القلب الأزرق «قصص أطفال خيالية»

القلب الأزرق «قصص أطفال خيالية»

0 المراجعات

القلب الأزرق

 

اقتربت العيون المخيفة أكثر وأكثر وأرتعد الطفل خوفا وتراجع للخلف حتى ألتصق بجدار الكهف وشعر أنها النهاية، نهاية رحلة لم يطلبها، رحلة وضعته فيها الأقدار، فهل سيستطيع الصمود والنجاح في مهمته أم سيكون فريسة جديدة لتلك العيون المخيفة؟ 
*****
أنهي آدم ذو التسع سنوات يومه الدراسي وخرج من مدرسته عائدا لمنزله الذي يبعد عن مدرسته بحوالي ثلث الساعة. كان يحب السير في الطرق عن ركوب الحافلة المدرسية وفي ذلك اليوم سلك طريق آخر غير الذي يسلكه كل يوم وفي أحد الأزقة رأي آدم مكتبة صغيرة وقد وضع صاحبها إعلان خارج المتجر يقول «أشتري كتابا وأحصل علي آخر هدية» ولم يستطع الطفل مقاومة هذا العرض لحبه للقراءة والمطالعة فدخل هناك وبدأ ينظر لكميات الكتب الذي كان معظمها مستعملا وكانت في مختلف المجالات لكنه لم يجد صاحب المكتبة فقد كان المكان خاليا فصاح بصوت عال «السلام عليكم»
لكن لم يجيبه أحد فتحرك بين أرفف الكتب يبحث عن أحد ليشتري عرض الكتب المدون في الإعلان ولكن فجأة سمع صوت يشبه فحيح الأفاعي يقول «آدم»
نظر حوله فلم يجد أحد وهنا شعر بالخوف وقرر المغادرة لكنه سمع الصوت للمرة الثانية ورأي في آخر الممر باب خشبي قديم وكان هو مصدر الصوت، كان آدم يريد المغادرة لكن فضوله جعله يقترب من الباب الذي فتح فجأة من تلقاء نفسه كاشفا عن سلم خشبي يقود لقبو أسفل المكتبة. 
كاد الولد الصغير أن يغشي عليه من فرط الخوف وكاد فضوله يقتله أيضا والذي أنتصر في النهاية فتقدم ببطء ونزل السلم بهدوء وقد كان هناك ضوء أزرق يأتي من القبو ويلقي بظلاله على السلم الخشبي مما ذاد من فضول آدم ليعلم ما مصدره وترجل بهدوء حتى صار في قلب قبو المكتبة وفي تلك اللحظة أنغلق باب المكتبة بهدوء دون أن يصدر أي صوت وكأنه من فعل سحر ما، ورأي آدم أمامه طاولة خشبية عليها كتاب كبير مفتوح ويشع نور أزرق باهت فقال آدم متعجبا «ما هذا؟»
أقترب آدم أكثر من الكتاب ونظر فيه ليري في صفحتي الكتاب أشياء تتحرك وعندما دقق النظر جيدا رأي أقزام تشبه البشر وأشجار تتحرك ببطء وكائنات عجيبة تطير هنا وهناك فأردف آدم بتعجب «ما هذا؟»
لكن فجأة ذاد الضوء الأزرق كثيرا
وأغشي عين آدم حتى أنه لم يستطع النظر إلى الكتاب ثم مليء الضوء قبو المكتبة حتى أنه لم يعد يري أي شيء من خلاله ثم- وبسرعة البرق- عاد الضوء ينكمش حتى أختفي داخل الكتاب الذي أغلق فجأة بسرعة ولم يعد آدم موجودا فقد أختفي هو الآخر.
***** 
فتح الولد عيناه ليرى أدغال كثيفة من حوله ووجه غريب ينظر إليه، وجه شجرة كبيرة ظهر عليها جليا التقدم في العمر وكانت نظراتها قاسية بعض الشيء فصاح آدم وهو يقوم بذعر من مكانه «لا لا لا، لا تؤذيني... أرجوك»
كان يلوح بيديه ويحمي نفسه بها في حين أن الشجرة العجوز كانت تنظر إليه بنفس النظرة الصارمة لكن جاء صوت آخر يقول «رفقا به يا – ترو – فالولد يرتعد» 
تساءلت الشجرة ترو قائلة بصوت عميق من فعل الزمن عليها « من أنت كيف جئت هنا؟  وماذا تريد منا؟» 
« أنا لا أعرف كيف حدث هذا؟ لقد كنت أريد شراء كتاب فقط» 
قالت الشجرة الأخرى وكان أسمها درو «  كتاب؟!  وما هو الكتاب؟ هل هو نوع جديد من البذور؟» 
أجابها آدم مبتسما « نعم أنها بذور العقل لأي إنسان ولكن للأسف ليس كل إنسان يحبها.» 
