
مغامرة الغابة السرية
الفصل الأول: الخريطة الغامضة
تلألأت عينا سامر بالحماس وهو يفتش في علّية بيت عائلته القديم. كان الهواء يعبق برائحة الكتب العتيقة والذكريات المنسية. وبين خيوط العنكبوت والتحف المنسية، لفت نظره شيء غريب – خريطة قديمة ممزقة وباهتة، لكنها تشع بهالة من المغامرة. قفز سامر فرحًا، وشعره الأسود المجعد يتمايل، بينما عيونه الخضراء البراقة تحدّق في الخريطة.
"يا أصدقائي! تعالوا بسرعة! لقد وجدت شيئًا مذهلًا!" صاح سامر، وصدى صوته يتردّد في العلية.
ظهر "ويسكرز" القط الرحّال، و"غيث" الدب الودود، صديقا سامر المخلصان، عند أعلى الدرج الخشبي المتهالك. ويسكرز، بفرائها البرتقالي الكثيف وعينيها الزرقاوين الفضوليتين، تقدّمت بخفة نحو سامر، وذيلها يهتز بترقّب. أما غيث، بشَعره البني الأشعث وعينيه الحانيتين، فقد تبعها بخطوات هادئة وابتسامة دافئة.
فتح سامر الخريطة، فبدأت ويسكرز تضربها بمخلبها وكأنها تحاول كشف أسرارها. همست: "ما هذا يا سامر؟"
أجاب سامر، ودهشته تلمع في عينيه: "إنها خريطة! أعتقد أنها قد تقودنا إلى الغابة المسحورة!"
أشرق وجه غيث وابتسم قائلاً: "سمعت قصصًا عن الغابة المسحورة، لكن لم أتخيّل أن نعثر على خريطة تقودنا إليها!" ثم حكّ ذقنه بتفكير: "إنه اكتشاف مذهل يا سامر."
قال سامر بعينين متلألئتين: "لابد أنها خريطة الجوزة الذهبية الأسطورية! تلك التي قيل إنها تجلب السلام والرخاء لقريتنا." تنفّس بعمق وأضاف بحماس: "تخيّلا! قريتنا مليئة بالبهجة والضحكات بفضل الجوزة الذهبية!"
رفعت ويسكرز أذنيها وشكّت قائلة: "لكن، ماذا لو لم تكن حقيقية؟ ربما هي مجرد خدعة صيّاد كنوز." وضربت الخريطة مرة أخرى بذيل متردّد.
أجابها غيث بعينين وادعتين: "لن نعرف إلا إذا جرّبنا. علينا أن ننطلق ونرى إلى أين ستأخذنا." ثم ابتسم وأضاف بثقة: "سنواجه أي تحديات معًا."
وبقلب يملؤه الأمل، انطلق الأصدقاء الثلاثة نحو الغابة المسحورة. طوى سامر الخريطة ووضعها في جيبه، وكانت وكأنها تنبض بطاقة غريبة، تحثّهم على المضي قدمًا. ومع غروب الشمس، ودفء أشعتها الذهبية يغمر الأفق، بدأت المغامرة.
الفصل الثاني: مدخل الغابة المسحورة
اقتربوا من مدخل الغابة، فارتفعت الأشجار شامخة، جذوعها قوية وأوراقها خضراء متوهجة مع ضوء الغروب. امتلأ الهواء بعطر العسل والزهور البرّية، فابتسم سامر وقال: "واو، هل تشمّان هذا العطر؟"
انطلقت ويسكرز بخفة خلف فراشة تطير، فهتف غيث بتحذير: "تمهّلي يا ويسكرز! الغابة مليئة بالعجائب، لكنها أيضًا مليئة بالمخاطر. ابقي قريبة."
هزّ سامر رأسه موافقًا، بينما عيناه تتأملان جمال المكان: خرير الجدول، تغريد الطيور، وحفيف الأوراق كوّنوا سمفونية ساحرة.
فجأة، جاءهم صوت عذب، كنسيم يتحدّث: "مرحبًا أيها المسافرون، إلى الغابة المسحورة. فلتكن قلوبكم نقية، وأرواحكم شجاعة."
تبادل الثلاثة نظرات حائرة. همس سامر: "هل سمعتما ذلك؟"
بدافع الفضول، اقتربت ويسكرز من شجيرة وقالت: "سأرى ما هناك." ثم اختفت بين الأوراق.
وقف سامر وغيث مترقبين، والتوتر يزداد. همس غيث بقلق: "لا يعجبني الأمر… كأننا مراقَبون."
أومأ سامر وقال: "علينا أن نكون شجعانًا. لا يمكن للخوف أن يوقفنا عن العثور على الجوزة الذهبية."
