رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الثاني - حلقة ٦

رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الثاني - حلقة ٦

0 المراجعات

شردت بذهني طويلاً حتي أصبحت لا أدري بوجودي و وجودي حتي، و لكن فجأة انتبهت مرة أخري و نظرت نحوه، بينما كان هو يقف في منتصف الحجرة، أمام سريري مباشرةً و عيناه لا تزال تنظر إليّ، حتي قام بإخراج مفتاح صغير من جيبه و قام بفك السلسلة المعدنية التي تقيد قدميَّا، ثم تقدم نحوي و أمسك بيديَّا و فك القيود التي تحيط بهما ثم ابتسم ابتسامة بسيطة و قال:
تلك المرة لن تكون من أجل دخول الحمام فقط، بل ستكون آخر مرة يتم تقييدك هنا يا مريم، فلم تعودي بحاجة إليها بعد اليوم ....

ثم حمل حقيبته و قبل أن يغادر الغرفة إستدار مُتابعاً:
سترسل إليكي الممرضة لتعاونك علي تبديل ملابسك، بينما سأذهب لمدير المستشفي للحصول علي تصريح لخروجك اليوم من المستشفي علي مسؤوليتي الشخصية، لنذهب معاً إلي والدتك، لعل الله يكتب لنا خيراً في تلك الزيارة ....
      و بعد أن انصرف بعدة دقائق، جاءت الممرضة إلي الغرفة و عاونتني علي إرتداء ملابسي، ثم أتي هو و قد أنهي إجراءات خروجي من ذلك المكان الذي لا أعلم كيف جئت إليه، و كم كنت أتوق للخروج منه، فلم أكن أري النور فيه ....
ربما في فترة من الفترات كنت أشكل خطراً علي المرضي في المكان، و لم يكن مسموحاً لي حتي الجلوس مع باقي المرضي في الحديقة الملحقة بالمستشفي، فكنت قد فقدت فيه الإحساس بالزمن حرفيأ.
        و ما بين الخوف و القلق خيط رفيع جداً من السعادة، فقد كنت من أسعد الناس قلباً وأكثرهم توقاً لرؤية بزوغ الشمس، و السير في الشوارع وسط كل الناس، و ها هو الحلم يتحقق، و أصبحت خارج أسوار المستشفي الأن، أتأمل كل من حولي في دهشة بدأت تستحوذ علي كل عقلي و ملامحي و كل خلجة من خلجاتي، ظاهري و مكنوناتي، كمن أتي إلي الدنيا لأول مرة، ثم فتح لي باب سيارته المستقرة أمام المستشفي، و جلست بالمقعد المجاور له في حين اغلق هو الباب خلفي و دار حول السيارة و فتح الباب و استقل السيارة، ثم أنطلق بها مسرعاً في طريقه إلي إحدى المستشفيات في منتصف البلد و التي من المفترض أن تتواجد بها تلك السيدة التي يزعم أنها و الدتي ....
و بينما كنت انظر من خلف نافذة السيارة إلي العالم الخارجي كان هو يرتدي ثياب الصمت، و لم يتحدث مطلقاً، و كان كل تركيزه في الطريق و فيما يخبأه القدر لنا، و ظهر ذلك من خلال نظراته الحادة و حاجباه اللذان إنعقدا بشدة كلما مر الوقت، و ما هي إلا نصف ساعة فقط التي استغرقها في الطريق حتي وصلنا إلي المستشفي، فنزلنا من السيارة، و توجهنا إلي الداخل، في حين قام هو بالسؤال عن رقم الغرفة المنشودة، و توجهنا مباشرة إلي المصعد و صعدنا إلي الطابق الثاني، و بخطوات مسرعة ما هي إلا ثواني قليلة حتي كنا أمام الغرفة، التي قد إنفتح بابها لتخرج منها إحدي الممرضات التي كانت تتابع الحالة و نظرت إلينا متسائلة:
هل هناك أي مساعدة أستطيع تقديمها لكما؟


أجابها هو:
هذه هي إبنة الحالة الموجودة بالداخل، و التي طلبت مقابلتها بالأمس ....
إلتفتت الممرضة إليّ بإبتسامة عذبة قائلة:
أهلاً بكي .. تفضلي ..
إلتفت هو إليّ قائلاً:
ستدخلين بمفردك و سوف أنتظرك هنا ....
سرت في جسدي قشعريرة باردة كالثلج، حينما طرقت باب الغرفة و قمت بفتحه ثم تباطئت خطواتي إلي الداخل و ....
و أغلق هو الباب خلفي ....
ثم أخذ يتحدث مع الممرضة عن الحالة و ....
مضت ساعة ....
إثنان ...
ثلاثة ساعات كاملة مضت حتي أخذ الطبيب يتململ في مكانه فقد إستغرقت مريم وقتاً طويلاً مع والدتها، أكثر مما كان يظن فنهض من مقعده و أخذ يسير يميناً و يساراً  و هو ينظر في ساعته و ....
و قرر أن يتوجه إلي الغرفة، فقطع المسافة التي تفصله عنها بخطوات واسعة و ما إن إقترب من باب الغرفة حتي تردد إذا كان فعلاً سيدخل أم ينتظر قليلاً، و أثناء تفكيره ظل ينظر يميناً و يساراً بحثاً عن الممرضة المتابعة للحالة،  و يبدو أنها لم تكن هناك، و ....
و أخيراً حسم أمره و توجه نحو باب الغرفة طارقاً إياه ثم قام بفتحه و دخل و ....
إنعقد حاجباه بشدة ....

و ….

تابع

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

articles

460

followers

610

followings

115

مقالات مشابة