« حسنا وماذا تريد يا....» 
« آدم، أسمي آدم وأنا أريد فقط العودة إلي عالمي فأنا لا أعلم أين أنا؟ » 
أجابته درو مبتسمة « أنت في مملكة دوريسا» 
« دوريسا؟!» قالها الولد بتعجب. 
« نعم، دوريسا مملكة الخير والسلام، هنا تعيش المخلوقات بحب ووئام، لكن الوحش الشرير قد أختطف القلب الأزرق الذي يغذي المملكة بالحيوية والنشاط من أجله نفسه ومن وقتها لم يعد الإينانوس يعملون ( إينانوس تعني أقزام بالإسبانية) 
تساءل آدم بتعجب «إينانوس؟!» 
« نعم، قوم الإينانوس هم يزرعون البذور لتصبح ثمار ناضجة ليأكل منها أهل المملكة ويمدوننا نحن الأشجار بالماء» قالت ترو ذلك. 
ثم أضافت بسرعة « هيا بنا لملك دوريسا فهو الوحيد الذي سيفصل في أمرك» وساروا جميعا في الغابة الكبيرة ثم خرجوا منها إلي مراعي واسعة رأي آدم فيها مخلوقات عجيبة فها هم الإينانوس أقزام زرقاء اللون ذو رأس صلعاء يشبهون البشر، وهناك حيوان يشبه وحيد القرن لكنه بثمانية أرجل ولونه أرجواني كما رأي الولد أيضا طيور غريبة الشكل فهناك طائر فضي اللون له شفاه كبيرة كالقرد وآخر له منقار كبير حلزوني وذيل طويل في نهايته مخلب يصطاد به من البحيرة الصغيرة في منتصف مملكة دوريسا والتي بها أسماك بيضاء شفافة تستطيع أن تري هيكلها العظمي وكانت تقفز عاليا فوق سطح الماء ثم تعود لتغوص داخل البحيرة.
وفوق تل كبير كان يقبع منزل كبير صنع من اللؤلؤ والأحجار الجميلة الملونة من الأحمر والفضي والأصفر واصطفت عدة طيور أمام باب منزل ملك دوريسا ، طيور عملاقة تشبه النسور لكن عنقها طويل كالزرافة ولها مخالب حادة قوية. صعد آدم إلي هناك بينما انتظرت درو وترو أسفل التل وقالت الأولى «أذهب ولا تخف» وبينما هو يصعد التل الكبير كانت أعين الطيور الحراس ترمقه بنظرة صارمة لكنه تمالك جأشه ومر بجوارهم ثم دخل إلى منزل الملك، وفي الداخل اتسعت عين الولد الصغير عندما رأي أرض كبيرة ذات حشائش صفراء جميلة لكنها ذابلة بعض الشيء وشمس أرجوانية كبيرة في السماء فشعر للتو أنه دخل لعالم آخر مختلف تماما.
«أنت الغريب الذي دخل عالمنا؟»
جاء صوت ملك دوريسا فجأة فنظر الولد الصغير ليري عرش كبير من اللؤلؤ في نهاية المراعي يجلس عليه قرد كبير من نوع الغوريلا أبيض اللون أكبر حجما من الفيل في عالمنا يجلس بمهابة كبيرة جعلت آدم يقترب يقول بهدوء «السلام عليك أيها الملك العظيم»
«السلام على من أتي بسلام»
ثم سأله بصوت عميق مهيب «كيف دخلت إلي مملكتي؟»
قص عليه آدم ما حدث معه فقال له ملك دوريسا «إذا طريق عودتك يكمن في مهمة خطيرة يجب أن تنفذها أولا.» تساءل آدم بحذر «أي مهمة؟»
« هناك خلف الجبل تقبع بحيرة الأشباح وبعدها هناك الجبال الحمراء التي يوجد بها كهف الوحش الشرير الذي سرق القلب الأزرق، قلب مملكة دوريسا، يجب عليك أن تذهب هناك وتعيد القلب للملكة حتي عود النشاط مرة أخري لقوم الإينانوس ويعودون للعمل مرة أخرى لتعود المملكة لسابق عهدها ووقتها سيظهر لك الطريق إلي عالمك جزاء فعلك هذا» 
تساءل آدم بخوف « وكيف سأواجه هذا الوحش؟» 
أعطاه الملك حجرا أحمر اللون يشبه الأحجار الكريمة وقال له بصوته المهيب: 
« فلتتبع قلبك أيها الغريب»
