فارس أحلام والبنت الجميله

كان هُناك فتاة جميلة تُسمى سارة تبلغ من العمر عشرين عامًا، وكانت سارة طالبة في أحدى الجامعات، وتتصف بين زميلاتها بالطيبة الشديدة والصفات الرائعة، ولكن كانت شخصيتها غريبة إلى حد ما، فالمعروف أن فتيات الجامعة يميلون كثيرًا إلى قصص الحب، ويعترفون بهِ، وتملئ حياتهم كل يوم قصة جديدة، ولكن سارة كانت مُختلفة تمامًا لا تعترف بالحب على الإطلاق، ترى أنهُ كذبة كبيرة ليس الإ، وكانت حياتها مليئة بأشياء آخرى مثل القراءة والسفر والرحلات، وهو ما أثر نوع ما على شخصيتها لتُصبح قوية وصارمة.

ولكن هُناك شيء غريب كان يحدثُ لسارة بشكل دائم كلما ذهبت إلى النوم؛ فكانت تحلم بشاب طويل القامة وسيم الوجهِ تقع في حبهِ، وإذا بهذا الشاب يأتي ليطلب يدها للزواج من عائلتها، وظل هذا الحلم يأتي إليها كل ليلة حتى اصبح جزء أساسي من حياتها، والغريبة أن نفس الشاب هو الذي يأتي كل يوم في الحلم حتى حفظت سارة كل ملامحهُ.

وفي يوم من الأيام قامت الجامعة بالإعلان عن رحلة ترفيهية إلى مدينة ساحلية وكان ذلك قبل امتحانات نهاية العام، حبت سارة الفكرة جدًا وطلبت من زميلتها أن تشتركن جميعًا في هذهِ الرحلة وهو ما حدث بالفعل، سافر الجميع وبدأوا في الاستمتاع بالرحلة، وكانت مليئة بالأحداث المشوقة والمجنونة.. وفي يوم من الأيام قامت أحدى زميلات سارة بعمل اقتراح عليهم وهو الذهاب للمولات والتسوق منها، وافقت سارة على ذلك واصطحبت زميلتها وذهبن جميعًا للتسوق.

وكانت سارة تسير في أحد المولات وإذا بها تصطدم بقوة بشاب طويل القامة، غضبت سارة من ذلك ورفعت عينها إلى الشاب، فاندهشت من ملامحهُ وهيئته، وتسلل شعور إلى قلبها أن هذا الشاب ليس بالغريب عنها، بل هى تعرفهُ جيدًا وقابلتهُ أكثر من مرة، ولكن لا تتذكر أين حدث ذلك.

وسرعان ما قامت سارة بطرد تلك الأفكار من راسها، واتجهت تتحدث للشاب، ودار بينهم الحوار التالي

:-سارة: كيف لكَ أنت تصطدم بي بهذا الشكل، عليكَ أن تكون حذر؟

الشاب بصوت صارم وعصبي: بل أنتِ أيتها الفتاة التي تسيرين بلا أي وعي أو تركيز”سارة بصوت صارخ بعد أن أغضبها أسلوب الشاب: أنت المخطئ من البداية ولستُ أنا.

وفي تلك اللحظة إذا بالشاب يمد يدهُ ويمسك يد سارة، ويقول بل أنتِ المخطئة، شعرت سارة في تلك اللحظة برعشة تتسلل إلى كل جسدها، وكاد قلبها أن ينفجر من سرعة نبضاته، فسحبت يدها على الفور من بين يد الشاب، وتركتهُ وسارت مُكملة في طريقها، سارت سارة وهى في حالة من الشرود التام، لا يُسيطر على تفكيرها سوى هذا الشاب، فتقول أنا أعرفهُ جيدًا، ولكن لا أتذكر من هو، وإذا بصوت يُوقظها من ذلك الشرود.

كان ذلك هو صوت أحدى صديقتها، والتي أخبرتها بأنهم سوف يذهبون جميعًا في المساء لحضور حفلة على الشاطئ، فرحت سارة جدًا بتلك الحفلة، وفي المساء ذهبن جميعًا إلى الحفل، وهُنا كانت المفاجئة الكبرى.

