غوندور وورثة أناريون (سيد الخواتم)

غوندور وورثة أناريون (سيد الخواتم)

0 المراجعات

غوندور وورثة أناريون
كان هناك واحداً وثلاثين ملكاً في غوندور بعد أناريون الذي كان قد قُتل أمام باراد دور, على الرغم من أن الحرب لم تتوقف أبداً على حدودهم، ولأكثر من ألف سنة فقد نمّا دونيداين في الجنوب بالثروة والسلطة عن طريق البر والبحر حتى عهد أتاناتار الثاني، الذي كان يسمى ألكارين، أي المجيد. حتى الآن كانت علامات الانحلال قد ظهرت بالفعل, لأن عالية القوم من البشر في الجنوب قد تزوجوا بوقتٍ متأخر وكان لديهم القليل من الأبناء. والأول كان الملك فالاستور والثاني كان نارماكيل الأول. ابن أتاناتار ألكارين.
في عهد أوستوهير الملك السابع, أعيد بناء ميناس أنّور، حيث أصبح يقيم الملوك بعد ذلك فيها بدلاً من أوسغيلياث. وفي عهده هوجمت غوندور لأول مرة من قبل البشر المتوحشين الخارجين من الشرق, لكن ابنه تاروستار هزمهم وطردهم وبعدها أخذ اسم رومينداكيل أي قاهر الشرق. ثم قُتل بعد ذلك بوقت لاحق في معركةٍ مع جحافل جديدة من إيسترلينغز. فانتقم له ابنه تورامبار وحصل على الكثير من المناطق شرقاً.
مع تارانون الملك الثاني عشر، بدأ نسل ملوك السفن, الذي بنى الأسطول ومدد تأثير غوندور على طول السواحل الغربية والجنوبية لمصبات نهر أندوين. وإحياءً لذكرى انتصاراته كقائدٍ للجيوش أخذ تارانون التاج باسم فالاستور أي سيد السواحل. وخلفه ابن أخيه إيارنيل الأول الذي أصلح المرافئ القديمة في بيلارغير. وبنى البحرية العظيمة, وقد فرض الحصار عن طريق البر والبحر
إلى أومبار حتى أخذها، وأصبحت فيما بعد مرفأً عظيماً وحصن قوة غوندور . لكن إيارنيل لم يعش كثيراً وذهبت معظم انتصاراته معه, فقد ضاع مع الكثير من السفن والرجال في
عاصفة كبيرة قبالة أومبار. استمر ابنه كيريانديل في بناء السفن. لكن رجال هاراد بقيادة أسيادهم مدفوعين من أومبار, جاءوا مع قوة كبيرة ضد ذلك المعقل. فسقط كيريانديل بمعركة في هارادوايث. ولعدة سنوات استثمروا أومبار لكنهم لم يتمكنوا من اتخاذها بسبب القوة البحرية لغوندور. انتظر كيرياهير بن كيريانديل وقته. وأخيراً عندما حان الوقت وكان قد جمع له قوةً كبيرةً, جاء من الشمال بحراً وبراً، وعبرت جيوشه نهر هارنين وهزمت رجال هاراد بشكلٍ كامل. فاضطرت ملوكهم للاعتراف له بالسيطرة على غوندور. عام 1050. ثم أخذ كيرياهير اسم هيرمينداكيل أي قاهر الجنوب.
بسب قوة وجبروت هيرمينداكيل لم يتجرأ أي عدو على منافسته خلال فترة حكمة الطويلة والتي 
استمرت لمائة وأربعةٍ وثلاثين سنة. وهي أطول فترة حكم لكل نسل أناريون. وفي زمانه وصلت غوندور قمة قوتها, ثم تمددت المملكة شمالاً حتى سهل كيليبرانت وجنوباً حتى بروزات ميركوود. وغرباً إلى غريفلود. وشرقاً حتى بحر رون الداخلي. إلى الجنوب من نهر هارنين، ومن ثم على طول
الساحل إلى شبه جزيرة ومرفأ أومبار. اعترف أهل وادي أندوين بسلطتها, وقدم ملوك هاراد الولاء لغوندور، وأصبح أبنائهم يعيشون كرهائن في بلاط الملك. أما موردور فقد كانت خراباً, لكنها كانت مراقبةً من قبل الحصون العظيمة التي كانت تراقب الممرات إليها.
هكذا كانت نهاية نسل ملوك السفن. وعاش أتاناتار ألكارين بن هيرمينداكيل في أبهةٍ عظيمةٍ. بحيث أصبح الناس يقولون بأن الأحجار الكريمة كانت هي الحصى التي يلعب بها أطفال غوندور. لكن أتاناتار أحب الراحة ولم يفعل أي شيء للحفاظ على القوة التي ورثها, وكان ابنيه في مثل طبعه. لذلك بدأ انحسار غوندور فعلياً قبل وفاته. وبلا شك بأن أعداءها كان يلاحظون ذلك. وتم في ذلك الوقت اهمال المراقبة على موردور, ومع ذلك لم يكن حتى أيام ڤالاكار قد جاء بعد الشر الأول الكبير على غوندور. وهي الحرب الأهلية وصراع الأقارب, والتي تسببت بخسائر كبيرة وخراب لم يتم اصلاحه بشكلٍ كامل.
كان مينالكار بن كالماكيل رجلاً ذو قوة كبيرة , وفي عام 1240 قام نارماكيل ولتخليص نفسه من كل المسؤوليات, بجعل مينالكار وصياً على عرش المملكة. ومنذ ذلك الوقت فصاعداً حكم الوصي غوندور باسم الملوك حتى خلف والده. وكان تعلقه وارتباطه الرئيسي مع أهل الشمال.
بهذه العلاقة مع أهل الشمال زاد كثيراً من السلم الذي جلبته قوة غوندور. وأظهر لهم الملوك التأييد والمحاباة, لأنهم كانوا الأقرب بالنسب إلى دونيداين من بقية البشر. (كونهم في الغالب من أحفاد أولئك الرجال الذي أتى منهم إيداين في الأيام القديمة). وأعطاهم أراضي واسعة خلف أندوين, إلى الجنوب من غرينوود العظيمة. لتكون دفاعاً ضد رجال الشرق. لأن معظم هجمات إيسترلينغز في السابق كانت تأتي عبر السهل الذي يقع بين البحر الداخلي وجبال الرماد.
في أيام نارماكيل الأول عادت هجماتهم ثانيةً على الرغم أن بداياتها لم تكن بقوة كبيرة. لكن علم الوصي بأن رجال الشمال لن يبقوا أوفياء لغوندور إلى الأبد. ومن شأن بعضهم الانضمام إلى قوات إيسترلينغز, إما بسبب الجشع أو للفساد, أو لتعزيز الخلافات بين الأمراء. لذلك خرج مينالكار في عام 1248 بقوةٍ كبيرة. وهزم جيس إيسترلينغز الكبير بين روڤانيون والبحر الداخلي, ودمر جميع مخيماتهم ومستوطناتهم شرقي البحر. بعد ذلك اتخذ لنفسه اسم رومينداكيل.