عاد صوت حفيف، وخرجت ويسكرز من بين الأوراق بعينين متّقدتين فضولًا: "وجدت شيئًا… لكن لست متأكدة ما هو."
الفصل الثالث: لغز الشجرة العتيقة
قالت ويسكرز: "هناك نقش على جذع الشجرة كتب فيه: (حيث تسقط الظلال، ينهض النور)." أمالت رأسها متسائلة: "ما الذي يعنيه ذلك؟"
حكّ غيث رأسه وقال: "يبدو كأنه لغز."
تألقت عينا سامر فجأة وقال: "أعتقد أنني فهمت! الأمر يتعلق بكيفية تسلّل أشعة الشمس بين الأوراق." وأشار إلى الضوء المتسلل الذي يصنع بقعًا على الأرض.
قالت ويسكرز بحماس: "صحيح! انظروا، الظلال ترسم طريقًا على الأرض. سأتبعه."
سار الثلاثة خلفها، يتنقّلون بين الظلال حتى وصلوا إلى شجرة عتيقة ضخمة، جذعها ملتوي وفروعها كأصابع يابسة. وكان مكتوب عليها: "واجه مخاوفك، تجد الطريق."
زمجر غيث قليلًا وقال: "لا أشعر بالارتياح… كأنه فخ."
لكن سامر شدّ قامته وقال بعزم: "لقد جئنا بعيدًا، ولن نتراجع. علينا مواجهة مخاوفنا."
ابتسمت ويسكرز قائلة: "ومهما كان القادم، سنواجهه معًا."
الفصل الرابع: متاهة الانعكاسات
ارتجف الهواء فجأة وكأنه سطح ماء، وظهرت أمامهم متاهة من المرايا تمتد بلا نهاية.
شهقت ويسكرز بدهشة: "هذا جنوني! أي طريق نسلك؟"
قال غيث بتحذير: "احذروا… هذه المرايا تخدع العقول. لنبتعد عن التوهان."
دخل سامر أولًا، فرأى انعكاساته لا تُحصى. تمايلت الصور وكأنها عوالم لا تنتهي.
كل واحد منهم واجه مخاوفه وانعكاساته: رأت ويسكرز نفسها قطة صغيرة، فضحكت بسرور. لكن غيث واجه مرآة أظهرت أعمق مخاوفه، ومع ذلك قال بثبات: "لن أخاف."
وفي قلب المتاهة، ظهرت مرآة كبرى تعكس صورة الجوزة الذهبية مشرقة كمنارة. هتف الثلاثة معًا بدهشة.
خطوا نحوها، فذابت المتاهة، ووجدوا أنفسهم في فسحة مضيئة، والجوزة الذهبية أمامهم تتلألأ.
الفصل الخامس: نهر الألغاز
وجدوا أنفسهم أمام نهر صافٍ، وصوت رخيم يسأل: "ما الذي يمكن أن يُكسر دون أن يُمسك، ويُعطى دون أن يُباع؟"
أجابت ويسكرز بفخر: "الوعد!"
ظهر قارب من زهور وكروم ليعبروا به النهر. ومع كل لغز جديد، تعاون الأصدقاء: غيث أجاب عن دورة الفصول، وسامر عن انسجام الموسيقى مع الصمت.
وأخيرًا، قادهم النهر إلى شلال بديع، وخلفه كهف يختبئ فيه السر.
قال غيث: "أشعر أننا قريبون."
أجاب سامر: "لنذهب ونكمل."
الفصل السادس: الجوزة الذهبية
دخلوا الكهف، وإذا بالضوء الذهبي يملأ المكان. وهناك، على قاعدة من الطحالب والحجر، كانت الجوزة الذهبية.
لمعت عيونهم بالدهشة، ولمّا لمستها ويسكرز توهجت أكثر. ارتجف سامر بعاطفة وقال: "هذا يعني أن قريتنا ستنعم بالسلام أخيرًا."
سمعوا صوت الجوزة نفسها تقول: "لقد أثبتم نقاء قلوبكم وشجاعة أرواحكم. خذوني إلى قريتكم، وسأمنحكم عهدًا جديدًا من الفرح والرخاء."
حملوها بحذر، وبخروجهم من الكهف ابتهجت الغابة: الأشجار ترقص، والكائنات تهتف.
عادوا إلى القرية، والجوزة تشع نورًا يملأ المكان. انبهر الأهالي، وما إن رفعت عاليًا حتى غمرت القرية موجة من الفرح. تحوّلت الأكواخ إلى بيوت مضيئة، والهواء امتلأ بعبق الزهور.
ضحك الناس وبكوا فرحًا، وعرف سامر ورفيقاه ويسكرز وغيث أن رحلتهم كانت تستحق كل خطوة. لقد جلبوا لقريتهم السلام، وملأوا القلوب حبًا وسعادة.