
حين نبض القلب لأول مره
الفصل الاول ( الحلم )

في حديقه تغمرها أشعة غروب الشمس تتسلل بين أغصان الأشجار
الأشجار تضئ الاوراق بخضره لامعه يتخللها بريق ذهبي دافئ
الزهور تنثر الوانها برفق علي الارض كأنها لوحه رسمت بحب تضيف للمكان سحرا يعانق الروح ..بينما تغرد العصافير كأنها تروي للحياه حكايه يوم جديد تنساب ألحانها كهمسات الفرحه التي تعانق القلوب
هناك وجد نفسه يتحدث مع فتاه لم يري مثلها قط تبتسم كما لو كان العالم باسره صار أكثر دفئا
كانت ابتسامتها تشع دفئًا وراحة، وشعور غريب بالسعادة يملأ كيانه، كما لو أنه وجد المكان الذي طالما بحث عنه دون أن يدري كانا يتحدثان معا ويضحكان يعيشان لحظات من الفرح الخالص والهدوء. بدا وكأنهما في عالم خاص بهم ملئ بالسكينه والدفئ
حيث لا وجود لأي شئ اخر سوي ابتساماتهما واحاديثهما التي تنبعث منها السعاده
في تلك اللحظة، لم يكن هناك شيء يشغل ذهن أحمد سوى هذه اللحظة، هذه الابتسامة، هذا الهدوء الذي يغلف العالم من حوله. كل شيء بدا حقيقيًا، حقيقيًا جدًا.
ثم... قطع كل هذا صوت بعيد وغير مفهوم، كأنه يناديه من أعماق غامضة. بدأ كل شيء يتلاشى ببطء؛ الألوان تفقد بريقها، واختفي صوت العصافير تاركا المكان في صمت ، والفتاة اختفت فجأة وكأنها لم تكن هنا
فتح عينيه ليجد نفسه في غرفته ووالدته تربت علي كتفه بلطف لتوقظه
"أحمد
حبيبي قوم بقا النهارده اول يوم دراسه ف أوله ثانوي اصحي عشان متتاخرش .
رد أحمد بنبره ملئيه بالحزن :
"ليه بس كده يا ماما؟ ليه صحتيني دلوقتي !؟"
سألت الأم بقلق:
"مالك يا حبيبي؟"
قال أحمد بصوت خافت .لا يزال تأثير النوم واضحا عليه :
"كنت بحلم حلم حلو اوي يا ماما، وانتي صحتيني في نص الحلم! طب سيبيني أنام شوية كمان وهصحى."
ضحكت الأم وقالت:
"يعني انت فاكر مثلاً إنك لو رجعت تنام هترجع لنفس الحلم تاني؟ لا، ما تحاولش الاحلام الحلوه دايما بتيجي مره واحده بس و يلا قوم، أنا حضرتلك الفطار، وتحكيلي بقى وانت بتفطر كنت بتحلم بإيه؟"
رد أحمد باستسلام:
"حاضر يا ماما، خلاص صحيت أهو."
على المائدة، سأل احمد أمه
"ماما، هو بابا راح الشغل؟"
قالت الأم وهي تضع كوب الشاي أمامه:
"آه يا حبيبي، لسه نازل من شوية. يلا بقا افطر واحكيلي
أحمد، شاب في الخامسة عشرة من عمره، ملامحه تجمع بين الجدية والطيبة. بشرته القمحية، وعيناه الداكنتان تحملان لمحة من الغموض والتفكير العميق. يتميز بطول متوسط وجسد رياضي يعكس نشاطه وحيويته. كان دائمًا يتسم بالحماس والشغف لمعرفة كل ما هو جديد، لكن الحلم الذي رآه الليلة الماضية أثار فضوله بشكل غير عادي.
قال أحمد وهو يتذكر الحلم:
"هو كان حلم غريب جدًا وكنت حاسس إني مبسوط قوي."
نظرت الام إليه بفضول وقالت :
"غريب جدًا؟ وفي نفس الوقت مبسوط؟ الميكس ده حصل إزاي؟ ها، احكيلي بقى."
"فكر احمد لثوانٍ وهو يحاول استرجاع تفاصيل الحلم، ثم قال:
"كنت قاعد مع بنت ف مكان جميل وهادي وكنا بنتكلم ، وكنت مبسوط جدًا ساعتها"
هزت الام رأسها قليلا وكأنها تنتظر
المزيد من التفاصيل :
"آه وبعدين، كمل!"
اجاب احمد :
"خلاص، الحلم كده خلص
ردت الأم بدهشة:
"نعم؟! انت بتهزر صح؟ أكيد بتهزر! هو ده بقى الحلم الغريب جدًا؟ طب مين البنت دي؟"
أحمد رد بهدوء وهو يلاحظ استغراب أمه:
"معرفهاش!"
قالت الأم وهي تضحك :
"كمان متعرفهاش؟!"
اكمل احمد حديثه :
"ولا عمري شفتها."ولا حتى سمعت هما كانوا بيتكلموا في إيه؟"
"هما!"
ظهرت علامات الاستغراب على وجه الأم:
"هما؟! يعني إيه؟"
قال أحمد بهدوء وهو يحاول إيصال الصورة بوضوح:
"يعني كنت شايف نفسي وأنا قاعد معاها وبنتكلم، كنت ببُص عليهم بس!" كأني جوا المشهد بس ف نفس الوقت بتفرج عليه من بعيد !