لدى عودته قام رومينداكيل بتحصين الشاطئ الغربي لنهر أندوين, على طول مجرى تدفقه من ليملايت وحظر على أي غريب عبور النهر خلف إميان مويل. وهو الذي بنى النصب التذكاري المسمى أرغوناث عند مدخل نين هيثويل. لكن ولأنه كان بحاجةٍ إلى الرجال, ويرغب في تعزيز الروابط بين غوندور وأهل الشمال. فقد اتخذ العديد منهم في خدمته, وأعطى لبعضهم مراتب عاليةً في الجيش.
عندما ادعا ڤيدوغاڤيا بأنه ملك روڤانيون, أظهر له رومينداكيل التأييد, لأنه كان قد ساعده في الحرب. وبالفعل كان ڤيدوغاڤيا أقوى من بقية الأمراء الشماليين. على الرغم من أن مملكته الخاصة تقع بين غرينوود ونهر كيلدوين . وفي عام 1250 أرسل رومينداكيل ابنه ڤالاكار سفيراً ليقيم فترة من الوقت مع ڤيدوغاڤيا, وليكون على علمٍ بلغة وآداب وسياسات أهل الشمال, لكن ڤالاكار تجاوز الأهداف التي أرسله أبوه من أجلها, فقد أحب أرض وشعب الشمال, وتزوج من ڤيدوماڤي بنت ڤيدوغاڤيا. وبعد هذا الزواج بسنوات قليلة عاد إلى بلدة, وقد جلب هذا الزواج فيما بعد حرب صراع الأقارب.
بالنسبة لعالية القوم في غوندور, بدأوا بالفعل يراقبون بشيء من الشك تواجد أهل الشمال بينهم. لأن شيئاً من هذا القبيل لم يفعله وريثٌ للتاج من قبل. فلم يتزوج أي ابن ملك من نسلٍ أدنى أو من نسلٍ أجنبي. لذلك كان هناك تمرد بالمقاطعات الجنوبية. وعندما كبر الملك ڤالاكار لكن الملكة مع أنها كانت سيدةً نبيلةً وجميلة, إلّا أنها لم تعمر طويلاً طبقاً لمصير الناس الأدنى من دونيداين. فخشي الدونيداين أن يكون نسلها بنفس المصير وبذلك ينزلون من عظمة ملوك البشر. لذلك لم يكونوا  مستعدين لقبول ابنها إيلداكار كسيدٍ عليهم. والذي كان قد ولد في بلدٍ غريب وكان اسمه في شبابه ڤينيثاريا وهو اسم من أسماء أهل والدته.
لذلك عندما خلف إيلداكار والده على العرش كانت هناك حربٌ في غوندور. لكن إيلداكار أثبت أنه لم يكن من السهل طرده من ميراثه, إذ أنه أضاف إلى نسبه من غوندور روح شجاعة أهل الشمال, وقد كان ضخماً وشجاعاً ولم يظهر أي علامة على تسارع الشيخوخة إليه أكثر من والده. وعندما قامت بقية المقاطعات بقيادة أحفاد الملوك ضده. قاومهم حتى النهاية حتى بقي أخيراً محاصراً في أوسغيلياث, واحتفظ بها لفترةٍ طويلة. حتى أنهكه الجوع وخروج قوات كبيرة من المتمردين الذين كانوا معه, فتركوا المدينة للنيران. وفي هذا الحصار حُرقت قبة برج أوسغيلياث ودُمرت, وضاع حجر البالانتير الذي كان هناك في المياه.
راوغ إيلداكار أعداءه وذهب إلى الشمال باتجاه أقاربه في روڤانيون, فتجمع إليه الكثير من أهل الشمال والذين كانوا يخدمون في غوندور بالإضافة إلى دونيداين الذين كانوا يقيمون في الأجزاء الشمالية من المملكة فقد تعلموا احترامه وتبجيله. وغيرهم كثيرون جاءوا كارهين للذي اغتصب العرش. وكان الذي اغتصب العرش هو كاستامير حفيد كاليميهتار والشقيق الأصغر لرومينداكيل الثاني. لم يكن يعتبر فقط كواحدٍ من أولئك المقربين بالدم إلى التاج, لكنه كان يملك أكبر أتباع من المتمردين, لأنه كان قائد السفن, وكان مدعوماً من قبل سكان السواحل والمرافئ الكبيرة في بيلارغير و أومبار.
لم يجلس كاستامير لفترة طويلة على العرش حتى أثبت أنه متغطرس وبخيل. أضف إلى أنه كان رجلاً قاسياً كما أظهر ذلك لأول مرة عندما أخذ أوسغيلياث, حيث تسبب في أسر أورنينديل بن إيلداكار ومن ثم موته, والمجازر والدمار الذي أُحدثت في المدينة بناء على طلبه تجاوزت كثيراً احتياجات الحرب. وذكر هذه الأمور في ميناس أننور و إيثيلين قللت كثيراً من محبة كاستامير وأصبح يُنظر إليه على أنه شخصٌ لا يهتم كثيراً بالأرض ولا يفكر إلا بالأساطيل. ويهدف إلى نقل مقعد الملك إلى بيلارغير.
هكذا كان كاستامير ملكاً فقط لمدة عشر سنوات, عندما رأى إيلداكار بأن وقته قد حان, جاء بجيش كبير من الشمال وتوافد إليه الشعب من كالينارذون و أنوريين و إيثيلين. هناك وقعت معركة عظيمة في ليبينين عند معابر إيروي, والتي أريقت فيها الكثير من أفضل دماء غوندور, فذبح فيها إيلداكار بنفسه كاستامير في مواجهةٍ بالقتال, وهكذا انتقم لمقتل ابنه أورنينديل, لكن أبناء كاستامير هربوا مع آخرين من أقاربهم. والكثير ممن كانوا بالأساطيل وصمدوا لفترةٍ طويلةٍ في بيلارغير.
عندما جمعوا هناك كل القوة التي يستطيعون جمعها (لأن إيلداكار لم تكن لديه سفن لحصارها عبر البحر) أبحروا بعيداً وأسسوا في أومبار ملجأً لكل أعداء الملك, واستقلوا عن سلطة التاج. ضلت أومبار في حالة حرب مع غوندور لأزمنةٍ طويلةٍ من حياة البشر. وكانت تشكل باستمرار تهديداً لأراضيها الساحلية وكل تحركاتها عبر البحر. ولم تُهزم أومبار إلا في زمن إليسار. وباتت المنطقة جنوب غوندور أرضاً متنازعاً عليها بين القراصنة والملوك.
