الجزء الثاني من نقطة الزمن

الجزء الثاني من نقطة الزمن

0 reviews

هيا بنا نكمل باقي الحكاية.

ذهب أحمد وعمر لاستلام مهمة الزبون الجديد. كالمعتاد، متلقية المهمات هي صديقتهما سلمى. إنها لا تعرف ماذا يفعلان بالضبط لحل المهمات، لكنها تعرف أن لديهما القدرة على معرفة أحداث الماضي المرتبط بالصورة. تعطيهما الصور وتقول لهما: “مهمتكما هذه المرة هي الإتيان بوصفة حساء لذيذة. تفاصيل المهمة أن الشخصين اللذين في الصورة كانا شريكين لمدة طويلة، أكثر من عشر سنوات؛ واحدة متولية الإدارة، والأخرى متولية الطبخ. لكن بعد فترة، السيدة التي كانت مسؤولة عن الطبخ غدرت بالسيدة التي كانت مسؤولة عن الإدارة، وفتحت مطعماً منفصلاً عنها. لذلك، تريد السيدة معرفة سر وصفة حساء صديقتها، وهذه هي مهمتكما.”

دخل أحمد وعمر إلى غرفتهما استعداداً للمهمة الجديدة. قال أحمد: "هيا بنا حتى لا يدهمنا الوقت، يا عمر." ضربا كفي بعضهما البعض، ودخل عمر إلى الصورة في جسد مسؤولة الإدارة يوم افتتاح مطعمهما. ظل عمر يبحث عن الوصفة في كل مكان، وظل يبحث عن أدلة وأدلة، ولكن لا جديد يُذكر. كل مرة تفشل المهمة ويدخل عمر إلى صورة جديدة إلى أن فشلت كل محاولاتهما. وصلا إلى آخر صورة، والتي كانت تعتبر بلا فائدة، لكن عمر قال: "أريد أن أحاول حتى لو لم يكن هناك أمل. سأحاول." انتقل عمر هذه المرة إلى جسد مسؤولة الطبخ، وحدثت مشادة كلامية بينهما، وقررت مسؤولة الطبخ الرحيل. ركبت مسؤولة الطبخ سيارة أجرة ورحلت، ثم حاول عمر البحث عن الوصفة في الهاتف وفي الحقيبة، لكن لم يجد شيئًا. قال أحمد لعمر: "قلت لك أنك لن تجد شيئًا." ولكن أدخل عمر يده في الحقيبة مرة أخرى لإعادة الهاتف، فوجد تذاكر إلى بلد ما، فسأل عن تلك البلد سائق السيارة، فقال السائق: "أتقصدين تلك البلد المليئة بالتوابل المصنوعة من زهرة العبق الجميلة؟" وجد عمر دليلاً، وحينها بحث أحمد عن تلك البلد، فوجد أنها مشهورة بالتوابل. ولأنها وصفة لا يعرفها إلا قليلون، فهذه هي التوابل المستخدمة في الحساء. تمت المهمة، وعاد عمر إلى الحاضر وأخبر سلمى عن الوصفة، فذهبت سلمى إلى مسؤولة الإدارة لتقول لها: “المكون السري هو زهرة العبق.”

ضحكت السيدة وأجهشت بالبكاء وقالت: "أنت على حق. كنت غبية كل هذه المدة. أنا التي قدمت لها الوصفة في الأساس، ولسخرية القدر أن الوصفة التي كنت أبحث عنها أنا من أعطيتها إياها هدية." اتضح أن صديقتها لم تخنها أبدًا، لكنها بدلت تعاملها معها لكي تعرف المكون السري. حينها، قطعت السيدة تذكرة لتلك البلد لتذهب إلى صديقتها، فقالت صديقتها عندما وصلت: "أهلاً بك مجدداً يا صديقتي." لم شمل الصديقتين، وقدرت السيدة صديقتها جداً وأدركت أنها لم تخنها وأنها وفية حقاً، بل إنها هي من كانت مخطئة. كم من موقف يحدث في حياتنا اليومية وينهي علاقة شخصين بسبب سوء فهم بسيط! وكم من موقف نتمنى فيه أن نعود بالزمن إلى الوراء لنراقب كلماتنا القاسية بعناية، ونرأف بحال من حولنا، ونتفهمه جيداً، ونحافظ عليه، فما بعد الفراق إلا الندم.

