أنور ناصر الدين  :  عن طمس دور الأنثى بوصفها كائن خلاق  أسبازيا 480 - 410 ق م

أنور ناصر الدين : عن طمس دور الأنثى بوصفها كائن خلاق أسبازيا 480 - 410 ق م

Rating 5 out of 5.
3 reviews

داخل دائرة قسمة البشر الى قسمين /ذكر وأنثى /  ‌قراءة الاحداث التاريخية بوصفها قضية  قد تكون مجحفة وغير صحيحة اذا قُرِأَتْ وفُسّرت بصورة  تتناقض مع  التفسيرات العقلية الانسانية بالمعنى العميق للجملة .
ولا أذكر من ذهب ابعد من ذلك قائلا  : اذا حذفنا  كل" الكذب " من التاريخ ليس بالضرورة  ان يكون المتبقي  هو حقيقي !

عن طمث دور الأنثى بوصفها كائن خلّاق عبر التاريخ 

image about أنور ناصر الدين  :  عن طمس دور الأنثى بوصفها كائن خلاق  أسبازيا 480 - 410 ق م
تمثال أسبازيا


ثمة روايات تاريخية   تناقلها المفكرون من جيل لآخر .. أعتقد  أنها قابلة للتصديق  لكثرة البراهين و قوة الحجة و احترامها بشكل مطلق لعقل الانسان  في صياغة و طرح القضية  دون  تجييش جنسي أو عرقي ، وتحريض و ابتذال يثير الغرائز بشكل سلبي  !  بالإضافة لحتمية ما وصلنا اليه من اقصاء و تطرف  فقط من اجل السلطة   . فمن هذا المنطلق نستطيع القول  إن إعادة   قراءة القضايا التاريخية قراءة عامودية ، تساعدنا في تفسير  ما يحدث في يومنا هذا وليس تبريره .. بالتالي تغييره  بغية استخلاص  الايجابيات كقيم انسانية  يحتذى بها ونشرها بين الافراد كفكرة والعمل على تطبيقها وممارستها  عمليا من اجل  التقدم نحو الأفضل و الأكثر سلاما و حرية  ، لا أن نبرر او نكتفي بالقضية التاريخية كفكرة جاهزة دون بحث و قراءة خاصة لا تتقاطع مع المبادئ  العقلية او  نتخذ موقف  مبني على الجهل والنفاق او يكون الطرح بهدف اثارة  الاحقاد لصالح عصبة مذهبية سلطوية عميلة وخنوعة وخاضعة للخارج " القوي " في الوقت التي تستقتوي  ع الفقير والضعيف ولا تحميه  . هنا يتجلى الفرق بين السلطة الحقيقية بالمعنى القانوني الانساني و ،"التسلط " السلطة   بالمعنى الاقصائي العنفي 
فالتسلط ظلم وطغيان  و إفقار و اقصاء و تحقير وترهيب و فتاوي . والسلطة معرفة وعدالة و انتماء وتشاركية  وحب وحرية و قانون .   
الحدث التاريخي  يا سادة إرثا حضاريا  ، العبث به وتَركه اداة بيدِ العقول الضيقة و المتسلقين يمثل عبئاً مستمراً على الأجيال الحالية والمقبلة  لان  الجماعات التي تصل الحكم   بالحرب   تختزل   التراث  بمفهوم الهوية  / المناطقية - المذهبية ـ  الدينية ـ العرقية   /  سواء كان تراثا ادبيا او فلسفيا او معماريا  . لنقع في مأزق اكبر    لانهم قضوا على مفهوم  الهوية الانسانية التي تحتوي كل الحضارات القديمة  و هذا ما يتناقض مع التفسيرات العقلية الاخلاقية الانسانية  لقراءة الهوية و التراث و التاريخ والأدب والنصوص المقدسة  .   
هوية الكائن البشري هي نتاج للتوافق بين القيم الأسمى / الخير الحق الجمال / مع غاية الفرد من وجوده المتمثلة بالنمو والارتقاء والتطور  .  هذا النتاج  ارثا انسانيا مبتكر خلّاق قابل للتطور كل لحظة  يخص الفرد نفسه وليس موروث  جامد يخص جماعة هنا وأخرى هناك  
   
الديانة الأثينية:  ألوهة تتسع للأنوثة والعقل
الديانة الأثينية لم دينًا قائمًا على النصوص أو الكهنة، بل كانت منظومة رمزية فكرية تُمجد الإنسان، وتجعله محور الكون.
كانت الآلهة اليونانية صورة مجازية للطاقات البشرية: أثينا آلهة الحكمة ، أفروديت آلهة الجمال ، أرتميس آلهة الحرية  وديميتر آلهة الأمومة.
في هذه الديانة، لم تكن الأنثى مجرد " غرض " جنس اخر تلعب دور المتاع  بل كانت جزءًا أصيلًا من البناء الكوني، حاضرة في السماء كما في المعبد
في معابد أثينا، كانت الكاهنات يتمتعن بمكانة محترمة، وغالبًا ما كانت تُمنح لهن صلاحيات روحية واجتماعية. ولم يكن من الغريب أن تنخرط النساء في الطقوس العامة، بل أحيانًا يُحتكر الاحتفال بهن مثل احتفالات الثيسموفوريا الخاصة بالنساء . 
Walter Burkert, Greek Religion