شكلت خسارة أومبار خطراً على غوندور, ليس فقط لأن سلطة المملكة قد تضاءلت في الجنوب وتراخت قبضتها على أهل هاراد. بل بسبب أن  آر فارازون " الذهبي", آخر ملوك نومينور كان قد نزل في ذلك المكان وأذل جبروت ساورون, على الرغم من أن أوان الشر الكبير لم يكن قد حان بعد. حتى أن أتباع إيلينديل كانوا يتذكرون بالفخر ذلك المجيء العظيم لــ آر فارازون من أعماق البحر. وعلى أعلى تلةٍ من الرأس البحري فوق المرفأ وضعوا عموداً أبيض كبير, كنصب تذكاري, وكان هذا العمود متوجاً بكرة كبيرة من البلور والتي كانت تأخذ أشعة الشمس والقمر وتعكسها مثل نجمٍ مشرقٍ, وفي أوقات الطقس الصافي كانت تُرى حتى من شواطئ غوندور وبعيداً حتى البحر الغربي. وبقي هذا النصب التذكاري حتى بعد الظهور الثاني لــ ساورون. والذي كان قد اقترب موعده الآن, وبعد أن سقطت أومبار بأيدي عبيده, تم تدمير هذا النصب الذي كان يُعتبر كإهانةٍ له.
بعد عودة إيلداكار, أصبح دم البيت الملكي وغيره من بيوت دونيداين أكثر اختلاطاً مع بقية البشر الأدنى منزلةً منهم. ولأن الكثيرين كانوا قد قتلوا في صراع الأقارب, وبعد أن أظهر إيلداكار فضل أهل الشمال في استعادة التاج, فقد امتلأت غوندور بأعداد كبيرة من أهل الشمال القادمين من روڤانيون. لم يعجل هذا الاختلاط في بدايته من انحدار دونيداين كما كان يُخشى , لكن التراجع كان لا يزال بطيئاً, رويداً, رويداً كما حدث من قبل. ومما لا شك فيه بأن هذا التراجع كان ينسحب على الأرض الوسطى نفسها. كما أن هذا التراجع انسحب على هدايا النومينوريين بعد الطوفان وغرق أرض النجم. عاش إيلداكار مائتين خمسةٍ وثلاثين عاماً. وكان ملكاً لمدة ثمانيةٍ وخمسين عاماً, قضى منها عشرة سنين في المنفى.
جاء ثاني أكبر شر على غوندور في عهد تيليمنار الملك السادس والعشرين. والذي كان والده مينارديل ابن إيلداكار قد قُتل في بيلارغير على يد قراصنة أومبار, والذين كان يقودهم كل من أنغامايت و سانغاهايندو أكبر أحفاد كاستامير. وبعد فترة وجيزةٍ جاء الطاعون القاتل مع الرياح المظلمة من الشرق, فتوفي الملك وجميع أبناءه, بالإضافة إلى أعدادٍ كبيرة من شعب غوندور. وخاصةً أولئك الذين كانوا يعيشون في أوسغيلياث. لذلك وبسب الإرهاق وقلة عدد الرجال فقد توقفت الحراسة على الحدود مع موردور, وأصبحت الممرات خالية من الرجال.
ولوحظ فيما بعد أثناء حدوث هذه الأمور, بأن الظل بدأ ينمو عميقاً في غرينوود, وظهر من جديد الكثير من الأشياء الشريرة, كعلامةٍ على ظهور ساورون. صحيح أن أعداء غوندور عانوا أيضاً, أو أنها غمرتهم في ضعفها. لكن ساورون يستطيع الانتظار, لأن رغبته الرئيسية كانت منصبةً على اعادة افتتاح موردور.
عندما توفي الملك تيليمنار ذبلت الشجرة البيضاء في ميناس أننور وماتت. لكن ابن أخيه تاروندور الذي خلفه على العرش, عاد زراعة شتلةٍ منها في القلعة. وهو الذي نقل منزل الملك بشكل دائم إلى ميناس أننور, لأن أوسغيلياث أصبحت شبه مهجورة وبدأت تسقط في الخراب. وفرَّ قلة من أولئك الذين نجوا من الطاعون إلى إيثيلين, أو إلى الوديان الغربية بانتظار العودة.
وصل تاروندور صغيراً إلى العرش, وبذلك كانت فترة حكمه هي الأطول بين جميع ملوك غوندور. لكنه وخلال هذه الفترة الطويلة من الحكم لم يستطع تحقيق الكثير سوى إعادة ترتيب الوضع الداخلي للمملكة والتراخي عن العناية بقوتها. لكن ابنه تيلوميهتار تذكر من جديد موت مينارديل, وكان قلقاً من تطاول القراصنة اللذين قاموا بمداهمة سواحله حتى أبعد من أنفالاس. فجمع قواته وفي عام 1810 أخذ أومبار عبر هجومٍ كاسح. في تلك الحرب قضى على آخر نسل كاستامير, وعادت أومبار لفترةٍ من الزمن مجدداً إلى سلطة الملوك. وأضاف تيلوميهتار لاسمه لقب أومبارداكيل. لكن الشرور الجديدة التي جاءت على غوندور, أدت إلى سقوط أومبار بيد رجال هاراد.
الشر الثالث الذي اجتاح غوندور كان قد جاء من قبل واينرايدرز (أي راكبي العربات), والتي أضعفت قوة غوندور الواهنة واستمرت إلى ما يقرب من مائة عام. كان واينرايدرز شعباً أو كونفدرالية من شعوب كثيرةٍ جاءت من الشرق, لكنهم كانوا أقوى وأفضل سلاحاً من كل الذين ظهروا من قبلهم. إذ كانوا يسافرون ويقاتلون بشكلٍ رئيسي بهذه المركبات. وتبين فيما بعد بأن مبعوثي ساورون كانوا قد حرضوهم فقاموا بهجومٍ مفاجئ على غوندور. وقتل الملك نارماكيل الثاني في معركةٍ معهم وقعت خلف أندوين وذلك في عام 1856. واستعبدوا الشعوب المتواجدة في شرق وجنوب روڤانيون, وانسحبت حدود غوندور في ذلك الوقت إلى تخوم أندوين و إميان مويل. (ويعتقد أنه في هذا الوقت دخل أشباح الخاتم إلى موردور للتحضير لقدوم سيدهم).
كاليميهتار بن نارماكيل الثاني, وبمساعدة المتمردين من روڤانيون انتقم لوالده وحقق انتصاراً كبيراً على إيسترلينغز فوق سهول داغورلاد في عام 1899, وتم تجنب الخطر لفترة من الوقت. وفي تلك الفترة في عهد أرافانت في الشمال و أوندوهير بن كاليميهتار في الجنوب, اتخذت المملكتين ثانيةً مجلساً موحداً مع بعضهما بعد فترةٍ طويلةٍ من القطيعة, فأخيراً أصبحوا ينظرون إلى توحيد قواهم وتوجيهها ضد الاعتداءات الكثيرة على الناجين من نومينور. وفي ذلك الوقت كان أرڤيدوي وريث أرافانت قد تزوج من فيريل بنت أوندوهير في عام 1940. لكن لم تتمكن أي مملكة من إرسال مساعدة إلى الأخرى, لأن أنغمار كانت قد جددت هجومها على إيثيلين في نفس الوقت الذي عاد فيه واينرايدرز للظهور وبقوةٍ كبيرة.
