بيت العجايب الجزء الثالث
◾ مر الأسبوع بسلام على أبطال… ميان تحضر فيه ليوم التي ستصبح فيه ملكاً لمن أسر قلبها بحُبه… كان يساعدها في التحضيرات وسيلة بما أنها الأقرب إليها من بنات العائلة.
◾معاذ يحاول الخروج من هذه الشرنقة السوداء التي حبس نفسه فيها بعد أن حطمت وسيلة قلبه برفضها له… وسيلة التي لم يتمنى في حياته سواها… هي مصدر الحيوية والطاقة في حياته… كان كظلها لايفارقها منذ الصغر حتى انتهيا من الثانوية العامة والتحق كل منهما بكلية مختلفة عن الآخر… ومع ذلك كان لابد أن يراها بشكل يومي يحكي لها الكثير من أحداث يومه… ظل سنوات يحيا بحبها… كان يطمئن كل مرة ترفض فيها رجلاً يتقدم لخطبتها… كان ينتظر ان يتزوج مروان حتى يأخذ دوره حتى بتزوج هو… ولكنه بعد رفضها لآخر متقدم خشي ان يضغط عليها والدها وتقبل بأي شخص… وجد أنه لابد وأن يفصح عن حبه لها مهما كانت النتائج وياليته مافعل… الآن لايستطيع الاقتراب منها كما كان من قبل… بعد رفضها كان يتعمد ألا يتواجد في مكان هي فيه… وبعد أسبوع يحبس نفسه بين ذكريات طفولته ومراهقته وشبابه… قرر أن يخرج إلى النور ويواجه المجتمع كما كان… ولكنه يشعر بإنطفاء روحه المرحة… ولكنه على يقين أنه سيستردها مع الوقت… الآن يستعد أن يكون في أبهى حلته لحضور عقد قران أخته التي قرر جدهم إقامته في حديقة المنزل.
◾ المنزل في أجمل حالاته… عناقد الأنوار الملونة تزين المنزل من الخارج… الحديقة قطعة من الجنة من الجمال والزينة التي أشرف عليها جدهم ووائل… الكل يعمل بجد ونشاط من الفرحة ليظهر المنزل في أبهى صورة… ولكنه تمنى لو اليوم هو مأتمه وهذه الحديقة الواسعة مُعدة لأخذ العزاء فيه… يتألم ألم ينحر في جسده… انقطع آخر أمل في الارتباط بها… ظل عمره يحلم بعينها البنيتين كانتا لاتفارقان خياله… ولكنه كان دائماً بعيدا عنها لاختلافها عن الجميع… كانت هادئة وانطوائية… لا تشبه وسيلة أو آثار… كانوا أكثر وجوداً عنها… كانت مميزه في نظره عن الجميع… إذا اجتمعوا عند جده ورآها لايحيد بنظره عنها.. وإذا تحدث معها ترد بتحفظ شديد… كان دائماً يُصبر نفسه أنه سيأتي اليوم الذي سيجمعهما وتزول كل الحواجز… ولكن كل آماله وأحلامه ضاعت هباءً… اليوم ستكون ملكاً لغيره… عقد قرانها اليوم بمثابة شهادة وفاة له وهو على قيد الحياة… ولكنه المخطيء… الحب هو أجمل هبات الحياة لنا،، يجب أن نتمسك به عندما نجده ونوطده،،، إن انتظرت وتركته،، فر منك هارباً… هو انتظر ولم يتوقع انها ستطير منه ولكنه كان مخطئاً… اليوم ميان ستكون لغيره،، وهو لم يجني إلا الحسرة وفقدان الروح… كم تمنى أدهم ان يكون هذا حلماً ويصحو منه يجد ميان لم ترتبط بغيره… ولكنه للأسف ليس حلماً،، بل إنه واقعاً مؤلماً.. بعد تفكير طويل وجد أنه يترك المنزل اليوم بأي حجة حتى ينتهي هذا الحفل الموجع.
