قصه الاقزام ( سيد الخواتم )

قصه الاقزام ( سيد الخواتم )

0 المراجعات

أعزائي, يكثر الخلط بين حقيقة الروايات وبين ثلاثيات الأفلام الرائعة التي قدمها بيتر جاكسون (إن كان في ثلاثية سيد الخواتم أو في ثلاثية الهوبيت), والحقيقىة أن الضرورات الدرامية تحتم بعض التغيير في مسار الشخصيات بغية الإثارة والتشويق, ومنها على سبيل المثال شخصية غالادريل وآزوغ والملك الساحر. لذلك أورد لكم هنا نصاً من كتاب (عالم تولكين والأرض الوسطى, أصول حرب الخاتم, وموثق من كتاب ملاحق سيد الخواتم) يوضح حقيقة مقتل آزوغ وإلقاء القبض على ثرين. كل تلك الأحداث وقعت قبل معركة الجيوش الخمسة واستعادة إيربور وحتى قبل القضاء على التنين سموغ.

النص كما ورد في كتاب عالم تولكين والأرض الوسطى ,(أصول حرب الخاتم) هو كالتالي:

حدث ذلك في منتصف العصر الثالث, وكان الملك؛ هو سادس شخص يسمى باسم دورين. حيث نمت قوة ساورون خادم مورغوث ثانية في العالم, على الرغم من أنه لم تكن معروفة ماهية الظلال الملقاة على الغابة الواقعة مقابل موريا. لأن كل الأشياء الشريرة كانت قد أُثيرت. لكن الأقزام في ذلك الوقت حفروا عميقاً باحثين عن الميثريل. ذلك المعدن غالي السعر والذي أصبح الحصول عليه صعباً سنةً بعد أخرى. وفي سعيهم هذا أيقظوا أحد الشرور الهاربة من ثانغورودريم والذي كان مختبأً في أساسات الأرض, منذ مجيء الجيش العظيم من الغرب. إنه بالروغ مورغوث. وقد قتل دورين في وقتها, وفي السنة التالية قتل ابنه ناين الأول. وهذه كانت بداية ذهاب مجد موريا, حيث أضحى شعبها بين قتيلٍ أو هارب.

معظم الهاربين من موريا اتخذوا طريقهم باتجاه الشمال. جاء ثرين الأول بن ناين الأول إلى إيريبور, الجبل المنعزل, بالقرب من البروز الشرقي لغابة ميركوود. هناك بدأ بأعمالٍ جديدة, وأصبح فيما بعد ملك ما تحت الجبل. هناك في إيريبور وجد جوهرة عظيمة هي آركنستون, قلب الجبل. لكن ابنه ثورين الأول انتقل من هناك شمالاً إلى الجبال الرمادية. حيث كان يتجمع غالبة شعب دورين. لأن تلك الجبال كانت غنيةً جداً وغير مكتشفة من قبل الكثيرين. لكن خلف تلك القفار كانت تعيش بعض التنانين والتي تكاثرت بعد عدة سنوات. وعندما أصبحت قوية هاجمت الأقزام. وسلبتهم أعمالهم, وفي النهاية ذُبح داين الأول مع ابنه الثاني فرور بقسوةٍ على أبواب قاعته من قبل كولد دريك الكبير. وهو وحشٌ مرعب, غير معروفٍ تماماً, ينتمي إلى فصيلة التنانين, لكنه أصغر حجماً, ولا يمتلك القدرة على نفث النار.

بعد ذلك بوقت قصير هجر غالبية شعب دورين الجبال الرمادية. وذهب غرور بن داين مع مجموعةٍ من الأتباع إلى تلال الحديد, لكن ثرور وريث داين, عاد مع عمه بورين وبقية الشعب إلى إيريبور, إلى قاعة ثرين الكبيرة. أعاد ثرور إظهار آركنستون وأصبح هو وشعبه أغنياء, وأقاموا علاقات صداقةٍ مع البشر الساكنين بالقرب منهم. جلبت لهم صناعة الأشياء العجيبة والغريبة؛ وبالأخصّ صناعة الأسلحة والدروع الكثير من الثروة. وأدت بالتالي إلى نشوء حركة كبيرة؛ لخامات المعادن بينهم وبين أقاربهم في تلال الحديد. أصبح أهل الشمال الذين يعيشون بين كيلدوين (النهر الجاري) و كارنين (الماء الأحمر), أقوى؛ بفضل هذه الأسلحة فطردوا كلَّ أعدائهم نحو الشرق. عاش الأقزام في رخاءٍ ووفرةٍ, وأصبحت قاعات إيريبور عامرةً بالأعياد والولائم والأغاني.