عبر الكثير من واينرايدرز جنوب موردور وعقدوا حلفاً مع خاند و هاراد القريبة. وفي هذا الهجوم الكبير على غوندور من الشمال ومن الجنوب كانت على وشك الدمار النهائي في عام 1944, وسقط كلٌ من الملك أوندوهير وابنيه أرتامير و فارامير في معركةٍ شمالي مورانون, وانصب العدو باتجاه إيثيلين. لكن إيارنيل قائد الجيش الجنوبي, حقق انتصاراً كبيراً جنوب إيثيلين ودمر جيش هاراد الذي عبر نهر بوروس. وفي طريقه إلى الشمال جمع ما في وسعه من الجيش الشمالي المتراجع وهاجم المعسكر الرئيسي لواينرايدرز عندما كانوا يحتفلون غير مبالين لأنهم كانوا يعتقدون بأنهم قد قضوا على غوندور ولم يتبق من يفسد عليهم فرحتهم. فاقتحم إيارنيل المخيم وأشعل النار بعرباتهم, فهزمهم شرَّ هزيمة وطرد العدو من إيثيلين. وقسم كبير منهم هربوا قبل موتهم إلى داخل مستنقعات الموتى .
بموت أوندوهير وأبناءه, طالب الملك أرڤيدوي في المملكة الشمالية بعرش غوندور, على اعتبار أنه ينحدر نسبه من إيسيلدور مباشرةً. وأيضاً بما أنه زوج فيريل وهي الوحيدة الباقية من نسل أوندوهير. رُفض طلبه. وقد لعب بيليندور الوكيل على عرش الملك أوندوهير دوراً كبيراً في هذا الرفض.
أجاب مجلس غوندور: العرش والملكية في غوندور تنتمي فقط إلى ورثة مينيلديل بن أناريون. والذي تخلى له إيسيلدور عن هذه المملكة. وفي غوندور هذا الإرث يحسب فقط للأبناء, ولم نسمع بأن القانون في أرنور بخلاف ذلك.
أجابهم أرڤيدوي على ذلك: كان لدى إيلينديل ابنان أحدهما إيسيلدور وهو الأكبر ووريث عرش والده, ولقد سمعنا بأن اسم إيلينديل مازال يقف إلى يومنا هذا على نسل ملوك غوندور. بما أنه كان يمثل الملك الأعلى لكل أراضي الدونيداين. وأثناء حياة إيلينديل, كان الحكم المشترك في الجنوب بعهدةٍ أبناءه, ولكن عندما مات إيلينديل, اتجه إيسيلدور إلى الشمال لتولي منصب والده كملكٍ أعلى وعهد بحكم الجنوب إلى ابن أخيه بنفس الطريقة, لكنه ما تخلى عن ملكه في غوندور, ولم يكن ينوي تقسم مملكة إيلينديل إلى الأبد.
علاوة على ذلك, في نومينور القديمة كان الصولجان ينتقل إلى الابن الأكبر للملك إن كان رجلاً أو امرأة, صحيح أن هذا القانون لم يراع في أراضي المنفى التي عانت من الحرب, لكن هكذا كان قانون شعبنا, والذي نشير إليه الآن, بالنظر إلى أن أبناء أوندوهير ماتوا ولم يتركوا خلفهم أبناء .
لم تجب غوندور عليه. وادعى إيارنيل القائد المنتصر أحقيته بالعرش, ومُنح له بموافقة كل الدونيداين في غوندور. لأنه كان من البيت الملكي, فهو ابن سيريونديل بن كاليماكيل بن أركيرياس شقيق نارماكيل الثاني. ولم يضغط أرڤيدوي أكثر بمطالبته, لأنه لم يكن يمتلك السلطة والإرادة لمعارضة خيار الدونيداين في غوندور. لكن هذه المطالبة لم ينسها أحفاده حتى عندما ذهبت ملكيتهم, لأن الوقت أصبح يقترب الآن نحو أفول نجم المملكة الشمالية.
كان أرڤيدوي بالفعل هو الملك الأخير, كما كان يشير اسمه. ويقال بأن هذا الاسم اعطي إليه من قبل العراف مالبيث, الذي قال لوالده: "ستناديه أرڤيدوي, لأنه سيكون الأخير في أرثيداين. على الرغم من أن الخيار سيكون أمام دونيداين, فإذا اختاروا الواحد وذلك يبدو الأقل أملاً, عندها سيغير ابنك اسمه ويصبح ملكاً لمملكةٍ عظيمة. وإذا لم يكن كذلك, فسيقع الكثير من الحزن, وسيموت خلق كثير, حتى ينهض الدونيداين ويتحدوا مرةً أخرى".
في غوندور أيضاً ملك واحد فقط أتى بعد إيارنيل, فلو كان التاج والصولجان متحدين, لكانت الملكية مصانةً وكانوا قد تجنبوا بذلك الكثير من الشر. لكن إيارنيل كان رجلاً حكيماً, ولم يكن متغطرساً, حتى ولو كان معظم أهل غوندور يعتبرون بأن مملكة أرثيداين كانت تبدو كشيءٍ صغير, بالنسبة لكل سلالات ساداتها.
أرسل إيارنيل رسالةً إلى أرڤيدوي وقال فيها: لقد تلقيت تاج غوندور وفقاً لقوانين واحتياجات المملكة الجنوبية. لكنني لن أنسى الولاء لــ أرنور. ولن أنكر رابطة القرابة, ولا أتمتى أن تكون ممالك إيلينديل منفصلة, وسأرسل لك المساعدة التي تحتاجها بقدر استطاعتي.
على أية حال كان إيارنيل ولمدة طويلة يشعر بأنه في مأمن بما فيه الكفاية ليفي بوعوده. فقد استمر الملك أرافانت بتناقص قوته لوقف هجمات أنغمار. وعندما خلفه أرڤيدوي فعل بالمثل. لكن أخيراً وفي خريف عام 1973 جاءت رسالةً إلى غوندور بأن أرثيداين أصبحت في ضيق كبير. وبأن الملك الساحر يتأهب للضربة النهائية, عندها أرسل إيارنيل ابنه إيارنور بأسرع ما يمكن مع الأسطول باتجاه الشمال, وبأكبر قوة احتياطية استطاع تأمينها قبل فوات الأوان. وقبل أن يصل إيارنور إلى المرافئ في ليندون, كان الملك الساحر قد غزا أرثيداين وهرب أرڤيدوي.
ولكن عندما وصل إيارنور إلى المرافئ الرمادية, كان هناك فرحاً ودهشةً عظيمةً بين البشر والجان على حدٍ سواء. كان الميناء ذو هيكلٍ عظيمٍ جداً فقد كانت الكثير من سفنه بالكاد تعثر على ميناءٍ لترسوا به, على الرغم من أن هارلوند و فورلوند كانتا مملوءتان ونزل منهما جيش القوة, مع الذخائر والمؤن لأجل حرب الملوك العظيمة, أو هكذا كان يبدو إلى الناس في الشمال. مع ذلك فما كانت تلك إلا قوةً صغيرة من مجمل قوة غوندور. والأهم من كل ذلك هو المديح للخيول لأن الكثير منها كانت قد أتت من وادي أندوين, ومعهم خيالة طوال القامة جميلو الخلقة وأمراء أباة من روڤانيون.