*****
سار آدم بعد مغادرة منزل ملك دوريسا متجها نحو الجبال الحمراء وهو يفكر في مواجهة ذلك الوحش الغامض وخشي أن تكون تلك هي نهايته في ذلك العالم العجيب، حتي أقترب من بحيرة صغيرة كان لون الماء فيها أسود قاتم ورأي قاربا صغيرا علي طرف البحيرة فركب فيه وأخذ في التجديف نحو البر الآخر من البحيرة لكن فجأة ظهر أمامه دخان أبيض صعد من مياه وظهرت من داخله أشباح كبيرة قال أحدهم « من الذي جرأ علي القدوم هنا؟» قال الولد بخوف كبير « أنا ذاهب إلي الجبال الحمراء» 
« ولماذا تريد الذهاب إلي هناك أيها الصغير، ألا تعلم ما ينتظرك؟» 
« أعلم وأنا ذاهب لأحضر القلب الأزرق» 
ضحكت الأشباح كلها ساخرة من آدم وأردف أحدهم « اذا أنت البطل الذي أرسله ملك دوريسا، لكنك صغير جدا، ألم يجدوا بطلا أكبر منك؟» 
غضب آدم في تلك اللحظة وأخرج الحجر المضيء من ملابسه ورفعها في وجه الأشباح فصرخت جميعها واختفت في مياه البحيرة. وأكمل آدم طريقه مردفا «الحمد لله». وصل لنهاية البحيرة ونزل من القارب وسار وسط الجبال الحمراء وشعر آدم من خوفه أنها تنظر له بغضب فأكمل في طريقه ليكمل مهمته التي ساقته لها الأقدار. 
وعلي مرمى البصر رأي آدم كهف صخري كبير خرجت منه أزرع كثيرة من الأشجار فكان أشبه بأخطبوط عملاق. تنفس الولد الصغير بقلق عارم وتحرك ليصعد درجات سلم الكهف الذي كانت بوابته تتناثر حولها جماجم من رؤوس أفراد الإينانوس الذي حاولوا أن يعيدوا القلب الأزرق من قبل لمملكة دوريسا. وذاد هذا من خوفه وقلقه ولكنه كان يعلم أنه الطريق الوحيد للعودة لعالمه. دخل آدم إلي الكهف ليري ممر طويل تتراقص علي جانبيه شعلات من نيران متوهجة فسار حتى وصل لمكان يشبه قاعة كبيرة بها عدة فتحات كبيرة تؤدى لممرات أخرى، بينما في منتصف القاعة كان هناك القلب الأزرق ينبض فوق تل عشبي صغير ويشع ضوء أزرق باهت لكنه جميل يسر العين.
أقترب آدم منه ليمسك به لكن فجأة سمع صوت فحيح مخيف يقول «لا تلمسه أيها اللص»
نظر آدم نحو مصدر الصوت ليري أفعى ضخمة تخرج من أحد فتحات الكهف وتزحف ببطء نحو آدم وحاولت الهجوم عليه فركض الولد الصغير بعيدا عنها لكن الأفعى لاحقته وضربته برأسها فسقط أرضا، واقتربت العيون المخيفة أكثر وأكثر وأرتعد الطفل خوفا وتراجع للخلف حتى ألتصق بجدار الكهف وشعر أنها النهاية، نهاية رحلة لم يطلبها، رحلة وضعته فيها الأقدار، فهل سيستطيع الصمود والنجاح في مهمته أم سيكون فريسة جديدة لتلك العيون المخيفة؟
هنا تذكر آدم حديث ملك دوريسا فقام وأخرج الحجر المضيء من ملابسه ونظر للأفعى بعناد كبير مردفا «هذه نهايتك أيها الوحش البغيض»
في تلك اللحظة توهج الحجر أكثر وذاد الضوء أكثر ثم خرجت منه عدة أزرع من الضوء المتوهج وأمسكت بالأفعى وجذبتها بقوة فتقلص حجمها حتى أصبحت بطول نصف ذراع إنسان واختفت داخل الحجر المتوهج. ولم ينتظر آدم فتحرك بسرعة وأحضر القلب الأزرق وركض بسرعة مغادرا الكهف عائدا إلى مملكة دوريسا.
هناك شكره الملك وسأله آدم عن طريق عودته إلي عالمه فأخبره الملك مبتسما «أنه بين يديك طوال الوقت»
نظر الولد للحجر بدهشة كبيرة وفي تلك اللحظة توهج الحجر أكثر وملء الضوء المكان حوله وأغشي عيناه لينتهي كل شيء ليجد آدم نفسه هذه المرة في منزله. 
*****

لقراءة  أعمالي برجاء متابعتي علي الفيسبوك 

Ismail Alex 

https://www.facebook.com/profile.php?id=100093193762456

 

«قصص إطفال»  «أدب الطفل»  «روايات أطفال»  «هاري بوتر»  

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

3

متابعين

2

متابعهم

1

مقالات مشابة