هكذا شاعت أخبار ثروة إيريبور الكبيرة وانتشرت حتى وصلت إلى آذان التنانين. وفي النهاية قام سموغ الذهبي أعظم التنانين في عصره؛ ودون سابق إنذار بمهاجمة الملك ثرور؛ فنزل على الجبل المنعزل باللهب والنيران, وما هي إلا فترة قصيرة حتى أصبحت كل تلك المملكة حطاماً, كذلك قام بتدمير مدينة ديل القريبة من إيريبور والتي أصبحت خراباً وهجرها أهلها أيضاً. بعدها دخل سموغ إلى القاعة الكبيرة ونام هناك على كومةٍ كبيرةٍ من الذهب. أثناء ذلك كان قد قُتل وهرب الكثير من أقارب ثرور نتيجة أعمال السلب والحرائق, وآخر المغادرين لأروقة وقاعات إيريبور كان ثرور نفسه مع ابنه ثرين الثاني. غادروها عبر بابٍ سري, إذ ذهبوا جنوباً مع عائلاتهم مهاجرين مُشردين, وذهبت معهم أيضاً مجموعةً صغيرةً من خواص أقربائهم وأتباعهم المخلصين. من بين هؤلاء كان أبناء ثرين وهم ثورين (أوكنشيلد) فريرين, و ديس. كان ثورين لا يزال فتىً حديث العهد وقتها, طبقاً لحسابات الأقزام. تمكن غالبية سكان ما تحت الجبل من النجاة والهرب, ومعظمهم ذهبوا إلى أقربائهم في تلال الحديد.

بعد ذلك بسنوات أصبح ثرور كبيراً في السن وفقيراً ويائساً, فأعطى لابنه ثرين الكنز الوحيد الذي يملكه, وهو الخاتم الأخير من بين السبعة التي كانت بحوزة الأقزام. ثم ذهب بعيداً مع رفيقٍ واحد يدعى نار, وعند افتراقه عن ابنه ثرين قال له بشأن الخاتم:

قد يكون هذا الخاتم أساس ثروتك الجديدة فيما بعد, على الرغم من أنه احتمال ضعيف, لكنه يحتاجُ إلى الذهب لكي يُولِّدَ الذَهب.

فقال له ثرين: أنا متأكدٌ بأنك لا تُفكر بالعودة إلى إيريبور؟

قال ثرور: لن تكون عودة الأقزام إلى إيريبور في زمني هذا. وإنني أترك انتقامنا من سموغ في عهدتك أنت وأبناؤك, أما أنا فقد تعبت من الفقر واحتقار البشر لي, فسأذهب لأرى ماذا عساي أن أجد. لكنه لم يقل إلى أين سيذهب.

بسبب تقدمه في السن ومأساة ابتعاده عن الطويل عن موريا, فقد كان فيه بعض الخبل, أو ربما كان ذلك بسبب الخاتم. فقد تحول إلى الشر لأن سيد الخاتم كان قد استيقظ من جديد. فقادته كل تلك الحماقة إلى الدمار. ذهب من دونلاند حيث كان يسكن إلى الشمال مع نار, وعبرا معبر ريذورن (كاراذراس) ونزلا إلى آزانولبيزار.

عندما وصل ثرور إلى موريا كانت البوابة مفتوحة, فتوسل له نار بأن يأخذ حذره ولا يدخل, لكنه لم يهتم بكل ذلك ودخل يمشي متفاخراً بصفته وريث العرش العائد. لكنه لم يرجع أبداً, بقي نار مختبأً لعدة أيام في انتظاره, وفي أحد تلك الأيام سمع صيحةً عظيمة, ودوّى صوت بوقٍ. ثم سقطت جثةً على بعد خطوات بالقرب منه, خاف أن تكون تلك الجثة لثرور, فبدأ بالزحف نحوها, عندها جاء صوت من داخل البوابة يقول:

تعال إلى هنا! نحن نراك, لا تخف, هيا اقترب لأننا نحتاجك كرسول.