عندها استدعى كيردان الجميع من ليندون ومن أرنور لكي يأتوا إليه, وعندما كان الجميع مستعدين, عبر الجيش لوني وسار شمالاً لتحدي ملك أنغمار الساحر. كما يقال فإنه كان يسكن في فورنوست, التي كان قد ملأها بالشعب الشرير, فاغتصب البيوت وسيطر على الملوك. وبسبب كبريائه وغطرسته لم ينتظر هجوم أعدائه عليه في معقله بل خرج لملاقاتهم على أمل اكتساحهم, كما فعل من قبل مع غيرهم في لوني.
لكن جيش الغرب نزل عليه من تلال إيڤينديم, ووقعت هناك معركة عظيمة على السهل بين نينويال وشمالي داونز. فتقهقرت قوات أنغمار بالفعل وتراجعت نحو فورنوست, وعندما جاء الجزء الرئيسي من الفرسان والذين سارو حول التلال ونزلوا عليهم من الشمال, شتتوا شملهم بهزيمة كبيرة. عندها الملك الساحر مع كل ما جمعه من دمار هرب باتجاه الشمال, ساعياً نحو بلده أنغمار. وقبل أن يتمكن من الحصول على ملاذٍ له في كارن دوم, أدركه فرسان غوندور وكان إيارنور على رأسهم. وفي نفس الوقت. جاءت قوة تحت قيادة السيد الجني غلوروفينديل صاعدةً من ريڤينديل. وهكذا كانت هزيمة أنغمار. ولم يتبقَ من تلك المملكة لا رجل ولا أورك غربي الجبال.
لكن يقال بأنه عندما خسر كل شيء. أظهر الملك الساحر نفسه فجأةً, يرتدي عباءةً سوداء وقناع أسود, راكباً على حصانٍ أسود. فأسقط الخوف على كل من رآه, لكنه اختار قائد غوندور, بسبب حقده عليه, ومع صرخةٍ فظيعة ركب مباشرةً إليه. صمد إيارنور أمامه, لكن حصانه لم يستطع تحمل الهجوم فانحرف وحمله بعيداً قبل أن يتمكن من السيطرة عليه.
عندها ضحك الملك الساحر. وكل من سمع تلك الضحكة لم ينس رعب تلك الصرخة. لكن غلوروفينديل ركب نحوه على حصانه الأبيض, وفي خضم ضحكاته انقلب الملك الساحر هارباً وعبر من خلال الظلال. لأن الليل قد حلَّ على أرض المعركة, وكان قد ضاع, ولم يره أحد إلى أين ذهب.
ركب إيارنور عائداً لكن غلوروفينديل نظر من خلال التجمع المظلم وقال: " لا تلاحقوه! فلن يعود إلى هذه الأرض. فمازال هلاكه بعيد من الآن, ولن يُقتل بيد رجل". كثيرين تذكروا كلماته هذه, لكن إيارنور بقي غاضباً, لأنه يرغب فقط بالانتقام للعار الذي لحق به. وهذه الطريقة انتهت مملكة الشر في أنغمار, وكسب إيارنور قائد غوندور الكراهية الرئيسية للملك الساحر. لكن ستمر الكثير من السنوات قبل أن تنكشف من جديد.
*****
حدث ذلك في عهد الملك إيارنيل, وكما أصبح واضحاً فيما بعد بأن الملك الساحر هرب من الشمال وجاء إلى موردور. وهناك اجتمع مع أشباح الخاتم الآخرين, فقد كان هو الرئيس بينهم. لكن لم يخرجوا من موردور قبل عم 2000 وذلك عبر ممر كيريث أنغول وفرضوا الحصار على ميناس إيثيل. ومن ثم أخذوها فيما بعد  في عام 2002 واستولوا على حجر البالانتير الذي كان موجوداً في برجها. ولم يتمكن البشر من طردهم منها حتى نهاية العصر الثالث. بعد ذلك أصبحت ميناس إيثيل مكاناً مرعباً وتم تغيير اسمها فأصبحت ميناس مورغول, وفي ذلك الوقت بقية الناس الذين كانوا مازالوا يقيمون في إيثيلين هجروها نهائياً.
كان إيارنور شجاعاً مثل أبيه, لكنه لم يكن حكيماً مثله. فقد كان رجلاً ذو بنية قوية وطبع حار. لكنه لم يتزوج, لأن سعادته كانت فقط في القتال, أو في التدرب على الأسلحة. فقد كانت براعته عظيمة في تلك الرياضة الحربية ولا يمكن لأي شخص من غوندور أن يقف ضده أو ينافسه فيها. فظهر كبطلٍ بالإضافة إلى كونه قائداً وملكاً. واحتفظ بشجاعته ومهارته المعتادة لفترة متقدمة من عمره.
وعندا استلم إيارنور التاج في عام 2043, تحداه ملك ميناس مورغول في قتال فردي, وسخر منه بأنه لا يجرؤ على الوقوف في وجهه في معركةٍ في الشمال. وفي ذلك الوقت منعه الوكيل مارديل من التحدي وكبح غضب الملك.
أصبحت ميناس أننور المدينة الرئيسية في المملكة منذ أيام الملك تيليمنار, وكانت مكان إقامة الملوك, وأعيدت تسميتها فأصبح اسمها ميناس تيريث, كمدينةٍ محروسةٍ دائماً ضد شر ميناس مورغول.
لم يكن قد مضى على إيارنور سوى سبع سنوات فقط لتسلمه للتاج حتى تحداه سيد مورغول ثانيةً. ساخراً من ذلك الملك الجبان في شبابه فكيف الحال به الآن مع الضعف الذي أصابه جرّاء تقدمه في السن. عند هذا الحد لم يعد باستطاعة مارديل كبح جماحه أكثر. فذهب مع مرافقةٍ صغيرة من الفرسان إلى بوابة ميناس مورغول. ولم يعرف أحد أبداً ماذا حصل لهم بعد ذلك. إذ كان يُعتقد في غوندور بأن أولئك الأعداء الخائنين حاصروا الملك وأسروه ومات من التعذيب في ميناس مورغول. ومنذ ذلك الوقت ونظراً لعدم وجود شهودٍ على وفاته, فقد حكم الوكيل مارديل الخيِّر غوندور باسمه لعدة سنوات.
