رواية عشق عظيم الفصل 2

رواية عشق عظيم الفصل 2

Rating 0 out of 5.
0 reviews

عشق عظيم االفصل 2

 

عظيم: بقا انتي بقا اللي بتتحديني!!!

مجرد صوته بس اخترق أعماقي كالسوط، رعشة خوف اجتاحت جسدي كله، فكيف لو رأيته بعيني؟! عن أي تحدٍّ يتحدث؟! أنا لم أتجرأ على مواجهته من الأساس…

شعرت بيدٍ غليظة تنتزع غطاء رأسي بعنف، اهتز كياني كله، وارتجفت خوفًا لدرجة أنني لم أستطع فتح عينيّ. بقيتا مغمضتين بضع ثوانٍ، وكأن جفوني تحاول حمايتي من مشهدٍ مجهول أعرف مسبقًا أنه سيفزعني. لكن ما إن بدأت أفتحها، حتى صُدمت بالواقع القذر أمامي…

مكان متعفن، جدرانه حالكة الظلام تفوح منها رائحة العفن، كأن الموت عالق في هوائه. الدماء متناثرة في الأركان، متخثرة على الأرض الباردة. وفجأة… وقع بصري على جثة مرمية هناك، هامدة بلا حراك. تسمرت قدماي من الفزع، وتساءلت في داخلي: يا ويلي… أهذا مصيري؟!

وبينما قلبي يخفق بعنف، وقعت عيناي على جسدٍ عريض يقف أمامي. لم أرَ سوى ظهره الطويل وقامته المهيبة، لكن مجرد هيبته زادت خوفي أضعافًا. كأنني أسيرة أمام جلاد لا يرحم.

عظيم: هو انتي كنتي متخيلة نهاية غير دي للي يلعب معايا أنا… عظيم!

عن أي شيء يتحدث؟ هناك سوء فهم أكيد… أنا لم أفعل شيئًا!

ضحك باستهزاء، ضحكة باردة كسرت أنفاسي:

عظيم: دا انتي اختارتي موتك بإيدك.

استدار ببطء، لأرى وجهًا عابسًا جامد الملامح، الغضب يقطر من عينيه. نزع اللاصق عن فمي بمنتهى القسوة، فتأوهت من الألم.

عشق (بصرخة): آآآه!

عظيم (بضحك): مين زقك عليا؟

عشق (ببكاء): انت مين أصلا؟! ومين اللي بتتكلم عنه؟! أنا معرفش أنا هنا ليه ولا إنتو مين!

عظيم (بهـدوء متصنع): وأنا مصدقك… تحبي تبقي زي اللي مرمي هناك ده؟

ازداد بكائي، وارتجف صوتي بالرجاء:

عشق: والله ما أعرف إنت مين ولا بتتكلم عن إيه… أرجوك صدقني، أنا مش اللي بتدور عليها… دي واحدة تانية!

عظيم: لو قولتي مش هأذيكي.

عشق (بصرخة يائسة): والله ما أعرف حاجة! سيبني أرجوك!

صوته انفجر كالبركان، يزلزل المكان:

عظيم: صوتك مايعلاش يا بت! حتى وإنتي بتموتي… سامعة؟!

قبل أن ألتقط أنفاسي، انهالت صفعة غليظة على وجهي. ارتج رأسي من شدتها، وسالت دمائي من فمي وأنفي. شعرت أن العالم كله يدور بي، أنني على وشك الانهيار. ما هذه القسوة؟! هل يمكن لإنسان أن يفعل ذلك؟!

لكن غضبي انفجر رغم ضعفي، كأن لحظة الجنون أخرجت ما في قلبي كله:

عشق: انت مش إنسان… ما عندكش ذرة رحمة! انت حيوان على هيئة بني آدم! مين إدالك الحق تعمل فيا كده وتقتل البريء ده؟!

انت مجرم حقير، وبكره تتعدم وتتحاسب على كل وساختك! عايز مني إيه؟ ومين اللي بتسأل عليه؟! إنت مجنون تخطف بنات الناس! والله هوديك في ستين داهية!

