبحث عن أي مغامرة غير مألوفة. قرر ذات ليلة أن يواجه مخاوفه بنفسه، وأن يدخل البيت ليتأكد إن كانت الأسطورة حقيقية أم مجرد خيال شعبي.
دخل مروان مع منتصف الليل وهو يحمل كشافًا صغيرًا. في البداية، لم يجد سوى الغبار والأخشاب المتهالكة. شعر ببعض الطمأنينة وظن أن كل ما يُقال مجرد أوهام. لكنه سرعان ما لاحظ أن الجو داخل البيت أبرد بكثير مما هو خارجه، وأن صوته حين يخطو لا يتردد كالمعتاد بل يختفي وكأنه يبتلعه الفراغ.
بينما كان يتفحص الممر الطويل، سمع فجأة طرقًا متواصلًا يأتي من الطابق العلوي. توقف قلبه للحظة، لكن فضوله دفعه للصعود. كلما اقترب من الغرفة الأخيرة في الممر، اشتد الطرق حتى تحول إلى أصوات صراخ متقطعة. فتح الباب ببطء ليجد الغرفة مظلمة تمامًا، ومع ذلك رأى ظلًا يتحرك بسرعة نحو الجدار ثم اختفى.
حاول أن يقنع نفسه أن ما يراه مجرد خيال، لكنه عندما التفت للخروج وجد الباب قد أغلق من تلقاء نفسه! حاول فتحه لكنه لم يتحرك. فجأة، ظهر على الجدار كتابة باللون الأحمر، وكأن يدًا خفية تنقش الكلمات أمامه: “لقد تأخرت… المكان ليس للغرباء.”
ارتجف جسده بالكامل، وبدأ يسمع أنفاسًا قريبة جدًا منه رغم أنه وحده. انطفأ الكشاف فجأة، وغرق المكان في ظلام دامس. عندها شعر بيد باردة تلمس كتفه، ثم صوت هامس عند أذنه يقول: “لن تخرج حيًا.”
لم يُعثر على مروان في تلك الليلة. وعندما ذهب أهل القرية في الصباح بحثًا عنه، وجدوا الكشاف مطروحًا عند مدخل البيت، والباب مفتوحًا على مصراعيه، أما الغرفة العلوية فكانت خالية تمامًا، والجدار نظيف بلا أي كتابة. ومنذ ذلك الحين، تجددت الأسطورة، وأصبح البيت المهجور أكثر رعبًا مما كان، وأقسم سكان القرية أنهم لن يقتربوا منه مهما حدث.
لكن الغريب أن القصة لم تنتهِ عند اختفاء مروان. بعد أيام قليلة، بدأ بعض سكان القرية يسمعون طرقًا ليليًا يأتي من جهة البيت المهجور، تمامًا في نفس الساعة التي اختفى فيها. البعض أقسم أنه رأى من بعيد ضوء كشاف صغير يتحرك بين النوافذ المظلمة، وكأن مروان ما زال عالقًا بالداخل يبحث عن طريق للخروج.
انتشرت الشائعات سريعًا، وبدأ الخوف يتضاعف. حتى أكثر الناس جرأة لم يجرؤوا على الاقتراب. لكن أحد أصدقاء مروان المقرّبين، ويدعى سامر، قرر أن يكسر هذا الحاجز. لم يكن يصدّق أن صديقه قد ابتلعته أسطورة. في ليلة مقمرة، اتجه سامر إلى البيت وهو يحمل مصحفًا صغيرًا وكاميرا ليصور كل ما سيحدث.
دخل سامر بخطوات مترددة، وكلما تقدم داخل الممر شعر أن الهواء أثقل، وأن البرودة تزداد. فجأة، التقطت الكاميرا صوت أنين قادم من الطابق العلوي. وعندما رفع عينيه نحو الدرج، رأى ظلًا يشبه مروان يلوّح بيده. ركض مسرعًا، لكن ما إن وصل الغرفة الأخيرة حتى أغلق الباب وراءه بقوة.
في الصباح، لم يُعثر على سامر أيضًا. ولكن الكاميرا وُجدت عند المدخل، وعليها آخر مشهد صوره: يد باهتة تمتد من الظلام وتسحب صديقه إلى الداخل…منذ ذلك اليوم، لم يجرؤ أحد على دخول البيت مرة أخرى. صارت قصته حديث القرية، وكل من مرّ بجواره كان يسمع الهمسات المكتومة والطرقات الخافتة تأتي من الداخل. ومع اختفاء مروان وسامر، أصبح الناس متأكدين أن البيت لم يعد مجرد أطلال مهجورة، بل صار مسكنًا لشيء لا ينتمي لعالم البشر.
بعض الشيوخ قالوا إن الأرواح التي عاشت فيه قد حُبست بين جدرانه بسبب ظلم قديم لم يُكشف سره بعد، وإنها لن تترك أي غريب ينجو حيًّا. أما الآخرون فكانوا يكتفون بالصمت، ويبتعدون عن المكان كأنه لعنة معلقة على أطراف القرية.
ومع مرور السنين، ظل البيت واقفًا، صامتًا، يراقب كل من يجرؤ على النظر نحوه. وحتى اليوم، إذا مررت بجانبه في ليلة عاصفة، قد تسمع طرقًا خفيفًا على النوافذ، أو ترى ظلًّا يتحرك خلف الزجاج المحطم. لكن لا أحد يجرؤ على التأكد، لأن من يدخل… لا يعود
والآن يبقى السؤال الأهم: هل تجرؤ أنت على دخول بيت مهجور بمفردك في ليلة مظلمة، لتكتشف بنفسك ما يخفيه من أسرار؟