بعدما أصبح عدد أحفاد الملوك قليل جداً, لأن أعاداهم تضاءلت كثيراً بسب صراع الأقارب. في حين أنه ومنذ ذلك الزمن أصبح الملوك محسودين ومراقبين من قبل أقاربهم. وكثيرين منهم اتهموا فهربوا إلى أومبار وانضموا إلى المتمردين هناك. في حين تخلى الآخرين عن نسبهم واتخذوا لهم زوجات من غير النومينوريين. لذلك لم يعد بالإمكان العثور على أيِّ مطالبٍ بالعرش يكون من الدم الصافي. أو ذلك الذي سيسمح له بالمطالبة, فجميعهم يخشون ذكرى صراع الأقارب. مع العلم أن أي انشقاقٍ سينشأ ثانيةً سيؤدي إلى نهاية غوندور إلى الأبد. لذلك ومع طول السنين بقي الوكلاء يحكمون غوندور. ووضع تاج إيلينديل في حضن الملك إيارنيل في بيت الموتى. حيث تركه هناك الملك إيارنور قبل أن يذهب إلى التحدي أمام بوابة ميناس مورغول.
الوكلاء
كان بيت الوكلاء يدعى بيت هورين, لأنهم كانوا من أحفاد الوكيل المشرف على الملك مينارديل (1621-1634). كان هورين من إميان أرنين رجل من أشراف النومينوريين. وبعد أيامه أصبح الملوك يختارون وكلاءهم من بين أحفاده. وبعد أيام بيليندور أصبحت الوكالة على الملوك وراثيةً في أبناءه من الأب إلى الابن, أو إلى أقرب المقربين له.
وكان كل وكيل جديد يتولى منصبه بالفعل كان يقسم يميناً بأن يحفظ الصولجان والحكم باسم الملك, حتى يعود الملك. لكن سرعان ما أصبحت هذه الكلمات طقوس صغيرة, لأن الوكلاء الحكام أصبحوا يمارسون كل سلطة الملوك. مع ذلك فإن أكثرية غوندور ما زالت تعتقد بأن الملك سيعود فعلاً في بعض الوقت, وبعضهم تذكر النسل القديم من الشمال, الذي كان يشاع بأنه لا يزال يعيش في الظلال. لكن مقابل هذه الأفكار أصبح حكم الوكلاء قاسياً في قلوبهم. مع ذلك لم يجلس أحدٌ من الوكلاء على العرش القديم, ولم يلبسوا التاج, ولم يحملوا الصولجان. بل كانوا يحملون عوضاً عن ذلك قضيبٌ أبيض كرمزٍ لمنصبهم. وكانت رايتهم بيضاء فقط دون أيه رموز. بينما كانت الراية الملكية سوداء وتظهر عليها رسمةٌ للشجرة البيضاء المزهرة, تحت سبعة نجوم.
بعد مارديل ڤورونوي والذي يحسب على أنه أول السلالة, تتابع بعده على حكم غوندور أربعة وعشرين وكيلاً حتى زمن دينثور الثاني فكان هو الوكيل السادس والعشرين والأخير الذي حكم غوندور. في البداية كانوا مرتاحين, لأن تلك الأيام كانت أيام السلام اليقظ, والتي انسحب فيها ساورون أمام سلطة المجلس الأبيض. وكان أشباح الخاتم مختفين في وادي مورغول, لكن في وقت دينثور الأول. لم يكن هناك سلام تام أبداً. وحتى عندما لم تكن غوندور بحالة حرب كبيرة أو مفتوحة كانت حدودها تحت التهديد المستمر.
في السنوات الأخيرة من حكم دينثور الأول. ظهر نسل أوروكس وهم الأورك السود. ظهروا أول مرةٍ بالقوة الكبيرة خارجين من موردور في عام 2475 واجتاحوا إيثيلين وأخذوا أوسغيلياث. فتصدى لهم بورومير بن دينثور (وهو بورومير الذي جاء بعده تسعة حملوا نفس الاسم, وليس بورومير بن دينثور الثاني الذي شارك في صحبة الخاتم). واستعاد إيثيلين, لكن بعدما دُمرت أوسغيلياث, وتهدم جسرها الحجري العظيم. وبعد ذلك لم يسكن فيها أي شعب. كان بورومير قائداً عظيماً, حتى أن الملك الساحر كان يخشاه. كان نبيلاً جميل الوجه, وذو بنيةٍ جسديةٍ قوية وإرادةٍ صلبة. لكنه وفي تلك الحرب أصيب بجرح مورغول الذي قصّر أيام عمره. وذوى جسمه من الألم وتوفي بعد اثني عشر عاماً من وفاة والده.
بعده حكم كيريون لمدة طويلة, وقد كان حذراً ويقظاً, لكن اتساع رقعة غوندور بدأت بالاضمحلال ولم يكن باستطاعته إلا الدفاع عن حدوده. في حين أن أعداءه (أو القوة التي كانت تحركهم) أعدوا له الكثير من الضربات التي قد توقفه. فراح القراصنة يناوشونه في السواحل, لكن في الشمال كان يكمن الخطر الرئيسي حيث الأراضي الواسعة من روڤانيون, بين ميركوود والنهر الجاري. يسكنها الآن شعبٌ شرس يقع برمته تحت ظلال دول غولدور. وغالباً ما كانوا يشنون غاراتهم من خلال الغابات. حتى أصبحت منطقة وادي أندوين وجنوب غالادين شبه مهجورة. وكان هؤلاء البالخوث يتزايدون باستمرار من قبل آخرين من مثل النوع الذي جاء من الشرق. في حين أن سكان كالينارذون تناقصوا كثيراً. وأصبح من الصعب على كيريون المحافظة على مجرى أندوين.
تنبأ كيريون بقدوم العاصفة فأرسل قواتٍ لمساعدة الشمال, لكنه كان قد تأخر كثيراً. ففي عام 2510 كان البالخوث قد بنوا الكثير من القوارب والطوافات العظيمة على الشواطئ الشرقية من أندوين. وحشدوهم فوق النهر ودحروا كل المدافعين. وتم شق صفوف الجيش الصاعد من الجنوب ودفعوه شمالاً نحو ليملايت, وهناك هاجمه مباشرةً من الجبال جيشٌ من الأوركس وضغطوه باتجاه أندوين. في هذه الأثناء جاءت مساعدةً من الشمال, ولأول مرةٍ يُسمع صوت أبواق الروهيريم في غوندور, فقد جاء إيورل الشاب مع الخيالة والفرسان ودحر العدو بعيداً, وطارد البالخوث إلى الموت عبر سهول كالينارذون, وبعد هذه الواقعة وهبه كيريون تلك الأرض أي كالينارذون ليسكن بها. وأقسم إيورل يميناً أمام كيريون, بأن يلتزم بالصداقة وتلبية دعوات سادة غوندور عند الحاجة. وفي أيام بيرين الوكيل التاسع عشر, وقع خطر أكبر على غوندور. إذ أن ثلاثة أساطيل أُعدت منذ فترة طويلةٍ كانت قد خرجت من أومبار و هاراد, وهاجمت سواحل غوندور بقوة كبيرة. وقام العدو بعدة إنزالات حتى أقصى الشمال عند منبع نهر آيزن. وفي نفس الوقت تعرض الروهيريم للهجوم من الشرق والغرب, وتم اجتياح أراضيهم وطردوا إلى الوديان في الجبال البيضاء. وفي تلك السنة عام 2758 بدأ الشتاء الطويل ببرد قارسٍ وثلوجٍ قادمةٍ من الشمال والشرق واستمرت لمدة خمسة أشهرٍ تقريباً. مات كل من هيلم من روهان وكل أبناءه في تلك الحرب, ولم يكن في ايريادور و روهان سوى البؤس والموت. أما في غوندور فقد كان الشر أهون قليلاً, وقبل مجيء الربيع كان بيريغوند بن بيرين قد تغلب على الغزاة, ومباشرةً أرسل المساعدات إلى روهان. فقد كان بيريغوند أعظم قائد ظهر في غوندور منذ عهد بورومير, وعندما خلف والده في عام 2763. بدأت غوندور باستعادة قوتها, لكن جراح روهان كان أبطأ في الشفاء من جراء الأذى الذي لحق بها. ولهذا السبب كان بيرين قد رحب بِــ سارومان وقدم له مفاتيح أورثانك, ومنذ تلك السنة 2759 سكن سارومان في آيسنغارد.