وفي اليوم التالي، نعود إلى سلمى التي كانت تمارس رياضة الركض. يأتي رجل من ورائها وكاد يمسك بها، ولكن يظهر أحمد أمامه ويمسك بيده ويقول: "لاحظت أنك تراقبها منذ فترة، ماذا تريد؟" قال الرجل: "أنا آسف على التطفل، لكنني أقصد خيراً. على العموم، أنا مهندس، وقد وجدت منشورًا على الإنترنت يفيد بأنها تستطيع الدخول إلى ذكريات الصور، وأردت فقط التأكد، وأحتاج خدمة بسيطة." وافق أحمد وأخذ الصور وذهب إلى صديقه عمر. قال أحمد له: "المهمة هذه المرة سهلة جداً. هذا الزبون كان لاعبًا احتياطيًا في فريق كرة السلة أيام جامعته. المهم أنه خسر المباراة، وحبيبته، وتشاجر مع أمه، وكان يريد أن يعود إلى الماضي ليقول لهم بعض الكلمات." سأله عمر قائلاً: "أليس الكلام يمكن أن يغير الماضي؟" أجابه أحمد: "لا، في هذه الحالة لن يغير من أي شيء." يضربان كفيهما ويدخل عمر إلى جسد المهندس يوم المباراة التي خسر فيها فريقه.

قال له الكابتن: "أنت لاعب احتياط، إذا أصيب لاعب ستأخذ مكانه. استعد فقط وخذ لنا صورًا لكي ننشرها بعد المباراة." بدأت المباراة، وكان فريق الخصم قويًا جدًا ولم يقدر عليه أحد، خاصة ذلك الفتى ذو الشعر الأشقر، حيث تخطى جميع اللاعبين وأحرز هدفًا وكأنهم خيال مآتة في الملعب. فجأة، عمر يصور صورة وينسى أن يطفئ فلاش الكاميرا، فيشتت ذلك الكابتن، ويستغل الفتى ذو الشعر الأشقر ذلك ويكسر رجل الكابتن ويقول: "لم أكن أقصد." هنا حدثت مشكلة؛ لقد تغيرت الأحداث. رجل الكابتن كسرت بسبب فعل مغفل من عمر. سأل عمر أحمد: "هل تغير الماضي؟" قال له أحمد: "أجل، لكن المهم أن النتيجة لم تتغير. أهم شيء هي النتيجة، يا صديقي." تم استبدال الكابتن بعمر، فسأله عمر: "ماذا علي أن أفعل الآن؟" قال أحمد: "لا أدري، بسبب هذا التغيير في الأحداث، لا أستطيع أن أخبرك ماذا سيحدث." استهزأ فريق الخصم من شكل المهندس وقالوا إنه ضعيف، لكنهم لا يعرفون أنه عمر ليس المهندس. بدأوا اللعب وإذا فجأة أخذ عمر منهم الكرة في لمح البصر. عمر محترف كرة سلة في الأصل، يتوجه إلى السلة ويحرز هدفًا.