اقترب نار ووجد أن الجثة الملقاة على الأرض كانت جثة ثرور, لكن رأسها مقطوعة وملقاةً على وجهها, كما لو أنه كان قد ركع هناك, ثم سمع ضحك الأورك في الظلال, فقال له الصوت:

إذا لم ينتظر المتسولين عند الباب, وتسللوا للداخل في محاولة للسرقة. فهذا ما سنفعله بهم. وإذا ظهر أحدٌ من شعبكم هنا ثانيةً يا أصحاب اللحى الكريهة, فسنفعل به نفس الشيء, اذهب وأخبرهم بذلك! وإذا رغبت عائلته أن تعرف من هو الملك هنا, فقد كتب اسمه على وجه ثرور. أنا كتبته! أنا قتلته! أنا السيّد!

عندها أدار نار رأس ثرور ورأى وسمٌ بالنار على جبين ثرور مكتوب عليه بأحرف الأقزام الرونية, اسم آزوغ. بعد ذلك أصبح هذا الاسم موسوماً بالنار في قلبه وقلوب جميع الأقزام. امتنع نار عن أخذ الرأس لكن صوت آزوغ قال له:

خذهُ وارمه! بعيداً! وهذه مكافأتك, أيتها اللحية المتسولة. وضربه بحقيبةٍ صغيرة, تحتوي على القليل من بعض القطع النقدية عديمة القيمة.

نزل نار من سيلڤرلود وهو يبكي, لكنه لم ينظر إلى الوراء إلّا مرةً واحده فرأى الأوركس وقد صعدوا من البوابة, وبدأوا بتقطيع جثة ثرور لقطع صغيرة وراحوا يرمون بها إلى الغربان السود.

هذه هي الحكاية التي أخبرها نار إلى ثرين. وعندما سمعها راح يبكي وينتف لحيته, من ثم صمت عن الكلام لسبعة أيام, بعدها وقف وقال: هذا لا يمكن احتماله! وكانت تلك بداية الحرب بين الأقزام والأوركس. وهي الحرب الطويلة المهلكة للطرفين. فقد تقاتلوا في معظم أيامها ضمن الأماكن العميقة تحت الأرض.

أرسل ثرين في وقت واحد رسلاً يحملون الحكاية إلى الشمال والشرق والغرب. لكن كان ذلك قبل ثلاث سنوات من حشد قوة الأقزام, أن تجمع شعب دورين كلهم في جيش واحد, وانضمت إليهم القوة التي أُرسلت من بيوت بقية آباء الأقزام. لأن هذه الإهانة لوريث أكبر وأقدم واحدٍ من جنسهم قد ملأتهم بالغضب. وعندما كان الجميع على أتمِّ الاستعداد؛ هجموا واستولوا على كل حصون الأورك, على طول الطريق من غونداباد إلى غالادين. كلاهما الأوركس والأقٌزام كانوا عديمي الرحمة في القتال, فلم يكن هناك إلّا الموت والأفعال الشنيعة القاسية في الظلام وفي النور. لكن النصر بالنهاية كان حليف الأقزام؛ بفضل قوتهم وأسلحتهم الفريدة. واشتعال غضبهم وهم يطاردون آزوغ في كل حفرةٍ ووكرٍ تحت الجبل.

تجمع كل الأوركس الذي هربوا من أمامهم في موريا, وطاردهم جيش الأقزام حتى وصل إلى آزانولبيزار. وهو الوادي العظيم الذي يقع بين أذرع الجبال حول بحيرة خيليد زارام, وكان ذلك الجزء هو القسم القديم من مملكة خازاد دوم. وعندما رأى الأقزام بوابة قصورهم القديمة على جانب التل, أطلقوا في الوادي صرخة عظيمةً مثل الرعد, لكن مجموعة كبيرةً من الأعداء نزلت عليهم من السفوح التي فوقهم, وخرج من البوابات حشدٌ كبير كان متربصاً مع آزوغ للضربة الأخيرة.

في البداية كان الحظ ضد الأقزام, لأنه كان يوماً مظلماً من أيام الشتاء وبدون شمس, والأوركس لم يترنحوا, وأعدادهم كان تفوق أعداد أعدائهم بكثير, وكانوا يقاتلون من أرضية أعلى. هكذا كانت بداية معركة آزانولبيزار, (أو ناندوهيريون في لغة الجان), والتي لا تزال ذكراها تقشعر أبدان الأوركس وتُبكي الأقزام. كان الهجوم الأول لطليعة الجيش بقيادة ثرين لكنه عاد بالخسارة, وطُرد ثرين لداخل الغابة ذات الأشجار الكبيرة, هناك راح يستجمع قواه ليس ببعيدٍ عن خيليد زارام, وهناك سقط ابنه فريرين, و فوندين أحد أقربائه, وغيرهما الكثير. وأصيب كلٌ من ثرين وثورين بجروح. انشقت درع ثورين في هذه المعركة فرماها بعيداً, وقطع بفأسه فرع بلوطةٍ كانت بقربه وحمله بيده اليسرى, لدرء ضربات الأعداء, أو لضربهم بها, وبهذه الطريقة حصل على اسمه أوكنشيلد أي الدرع البلوطية. وفي مكان آخر كانت المعركة تتأرجح بين الكثير من القتل, حتى جاء أخيراً شعب تلال الحديد. فغيروا مجرى المعركة. جاء في وقت متأخر إلى الميدان محارب مدرع هو ناين أخو غرور. فدحر الأعداء إلى عتبة موريا, وصاح بصوتٍ عالٍ: آزوغ! آزوغ! وهو يقطع بفأسه كل من يقف في طريقه.