وفي أيام بيريغوند اشتعلت الحرب بين الأقزام والأوركس في جبال الضباب من عام 2793 وحتى 2802. لم يصل عن هذه الحرب إلى الجنوب إلّا الإشاعات. عندما حاول الأوركس الهاربين من ناندوهيريون عبور روهان وتوطين أنفسهم في الجبال البيضاء. عندها اشتعلت حرب في الوديان واستمرت لعدة سنوات قبل أن ينتهي ذلك الخطر.
عندما توفي بيليكثور الثاني وهو الوكيل الحادي والعشرين, ماتت أيضاً الشجرة البيضاء في ميناس تيريث. لكنها تُركت واقفةً حتى عودة الملك, لعدم وجود شتلات.
في أيام تورين الثاني بدأ أعداء غوندور بالتحرك ثانيةً. لأن قوة ساورون نمت من جديد وأيام ظهوره أصبحت قريبةً. كل الشعب ما عدا الشجعان الأقوياء من إيثيلين هجروها وانتقلوا غرب أندوين. لأن تلك الأرض كان يغزوها باستمرار أورك موردور. عندها بنى تورين ملجأً سرياً لجنوده في إيثيلين, وكان ذلك الملجأ هو هينيث أننون .  
وهو أطول محرس مأهول, بالإضافة إلى كونه حصَّن ثانيةً جزيرة كاير آندروس  للدفاع عن أنورين, لكن الخطر الرئيسي كان يكمن في الجنوب. حيث احتل هارادريم جنوب غوندور. وكان هناك الكثير من القتال على طول بوروس عندما كانت إيثيلين تتعرض للغزو بقوة كبيرة. وقد وفى الملك فولكواين من روهان بقسم إيورل وسدد الدين الذي عليه عندما ساعده بيريغوند. حيث أرسل الكثير من الرجال إلى غوندور. وبسبب مساعدتهم تلك تمكن تورين من تحقيق النصر عند عبور بوروس. لكن أبني فولكواين كلاهما قتلا في المعركة. ودفنهما الخيالة وفق طريقة شعبهم. ووضعوهما في تل واحد لأنهما كانا توأم. وبقيت تلك التلة هاوذ إين غوانور واقفةً لفترة طويلة. ترتفع على شاطئ النهر. وكان أعداء غوندور يخافون عبورها.
بعد تورين أتى تورغون لكن لا يذكر من زمنه بشكلٍ رئيسي إلا عامين قبل وفاته. عندما نشأ ساورون ثانيةً, وأظهر نفسه للعلن, ودخل موردور من جديد حيث كان عبيده ومنذ مدة طويلة يجهزون لعودته. ومن ثم أعاد بناء برج باراد دور ثانيةً. واندفع اللهب من جبل الهلاك. عندها كل من بقي من شعب إيثيلين هناك هربوا بعيداً. وعندما مات تورغون. أخذ سارومان آيسنغارد كمقرٍ خاص له وقام بتحصينه وبقي فيها.
ايكثيليون الثاني بن تورغون, كان رجلاً حكيماً, مع ما تبقى له من قوة وسلطة بدأ في تقوية مملكته ضد هجوم موردور, وحث الناس البعيدين والقريبين عبر المال للدخول في خدمته, وأولئك الذي أثبتوا جدارتهم منحهم رُتباً ومكافآت, في كل شيء فعله كان يتلقى المساعدة والمشورة من قائدٍ عظيم كان يحبه فوق كل شيء. وكان الناس في غوندور يدعونه ثورونغيل . أي نسرٌ من النجوم. لأنه كان سريعاً وحاد البصر. وكان يضع نجمةً فضيةً على عباءته. لكن لا أحد يعرف اسمه الحقيقي أو الأرض التي ولد فيها. لقد جاء إلى ايكثيليون من روهان حيث كان في خدمة الملك ثينغيل, لكنه لم يكن واحداً من الروهيريم. كان قائداً عظيماً للرجال إن كان في البر أو في البحر, لكنه غادر إلى الظلال قبل أن تنتهي أيام ايكثيليون.
كان ثورونغيل ينصح ايكثيليون كثيراً بأن قوة المتمردين في أومبار ستكون خطراً كبيراً على غوندور. وتهديداً لإقطاعات الجنوب التي ستكون قاتلة إذا تحرك ساورون بحربٍ مفتوحة. وفي النهاية حصل على إذنٍ من الوكيل وجمع أسطولاً صغيراً, وجاء إلى أومبار عبر الليل وحرق الجزء الأكبر من سفن القراصنة, وهو نفسه قضى على قائد المرفأ في قتالٍ على رصيف الميناء. ومن ثم انسحب بأقل الخسائر. لكنه عندما عاد إلى بيلارغير, كان رجاله حزانى ومستغربين لأنه لن يعود معهم إلى ميناس تيريث, حيث ينتظره شرفٌ عظيم. فقد أرسل معهم رسالة وداعٍ إلى ايكثيليون قائلاً: "تناديني الآن مهمات أخرى, يا سيدي. ويجب أن يمر الكثير من الوقت والكثير من الخطر, قبل أن أعود ثانيةً إلى غوندور, فذلك هو قدري". على الرغم أن أياً منهم لم يكن يخمن ما هي تلك المهام, وأي استدعاء تلقاه, حتى لم يكن معروفاً إلى أين سيذهب. لأنه أخذ قارباً وعبر أندوين, وهناك قال لرفاق دربه: الوداع وذهب لوحده, وعندما شوهد آخر مرةٍ كان وجهته جبال الظل.