◾ يوم شاق بالنسبة له… حمل عبء التجهيزات على كاهليه… مروان مشغول بعيادته الخاصة ولم يحضر الا في المساء… معاذ يمر بحالة سيئة لايعلم سببها ويرفض معاذ أن يفصح له عما به… أما أدهم فهو الوحيد الذي يعلم أنه العاشق المجروح… لم يرد أن يزيد همه ويطلب منه المساعدة… وأمجد ساعده في التجهيزات على قدر استطاعته… ولكنه يحمد الله على انتهاء التجهيزات...كل شيء أصبح على أكمل وجه لم يتبقى سوي أن يصعد ويبدل ثيابه وينزل يستعد لمقابلة ضيوف الحفل… بعد ساعة كان في الحديقة يجلس بجوار أعمامه وجده ينتظر الضيوف… لمحها من بعيد تقف تتحدث في الهاتف… نهض من جلسته واقترب منها… ذُهِلَ من جمالها الطاغي… ترتدي فستانهاً طويلا باللون البرتقالي عاري الكتفين يحدد قوامها… تجمع شعرها الذهبي ببعض الزهرات الذهبية وتساقط معظم الخصلات على رقبتها البيضاء… عيناها ازدادت خضرتهَم بسبب الزينة التي على وجهها وعينيها… من يراها يقسم أنه لم يرى بجمالها… اقترب منها ووقف هائماً في جمالها حتى انتهت من مكالمتها وقطعت شروده : وائل… وائل.
🔹 وائل :هاااااا.
🔹 آثار :مالك واقف كده ليه؟
🔹 انتبه وائل وقال لها :إيه الجمال ده؟!!!
🔹 ابتسمت آثار ودارت حول نفسها: بجد الفستان حلو؟؟
🔹 وائل : حلو أوي أوي.
🔹 آثار بسعادة :ميرسي ياوائل… مكنتش متخيلة أنه هيطلع حلو كده… أصل أنا أول مرة في حياتي ألبس فستان وكنت مترددة جداً… بس بما أني خلصت امتحانات فقولت أعيش حياتي.
🔹 وائل :بصراحة تحفة… والميكب وتسريحة شعرك… حاجة في منتهى الجمال.
🔹 آثار :ميرسي جدا ياوائل...متعرفش أدهم فين؟؟؟… مش ظاهر خالص.
🔹 وائل :واحد صاحبه تعبان وراح له.
🔹 آثار :أوك.. ميرسي ياوائل.
🔹 استدارت لتذهب.. تردد وائل في مناداتها مرة أخرى ولكنه قرر:آثار.
🔹 التفتت آثار ورجعت له خطوتين :أيوة ياوائل فيه حاجة؟
🔹 وائل :ممكن أقولك حاجة ومتزعليش.
🔹 آثار:قول.. فيه إيه؟
🔹 وائل بتردد :أنتي جميلة جدا النهاردة بس ممكن تحطي حاجة على أكتافك دي بدل ماهي عريانة كده.
🔹 آثار بإنفعال :إيه عريانة دي؟!!...موديل الفستان ده كده… وكمان مش قولتلك متدخلش في لبسي مرة تانية.
🔹 وائل بجدية : أن انا اشوف غلط لازم اتكلم.
🔹 آثار بصوت مرتفع :بحذرك لآخر مرة ياوائل… أنا حرة ومبعملش حاجة غلط.
🔹 وائل بعصبية :ماهو أنتي اما تشوفي الغلط صح دي مصيبة أكبر.
🔹 آثار بعناد: أنا بحب أعمل الغلط دي حاجة متخصش حضرتك في حاجة.
🔹 وائل بإصرار :لا تخصني أنتي بنت عمي وأنا بخاف عليكي.
🔹 آثار :شكرأ لاهتمامك متخافش عليا… و متشغلش بالك بيا.
🔹 اقترب منهم معاذ : فيه إيه ياجماعة صوتكم عالي ليه...؟
🔹 آثار : اسأله… عن إذنك يامعاذ.
🔹 معاذ :مالك ياوائل… فيه إيه ياعم مالك؟
🔹 وائل : مخها جزمة قديمة… عنيدة ومتمردة.
🔹 معاذ بمكر : إوعي تكون بتحبها ياوئة.
🔹 وائل :أيوة بحبها وبعد كتب كتاب ميان هكلم بابا يطلبها من عمي أحمد.
🔹 معاذ بابتسامة :بتتكلم بجد؟!!
🔹 وائل :وده فيه هزار… أنا كنت مستني إما أمسك شغل وأنا الحمد لله اشتغلت.
