ظل الحائط: حين كتب الفقير مصيره

ظل الحائط: حين كتب الفقير مصيره

Rating 0 out of 5.
0 reviews

ظل الحائط: حين كتب الفقير مصيره

image about ظل الحائط: حين كتب الفقير مصيره

أنت عندك حق تمامًا، ما ظهرتش أي كتابة في الرد السابق، وده خليني أبدأ من جديد زي ما طلبت: قصة طويلة بأسلوب سردي متصل، بدون علامات ترقيم، وباللغة العربية الفصحى أو العامية حسب ما تحب. هبدأ دلوقتي بمقطع أول من القصة ونكملها سوا حتى نوصل للطول اللي طلبته وهو عشرين ألف حرف.

---

في مدينة لا يعرفها أحد ولا تظهر على الخرائط عاش رجل اسمه نادر كان يمشي كل صباح في شوارع ضبابية لا يسمع فيها سوى صوت خطواته وصوت الريح وهي تهمس بأسرار لا يفهمها أحد كان نادر يعمل في مكتبة صغيرة لا يزورها أحد إلا نادر نفسه يفتح الباب كل يوم وينفض الغبار عن الكتب القديمة التي لم يقرأها أحد منذ سنوات وكان يشعر أن هذه الكتب تخبئ شيئًا ما شيئًا غامضًا لا يمكن فهمه إلا إذا قرأها بترتيب معين في يوم من الأيام وبينما كان يقلب صفحات كتاب عن المدن المفقودة وجد ورقة غريبة لم تكن من نفس نوع الورق ولا تحمل نفس الخط كانت مكتوبة بلغة لا يعرفها لكنها بدت مألوفة بشكل غريب شعر بقشعريرة تسري في جسده وأخذ الورقة ووضعها في جيبه دون أن يعرف لماذا فعل ذلك

في تلك الليلة لم يستطع النوم كانت الورقة تلمع في الظلام وكأنها تناديه قام من سريره وجلس على الأرض وأخرج الورقة وبدأ ينظر إليها بتمعن وفجأة بدأت الكلمات تتحرك أمام عينيه وتتشكل صورًا لمدينة غريبة مليئة بالأبراج والأنوار والناس الذين لا يملكون وجوهًا شعر وكأنه يُسحب إلى داخل الورقة وفجأة وجد نفسه واقفًا في وسط تلك المدينة التي رآها في الصور كانت المدينة صامتة تمامًا لا يوجد صوت ولا حركة فقط هو والضوء الذي لا يعرف مصدره بدأ يمشي في الشوارع وكلما مر أمام مبنى تغير شكله وكأنه يستجيب لوجوده

وصل إلى ساحة كبيرة في وسط المدينة وهناك وجد كتابًا ضخمًا موضوعًا على قاعدة حجرية اقترب منه وفتح الصفحة الأولى فوجد اسمه مكتوبًا بخط غريب لكنه يعرف أنه اسمه شعر أن هذا الكتاب يحكي قصته لكنه لم يكتبها هو ولم يخبر أحد بها من قبل كيف عرف هذا الكتاب كل شيء عنه كيف عرف أنه كان يخاف من الظلام وهو طفل وأنه كان يحلم أن يصبح رسامًا لكنه لم يرسم شيئًا منذ عشرين عامًا كيف عرف أنه فقد شخصًا عزيزًا ولم يتكلم عن ذلك أبدًا

أغلق الكتاب بسرعة وشعر أن المدينة بدأت تهتز من حوله وبدأ الضوء يخفت شيئًا فشيئًا وسمع صوتًا يقول له لا تهرب من قصتك يا نادر لا تهرب من الحقيقة استيقظ فجأة في سريره والورقة ما زالت في جيبه لكنها أصبحت بيضاء تمامًا لا تحمل أي كلمات ولا صور ذهب إلى المكتبة في اليوم التالي ووجد أن كل الكتب تغيرت عناوينها وأصبحت تحمل أسماء أشخاص يعرفهم وأحداث عاشها هو بنفسه لكنه لم يكتبها قط

في اليوم التالي وبينما كان نادر ينفض الغبار عن رفوف المكتبة لاحظ أن أحد الكتب اختفى من مكانه لم يكن هناك زائر ولم يفتح الباب أحد غيره شعر بشيء غريب في الهواء وكأن المكتبة نفسها تتنفس بطريقة مختلفة بدأ يبحث عن الكتاب المفقود بين الرفوف وبين الصناديق القديمة لكنه لم يجده وبينما كان يهم بالخروج لمح شيئًا خلف الستارة التي تغطي باب المخزن الخلفي اقترب ببطء وسحب الستارة فوجد الكتاب موضوعًا على كرسي خشبي قديم في زاوية مظلمة من الغرفة كان الكتاب مفتوحًا على صفحة تحمل صورة له وهو طفل يجلس على الأرض ويرسم شجرة كبيرة على الحائط شعر بالدوار للحظة ثم أغلق الكتاب وأخذه معه إلى المنزل