الفكر الكنسي : عقيدة الإقصاء
حين وصلت الكنيسة للسلطة السياسية والفكرية في أوروبا، خاصة منذ مجلس نيقية (325م)، بدأ ترسيخ صورة المرأة كخطيئة متجسدة، على غرار حواء. وكانت هناك مقولات صريحة لأشهر رجال الكنيسة تعكس هذه الرؤية:
> ● القديس أغسطينوس: "المرأة بطبيعتها أدنى من الرجل."
● القديس توما الأكويني: "المرأة هي انسان ناقص. و كائن عرضي"
● ترتوليان: "أنتِ بوابة الشيطان!"
وفي قلب الحضارات، من أثينا إلى روما، ومن أورشليم إلى روما البابوية، ظل العقل الأنثوي محجوبًا عن الضوء، حتى وإن كان منارًا للمعرفة  مثل "أسبازيا "  التي عثر على تماثيل لها في اكثر من منطقة في العالم في نيويورك و برلين و البندقية و عثر على تمثال نُسب لها ، يعود لقرن الخامس قبل الميلاد  في مدينة حماه السورية   عن طريق بعثة تنقيب اثارية دنماركية في. منتصف القرن العشرين  
Henry Seidel Canby, Education of the Women of the Renaissance, Yale Review (1915
image about أنور ناصر الدين  :  عن طمس دور الأنثى بوصفها كائن خلاق  أسبازيا 480 - 410 ق م

أسبازيا 480 - 410 ق م  


مهندسة الحداثة الفكرية قبل الميلاد ..امرأة  أُحرقت مؤلفاتها  من  قبل الكنسيين لترسيخ الفكر الكنسي  .
ولدت أسبازيا الميليسية في ميليتوس (تركيا الحالية)، ثم انتقلت إلى أثينا و أقامت علاقة طويلة الأمد مع بريكليس القائد العسكري لاثينا وقتها  وتقول الأساطير أنها أصبحت إحدى أكثر النساء نفوذًا فكريًا وثقافيًا في القرن الخامس قبل الميلاد. أدارت صالونًا فكريًا في بيتها، حضره فلاسفة مثل سقراط، ويُعتقد أن أفلاطون تأثر بخطبها السياسية.

Diogenes Laërtius, Lives and Opinions of Eminent Philosophers; Plutarch, Life of Pericles.

في العصور الوسطى، واستنادًا إلى التفكير الكنسي السائد، تم النيل من سمعة إسبازيا من خلال تصنيفها كعاهرة . هذا التوجه لم يكن مجرد اعتداء على سمعتها الشخصية، بل كان له تأثير كبير على مدى استجابة المجتمع لتطلعات النساء في تلك الحقبة. فحرق مؤلفاتها وتصفية أي أثر يُذكر لها كان بمثابة قرار عنيف لطمس كل ما يمثل قوة النساء الفكرية 
و هذه النظرة   كانت إستراتيجية ثقافية لإقصاء النساء من الكهنوت، والسياسة. وبهذا لم يكن غريبًا أن يُطمس اسم أسبازيا، وتُمسح سيرتها من الكتب التعليمية في الأديرة والمدارس اللاهوتية.
5. لماذا تم تشويه أسبازيا بالذات؟
لأنها جسّدت ما كان يحاربه الفكر الكنسي :
امرأة مستقلة فكريًا.
ليست زوجة أو أمًا بالمفهوم الكنسي.
ذات صوت سياسي وأخلاقي حر.
مارست البلاغة والخطابة في وقت حُرّم فيه ذلك على النساء 
Henry Seidel Canby, Education of the Women of the Renaissance, Yale Review (1915.  

image about أنور ناصر الدين  :  عن طمس دور الأنثى بوصفها كائن خلاق  أسبازيا 480 - 410 ق م

 

إعادة النظر بمفهوم الموروث كقيمة  انسانية جمالية مطلقة تنطلق منها القيم   /الخير و الحق / سيكون خير نواة
لإحداث ‌نقلة نوعية في الواقع الثقافي  للمجتمعات و رفع الوعي بقيم التعايش وقبول الآخر وتعزيز روح الانتماء الانساني يُترجم الى أثر مستدام يتمثل في بناء جيل واعٍ ومبادر قادر على استخدام الارث التاريخي الانساني  كوسيلة للتغيير الإيجابي وتقليص دائرة السلبيات ، إضافة إلى دعم المبادرات التي تحد من مظاهر العزلة الاجتماعية وتفتح آفاقاً للحوار والتواصل بين مختلف الفئات. كما أن الأثر بعيد المدى  سيتجلى في تعزيز رأس المال الثقافي للمجتمع، بما يعزز فرص التنمية المستدامة ويخلق بيئة أكثر انسجاماً وعدلا
بالتالي، تكريس  ثقافة التغيير  كأداة أساسية لبناء المجتعات ....

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

2

followings

6

followings

33

similar articles
-