(رواية العرّافة للكاتب محمد الشريف)
رواية العرّافة: حين يلتقي الأدب بالفكر والواقع
في عالمٍ تتسارع فيه الأحداث، وتتداخل فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يظل الأدب أحد أهم الوسائل التي تساعد الإنسان على فهم ذاته وتحليل واقعه. ومن بين الأعمال التي أثارت اهتمام القرّاء ودفعتهم إلى التأمل والتساؤل، تبرز رواية العرّافة للكاتب محمد الشريف كعمل أدبي يحمل أبعادًا فكرية وإنسانية تتجاوز حدود الحكاية التقليدية، ليطرق أبواب المصير والاختيار والوعي الإنساني.
تدور أحداث رواية العرافة محمد الشريف حول سؤال محوري شغل

عقل الإنسان منذ القدم: هل مستقبل الإنسان مكتوب سلفًا، أم أنه يصنعه بقراراته وأفعاله؟ ومن هنا تنجح الرواية في جذب القارئ منذ الصفحات الأولى، إذ لا تقدّم إجابات جاهزة، بل تفتح مساحة واسعة للتفكير، وتدعوه إلى مراجعة نظرته للحياة، وعلاقته بالزمن، والفرص، والتحديات التي يواجهها يوميًا.
ما يميز رواية العرّافة ليس فقط حبكتها المشوقة، بل قدرتها على المزج الذكي بين الواقع والخيال في الأدب. فالعرّافة في الرواية لا تمثل مجرد شخصية غامضة، بل ترمز إلى الخوف الإنساني من المجهول، والرغبة الدائمة في الاطمئنان على الغد، سواء كان ذلك في المال أو العمل أو العلاقات أو المستقبل المهني، وهو ما يجعل القارئ قريبًا من أحداث الرواية مهما اختلفت خلفيته أو اهتماماته.
ومن منظور أوسع، يمكن قراءة رواية العرّافة للكاتب محمد الشريف كمرآة تعكس واقع المجتمعات الحديثة، حيث يسعى الأفراد إلى تحقيق النجاح والاستقرار وسط ضغوط الحياة اليومية. وبين سطور الرواية إشارات واضحة إلى أهمية الوعي والتفكير واتخاذ القرار، وهي قيم لا تقتصر على مجال الأدب فقط، بل تمتد إلى مجالات متعددة مثل التنمية الذاتية، وريادة الأعمال، والاستثمار في القدرات البشرية.
كما تطرح الرواية فكرة جوهرية تتقاطع مع عالم المال والأعمال، وهي أن الاعتماد الكامل على التوقعات أو التنبؤات دون تخطيط حقيقي وعمل جاد قد يقود إلى الوهم. فالنجاح، سواء في الحياة الشخصية أو في المشاريع الاقتصادية، لا يقوم على معرفة الغيب، بل على التعلم المستمر، وتحمل المسؤولية، واتخاذ القرارات الواعية، وهو ما يجعل الحديث عن الرواية مناسبًا لمنصة شاملة مثل منصة أموالي التي تهتم بالفكر والثقافة والاقتصاد وتجارب النجاح.
ولا تغفل الرواية جانبها الإيماني والفكري، حيث يوضح الكاتب محمد الشريف أن هناك أمورًا كثيرة في هذا الكون تخفى على البشر، وأن علم الغيب هو من اختصاص الله عز وجل وحده. وفي المقابل، يكشف العمل عن خطورة الانجراف وراء الدجل والشعوذة والسحر، ويضع القارئ أمام سؤال مباشر يدفعه للتفكير: ماذا تريد أن تكون؟ هل تسعى إلى المعرفة والعمل والوعي، أم تركن إلى الأوهام والتفسيرات السهلة؟
في النهاية، يمكن القول إن رواية العرّافة ليست مجرد عمل أدبي للمتعة والقراءة، بل تجربة فكرية عميقة تدعو القارئ إلى إعادة النظر في مفهوم القدر، ودوره الشخصي في صناعة المستقبل. وهي رسالة واضحة تؤكد أن المعرفة، سواء كانت أدبية أو عملية، تظل المفتاح الحقيقي لاتخاذ قرارات أفضل في عالم مليء بالاحتمالات والتحديات.