وقف ناين أمام البوابة وصرخ بصوته العظيم, آزوغ! إذا كنت بالداخل فاخرج إلي, أو ستكون هذه التسلية التي في الوادي, خشنةً جداً.

صعد آزوغ على إثر ذلك, فقد كان أوركياً كبيراً برأس ضخمٍ مغطى بالحديد. وكان خفيف الحركة وقوي جداً, وجاء معه كثيرين مثله, وهم حراسه المقاتلين, وبينما هم منخرطين بالقتال مع مجموعة ناين, مال آزوغ نحو ناين وقال:

ماذا تريد؟ أمتسولٌ آخر على أبوابي؟ يجب أن أدمغك بعلامتي أنت أيضاً؟ مع هذه الكلمات أسرع نحو ناين وراحا يتقاتلا, لكن ناين كان نصف أعمى من الغضب الإرهاق, في حين أن آزوغ كان مرتاحاً ونشيطاً ولا يخلو من المكر والخديعة. عاجله ناين بضربةٍ عظيمةٍ بكل ما تبقى له من القوة, لكن آزوغ تفادى الضربة وضرب رجل ناين, فاصطدم فأس ناين بالحجر الذي كان يقف عليه آزوغ, انشق الحجر من عظم الضربة. لكن ناين تعثر نتيجة ضربة آزوغ وسقط إلى الأمام. قام آزوغ بقلبةٍ سريعة وقطع عنق ناين, مع أن حواف قبَّة درع ناين قاومت سكين آزوغ. لكن الضربة كانت ثقيلةً جداً فكسرت عنقه وسقط ناين صريعاً هناك.

ضحك آزوغ ورفع رأسه عالياً لكي يُخرج صرخة كبيرة فرحاً بانتصاره, لكن صوت صرخته مات في حنجرته, لأنه رأى جيشه منهزماً في الوادي والأقزام يطاردونهم على ذلك الطريق, وكان القتل عظيماً, والذين هربوا من القتل أسرعوا نحو الجنوب, وكانوا يصرخون في هلعٍ وهم هاربين, حتى أن جميع حراسه الأقوياء كانوا قد قُتلوا, فالتفت إلى الوراء وهرب.

على بعد خطوات منه قفز قزمٌ آخر بفأسٍ حمراء, كان اسم ذلك القزم داين آيرونفوت, ابن ناين, وقف بينه وبين الأبواب وقبض على آزوغ, فقتله وقطع رأسه. بذلك حقق داين إنجازاً عظيماً مع أنه كان يُعتبر مجرد غلام صغير طبقاً لحسابات الأقزام. مع أنَّ الحياة لاتزال أمامه طويلةً جداً وفيها الكثير من المعارك إلى أن يكبر ويشيخ. ومن غير المؤكد أنه سقط في حرب الخاتم, بالرغم من كل شيء فقد بقي حتى آخر أيامه مقاتلاً شرساً ومليئاً بالغضب كما كان في السابق. ويقال أنه عندما وصل إلى البوابة بدا وكأن وجهه أصبح رمادياً كشخص أُصيب بفزعٍ عظيم.

في نهاية المطاف؛ فاز الأقزام وتركوا تجمعهم في آزانولبيزار. لكنهم أخذو رأس آزوغ وحشروا في فمه محفظة أموال صغيرة. ووضعوا الرأس على وتد. لكن بعد ذلك النصر, لم يقم الأقزام الولائم ولا الأغاني, لأن أعداد قتلاهم كانت كبيرةً جداً, وحزنهم عليها كان عظيم. قيل فيما بعد بأن نصف عددهم فقط بقي واقفاً أو لديه أملٌ بالشفاء.