فكرت الام قليلاً قبل أن تعبر عن دهشتها:
"يعني ايه تشوف نفسك وبتتكلم ومتبقاش سامع هي حاجه غريبه فعلا !!! مش يمكن اصلا ال كان قاعد معاها دا حد تاني مش انت !!؟
رد أحمد بثقه:
"يا ماما، بقولك أنا! هو في حد مش هيعرف نفسه؟ يعني أنا لو رحت بصيت في المراية دلوقتي مش هعرف نفسي؟"
ردت الأم وهي تحاول إخفاء ضحكتها:
خلاص انسي يلا كمل أكلك عشان ما تتأخرش ولما ترجع من المدرسه نحاول نفهم اكتر ايه حكايه الحلم دا ."
---
طوال الطريق، كان أحمد غارقًا في تفكيره بالحلم. صورة البنت لم تغب عن ذهنه ولو للحظة. كان يحفظ كل ملامحها كأنه يعرفها منذ سنوات!
"إيه يا ابني؟ بنده عليك كل ده ومش سامعني؟!"
استدار أحمد نحو الصوت الذي بدا له أنه يعرفه جيدًا
"عمرو! إزيك؟ مسمعتش فعلاً. واحشني والله. انت جيت إمتى؟"
قال عمرو مبتسما :
"وأنت كمان واحشني جدًا يا أبوحميد. لسه جاي إمبارح. طمني عليك."
رد أحمد وهو سعيد بلقاء صديقه عمرو:
أنا بخير الحمد لله. الإجازة عدت بسرعه صح ؟!
ضحك عمرو وقال بنبره محبطه :
ـ "طارت والله. ورجعنا للدراسة والكتب والمذاكرة تاني ."
نظر عمرو حوله بفضول وقال :
احمد انا لاحظت أن في طلاب كتير اوي عمري م شفتهم قبل كدا
اومأ احمد برأسه وقال مفسرا السبب :
_ايوه فعلا في طلاب كتير من القري ال حوالينا بيقدموا ف المدرسه بتاعتنا لأن مفيش عندهم مدرسه ثانويه ف بيقدمو هنا ودي اقرب مدرسه ليهم
رد عمرو :
اه كدا فهمت ..
يلا ندخل بقا عشان الطابور هيبدأ."
--
"صباح الخير يا ليلي
"صباح النور يا ماما."
"يلا يا روحي، قومي جهزي نفسك كده وتعالي عشان نفطر أنا وانتي وبابا."
"حاضر."
ليلي فتاه في الخامسة عشرة من عمرها. تمتاز بجمال بسيط ينعكس في ملامحها الهادئة والبريئة. عيناها الواسعتان بلون بني دافئ، دائمًا ما تعبران عن طيبة قلبها ونقاء روحها. هي متدينة جدًا، قريبة من ربها، ملتزمة بلبسها المحتشم والواسع الذي يعكس احترامها لقيمها. تحب والدها ووالدتها كثيرًا، وتعتبرهما مصدر دعمها الدائم.
على المائدة، قال والدها بابتسامة:
"كبرتي ي حبيبة بابا وبقيتي في أولى ثانوي. بتمنى من كل قلبي أشوفك أحسن دكتورة في الدنيا. ربنا يوفقك يا حبيبتي."
ردت ليلي بحب:
"ربنا يخليك ليا يا أحلى بابا في الدنيا. انت وماما القمر دي."
قال والدها بنبرة جادة:
"بصي يا بنتي، دي أول مرة مدرستك تكون بعيدة عن البيت. هتتعاملي مع ناس جديدة، ودي مرحلة جديدة في حياتك. عايزك تخلي بالك من نفسك، تقربي من الناس الكويسة، وتبعدي عن أي حد مش كويس. ودايمًا احكيلي أنا وماما كل حاجة بتحصل معاكي. ما تخبيش علينا حاجة أبداً."
"حاضر يا بابا، ما تقلقش عليا."
وصلت ليلي إلى المدرسة وهي ممتلئة بالحماس والسعادة، فهذا اليوم كان البداية التي طالما حلمت بها في المرحلة الثانوية. لكنها لم تلبث أن شعرت بوخزة الوحدة، فقد أحاطت بها وجوه غريبة، ولم يكن هناك أحد تعرفه بين الفتيات. حاولت أن تجمع شجاعتها للحديث مع أي منهن، لكن التردد تغلّب عليها، مما جعلها تقف في مكانها مترددة، تحاول كتم شعور الحزن الذي بدأ يتسلل إليها.
وفي تلك اللحظة، دوّى صوت جرس الطابور ليعلن بداية اليوم الدراسي. استجابت ليلي سريعًا لهذا الصوت وكأنه طوق نجاة، فقد شعرت بأن الحركة والانضمام للصفوف ستخفف عنها وتبدد تلك الوحدة التي أثقلت قلبها للحظات
كان الطابور الصباحي قد بدأ، ووقف أحمد في صفه، محدقًا أمامه بلا تركيز، مستغرقًا في أفكاره. وبينما كان ينقل نظره بلا هدف بين الصفوف، توقفت عيناه فجأة.
هناك، في منتصف صفوف البنات، لفتت نظره فتاة ترتدي طرحة بيضاء، بملامح هادئة وبريئه
لم تكن مجرد فتاة عابرة؛ بل بدت وكأنها مألوفة بطريقة غامضة.
شعر أحمد برجفة تسري في أوصاله، وكأن الهواء حوله أصبح مشحونًا بطاقة غريبة. تراجع خطوتين دون وعي، محاولًا استيعاب ما يراه
في تلك اللحظه اصبح المكان خاليا في عين احمد . لا شئ سواها يملأه
" اللي انا شايفه دا بجد !! مستحيل! دي هي !!