عينيه اشتعلت نارًا، الغضب يتطاير منها كشظايا الجمر، وبدا كأنه سيذبحني في تلك اللحظة بمنتهى السهولة. لكن كلماتي كانت كالسهم الذي أصاب كبرياءه في الصميم.

عظيم (غاضبًا): شكلك ما تعرفيش أنا ممكن أعمل فيكي إيه بعد الكلام ده…

ثم استدار، وصوته يهدر بالفضاء:

عظيم: زين! يا زفت!

زين: نعم يا بيه.

عظيم: فكها.

زين: حاضر.

حرر قيودي، لكن جسدي لم يعد يقوى على احتمال الألم. وقفت بصعوبة، قدماي ترتجفان، عيناي تدوران، وسرعان ما تهاوت الدنيا من حولي، واسودت رؤيتي بالكامل، فسقطت فاقدة وعيي.

زين: دي أغمى عليها يا بيه.

عظيم: سيبها واقفل الباب عليها، وخلي حراسة هنا لحد ما أشوف هعمل معاها إيه.

زين: أمرك.

image about رواية عشق عظيم الفصل 2

في إحدى الشقق الفاخرة، حيث الفخامة تخفي وراءها قذارة النفوس، كان كل شيء يوحي بالبذخ، لكن الهواء مشبع بالخيانة والغدر. الأضواء الخافتة تنعكس على الأثاث اللامع، والجدران الصامتة تشهد على سرٍّ أسود يوشك أن ينفجر.

جلست نعمة وهي متوترة، يعلو وجهها القلق والخوف، بينما يدها تعبث في ثيابها بلا وعي. ارتعاش صوتها كشف عن رعب دفين ينهش قلبها:

البنت (نعمة): بس أنا خايفة أوي يا لولو إن أخوك يعرفني ويقتلني!

ابتسم علي بمكر، نظراته تحمل طمأنينة كاذبة تخفي خلفها نوايا مظلمة:

علي: لا يا روحي متخافيش… أنا ظبطت الدنيا، وهو خطف بنت تانية، وزمانه قتلها دلوقتي… وانتي في الأمان.

لكن الخوف لم يفارق عينيها، ظلّ شبح "عظيم" حاضرًا في مخيلتها، هي تعرف شدته وقسوته، وتعلم أن مجرد خطأ واحد قد يكون ثمنه حياتها:

نعمة: بس أخوك مش سهل أبدًا… ويعرف دبة النملة… ومحاولتي الفاشلة في قتله دي ممكن تخليه يعرفني.

اقترب منها علي، ليلقي بكلماته المعسولة في أذنها:

علي: يا قلبي قولتلك متقلقيش.

لكنها لم تقتنع بسهولة، ما زالت تبحث عن الأمان بين حروفه:

نعمة: طب إنت ليه متسمموش إنت بنفسك؟

ضحك بخبث، وملامحه تعكس أنانيته الخفية:

علي: علشان أبقى في الصورة كدا على طول… أكيد لأ. انتي محدش يعرفك علشان يشك فيكي.

وفي داخله تسللت فكرة مظلمة، لم يبح بها: ولو اتمسكتي… في داهية.

هزّت رأسها بخضوع، عيناها تلمعان بالعاطفة العمياء التي أعمَتها عن خيانته:

نعمة: ماشي يا لولو… أنا مستعدة أعمل علشانك أي حاجة… علشان أنا بحبك.

ابتسم ابتسامة شيطانية، واقترب منها أكثر:

علي: وأنا كمان يا روحي بحبك… ما ترقصيلي شوية.

رفعت حاجبها بخفة، والحياء المزعوم ذاب أمام شهوتها:

نعمة: بس كدا… عيوني يا لولتي.

وبدأت ليلتهم المليئة بالقذارة… ليلـة يكسوها الخيانة من أولها لآخرها، وتفضح ظلام النفوس التي تبتسم بالحب، بينما تزرع الموت في الظل.

في فيلّا أشبه بالقصر، تفاصيلها تنطق بالفخامة، وديكوراتها تشهد على عظمة من يملكها. كان الليل ساكنًا إلا من وقع خطواته… دخل عظيم مسرعًا، بهيئته الرجولية وهيبته المميتة، وكأن الأرض تهتز تحت قدميه. قبل أن يبلغ غرفته، استوقفته سيدة ستينية، تقف بثبات ورقة في آنٍ واحد.