مع ذلك, وقف ثرين أمامهم في الصباح, وكان بعينٍ واحده وعينه الأخرى تحت العلاج. وكان يعرج بسبب جرح في رجله, لكنه قال: جيد! لقد انتصرنا وعادت خازاد دوم لنا!

فأجابوه: قد تكون وريث دورين, لكن ولو كنت بعينٍ واحده فيجب أن ترى بوضوحٍ أكثر. لقد خضنا هذه الحرب من أجل الانتقام, وقد حققنا انتقامنا, لكن إذا كان النصر كذلك فهو ليس حلواً, حتى أن أيدينا صغيرة جداً للمحافظة عليها.

وأولئك الذين لم يكونوا من شعب دورين قالوا أيضاً: إن خازاد دوم لم تكن بيت آبائنا, فماذا عساها أن تعني لنا, إلا بعض الأمل بكنوزها؟ لكن الآن, إذا كان يجب علينا المغادرة من دون مكافآت وديّات لقتلانا فأنتم مدينون لنا. وكلما أسرعنا بالعودة إلى ديارنا, سيكون ذلك من دواعي سرورنا.

عندها التفت ثرين نحو داين وقال له: وأنت يا قريبي, بالتأكيد لن تتركني أيضاً؟ فقال له داين: أنت والد شعبنا, ودماؤنا ترخص من أجلك, ليس الآن بل في كل مرة. لكننا لن ندخل خازاد دوم, وأنت لن تدخلها أيضاً. لقد نظرت من خلال ظلال البوابة, فلاتزال لعنة دورين واقفة تنتظر هناك خلف الظلال. يجب أن يتغير العالم ويأتينا المزيد من القوة, قبل أن يمشي شعب دورين ثانيةً في موريا.

تفرق الأقزام ثانيةً بعد آزانولبيزار. لكن قبل كل شيء كان لديهم عمل كبير وهو تجريد كل قتلاهم من الأسلحة والدروع, لكي لا يأتي الأوركس ويستولوا على كمية كبيرة من السلاح. يقال بأن كل قزمٍ عاد من المعركة, كان ينحني تحت عبءٍ ثقيل من العتاد الذي كان يحمله. بنى الأقزام الكثير من المحارق لحرق جثث أقاربهم. ولم يتبق هناك إلا قطع كبيرة من الأشجار العارية في الوادي وقد بقيت عاريةً للأبد بعد ذلك. حيث شوهد دُخان الحرائق من لورين. لم يكن الأقزام يتعامل بمثل هذه الطريقة الخطيرة مع موتاهم, إذ أنهم كانوا يضعون موتاهم عادةً في قبورٍ حجرية, فوق الأرض. لكن بمثل هذه الحالة فهم بحاجةٍ إلى سنوات كثيرة لإنجاز مثل هذا العمل. لذلك أحرقوا الجثث كي لا يتركوها للوحوش أو الطيور أو حتى للأوركس الذي يأكلون الجثث. وكل أولئك الذين سقطوا في آزانولبيزار تم تكريمهم في ذاكرة الأقزام, وبقي القزم الذي كان من نسل أولئك يقول مفتخراً بأنه قزم محترق, وهذا كان يكفيه.

بعد هجوعِ نار الحرائق الضخمة وتحول كل شيء إلى رماد. عاد الحلفاء كلٌّ إلى دياره, وقاد داين آيرونفوت شعب أبيه عائداً إلى التلال الحديدية. وقف ثرين أمام ذلك الوتد الذي عُلق عليه رأس آزوغ وقال لابنه ثورين أوكنشيلد, يعتقد البعض بأن هذه الرأس الكبيرة كلفتنا الكثير! على الأقل أننا قدمنا كل مملكتنا من أجله. فهل ستأتي معي لنعود مرةً أخرى إلى أعمالنا مع المطرقة والسندان؟ أو ستبقى تتسول طعام يومك أمام الأبواب المتعجرفة؟

أجابه ثورين: إلى المطرقة والسندان, على الأقل المطرقة تحافظ على الذراع قويةً, حتى تتمكن من السيطرة على الأدوات البراقة اللامعة مرةً أخرى.

هكذا ذهب ثرين و ثورين مع من بقي من أتباعهم (وكان من بين هؤلاء بالين و غلوين) وعادوا إلى دونلاند, بعد ذلك بوقت قصير انتقلوا للعيش كجوالين في إيريادور. حتى تمكنوا أخيراً من بناء بيتٍ لهم في المنفى. وذلك في الجهة الشرقية من إيريد لوين خلف لوني, حيث كانت أغلب صناعاتهم من الحديد والتي ازدهرت ونمت كثيراً. لكن تزايد أعدادهم كان بطيئاً. ويعود سبب ذلك النقص إلى قلة عدد نساء الأقزام. حتى أن ثورين لم تكن لديه زوجةً أيضاً. ومن بين نساء الأقزام التي ذُكر اسمها كانت ديس بنت ثرين, وهي والدة كيلي و فيلي, اللذين ولدا في إيريد لوين.

