طريق النور الأخير

طريق النور الأخير

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

 

في زمن بعيد، أبعد مما تتخيل، كانت فيه قرية صغيرة محاصرة بظلام خانق بقاله سنين طويلة، لدرجة إن الشمس نسيت طريقها ليهم. ما كانتش بتظهر غير دقيقة واحدة بس في اليوم… دقيقة واحدة يلمّوا فيها نفسهم، ويشمّوا ريحة الأمل اللي كانوا بيخافوا ينسوه. الناس كانت بتستنى اللحظة دي كل يوم، كأنها معجزة يومية بتثبت إن في ضوء لسه موجود… حتى لو كان ضعيف.

وسط كل اليأس ده، عاش ولد اسمه رامي. رامي كان غير كل اللي حواليه؛ كان بيشوف الدنيا بعين تانية. الناس تقول “ده قدرنا”، لكن هو كان يرد دايمًا بثقة غريبة:
"لأ… أكيد في حلّ."
وكانوا يضحكوا عليه، ويقولوا ده طفل بيحلم. لكنه عمره ما اقتنع إن الظلام ده هو النهاية.

وفي ليلة هادية، والريح بتعدّي على الشجر بصوت خافت، خرج رامي ناحية الغابة. كانت الغابة مكان محدش يحب يقرب له بالليل، لكن الفضول كان بيشده. هناك لمح ضوء صغير بيتحرّك وسط الظلمة. قرب… فلاقى فراشة ذهبية بتنور كأنها مش مخلوق، كأنها جزء من الشمس نفسها.

وقفت الفراشة قدامه، ونورها بقى أقوى، ولأول مرة في حياته… سمع صوتها.
قالت له بهدوء غريب يخوّف ويطمن في نفس الوقت:
"إنت المختار… الرحلة دي مش بس هتغيّر مصيرك، دي هتغيّر مصير العالم كله. ولازم تمشي طريق النور الحقيقي… اللي ورا الجبل الأسود."

رامي حس قلبه بيرقص بين الخوف والحماس. اتردد، بص حواليه يمكن يلاقي حد يساعده… لكن مفيش حد. ومع كده، حسّ جوه إنه ما ينفعش يهرب. خد نفس عميق، وحط أول خطوة في الطريق.

image about   طريق النور الأخير

من أول لحظة فهم إن الرحلة مش سهلة. الطريق كله ضباب ووحوش غريبة بتتحرك في الخلفية. كل ما الظلام يتكثّف، الفراشة كانت بتنور أكتر، كأنها بتقوله:
“قدّامك… كمل.”

وفي نص الطريق ظهر له وحش الظلال. كان ضخم بشكل يخوّف أي حد، عيونه حمرا كأنها جمر، وأسنان طويلة بتتلألأ في الضلمة. بص لرامي وقال بصوت يهز الأرض:
"ارجع… النور مش ليك."

حتى الفراشة ارتجفت، لكن رامي… لأ. رغم خوفه، مسك حجر صغير من الأرض. رفعه بإيده الراجفة وقال بقوة خرجت من قلبه:
"النور للكل!"

ورمى الحجر.
اللحظة اللي لمس فيها صدر الوحش، اندمج نور الفراشة مع الحجر… وانفجر نور ذهبي ضخم مسح الوحش من الوجود.

بعدها وصل رامي لقمة الجبل، ولأول مرة في حياته شاف باب نور بيلمع كأنه من السما. الفراشة بصوت هادي قالت:
"افتحه… ومهما حصل، ما تخافش."

فتح الباب… وخرج منه نور غطّى السماء كلها. وفي القرية، الشمس طلعت لأول مرة من سنين… مش دقيقة، لكن يوم كامل.

الناس خرجوا يعيّطوا من الفرحة، والدنيا اتغيرت.

الفراشة اختفت، وسابت رامي قدامه حجر صغير مكتوب عليه:
"الشجاعة اللي جواك… هي اللي رجّعت النور."

ومن اليوم ده… بقى رامي رمز في القرية. مش لأنه هزم الظلام… 
لكن لأنه أثبت لهم إن أعظم قوة في العالم هي إنك… ما تستسلمش 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Mustafa aid تقييم 0 من 5.
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.