الكتاب الذي يبتلع القرّاء… أسرار لا تكشفها إلا الشجاعة

الكتاب الذي يبتلع القرّاء… أسرار لا تكشفها إلا الشجاعة

0 المراجعات

الكتاب الذي يبتلع القرّاء… أسرار لا تكشفها إلا الشجاعة

في بيت دافئ صغير يقع في شارع هادئ، كانت تعيش فتاة مميزة جدًا تُدعى سلمي نجمة الليل، بقلب مليء بالدهشة وعقل مليء بالأسئلة. كان شعرها بنيًا مجعدًا، وعيناها الخضراوان تتلألآن كنجوم ليلة صافية. كانت سلمي تحب حل الألغاز وخوض المغامرات، ولم تكن تخشى تجربة أي شيء جديد.

وفي أحد الأيام، بينما كانت تستكشف علّية منزلها، عثرت على كتاب غريب وغامض، غلافه يلمع مثل القمر. كان الكتاب مُجلّدًا بغطاء مخملي ناعم يذكّر بنسيم صيفي لطيف، وعنوانه مكتوب بحروف تبدو وكأنها ترقص على الغلاف: "حكايات الهمس".

ما إن فتحت سلمي الكتاب، حتى شعرت بقوة غامضة تشدها، وكأن الكتاب يحاول ابتلاعها بالكامل. وقبل أن تُسحب إلى داخله، سمعت صوتًا عجوزًا حكيمًا يناديها من الخلف:
"سلمي، كوني حذرة! هذا الكتاب له عقل خاص!"

كان ذلك الأستاذ أوريون، خبيرًا طيب القلب واسع المعرفة بالأدب القديم والسحر، بلحية بيضاء طويلة ونظارات تلمع كالنجوم. كان يراقب سلمي من بعيد، ويعلم أن هذا الكتاب الغامض ليس شيئًا يمكن الاستهانة به.

اقترب الأستاذ أوريون ببطء، وعيناه مثبتتان على الكتاب بين يدي سلمي. فقد كانت "حكايات الهمس" مخطوطة قديمة مليئة بالقصص والأسرار التي توارثتها الأجيال. لكن الأسطورة تقول إن لهذا الكتاب قوة غريبة — إذ يستطيع ابتلاع قرائه وحبسهم داخل صفحاته إلى الأبد.

اتسعت عينا سلمي بالدهشة والمزيج بين الخوف والفضول وهي تصغي لكلام الأستاذ. فابتسم لها بلطف قائلاً:
"لا تقلقي يا سلمي، سنكتشف سر الكتاب معًا، وسننقذ أي شخص قد يكون محبوسًا بداخله."

شعرت سلمي بدفقة من الحماس والشجاعة، وقررت أن تخوض هذه المغامرة المثيرة برفقة صديقها الجديد. وبحذر، فتحا الكتاب، فانفجر منه ضوء ذهبي دافئ، وامتلأت الغرفة بصوت همسي ناعم وكأنه يناديهما:
"مرحبًا أيها المسافران، كنت في انتظاركما… تعاليا واكتشفا العوالم التي بين صفحتي."

دخلت سلمي والأستاذ أوريون إلى داخل الكتاب، فوجدَا نفسيهما في غابة ساحرة حالمة، أشجارها شاهقة، ونافوراتها متلألئة، وكائناتها تبدو وكأنها مصنوعة من النور الخالص. كانت رائحة العسل تعبق في الهواء، وأصوات الطيور تغني من حولهما، فشعرت سلمي وكأنها دخلت مملكة سحرية.

لكن أثناء تجولهما، بدآ يسمعان أصوات استغاثة بعيدة. خفق قلب سلمي وهي تدرك أنهما ليسا وحيدين.
"من هناك؟" نادت، فجاء الرد باهتًا: "ساعدونا! نحن محبوسون! أرجوكم أنقذونا!"

تبادلت سلمي والأستاذ نظرة حازمة، واتبعا الصوت. ومع كل خطوة، أصبحت الغابة أكثر ظلمة، وأخذت الأشجار تلتف في أشكال غريبة، لكن سلمي لم تخف، فقد كان الأستاذ إلى جانبها، ومعًا كانا لا يُوقَفان.

وفي رحلتهما، التقيا بمخلوقات عجيبة ومذهلة: تنانين حراشفها تلمع كالألماس، ووحيد قرن يلمع قرنه بألوان قوس قزح. اتسعت عينا سلمي بالدهشة وهي تلمس هذه الكائنات، بينما ابتسم الأستاذ وهو يراقبها بعينين لامعتين بالسرور.

حتى وصلا إلى بحيرة هائلة متلألئة تملأ صفحة كاملة من الكتاب. وعلى ضفتها الأخرى، شاهدَا مجموعة من الأشخاص محبوسين في قفص مصنوع من الكلمات! تأثرت سلمي بمصيرهم، وأدركت أنه يجب التحرّك بسرعة لإنقاذهم.
قال الأستاذ بصوت هادئ مطمئن: "لا تقلقي… سنجد طريقة لتحريرهم. علينا فقط حل لغز الكتاب."

بمساعدة الأستاذ، استخدمت سلمي شجاعتها وسرعة بديهتها لحل اللغز. اكتشفت أن مفتاح تحرير القرّاء المحبوسين يكمن داخل القصص نفسها. فاستعملت خيالها وإبداعها لفتح السر، وفجأة بدأ القفص المكوّن من الكلمات يتلاشى. هتف القراء المحرّرون فرحًا، وشعرت سلمي بفخر وسعادة غامرة.

وعند عودتهما إلى خارج الكتاب، التفتت سلمي إلى الأستاذ بابتسامة واسعة:
"كانت تلك أفضل مغامرة في حياتي!"
ابتسم الأستاذ بدوره وقال: "أنا فخور بك يا سلمي. أنتِ بطلة حقيقية، وأعلم أن أمامك الكثير من المغامرات الرائعة."

في تلك الليلة، استلقت سلمي في سريرها وهي تشعر بالأمان والسعادة، تعرف أن لديها الأستاذ أوريون وقلبها الشجاع ليقودها في أي تحدٍ. أما الكتاب الغامض، وقد تحرر الآن من سحره، فجلس بهدوء على الرف، يخفي بين صفحاته أسرارًا وقصصًا تنتظر أن تكتشفها سلمي في يوم آخر.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

12

متابعهم

1

متابعهم

3

مقالات مشابة