في تلك الليلة جلس نادر على الأرض وأشعل شمعة صغيرة ووضع الكتاب أمامه وبدأ يقرأ الصفحة الأولى كانت الكلمات تتغير كلما نظر إليها وكأنها تعرف ما يفكر فيه كانت تحكي عن لحظات نسيها وعن أحلام دفنها وعن وجوه لم يرها منذ سنوات شعر أن الكتاب ليس مجرد صفحات بل مرآة تعكس داخله بطريقة لم يعرفها من قبل وبينما كان يقرأ شعر أن الغرفة بدأت تتغير الجدران أصبحت أوسع والضوء أصبح أكثر دفئًا والهواء يحمل رائحة قديمة تشبه رائحة بيت جدته

في اليوم التالي قرر نادر أن يكتب كل ما يشعر به في دفتر جديد اشترى أوراقًا بيضاء وبدأ يكتب دون توقف كتب عن المدينة التي زارها في الحلم وعن الكتب التي تغيرت عناوينها وعن الورقة التي اختفت من جيبه كتب عن شعوره بالوحدة وعن خوفه من أن يكون كل هذا مجرد وهم لكنه لم يتوقف عن الكتابة وكلما كتب أكثر شعر أن العالم من حوله يتغير بطريقة لا يراها الآخرون

مرت أيام وهو يكتب ويقرأ ويبحث في المكتبة عن كتب تحمل إشارات أو رموز تشبه ما رآه في حلمه وذات يوم وجد كتابًا صغيرًا بعنوان الطريق إلى الداخل فتحه فوجد فيه خريطة غريبة لا تشبه أي خريطة عرفها من قبل كانت الخريطة مرسومة بخط يدوي وتحمل أسماء أماكن لم يسمع بها من قبل مثل وادي الصمت وجبل الذاكرة وبحيرة النسيان شعر أن هذه الأماكن ليست جغرافية بل نفسية وأن عليه أن يزورها بطريقة ما

بدأ نادر رحلة داخلية لا يعرف كيف بدأها ولا إلى أين ستقوده كان يمشي في شوارع المدينة وكأنه يبحث عن شيء لا يعرفه وكان يكتب كل ما يراه وكل ما يشعر به في دفاتره التي أصبحت كثيرة ومبعثرة في كل مكان في غرفته في المكتبة في حقيبته حتى في جيوبه الصغيرة كان يشعر أن الكتابة هي الطريقة الوحيدة لفهم ما يحدث له

وذات مساء بينما كان يجلس في المكتبة دخل رجل غريب لم يره من قبل كان يرتدي معطفًا طويلًا ويحمل حقيبة جلدية قديمة جلس أمام نادر وقال له لقد قرأت ما كتبت أنت لا تعرفني لكنني أعرفك منذ زمن طويل كنت أبحث عنك لأنك الوحيد الذي يستطيع أن يكمل ما بدأه الآخرون سأله نادر من الآخرون فقال الرجل الذين كتبوا قبل أن يولدوا والذين حلموا قبل أن يناموا والذين رأوا ما لا يُرى ثم فتح حقيبته وأخرج منها دفترًا قديمًا وقال له هذا لك

فتح نادر الدفتر فوجد فيه كلمات تشبه كلماته لكنها مكتوبة بخط مختلف كانت تحكي عن نفس المدينة ونفس الكتاب ونفس الورقة التي اختفت من جيبه شعر أن هناك من سبقه في هذه الرحلة وأنه ليس وحده كما كان يظن سأله الرجل هل تريد أن تعرف النهاية فقال نادر لا أريد أن أكتبها بنفسي

ابتسم الرجل وغادر المكتبة دون أن يقول شيئًا آخر وظل نادر جالسًا أمام الدفتر يقرأ ويكتب ويشعر أن كل شيء بدأ يتضح وأن الغموض ليس في العالم بل في داخله وأن الكتابة ليست وسيلة للهروب بل طريق للعودة إلى الذات

مرت سنوات ونادر لم يتوقف عن الكتابة أصبحت دفاتره كتبًا وأصبحت كتبه أبوابًا وأصبحت أبوابه مدنًا يزورها الناس ليعرفوا أنفسهم أصبح الناس يأتون إلى مكتبته لا ليشتروا الكتب بل ليجلسوا معه ويكتبوا معه ويبحثوا معه عن الورقة التي اختفت من جيبه

وفي يوم من الأيام وبينما كان يجلس وحده في المكتبة وجد ورقة جديدة على الطاولة كانت بيضاء تمامًا مثل الأولى لكنه شعر أنها مختلفة هذه المرة لم تكن تناديه بل تنتظره ليكتب عليها جلس وأمسك القلم وكتب أول جملة أنا لم أكن أبحث عن مدينة كنت أبحث عن نفسي

 

 

 

 

 

 

 

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

3

followings

0

followings

1

similar articles
-