“خطوات صغيرة نحو الحلم الكبير”

“خطوات صغيرة نحو الحلم الكبير”

0 reviews

“خطوات صغيرة نحو الحلم الكبير”

وُلد سامي في قرية بسيطة لا يتجاوز عدد سكانها ألف نسمة. كان والده يعمل فلاحًا، ووالدته تدير شؤون البيت. منذ صغره، أحبّ القراءة وحلم أن يصبح طبيبًا يساعد الفقراء والمرضى الذين يأتون من القرى المجاورة.

لكن الفقر كان يحيط بالأسرة من كل جانب. كانت والدته تخيط الملابس القديمة لتعيد استخدامها، وكان والده يكدّ في الأرض من الفجر حتى الغروب. مع ذلك، لم يفقد سامي الأمل أبدًا.

في المدرسة الابتدائية، لاحظ مدير المدرسة ذكاءه الفطري وشغفه بالتعلّم. كان أول من يدخل الفصل وآخر من يخرج منه. كان يكتب الدروس على دفاتر قديمة يجدها في المستودع. أهداه المدير قاموسًا صغيرًا، وقال له: “العلم مفتاح الأبواب المغلقة.”

حين وصل للمرحلة الثانوية، بدأ الطريق يزداد صعوبة. لم يكن في قريته مكتبة أو مركز دروس، فكان يقطع عشرة كيلومترات مشيًا على الأقدام للوصول إلى المدرسة الثانوية في البلدة المجاورة. في أيام المطر، كان يصل بملابس مبتلّة ووجه شاحب، لكنّه يجلس في الفصل بعزيمة لا تتزعزع.

أنهى الثانوية بتفوّق وحصل على منحة دراسية للجامعة. يومها جلس مع والديه تحت شجرة التوت، وقال لهم بصوت يرتعش: “هذه أول خطوة في تحقيق حلمي.”

في الجامعة، عمل سامي في المساء ليعيل نفسه ويوفر ما يحتاجه من كتب. كان يدرس صباحًا، ويعمل في مطعم صغير مساءً. لم يشعر بالخجل من عمله، بل كان يردّد: “الشرف في الكفاح، لا في الراحة.”

مرت سنوات الدراسة ببطء، لكنها كانت سنوات نضوج وإصرار. تعلّم الطب خطوة بخطوة، وكان يستعير المراجع من مكتبة الجامعة ويقضي الليالي يدرس الحالات النادرة.

تخرّج سامي بتقدير ممتاز. يوم الحفل، صعد المنصة وهو يرتدي روب التخرّج البسيط، فصفق الحضور طويلًا. عاد إلى قريته بعد أيام، حاملاً شهادته وابتسامته، ليؤسس أول عيادة طبية مجانية للفقراء.

لم يكن النجاح بالنسبة له مالًا أو شهرة، بل كان قدرة على التغيير. بدأ بعلاج المرضى مجانًا، ونظم حملات توعية صحية.

صار سامي قدوة لكل أطفال القرية. كانوا يأتون إليه حاملين دفاترهم ليساعدهم في المذاكرة. كان يقول لهم: “النجاح ليس خطوة واحدة، بل خطوات صغيرة تبدأ من الحلم وتنتهي عند العطاء.”

بعد عشر سنوات، توسعت العيادة لتصبح مركزًا صحيًا متكاملًا. جمع التبرعات من أهل الخير، وشارك أطباء شبابًا ليكملوا المسيرة. صار حلمه أكبر من شخصه، وصار اسمه رمزًا للأمل.

وفي إحدى الأمسيات، جلس سامي يتأمل شجرة التوت القديمة. تذكّر والديه وطفولته وكفاحه الطويل. شعر بالفخر لأنه لم يترك الحلم يموت رغم الفقر والتعب.

لقد أدرك أخيرًا أن النجاح الحقيقي هو أن تترك أثرًا طيبًا في حياة الآخرين.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

3

followings

3

followings

43

similar articles