
شموع سارة وماضيها الفصل الثالث
سألها سند بتعجب ' لكن لم ذهبت الى الملجأ وقالوا لكِ ذلك وانت تعلمين ان امك توفت وانتِ في العاشرة ؟ !
ردت سارة ببعض الحزن ' كان لي خالٌ اناني اتفق معي على ذلك وقال اني سأذهب لارى امي هناك ولكن عليّ قول اني يتيمة اب وام , وبعدهاتركني هناك حتى لا يكلف نفسه عناء مصروفاتي و مأكلي و ملبسي والى آخره ، ووضعني هناك ولم اراه منذ ذلك اليوم ،
في الحقيقة يعلم سند كل هذا وما هو اكثر من ذلك ولكنه يريد ان يعرف ما الذي تعرفه سارة عن نفسها ؟
قال لها بصيغة مبهمة : ' ربما ستتحسن اوضاعك في يومٍ ما انا واثق من ذلك يا شمعة ' وعيونه تملؤها الدفئ التي شعرت به سارة رغم برودة الجو .
فمهما حاول سند وتصنع لاخفاء مشاعره وتستر على امر حبه لسارة فلغة العيون تفضح وملامح المحبين تصرح بما لا ينطقه اللسان من كلام .
اما سارة فكانت اكثر صلابة منه امام تلك العيون الحادة ، وجل ما تفكر به هو ( لماذا يعاملني السيد سند بهذا اللطف والدفئ ؟ , لماذا يهتم لأمريفالاساس ؟ ) , وكانت لا تجرؤ على مصارحة نفسها ان السيد سند يروق لها بشكل ما , بشكل خاص يجعل ثغرها يبتسم عند رؤياه ولقياه , او ربماكانت اصغر من فهم نوع المشاعر هذه التي تشعره تجاهه .
لم يقطع حبل الافكار هذا الاّ جملة صادمة وقعت على مسامع سارة من سند
قائلاً : ' انّه ليس والدي , السيد سليم رب هذا المنزل ليس واللي ياشمعة '
سمعت سارة هذه الجملة وصمتت لبرهة لم تعلم مالذي تقوله وفي رأسها تدور الكثير من الاسئلة وكلامات الاستفهام والتعجب .
قائلة لنفسها : ' لكن كيف ولماذا يُنادى على السيد سند بأنه من آل سليم وكيف ذلك التشابه بينهما الذي كنت اظن انه بسبب الوراثة من والده ' ولكنترددت سارة في قول كل هذا وظنت ان الوقت ليس بالمناسب واكتفت بقول ( أحقًا هذا ! حسنًا سيدي سند يجب أن اذهب الان لأكمل باقي فروضيواعمالي المنزلية )
وفي نفس اللحظة نادت السيدة ثريا على ابنها سند في لهجة غضب واضحة في صوتها قائلة : ' سند هل يمكن ان تتوجه لغرفة مكتبي اريدك فضلًابُني ' .
ذهب سند للمكتب ودخلت مسرعة خلفه امه السيدة ثريا في توتر وتقول له وهي تحاول اخفاء غضبها عنه : ' لقد اعتدت منك يا سند تحري الصدقفي كلامك دون مخافة من امامك , فصارحني بنيّ وطمئن دقات قلبي المتسارعة هذه واجب عن سؤالي بكل وضوح , بلغني انك في الآونة الاخيرةكنت تتردد على منزل السيد محمود , هل هذا صحيح ؟ '
رد سند بلغة تحذيرية واضحة وعيون قائلًا : ' انه ليس السيد محمود فقط , انه والدي السيد محمود , والدي الذي فطرتي قلبه وتحججتي له بأعذارواهية ومشاكل تافهة لتنفصلي عنه وتتزوجي من ذاك الغني المدعو سليم , والدي الذي يسكن وحيدًا الان لا يجد الا ممرضة مهملة بالكاد تضع لهالطعام وتعطي له علاجه'
قالت امه : ' يبدو ان الامور لديك تحتاج لبعض التوضيح يا ولدي , فأنا لم انفصل عن والدك الاّ بسبب فقره المدقع وفشله في قيادة حياته على نحووصحيح وعدم تحمله لمسؤولياته او المقدرة حتى على تكاليفك , اعترف بالحقيقة ياسند , والدك رجل فقير فاشل ولو ظللت معه لم تكن لتستطيع انتدخل تلك الجامعة المرموقة او تعيش في ربع هذا المستوى حتى'
رد في انكار ' وهل تظنين اني سأرجح كفة هذا الرفاهية والترف الذي اعيش فيه على كفة ان اعيش تحت كنف والدي ؟ ! ام هل هذا كافٍ بالنسبة لكعلى تهدئة ضميرك من ناحيتي ؟ ! '
ردت بهدوء وعاطفة الامومة ' اعلم يا سند انك تدفع ثمن فشل والدك ببعدك عنه , ولكن سيمر الوقت وستعرف قيمة مافعلته وستشكرني ايضًا او تدعولي بعد مماتي , اما عن زيارات والدك اتمنى ان تكون شديد الحرص ولا تجعل احد من معارفنا يلاحظ هذا ولا تنسى انك على الورق ورسميًا تعتبرالابن الاكبر للسيد سليم ' وادارت ظهرها لترحل
لكن لم تكن هذه الكلمات كافية لاطفاء نيران الحزن والغضب لدى سند فأكمل قائلاً : ' انتِ لم تكتفي بفعل هذا بي فقط , لا بل اكملت هذا بفعل نفسالفعلة الشنيعة مع المسكينة شموع