فقد وقع نظر سارة على نفس الشاب الذي قابلتهُ في الصباح، وفي هذهِ اللحظة شعرت سارة باختلاط كبير في مشاعرها، ولكن الفضول كان هو المُسيطر على تلك المشاعر، فهى تُريد أن تعرف من هو هذا الشاب، ولم تستطيع أن تُبعد نظرها عنهُ، حتى لاحظ الشاب وجودها، فكر الشاب في الذهاب إليها ليُحدثها ويتعرف عليها، ولكنهُ خاف من رد فعلها، وبالصدفة عرف أن سارة صديقة مقربة لجارتهُ عندما رأى جارتهُ تتحدث مع سارة في الحفل، وحينها تجرأ الشاب وذهب إلى سارة وبدأ حديثهُ معها.

بدأ ذلك الشاب بالاعتذار عن ما حدث منهُ في الصباح، ثُم بدأ يتحدث مع سارة حول أمور عامة وموضوعات عديدة، وانسجما الاثنين في الحديث حتى نسوا تمامًا إنهم في حفل، ومر الوقت مثل السحاب، ولم يقطع ذلك الحديث سوى أصوات صديقات سارة يُخبروها بأن الحفل انتهى وحان وقت الرجوع، بعدها تذكرت سارة أين رأت الشاب، فهو بعينهُ فارس أحلامها الذي يزورها كل ليلة في المنام، وقضت طوال اليل تُفكر بهِ، وذهبت لتنام حتى تراهُ مرة أخرى في أحلامها.

وفي صباح اليوم التالي استيقظت سارة مُبكرًا، وقلبها ملئ بالفرح والسرور، وقررت في نفسها أن تُقابل ذلك الشاب مرة أخرى، وبالفعل بدأت في البحث عنهُ، لكن لم تجدهْ في أي مكان، وكان هذا اليوم الآخير في الرحلة، فاضطرت أن ترحل دون أن تُقابلهُ، وفي نفس الوقت كان الشاب يبحث عن سارة على الشاطئ، وفي كافة الأماكن المجاورة، وظل يبحث لعدة أيام، ولكنهُ لم يتمكن من العثور عليها، فدب اليأس إلى قلبهُ، وتوقف عن البحث، وعاد كل من سارة والشاب إلى حياتهم الطبيعية، ومرت الأيام عليهم، ولكن ظل ما حدث محفور في قلوبهم، فلم يستطعْ أي منهما أن ينسى الآخر.

وفي يوم من الأيام كانت سارة تُحضر لحضور حفل زفاف أحدى صديقتها، فذهبت تبحث عن فستان مناسب في الأسواق المجاورة، وحدث في ذلك ما لم يَخطر على قلب بشر، فكان التاريخ يُعيد نفسهُ، وإذا بسارة تصدم بشاب مرة أخرى، نعم أنهُ نفس ذات الشاب ساقهُ القدر للمول مرة أخرى.. رفعت سارة عينها، وهى غير مُدركة لما يحدث، وكان الشاب في حالة اندهاش تام، ولكنهُ سرعان ما استغل الموقف وطلب من سارة الجلوس معها في أي مكان للتحدث قليلًا.

لم تُفكر سارة بل وافقت على طلبهُ بمنتهى السرعة، مع أن ذلك ضد شخصيتها، ولكن القلب هو المُتحكم في الموقف بأكملهُ، ذهبا سارة والشاب لأحدى الكافيهات القريبة، وتحدث إليها الشاب، صارحها بأنهُ معجب بها مُنذ النظرة واللقاء الأول بينهم، وأنهُ قضى الكثير من الوقت يبحث عنها دون فائدة، ثُم قال لها يُريد الذهاب لأهلها لخطبتها، كاد قلب سارة يقف من هول المفاجئة، فإذا بحلمها يتحقق أمام عينها، وبالفعل ذهبت لأهلها وقصت عليهم كل ما حدث، وقابل الأهل الشاب، وحبوهُ كثيرًا لما يبدوا عليهِ من الاحترام والأخلاق، وتمت الموافقة، وتزوج كل من سارة وفارس أحلامها، وعاشوا أيام مليئة بالسعادة والفرح، ومرت السنين بسرعة البرق وانجبت سارة ثلاث أطفال.