نور و الورود
3 المراجعات
كان يا ما كان، في حي شعبي بسيط في قلب القاهرة، كان فيه بنت صغيرة اسمها "نور". نور كانت مختلفة عن باقي الأطفال في الحي. مش لأنها أحسن منهم، لكن لأنها كانت عندها موهبة استثنائية. نور كانت بتحب تزرع ورد في أصص صغيرة على سطح بيتهم القديم. الناس في الحي كانوا بيقولوا إنها "البنت المجنونة اللي بتتكلم مع الورد".
كانت نور كل يوم بتطلع السطح بعد المدرسة، وبتقعد قدام الورود تحكيلهم عن يومها، عن اللي حصل في المدرسة، وعن أصحابها. المدهش إن الورود كانت بتكبر بسرعة غير طبيعية. الورد كان شكله مش زي أي ورد الناس عارفاه، ألوانه كانت زاهية بطريقة غير طبيعية، وكان دايمًا ريحته مميزة وبتفضل لأيام من غير ما تدبل.
مرة، جارتهم "الحاجة أم حسن" جت تزور أم نور، وكانت شايفة الورود على السطح. قالت لها: "إيه ده يا نور؟ الورود دي طالعة في غير موسمها؟". نور ابتسمت وقالت: "ده الورد بتاعي، أنا اللي بزرعه وأعتني بيه".
بعد فترة قصيرة، بدأ الحي كله يسمع عن "ورود نور". كل الناس كانت عاوزة تعرف السر. مرة اتجمعت الجيران وسألوا نور: "إنتِ بتعملي إيه علشان الورد ده يبقى بالشكل ده؟". نور قالت لهم ببساطة: "أنا بحب الورد وبكلمه، والورد بيفهمني".
الناس في الأول ضحكوا وقالوا: "دي أكيد بتهزر". لكن كل يوم كان الورود بيكبر أكتر، وكان الحي كله مليان بريحة حلوة، كأن الجنة نفسها نزلت على القاهرة.
مرة، جت واحدة كبيرة في السن من بعيد، كانت بتعاني من مرض في صدرها. سمعت عن ورود نور وجت تزورها. قالت لها: "ممكن يا بنتي تديني شوية من الورد ده؟". نور وافقت بكل حب، وأعطتها شوية ورد من أجمل الأصص اللي عندها.
الغريب إن الست دي بعد ما أخدت الورد وحطته في بيتها، صحت بعد يومين وهي أحسن، حتى دكاترتها كانوا مستغربين. الإشاعة انتشرت أكتر وأكتر، وبقى كل واحد عنده مشكلة يروح لنور ياخد منها ورد.
الورد بقى رمز للفرح في الحي. الناس بقت تجيب أصص وتزرعها على البلكونات، والأماكن اللي كانت متسخة وملهاش روح، بقت مليانة بالورد وألوانه. وفي يوم، جت صحفية تسأل نور: "إيه السر؟". نور ردت وهي مبتسمة: "السر في الحب، لما تدي حاجة من قلبك وتحبها بصدق، حتى الورد بيحس وبيكبر بشكل أجمل".
ومن يومها، بقت قصة "ورود نور" معروفة، والحي بقى من أجمل الأماكن في القاهرة، مش علشان الورد بس، لكن علشان الحب اللي نور كانت بتنشره في كل مكان.
والعجيب إن مش بس الورد هو اللي كان بينمو، لكن قلوب الناس كمان بقت أنقى وألطف، وكأن نور زرعت حب وسعادة في قلوبهم زي ما زرعت الورد في أصصها.
النهاية.