🔹 معاذ وهو يربت على كتفه: ربنا يسعدك ياحبيبي… بس خد بالك آثار دماغها صعبة وهتتعبك.
🔹 وائل :بالحب الصعب هيبقى سهل ياميزو.
🔹 معاذ بغمزة :يا جامد أنت يامتمكن.
◾ في مركز التجميل.. تجلس ميان بفستانها العسلي وحجابها المطابق للون الفستان وزينتها الهادئة التي تبرز جمال عينيها البنيتين تنتظر قدوم فارسها ليأخذها لتتوثق علاقتهم برابط أبدى… ومعها وسيلة ترتدي فستان باللون الأسود المطعم بالزهرات الفضية وحجاب ملفوف بعناية باللون الفضي ولم تضع من المساحيق ألمُجمِلة سوي الكحل في عينيها… رغم أنها ليست جميلة كفتيات العائلة ولكن هيئتها مميزة… لها طابع خاص…
🔹 لاحظت وسيلة توتر ميان ومراقبتها الهاتف بشكل مستمر..:ميونة مالك ياقلبي… قلقانة ليه؟؟
🔹 ميان : مهند مجاش ياوسيلة لسه ومش عارفة فيه إيه؟
🔹 وسيلة :متقلقيش ياحبيبتي… الغايب حجته معاه.
🔹 ميان : أنا زهقت اتصالات عليه ومفيش فايدة.. لابيرد ولا بيكلمني يطمني.
🔹 وسيلة :متخافيش… يمكن عاملهالك مفاجأة.
🔹 ميان :يارب ياوسيلة… أنا قلبي مقبوض… فجأة رن الهاتف في يدها برقم حماها… ألو… أيوة ياأنكل مفيش أخبار عن مهند…….بتقول إيه حضرتك اللي هتيجي تآخدني إزاي؟؟
……. طب سبب التأخير إيه؟؟؟…….. طب شغله ده هيطول؟؟…. أوك ياأنكل أنا في انتظارك.
🔹 أغلقت الخط فبادرت وسيلة بالسؤال :فيه إيه ياميان طمنيني؟
🔹 ميان : أنكل سعد بيقول انه بس على وصول… ساعتين وهيكون هنا… وهو هيجي ياخدني ومهند هيجي لنا على البيت.
🔹 وسيلة وقد دب الخوف في قلبها : طب عادي ياروحي.. نروح ويجيلنا هناك.
◾ وقفت تتحدث في الهاتف بفستانها الوردي القصير وشعرها الأسود الطويل منسدلا على ظهرها في نعومة شديدة : ألو… أيوة يامستر…. حضرتك أنا جوري…. الحمد لله بخير… زعلانة عشان عزمتك ومجتش…. ليه بس كده كنت متعشمة انك هتحضر معانا…. خلاص مش مشكلة… متشكرة لحضرتك جدا تتعوض في الفرح إن شاء الله.
🔹 اقترب منها أمجد متسائلاً :واقفة زعلانة ليه ياجوري؟؟
🔹 جوري بحزن: عزمت مستر كريم ومعرفش يحضر.
🔹 أمجد بتعجب: وإيه المشكلة هي دي حاجة تقهرك أوي كده.
🔹 جوري باستنكار : صحيح أنت هتفهمني إزاي؟
🔹 أمجد بجدية:طب روحي اقعدي في جمب واعرفي أنك كبرتي على شغل العيال ده.
🔹 جوري بعصبية :أنا مش عيلة ياامجد ومش كل ماتشوفني تقولي كده.
🔹 أمجد وهو ينظر لثيابها :آه عيلة بصي للي أنتي لابساه… وايه اللي انتي حطاه على وشك ده.
🔹 جوري : ميكب حطيت منه زي جيهان… وكمان أنا مش عيلة أنا آنسة ياأمجد (ولوت شفتيها ونظرت للأرض وربعت يداها غاضبة)
🔹نظر إليها وابتسم على هيئتها الطفولية : متزعليش بس صدقيني أنتي بطبيعتك أحلى.
