
رحلة فلفول إلى مدينة النجوم
رحلة فلفول إلى مدينة النجوم

في قرية صغيرة بين الجبال كان يعيش أرنب صغير اسمه فلفول كان يحب القفز واللعب لكنه كان مختلفًا عن باقي الأرانب لم يكن يحب الجزر كثيرًا وكان يفضل الجلوس تحت الأشجار يتأمل السماء ويتخيل أنه يطير بين الغيوم كان فلفول يحلم دائمًا أن يزور مدينة النجوم التي كان يسمع عنها في حكايات جدته كانت تقول له إن هناك مدينة في السماء يسكنها نجوم تتكلم وتضحك وتلعب مع من يزورها لكن لا يصل إليها إلا من يملك قلبًا نقيًا وحلمًا كبيرًا
في أحد الأيام وبينما كان فلفول يجلس على التل ينظر إلى السماء رأى نجمة تسقط من الأعلى وتلمع بلون أزرق غريب ركض نحوها ووجدها تتوهج على الأرض اقترب منها وهمس لها هل أنت من مدينة النجوم ردت عليه النجمة بصوت ناعم وقالت نعم وأنا هنا لأني سمعت حلمك أنت تحلم أن تزورنا وهذا شيء لا يفعله كثيرون سأعطيك فرصة واحدة لتبدأ رحلتك لكن عليك أن تثبت أنك تستحق الوصول
سألها فلفول كيف أثبت ذلك فقالت له عليك أن تمر بثلاث مغامرات كل مغامرة ستختبر شيئًا فيك الأولى في غابة الرياح والثانية في وادي الظلال والثالثة في جبل الحكمة إذا نجحت فيهم جميعًا سأفتح لك بوابة مدينة النجوم
وافق فلفول بحماس وبدأ رحلته في صباح اليوم التالي حمل حقيبته الصغيرة ووضع فيها قطعة خبز وبعض التوت وانطلق نحو غابة الرياح كانت الغابة مليئة بالأشجار الطويلة التي تصدر أصواتًا غريبة كلما هبت الرياح وكان عليه أن يعبرها دون أن يخاف أو يتراجع في منتصف الطريق هبت عاصفة قوية جعلت الأشجار تتمايل والرياح تصفر في أذنه لكنه تذكر كلام جدته عن الشجاعة فثبت قدميه وأكمل السير حتى خرج من الغابة وهو يبتسم
ثم وصل إلى وادي الظلال وكان واديًا مظلمًا لا يرى فيه شيئًا وكان عليه أن يجد طريقه دون أن يضيع جلس قليلاً وفكر ثم قرر أن يغني أغنية تعلمها من أمه وهو صغير كانت الأغنية تجعله يشعر بالأمان وبينما يغني بدأت الظلال تتلاشى وظهر له طريق صغير مضاء بنور خافت تبعه حتى خرج من الوادي
أما المغامرة الأخيرة فكانت في جبل الحكمة وكان عليه أن يجيب عن سؤال تطرحه عليه صخرة قديمة في قمة الجبل تسلق فلفول الجبل بصعوبة وعندما وصل إلى القمة وجد الصخرة تنتظره وقالت له ما هو الشيء الذي لا يُرى لكنه يُشعر وما هو الشيء الذي لا يُسمع لكنه يُفهم جلس فلفول يفكر ثم قال إنه الحب لأنه لا يُرى ولا يُسمع لكنه يجعلنا نفهم بعضنا ابتسمت الصخرة وقالت له لقد نجحت يا فلفول أنت تستحق أن ترى مدينة النجوم
فتحت الصخرة بوابة من نور دخل منها فلفول فوجد نفسه في مدينة مليئة بالنجوم التي تضحك وتغني وتلعب كانت المدينة تشبه الحلم كل شيء فيها يلمع وكل نجمة تحكي قصة مختلفة جلس فلفول يستمع لهم وتعلم منهم أن الأحلام لا تتحقق إلا إذا كنا شجعان وصادقين ومحبين