كان هناك فزع في المدينة جراء رحيل ثورونغيل, وبدى لكل الناس بأن رحيله خسارةً لن يعوضها إلاّ دينثور بن ايكثيليون الذي أصبح الآن رجلاً ناضجاً, ثم تولى منصب الوكيل بعد أربع سنوات عندما توفي والده. كان دينثور الثاني, رجلاً فخوراً, طويل القامة, شجاع, وأكثر شبهاً بالملوك من بين كل الرجال الذي ظهروا في غوندور منذ أجيالٍ طويلة. بالإضافة إلى أنه كان حكيماً, وبعيد النظر, درس وتعلم التقاليد القديمة. وبالفعل كان يشبه ثورونغيل لكأنه واحداً من أقرب المقربين له. ولا يزال في المرتبة الثانية في محبة الناس واحترام والده بعد ذلك الغريب. وفي ذلك الوقت اعتقد كثيرون بأن ثورونغيل قد غادر قبل أن يصبح دينثور سيده. على الرغم من أن ثورونغيل لم يضع نفسه بالمنافسة مع دينثور. ولم يضع نفسه بمكانة أعلى من بقية خدم أبيه. وفي مسألة واحدة فقط كان نصائحهما إلى الوكيل مختلفة. وهي أن ثورونغيل كان غالباً يحذر ايكثيليون من وضع ثقته في سارومان الأبيض في آيسنغارد. لكن كان يدعوه للترحيب بغاندالف الرمادي. لكن كان هناك القليل من الود بين غاندالف و دينثور. وبعد أيام ايكثيليون لم يعد مرحبٌ كثيراً بالمسافر الرمادي في ميناس تيريث. لذلك في وقتٍ لاحق, وعندما أصبح كل شيءٍ واضح. اعتقد كثيرون بأن دينثور كان الأبرع في العقل, ونظرته أعمق من جميع الرجال في زمانه. لأنه اكتشف حقيقة ذلك الغريب ثورونغيل, ويشتبه بأن ميثراندير مصممٌ ليضعه مكانه.
عندما أصبح دينثور وكيلاً في عام 2984. أثبت بأنه سيدٌ بارع, وأمسك بكل شيء من مقاليد الحكم في يده. وكان يقول القليل, ويستمع إلى النصيحة, ثم يتبع مشورة عقله. تزوج في وقتٍ متأخر عام 2976. واتخذ له زوجةً اسمها فيندويلاس بنت أدراهيل, من دول أمروث. كانت سيدةً ذات جمال عظيم وقلبٍ رقيق. ولكن لم يمضِ على زواجها أكثر من اثني عشر عاماً حتى ماتت. كان دينثور يحبها كثيراً. وقد كانت أزياءها أغلى كثيراً من الآخرين, وعندما كانت حاملاً بابنها البكر, كانت تبدو إلى الناس بأنها ذبلت في المدينة المحروسة. كزهرة جلبت من ضفاف الوديان ووضعت على صخرةٍ جرداء. سقوط الظل على الشرق أصابها بالرعب. وقيل بأنها حولت نظرها دائماً نحو الجنوب إلى البحر الذي افتقدته.
بعد موتها أصبح دينثور متجهماً أكثر, وصامتاً أكثر من قبل. جالساً لوحده في برجه لفترات طويلة مع التفكير العميق. متوقعاً بأن هجوم موردور سيأتي في زمانه. وكان يعتقد بعد ذلك بأنه يحتاج إلى زيادة المعرفة. لكنه بدا متعجرفاً, ويثق تماماً بقوته الخاصة. حتى أنه تجرأ ونظر من خلال حجر البالانتير الموجود في البرج الأبيض. فمن قبله لم يتجرأ أحد من الوكلاء على القيام بذلك. حتى أن الملك إيارنيل والملك إيارنور لم يفعلا ذلك بعد سقوط ميناس إيثيل ووقوع حجر البالانتير الخاص بإيسيلدور بيد العدو. لأن حجر البالانتير الموجود في ميناس تيريث كان لـ أناريون. وهو منسجم وأكثر قرباً مع الحجر الذي كان بحوزة ساورون.
بهذه الطريقة اكتسب دينثور معرفة الكثير مما كان يجري حوله إن كان في مملكته أو في المناطق البعيدة عن حدوده. وبذلك كان محط إعجاب ودهشة الناس. لكنه بالمقابل اشترى هذه المعرفة بالغالي والنفيس. فكان يكبر قبل أوانه عبر تنافسه مع إرادة ساورون. وهكذا زاد الفخر في دينثور جنباً إلى جنب مع اليأس, حتى أنه نظر في جميع أعمال ذلك الزمن إلا القتال الفردي بين سيد البرج الأبيض وسيد باراد دور. وكان لا يثق بكل الذين يقاومون ساورون إلا إذا خدموا أنفسهم بشكل مفرد.
هكذا سار الوقت باتجاه حرب الخاتم, وكبر أبناء دينثور وأصبحوا في سن الرجولة. كان بورومير البكر يكبر أخاه فارميير بخمس سنوات, وكان محبوباً من قبل والده أكثر من فارميير, لأنه كان يشبهه في الوجه والفخر, لكن في بقية الأمور كان شبهه بأبيه قليل. وفي الواقع عاش حياته مثل أسلوب الملك إيارنور, حيث لم يتخذ زوجةً وكانت سعادته وبهجته فقط في الأسلحة والرياضات الحربية. وكان شجاعاً وقوياً وقلما اهتم بالعلم والمعرفة إلا ما يخص فقط المعارك القديمة. أما فارميير فكان يبدو مثله في الشكل, لكن على النقيض بالنسبة للعلم والمعرفة. فقد كان يقرأ ما في أفكار الناس بذكاء مثل والده. لكن ما كان يقرأه جعله يشعر بالشفقة أكثر من الازدراء, وكان ذو سلوك لطيف. يحب الفكر والموسيقى. وبالتالي فقد حكم عليه من قبل الآخرين بأنه أقل شجاعةً من أخية. لكنه بالحقيقة لم يكن كذلك. إلا أنه لم يكن يسعى إلا الخطر دون حسابٍ للعواقب. وكان يرحب بغاندالف في أي وقت كان يأتي به إلى المدينة. وتعلم ما يستطيع من حكمته, وفي هذه كان كما في العديد من المسائل, كان والده مستاءٌ منه.
كان بين الاخوة محبة كبيرة ومنذ عهد الطفولة كان بورومير هو الحامي والمعين لأخيه الأصغر فارميير, فلم يكن بينهما غيرة أو تنافس في الماضي. لا من أجل محاباة أبيهم ولا من أجل كسب المديح من البشر. ولم يكن يبدو لأحد من غوندور بأن فارميير قد يكون نداً لبورومير, وريث دينثور, وقائد البرج الأبيض, لكن في العقل أثبت بورومير أنه بخلاف أخيه في هذا الاختبار. وكل ما حدث لهؤلاء الثلاثة في حرب الخاتم, قيل عنه الكثير في أمكنةٍ أخرى. وبعد الحرب انتهت أيام حكم الوكلاء. لأن وريث إيسيلدور و أناريون عاد, وتم تجديد الملكية. ورفرفت راية الشجرة البيضاء ثانية من برج ايكثيليون.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

8

متابعين

3

متابعهم

1

مقالات مشابة