قال عمر: "هل تظن أنني سأخسر؟ لا، أنت مخطئ. أنا لم أخسر أمام أحد من قبل ولن أخسر من أجل أي أحد." أدرك الفتى ذو الشعر الأشقر أنه لاعب غير عادي، وشدد الدفاع، وكان الكابتن متفاجئًا من مهارة المهندس والفريق كله كذلك. قال أحمد لعمر: "هل نسيت أم ماذا؟ دورك هو أن تخسر المباراة، يا صديقي." بدأ الشوط الثاني، كلما أخطأ في التسديد، استغل زملاؤه ذلك وسجلوا هدفًا. تظاهر عمر بأنه يشعر بالإرهاق، وتم تبديله بالكابتن مرة أخرى الذي قال متحاملاً على نفسه: "سوف أكمل مكانك." دخل الملعب رغم إصابته. سأل عمر المدرب: "هل يستطيع اللعب رغم إصابته؟" قال المدرب: "قريتنا صغيرة وليس لها ملعب كرة سلة، وأن الطلاب هم من عدلوا هذا المصنع ليصبح ملعباً لكرة السلة، وسيتم هدمه قريباً لبناء مدرسة. الكابتن يفعل ذلك ليثبت أنهم يستحقون هذا الملعب. كرة السلة مثل الحلم لهم." حينها، تأثر عمر من كلام المدرب وطلب دخول الملعب بدلاً من الكابتن. قال أحمد لعمر: "هذه ليست حياتك، يا عمر، هذه حياة شخص آخر، لا تتأثر بما حولك." قال عمر: "أنا أعلم ذلك، لكن لا أستطيع أن أتركهم. أنا هنا لتعويض ندم المهندس على الماضي." حدث تصادم بين الفريقين، وكان فريق الخصم على أعتاب إحراز هدف جديد، لكن الكرة ارتدت وقفز الكابتن ليمسك بالكرة، و لكن تغلبت عليه الإصابة وسقط على الأرض. قال عمر للمدرب: "أنزلني الآن. سأريكم من أنا." تحمس عمر ودخل الملعب وهو يقول: "أعدك أنها لن تكون مباراتك الأخيرة." استلم الكرة وراوغ الخصم ببراعة وأحرز هدفًا.

حينها، غير فريق الخصم خطة هجومه واتجهوا بسرعة لإحراز هدف، لكن عمر وقف لهم بالمرصاد، صد الكرة وقطعها وأحرز هو هدفًا. فارق النتيجة الآن وصل إلى ثلاث نقاط فقط. وقتها، شدد فريق الخصم الدفاع أكثر، لكن عمر لم يرحمهم. لذلك، حقدوا عليه وأوقعوه وكسروا نظارته. لم يتأثر عمر بذلك، بل كان يريد خلع النظارات منذ فترة من المباراة لأنها كانت تضايقه في اللعب. عمر يبدع في اللعب ويدخل كرة من خارج القوس بثلاث نقاط ويتعادل الفريقان، فقال أحمد لعمر: "إياك يا صديقي، لا تعدل النتيجة أكثر من ذلك. يكفي هذا." لكن عمر لم يسمع كلام أحمد، استغل فريق الخصم ثغرة في الدفاع وأحرز سلة بنقطتين. غضب عمر وركض نحو السلة، فصرخ الفتى ذو الشعر الأشقر في زملائه وقال: "لا تتركوه! عودوا للدفاع بسرعة!" قفز عمر لإحراز الهدف، لكن الدفاع كان متمركزًا عليه، فمرر الكرة لزميله الذي أحرز هدفًا من خارج القوس بثلاث نقاط، وفاز فريق المهندس. لم يحتفل عمر، بل وقف خائفًا، حيث إنه قام بتغيير الماضي. النتيجة تغيرت. تذكر عمر كلام أحمد حين قال له: “عندما يتغير الماضي، يتغير الشريط الزمني، ولن أستطيع التواصل معك أو إخبارك ماذا تفعل.”

بالفعل، حاول عمر التواصل مع أحمد، لكن أحمد لم يرد عليه. أصبح عمر في موقف لا يُحسد عليه، ولم يعرف ماذا يفعل. حدث نفسه: "أصفق وأرجع إلى الحاضر؟ ما عواقب هذا الفعل الذي فعلته؟" كان سيصفق، لكن أحمد رد عليه فجأة قائلًا: "انتظر يا صديقي، أتمنى أنك فهمت عواقب أفعالك الحمقاء هذه. أحب أن أخبرك أنك غيرت في الأحداث الأساسية، لكن الأحداث النهائية في هذه الفترة لم تتغير نهائيًا. لا تتلاعب بالزمن يا صديقي، إياك أن تكرر هذا مرة أخرى." لكن، هل عرفتم ما هو ذلك الحدث النهائي الذي لم يتغير بعد كل هذه التغييرات (كسر رجل الكابتن والنتيجة)؟ ما الذي يحدث بالضبط؟

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

3

followers

1

followings

9

similar articles