الجزء الأول نشأة سليمان الحلبي. في إحدى زوايا مدينة حلب القديمة حيث تعكس الأزقة الضيقة تراثًا عريقًا من التاريخ والثقافة وُلِد سليمان الحلبي في أواخر القرن الثامن عشر كانت حلب بتاريخها الغني وأسواقها الصاخبة تعيش لحظات حاسمة من التغيرات الاجتماعية والسياسية كانت المدينة تُعتبر منارة للعلماء والتجار وموطنًا للمعارف المختلفة ما جعل منها نقطة التقاء الثقافات والحضارات نشأ سليمان في أسرة بسيطة والده كان تاجرًا متواضعًا ووالدته امرأة مثقفة تعلمه القراءة والكتابة في ظل غياب المدارس النظامية منذ نعومة أظفاره كان سليمان يمشي بخطوات ثابتة نحو المعرفة يلتهم الكتب ويستمع إلى قصص العلماء والشعراء الذين مروا على المدينة كان لكل كتاب عطر خاص وكان يتنقل بين صفحاتها كأنما يسافر عبر الزمن بينما كان يتربى على قيم مثل الشجاعة والكرامة كان سليمان يشاهد الأحداث التي تُحيط به كان يخرج إلى الشارع مع أقرانه يتداولون الأخبار ويتبادلون الآراء حول أحوال البلاد كانت الأحاديث تتمحور حول ظلم الإقطاعيين وفساد السلطات وما تحمله هذه الأحاديث من هموم وآمال أدرك سليمان مبكرًا أن ما يجري حوله لم يكن مجرد أحداث عابرة بل كانت مقدمة لمقاومة قد تحتاجها بلاده ومع مرور السنوات انتقل سليمان من طفولته إلى شبابه كان له شغف خاص بالعلوم الإنسانية فبدأ يتعمق في دراسة الأدب والفلسفة حيث شكلت تلك المعارف لديه رؤية واضحة حول العدالة والحرية كان يحلم بوطنٍ حُر مجتمعٍ يعامل أفراده بالمساواة والكرامة وفي خضم هذه الأفكار تنامى لديه شعور قوي بعدم الرضا عن الوضع القائم والذي كان يعتريه الظلم والقهر في هذه الأثناء بدأت تتشكل في حلب جماعات من المثقفين والشباب الذين يتشاركون نفس الطموحات كانوا يجتمعون سويًا في زوايا المقاهي القديمة يتبادلون الأفكار ويتناولون القضايا الوطنية وكانت حلب بما لها من تاريخ طويل من التمرد والاحتجاج هي البؤرة التي تغلي فيها مشاعر التحدي مع تزايد الأحداث المحيطة توالت الحملات العسكرية العثمانية وكانت تسقط على رؤوس الناس كالصاعقة كان سليمان يدرك تمامًا أن الموقف لم يعد يحتمل الصمت بدأ يشعر بحتمية الانخراط في العمل السياسي والاجتماعي لم يكن لديه خيار سوى التوجه إلى الشارع إلى الناس لبث روح النضال في قلوبهم انطلقت أولى مظاهراته في أحد الأيام المشمسة حيث تجمع العشرات في ساحة المدينة كان سليمان يقف وسطهم صوته يتردد في الأفق يعلن رفضه للظلم استخدم كلمات قوية تحمل عبق التاريخ وأصوات الأجداد الذين ثاروا من قبل كانت كلماته بمثابة الشرارة التي ألهبت حماس الحاضرين وأشعلت فيهم شعلة المقاومة لكن القمع لم يتأخر في الظهور كانت السلطات تشعر بالقلق من تصاعد الأصوات المناهضة لذا بدأت في ممارسة الضغوط على المجتمع ولكن سليمان لم يكن ليخشى بل زاد من عزيمته رافعًا شعار “الحرية أو الموت” كانت تلك العبارة تكرارًا لآمال الناس في تغيير واقعهم المرير ومع مرور الوقت تحول سليمان إلى رمز للشجاعة والثبات اتسعت دائرة مؤيديه وبدأت تظهر فصائل جديدة من الشباب الذين انضموا إليه في سعيه نحو التحرر تميزت هذه الفصائل بالتنوع في الأفكار والمعتقدات لكنها اتفقت جميعًا على هدف واحد: النضال من أجل حقوقهم واستعادة كرامتهم. تحت وطأة الأحداث لم تكن المظاهرات كافية كان سليمان يعلم أن الثورة تحتاج إلى تخطيط جيد وإستراتيجيات مدروسة لذا بدأ في تنظيم اجتماعات سرية مع قادة الحركة حيث ناقشوا كيفية الوصول إلى المجتمع بأكمله وكيفية تحفيز الناس على النضال من أجل حقوقهم كانت تلك الاجتماعات مليئة بالشغف عابقة بأفكار جديدة وتطلعات كبيرة تزايدت الانتهاكات من قبل السلطات وكان سليمان يكتب المقالات والقصائد التي تروي معاناة الناس كانت كلماته تتجاوز الحدود تصل إلى قلوب المتعطشين للحرية في كل زاوية من زوايا البلاد لم يكن سليمان مجرد شخص عادي بل أصبح صوت الجيل الذي يطمح إلى تغيير الواقع في تلك الأثناء بدأ سليمان يُعرف بأنه واحد من أبرز القادة الشباب في حلب الذي يحمل على عاتقه آمال الملايين لكن مع الشهرة جاءت المخاطر وبدأت التهديدات تتوالى من قبل الحكومة العثمانية التي شعرت بخطورة تأثيره رغم ذلك لم يكن خائفًا بل كان عزيمته تتجدد كان يدرك أنه في قلب كل ثورة توجد تضحيات وفي أعماقه كان يعلم أن النضال من أجل الحق يتطلب شجاعة أكبر من أي وقت مضى سليمان الحلبي الشاب الذي نشأ بين ضجيج التاريخ كان يستعد للعب دوره في أسطورة الحرية هذا هو الجزء الأول من قصة سليمان الحلبي انتظروا بقية الأجزاء لتكتمل الصورة ويظهر لنا بطل النضال في أروع ملامحه.