لكن كما قال ثرور فإن الخاتم بحاجة إلى الذهب كي يولد الذهب, ومن ذلك المعدن الثمين لم يكن لديهم إلا القليل أو لا شيء. لذلك لم تكن لديهم الكثير من الثروة.

حول هذا الخاتم يمكن أن نقول: يعتقد شعب دورين بأنه أول الخواتم السبعة التي أُعطيت للأقزام, ويقولون بأنه أُعطي إلى دورين الثالث ملك خازاد دوم. من قبل حرفيو الجان أنفسهم وليس من قبل ساورون, على الرغم من أن قوة شره كانت تسيطر على هذا الخاتم أيضاً. لأن ساورون كان قد ساعد حرفيو الجان في صياغة الخواتم السبعة. لكن كل الأقزام الذين أخذوا الخواتم لم يظهروها أو يتكلموا عنها, ونادراً ما تنازلوا عنها حتى اقتراب أجلهم, لذلك لا يمكننا أن نعرف على وجه التحديد من هم الأقزام الذين استلموا تلك الخواتم. ويعتقد البعض بأنها بقيت هناك في خازازد دوم, موضوعةً في مقابر الملوك السرية, إن لم يكن قد تم اكتشافها ونهبها فيما بعد. لكن بين أقارب وريث دورين كانوا يعتقدون خطأً بأن ثرور كان يلبسه عندما تهور ورجع إلى موريا. ولا يعرف أحدٌ ماذا حدث بعد ذلك, حتى أن الخاتم لم يكن موجوداً مع جثة آزوغ.

مع ذلك يعتقد الأقزام, بأن ساورون وعبر فنونه وخُبثه استطاع اكتشاف من يمتلك الخاتم الأخير الذي بقي بعيداً عنه. وأن المصائب الغريبة التي كانت تأتي على ورثة دورين ترجع بالكثير من ذلك إلى خبث وحقد ساورون. لأن الأقزام أثبتوا بأنه لا يمكن السيطرة عليهم بهذه الطريقة. والسلطة الوحيدة التي كانت تمارسها الخواتم عليهم, هي إشعال قلوبهم بالجشع للذهب والأشياء الثمينة. لذلك عندما كانوا يفتقرون إليها, كانت كل الأشياء الجيدة الأخرى تبدو لهم عديمة القيمة. وكانوا يمتلئون بالغضب والرغبة العارمة بالانتقام من كل من حرمهم من تلك الثروات الثمينة. لكنهم كانوا مخلوقين في بدايتهم من نوعٍ من أنواع المقاومة العنيدة لكافة أشكال السيطرة والهيمنة. على الرغم من أنهم قد يُقتلوا أو يعذبوا وينهاروا, لكن لا يمكن أن يجنحوا مستعبدين إلى الظلال أو أي مشيئةٍ أخرى. ولنفس السبب لم تتأثر حياتهم بأي خاتم, إن كان لطول أو قصر الحياة. وكل أفعال ساورون كانت تجاههم هي فقط بالكره للحائزين على الخواتم والرغبة في انتزاعها منهم.

ربما لذلك وكجزءٍ من خبث ذلك الخاتم أن ثرين أصبح بعد عدة سنوات مستاءً وقلقاً, لأن شهوة الذهب في ذهنه كانت أكثر من أي وقتٍ مضى, ولم يعد قادراً على التحمل أكثر فاتجهت أفكاره نحو إيريبور, وعزم على العودة إلى هناك. لم يخبر ابنه ثورين بشيء مما كان يدور في ذهنه, لكنه ذهب مع بالين و دوالين وقلة من الأقزام الآخرين ولم يقل إلا وداعاً.