وبعد أيام قرر أن يعود إلى قريته ليحكي للأطفال عن رحلته ويخبرهم أن مدينة النجوم ليست بعيدة بل هي داخل كل من يحلم ويصدق نفسه
ومنذ ذلك اليوم أصبح فلفول رمزًا في القرية وكل طفل كان يحلم كان يذهب إلى التل وينظر إلى السماء ويقول أنا أريد أن أزور مدينة النجوم
بعد أن عاد فلفول إلى قريته وأصبح رمزًا للأطفال الذين يحلمون لم يتوقف عن التفكير في مدينة النجوم كان يشعر أن هناك شيئًا لم يكتشفه بعد وفي ليلة هادئة بينما كان ينظر إلى السماء رأى نجمة صغيرة تتحرك بسرعة ثم توقفت فوق التل الذي يحب الجلوس عليه نزل إليها فلفول ووجدها تبكي بلونها الأبيض الخافت سألها لماذا تبكين فقالت له أنا النجمة التي لا تنام لأنني أحرس بوابة الأحلام لكنني فقدت مفتاح البوابة ولا أستطيع العودة إلى مكاني
نظر إليها فلفول وقال أنا سأساعدك أخبريني أين فقدت المفتاح فقالت له إنه سقط في بحر الغيوم وهو بحر لا يراه إلا من يؤمن بالخيال ولا يعبره إلا من يحمل قلبًا لا يعرف الكره ولا الحزن ولا الخوف
قرر فلفول أن يخوض المغامرة الجديدة فودع أصدقاءه وحمل معه مرآة صغيرة أعطتها له جدته وقالت له هذه المرآة سترى فيها حقيقتك كلما نظرت إليها وانطلق نحو بحر الغيوم الذي كان في أعلى جبل بعيد تسلق الجبل وكان الطريق مليئًا بالضباب لكنه كان يردد كلمات النجمة أنا أؤمن بالخيال أنا لا أخاف أنا أحب الجميع
وعندما وصل إلى قمة الجبل وجد نفسه أمام بحر من الغيوم البيضاء التي تتحرك ببطء وكأنها تتنفس قفز فلفول داخل البحر وبدأ يسبح بين الغيوم وكلما شعر بالتعب نظر إلى المرآة فوجد وجهه يبتسم فاستعاد قوته واستمر في السباحة حتى رأى شيئًا يلمع في الأعماق اقترب منه فوجد المفتاح لكنه كان محاطًا بدائرة من الغيوم السوداء التي تهمس له بكلمات غريبة أنت صغير لن تنجح لا أحد يصدقك
أغلق فلفول عينيه وتذكر الأطفال الذين يحلمون وتذكر النجمة التي لا تنام وتذكر رحلته السابقة وقال بصوت عال أنا أصدق نفسي أنا قوي أنا أحب الحلم فتلاشت الغيوم السوداء وأخذ المفتاح وعاد إلى النجمة التي كانت تنتظره على التل
فرحت النجمة وقالت له لقد أثبت أنك لا تساعد فقط بل تؤمن وتحب وتحلم أنت الآن صديق مدينة النجوم الحقيقي سأعطيك هدية لا يراها أحد إلا من زارنا من قلبه
فتحت النجمة جناحيها من نور وأعطته حجرًا صغيرًا يشبه القمر وقالت له هذا الحجر سيضيء كلما اقتربت من حلم جديد وكلما ساعدت أحدًا على أن يحلم
ومنذ ذلك اليوم أصبح فلفول لا يكتفي بالحكايات بل كان يساعد كل من يشعر بالحزن أو الخوف كان يحمل حجره ويقول له انظر هذا الحجر يضيء لأنك بدأت تحلم
وهكذا أصبحت القرية مليئة بالأحلام وكل طفل كان يرى في فلفول ليس فقط أرنبًا صغيرًا بل بوابة إلى مدينة النجوم