◾لفت انتباه الجميع وقوف سيارة العروس في مدخل المنزل ونزول ميان بمفردها دون مهند ووسيلة تتبعها … اقترب منها الجميع وبدى على والدها القلق:فيه إيه يابنتي؟
🔹 وسيلة :مفيش حاجة ياعمو… ان شاء الله مهند شوية وجاي اتأخر في شغله… سبقتهم ميان صامتة إلى الداخل ووقفت وسيلة تطمئن جدها وعمها… اقترب منها مروان بهيئته الجادة : ممكن أفهم فيه إيه… رفعت وجهها له وجدته ازداد وسامة على وسامته...حاولت ألاتجعل عينيها يفضحاها أمام الجميع:عمو سعد جه أخد ميان وقال إن مهند هيتأخر شوية… ياخبر عمو سعد في العربية… انتبه الجميع للسيارة التي تقف على بعد قليل… فذهبوا إليه… وجدوا حاله يرثي له من شدة القلق على ابنه الذي لايعرف عنه شيئاً منذ ساعات.
◾ في الداخل في شقة الجد تجلس ميان حاضنة أمها باكية في صمت وحولها بقية النساء والبنات… الكل يتألم في صمت… الأخبار انقطعت عنه وهاتفه أُغلق… يدخل معاذ ويطلب من جيهان الجالسة بجانب ميان النهوض ويأخذ ميان على صدره :ممكن تهدي وتبطلي عياط بوظتي الميكب ومهند هيجي يلاقيكي شكل الأشباح.
🔹 ميان من بين دموعها : بس يرجع هو يامعاذ.. قلبي مقبوض والشيطان بيوسوس ليا بحاجات…. وانفجرت في البكاء.
🔹 بدأت النساء مواساتها بالكلمات : استغفري ربنا يابنتي…. ربنا يرده سالم… تِفي من بوقك… ربنا يكمل فرحتك.
🔹 شعرت آثار ان الوضع مريب ولابد من وجود حيلة تصل بها لمعلومة عن مهند… تركت المجلس ودخلت إحدى الغرف.
🔹 دخلت وسيلة : فيه إيه… لزومه إيه العياط ياميان… خلي عندك حسن ظن في الله.
🔹 عندما رآها معاذ شعر بالتوتر ولكنه لم يرد أن يظهر ذلك… فربت على كتف ميان بحنان ثم أسندها على أمه ونهض بخفة من بينهن.
🔹 لاحظت وسيلة هروب معاذ من المكان بسببها فشعرت بحزن يطبق على أنفاسها… استدارت وتبعته حتى استوقفته عند مدخل المنزل : معاذ… معاذ… معاذ.
🔹 وقف ولم يلتفت لها :نعم.
🔹 خطت بضع خطوات ووقفت أمامه ونظرت له بقوة مصطنعة: ليه مشيت اما انا دخلت.
🔹 معاذ بحزن : بنفذ أوامرك ياوسيلة.
🔹 وسيلة بأسف :أنا آسفة يامعاذ… أسفة انت فاجأتني وردت فعلي كان مبالغ فيها غصب عني.
🔹 معاذ بتساؤل : والمطلوب مني؟
🔹 وسيلة بتوسل : تفضل جمبي يامعاذ.
🔹 معاذ يتساءل مستنكراً : بأي صفة ياوسيلة أفضل جمبك؟
🔹 وسيلة بتأكيد:أخويا يامعاذ.
🔹 معاذ بتعجب : تاني ياوسيلة؟
🔹 وسيلة بإصرار:تاني وتالت وعاشر… أنت أخويا… وأنا كمان أختك… اللي بتحس بيه ده مش حب… ده وهم.
🔹 معاذ بقهر:يااااه… للدرجة دي بستهزأي بمشاعري وتقولي عليها وهم؟!!!!
🔹 وسيلة بتأكيد :أيوة وهم… وهم أنت عشته… يمكن عشان ماشوفتش غيري… وجودنا المستمر مع بعض هو اللي هيأ لك كده… بس صدقني انت لسه مقابلتش اللي تستاهلك يامعاذ.
🔹 معاذ بأسف : لو كنتي حسيتي بيا مكنتيش قولتي الكلام ده ياوسيلة… لكن للأسف محستيش بيا لحظة.
🔹 وسيلة بهدوء: عيد حساباتك مع نفسك يامعاذ وأنت هتتأكد ان كلامي صح… بعد إذنك… وتركته وعادت حيث تمكث ميان.
🔹 خرجت في نفس اللحظة آثار من الغرفة : أنا قدرت أوصل لزميل له من على صفحته على الفيس واتصلت به و……