لا يُعرف إلا القليل عما حدث معه بعد ذلك, فعلى ما يبدو, بعد خروجهم بوقت قليل تمت مطاردتهم من قبل جواسيس ساورون, حيث طاردتهم الذئاب, وقطع عليهم الأورك الطريق, وضللتهم الطيور الشريرة. فكلما جاهدوا في الاتجاه نحو الشمال كانت تعترضهم مصائب أكبر. بقوا هكذا حتى جاءت ليلة مظلمة ماطرة, عندما كان ثرين ورفاقه يتجولون وراء نهر أندوين. دفعهم المطر الأسود للاختباء في مأوى تحت إفريز غابة ميركوود. وفي الصباح كان ثرين مختفياً من المخيم. بحثوا عنه لعدة أيام لكن دون جدوى, بعدما تخلى عنهم الأمل؛ عادوا إلى ثورين. بعد مدة طويلة علم ثورين بأن أباه ثرين قد أُخذ حيّاً إلى أقبية دول غولدور, هناك عذبوه وأخذوا منه الخاتم وبالنهاية مات هناك.

هكذا أصبح ثورين أوكنشيلد وريث دورين, لكنه وريثٌ من دون أمل. كان ثورين في الخامسة والتسعين عندما فُقد أباه ثرين. وكان ثورين قزم عظيم متجدد الفكر, لكن يبدو بأنه سيبقى في إيريادور, حيث عمل هناك لفترة طويلة بحرفته وبالتجارة, فاكتسب ما استطاع من ثروة, وتزايدت أعداد شعبه بالكثير من شعب دورين التائهين الجوالين. لأنهم عندما سمعوا بأن ثورين يقيم في الغرب جاءوا إليه. فأصبح لديهم الآن قاعات جميلة في الجبال, يخزنون فيها المؤن والسلع, ولم تكن تبدو أيامهم صعبة, على الرغم؛ من أنهم لازالوا ينشدون كثيراً في أغنياتهم للجبل المنعزل في الأراضي البعيدة.

مع طول السنوات, نما الجمر ثانيةً في قلب ثورين, وأصبح مكتئباً بسبب الأضرار التي لحقت ببيته والانتقام من التنين الذي سلبهم اياه. فكان كُلما رَنَّ صوت مطرقته الكبيرة على الحديد, يأخذه الفكر إلى الأسلحة والتحالفات والجيوش. لكن الجيوش مشتتة والتحالفات مكسورة, وفؤوس شعبه قليلة جداً, فأحرقه ذلك الغضب العظيم من دون أمل, كما كان يُطرق الحديد الأحمر على السندان.

بقي على هذه الحال حتى اجتمع عن طريق الصدفة مع غاندالف. إذ غيَّر هذا اللقاء حظوظ بيت دورين كلها. وأدى فيما بعد إلى غايات عظيمةٍ أخرى بجانبها. في 15 آذار من عام 2941 من العصر الثالث, كان ثورين عائداً من رحلة إلى الغرب, عرّج على بري لقضاء ليلة هناك, وبالصدفة كان غاندالف أيضاً يقضي ليلته في بري وهو في طريقه إلى شاير, التي لم يزرها منذ أكثر من عشرين عاماً. كان منهكاً من التعب, ويريد قسطاً من الراحة في شاير لبعض الوقت.

من بين الكثير من المهام التي أقلقت غاندالف؛ كانت تلك المتعلقة بالمخاطر التي قد تأتي من المناطق الشمالية. لأنه يعلم بأن ساورون يخطط للحرب, وحالما يشعر بأن قوته أصبحت جاهزةً بما فيه الكفاية, سيهاجم أولاً ريڤينديل. ومن أجل أيَّة محاولةٍ في الشرق لمقاومة استعادة أراضي أنغمار والممرات الشمالية؛ لا يوجد أمامه إلا أقزام التلال الحديدية. وخلفهم تتمدد خرائب التنين. فقد يستعمل ساورون التأثير الرهيب للتنين, وتكون الخسائر كبيرةً جداً. لذلك كان تفكيره منصباً على كيفية القضاء على التنين سموغ أولاً.

بينما كان غاندالف يفكر في ذلك, وقف ثورين أمامه وقال: سيد غاندالف, لقد عرفتك فيما سبق عن طريق النظر فقط, أما الآن فكم أنا سعيد لأنني أتحدث معك. لأنك كثيراً ما تأتي مؤخراً إلى أفكاري, كما لو أنني مُنعت من السعي إليك, في الواقع كان ينبغي علي أن أفعل ذلك, لو كنت أعرف أين سأجدك.

نظر إليه غاندالف باستغراب, وقال: ذلك أمرٌ غريب يا ثورين أوكنشيلد, لأنني كنت أفكر فيك أيضاً, على الرغم أنني في طريقي إلى شاير, لكن في ذهني كنت أفكر في الذهاب إلى قاعاتكم.