سندس: استني يا عظيم!

عظيم: مساء الخير يا جدتي… عاملة إيه؟

سندس: بخير يا حبيبي طول ما انت بخير… اتعشيت يا ابني؟

عظيم: ماليش نفس… متشغليش بالك.

سندس: على راحتك يا حبيبي.

لم يزد كلمة، وأسرع إلى غرفته. ألقى سترة بدلته جانبًا بعنف، والغضب يتأجج داخله كبركان لا يهدأ. ظل يسترجع كلماتها، يزداد غضبًا حتى أرهقته الأفكار.

حين بزغ الصباح، أيقظه رنين الهاتف. رفع السماعة وصوته يقطر برودًا قاتلًا:

عظيم: أيوه؟

زين (متوتر): أنا آسف يا فندم… بس شكلنا غلطنا.

عظيم (بحدة): غلطتوا في إيه يا زفت؟

زين: البنت اللي خدناها المخزن يا باشا… مش هي اللي كانت هتسممك. اكتشفنا إن البنت التانية ماكانتش موجودة في المكان ده وقتها… وكانت في مكان تاني مع…

عظيم (يزمجر): مع مين؟ انطق!

زين: مع علي بيه… أخو حضرتك.

عظيم (بابتسامة قاتلة): والله ووقعت يا علي…

نهض واقفًا، جسده الممشوق يشي بالقوة والهيبة، وكان لا يرتدي سوى بنطال يكشف عن عضلات بارزة صنعتها قسوته على نفسه. دخل إلى المرحاض ليستحم، كأن الماء يطفئ قليلًا من نيرانه. خرج بعدها، واتجه إلى غرفة الملابس. اختار بذلة سوداء أنيقة، أضافت لوسامته وقاره وهيبته. رشّ بعض العطر الرجولي القوي، ثم غادر.

ركب سيارته الفارهة، وانطلق إلى المخزن. عند وصوله، أمر بصرامة وهو يعبر البوابة:

عظيم: يلا… حد يدخل يجيبها، بس فكوها.

أحد الرجال: أمرك.

لم يمر سوى وقت قصير حتى عاد الرجل، وصوته متردد:

الرجل: أنا آسف يا بيه… البت مش فايقة، شكلها لسه مغمي عليها.

تجمدت ملامحه، نظراته باردة كالجليد:

عظيم: هي فين؟

قادوه إلى حيث كنت… ملقاة على الأرض، جسدي واهن، أشبه بقطعة ثياب قديمة تُركت بلا قيمة. ولِم لا؟! وأنا التي أرهقتها قسوة الأهل والخذلان، ولم أرَ من الدنيا سوى القهر.

كنت نصف واعية، لا أملك السيطرة على أطرافي من شدة تعبي وإرهاقي. فجأة… شعرت بيد دافئة تُلامس وجنتي برفقٍ لم أتوقعه، وسمعته يهمس بصوتٍ غليظ لكنه يحمل قلقًا دفينًا:

عظيم: دي حرارتها عالية جدًا.

ثم، دون تردد، رفعني بين ذراعيه القويتين. كنت خفيفة كأنني بلا وزن، لكنه حملني كمن يحمل كنزًا يخشى سقوطه. أنفي استنشق عطره الرجولي القوي، فأغمضت عينيّ في لا وعي، وتسللت أمنية إلى قلبي المنهك: ليت لي ظهرًا كهذا يحمي ضعفي… ليت لي من يحبني حقًا، فلا أخاف في حماه أبدًا.

كانت دموعي تبلل وجنتي حين نظرت إليه، بالكاد أفتح عينيّ، وهمست بصوتٍ متحشرج يائس:

عشق (بهمس): أرجوك… متسيبنيش.

ثم انطفأت قواي من جديد، واستسلمت للنوم بين ذراعيه، غارقة في عتمة وهنٍ عميق.

يتبع..... 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

2

followings

2

followings

0

similar articles
-