سنوسرت الثاني فرعون الازدهار والابتكار
سنوسرت الثاني :المهندس الذي بني اهرامات مصر
حكم سنوسرت الثاني مصر خلال المملكة الوسطى، تقريبًا 1897–1878 ق.م. وكان الملك الرابع للأسرة الثانية عشر، أحد أكثر الفراعنة استقرارًا وازدهارًا في تاريخ مصر. بتركيزه عُرف على الزراعة والبنية التحتية والإصلاحات الإدارية، وقد شهد عصره مرحلة من التوحيد الداخلي والنمو الاقتصادي.
الحياة المبكرة وتولي العرش
كان سنوسرت الثاني ابن أمنمحات الثاني، ومن المحتمل الملكة كيمنوب. صعد إلى العرش بعد وفاة والده، وورث مملكة مستقرة ومزدهرة نسبيًا. على عكس بعض الفراعنة السابقين، ركز حكمه بشكل أقل على الغزوات العسكرية وأكثر على التنمية الداخلية وتقوية الأساس الاقتصادي لمصر.
الإصلاحات الإدارية والحكم
ينسب إلى سنوسرت الثاني تقدمه في الإدارة المركزية. عزز البيروقراطية من خلال ضمان ولاء النوامر (الحكام الإقليميين) للعرش، مما قلل من خطر الثورات المحلية. كما عمل على تطوير نظام ضريبي أكثر كفاءة، ساعد في تمويل مشاريع البناء واسعة النطاق وأعمال الري.
الابتكارات الزراعية
من أبرز إنجازات سنوسرت الثاني تطوير منطقة الفيوم. كانت هذه المنطقة، الواقعة غرب دلتا النيل، قد تحولت إلى أراضٍ زراعية خصبة في نظام شامل من القنوات والسدود والخزانات. أشرف الفرعون على استصلاح وتوسيع الأراضي الصالحة للزراعة، محوّلًا الفيوم إلى مركز زراعي حيوي يمد المملكة بالقمح. كانت مشاريعه في الري ذات أثر طويل الأمد، حافظت على ازدهار الزراعة في مصر لأجيال.
مشروعات البناء

كان سنوسرت الثاني غزير الإنتاج، تاركًا إرثًا من المعابد والحصون والقصور. ويُعرف بشكل خاص بهرمه في الأهرام بمدينة الكاهون بالقرب من الفيوم. وعلى الرغم من أنه أصغر من أهرام المملكة القديمة الشهيرة، إلا أن هرمه مميز ببنيته التحتية المبتكرة، بما في ذلك الممرات والغرف وعمود الدفن. كما أحاط بالهرم مدينة مخططة للعمال والمسؤولين، ما يظهر التخطيط الحضري المتقدم في المملكة الوسطى.
يعكس أسلوبه في البناء نهجًا عمليًا وإداريًا، يركز على الكفاءة والمتانة والوظيفة، بدلًا من العظمة الضخمة البحتة.
الفن والثقافة

ازدهرت الفنون والثقافة خلال حكم سنوسرت الثاني، بما يظهر جماليات المملكة الوسطى التي اتسمت بالواقعية والدقة الحرفية. تصور المنحوتات والنقوش الفراعنة والمسؤولين بمزيج من السمات المثالية والتفاصيل الطبيعية. كما شجع الحرفيون على إنتاج أعمال تعكس الاستقرار والازدهار والنعمة الإلهية.
الإرث والوفاة
توفي في 1878 بعد حكم تقريبا 19 عاما.
تميز حكم سنوسرت الثاني بالاستقرار والابتكارات الزراعية والكفاءة الإدارية. ساهمت أعماله في الري والتخطيط العمراني في تعزيز تماسك مصر داخليًا وقوتها الاقتصادية. وخلفه على العرش ابنه سنوسرت الثالث، الذي وسع نفوذ مصر داخليًا وخارجيًا.
يُذكر سنوسرت الثاني بصفة حاكم أعطى الأولوية لشعبه، وحوّل أجزاء من مصر إلى أراضٍ منتجة، وترك نموذجًا للحكم الفعال ألهم الفراعنة اللاحقين.
الخاتمة
يبرز سنوسرت الثاني بصفة فرعون للتقدم والبراغماتية. ورغم أنه لم يكن مشهورًا بالإنجازات العسكرية مثل بعض أسلافه، فإن ابتكاراته في الزراعة والإدارة والتخطيط العمراني كان لها تأثير عميق وطويل الأمد على ازدهار مصر. يمثل حكمه تركيز المملكة الوسطى على التنمية الداخلية ورؤية الحاكم الذي يسعى إلى تناغم موارد مصر وشعبها وحكومتها.