قال له ثورين: إذاً ندعوك إليها, إذا كنت ترغب بذلك, مع أنها ليست سوى مساكن فقيرة في المنفى, لكن سيكون مرحباً بك هناك. حبذا لو تأتي, لأنهم يقولون بأنك حكيمٌ وتعرف أكثر من الآخرين عن أحداث هذا العالم. ففي ذهني الكثير من الأفكار وسأكون مسروراً لمشورتك ونصائحك.

قال له غاندالف: سآتي, وأعتقد بأننا نتشارك مشكلةً واحدةً على الأقل, لأنني أفكر في التنين في إيريبور ولا أظن بأن حفيد ثرور قد أهمله من حساباته.

ذكر لنا تولكين في رواية الهوبيت قصة هذا الاجتماع, وكيف صرح غاندالف بخطته الغريبة من أجل مساعدة ثورين, وكيف التقى هو وثورين وصحبته في شاير في مسعاهم نحو الجبل المنعزل, الذي انتهى إلى نهاية غير متوقعة. وذكرنا هنا هذه الأشياء فقط لأنها تتعلق بشكل مباشر بسيرة شعب دورين.

تم قتل التنين من قبل بارد من إيسغاروث, لكن كانت هناك معركة في ديل, لأن الأوركس نزلوا مباشرةً إلى إيريبور حالما سمعوا بأن الأقزام عادوا إلى هناك. كان قائد الأوركس وقتها بولغ بن آزوغ الذي قتله داين في شبابه. في تلك المعركة الأولى في ديل, أصيب ثورين أوكنشيلد بجروحٍ قاتلة. ومن ثم توفي ودُفن في قبرٍ تحت الجبل فوضعوا على صدره جوهرة آركنستون. وفي تلك المعركة سقط أيضاً؛ كيلي و فيلي أبناء أخت ثورين. أمّا داين آيرونفوت ابن عمه الذي جاء لمساعدته من التلال الحديدية, وبصفته الوريث الشرعي الوحيد له. فقد أصبح هو ملك ما تحت الجبل وصار اسمه الملك داين الثاني, وبذلك أعيد تجديد مملكة ما تحت الجبل, كما كان يرغب غاندالف. أثبت داين فيما بعد بأنه ملكٌ عظيمٌ وحكيم, وفي أيامه ازدهر الأقزام ونمت قوتهم من جديد.

في أواخر صيف عام 2941, تغلب رأي غاندالف على آراء سارومان والمجلس الأبيض بخصوص الهجوم على دول غولدور. وعلى إثر هذا الهجوم تراجع ساورون إلى موردور. حيث ضمن هناك - كما كان يعتقد - الأمن من أعدائه. هكذا كان عندما جاءت الحرب أخيراً حيث تم تحويل الهجوم الرئيسي باتجاه الجنوب. لكن حتى مع انتشاره الواسع تمكن ساورون من فعل الكثير من الشرور في الشمال. لو لم يقف الملك داين والملك براند في طريقه. وقد ذكر غاندالف ذلك فيما بعد؛ لكلٍ من فرودو و غيملي, عندما أقاموا معاً لفترةٍ من الزمن في ميناس تيريث. ولم تتأخر الأخبار كثيراً حتى وصلت إلى غوندور.

قال غاندالف: لقد حزنت كثيراً على موت ثورين, والآن سمعنا بأن داين قد مات أيضاً, في معركة أخرى في ديل. حتى ونحن نقاتل هنا, يجب أن نقول بأننا تعرضنا لخسارة ثقيلة, إذا لم يكن من المستغرب أنه لازال قادراً على استعمال فأسه ببراعة وعلى نحو مفرط, كما قالوا بأنه بقي يدافع عن جثة الملك براند أمام بوابة إيريبور حتى سقوط الظلام.

مع أن الأمور ذهبت أبعد من ذلك وأسوأ بكثير, وعندما تُفكر في معركة بيلينور, فلا يمكنك أن تنسى معارك ديل وشجاعة شعب دورين. والتفكير بالذي حدث من نيران التنين والسيوف الوحشية في إيريادور. فلو سقط الظلام على ريڤينديل فقد لا تكون هناك ملكةً في غوندور. فنعود من النصر هنا إلى الخراب والرماد هناك. لكن تم تفادي كل ذلك لأنني التقيت مع ثورين أوكنشيلد في إحدى مساءات أواخر الربيع في بري. وكانت مصادفةً سعيدة كما نقول في الأرض الوسطى.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

8

متابعين

3

متابعهم

1

مقالات مشابة