حرب الغضب ( سيد الخواتم )
حرب الغضب.
بعد طول انتظار خرج جبروت ڤالينور من الغرب, وتحديات أبواق إيونويه رسول مانويه ملأت السماء, فكانت بيليرياند كلها مشتعلةً بنار الحرب والسلاح. واهتزت الأرض والجبال تحت أقدامهم جيش الغرب. سمي هذا اللقاء بين جيش الغرب وجيش الشمال بالمعركة العظيمة, أو حرب الغضب. فقد انظمت إلى هناك كل قوى عرش مورغوث, والتهب الشمال بنار الحرب.
لكن كل جيوش مورغوث لم تنفعه, فقد قُضيَ في بداية الهجوم على غالبية البالروغز, إلا عدد قليل هرب وانسحب إلى كهوفٍ عميقةٍ في جذور الأرض التي لا يمكن الوصول إليها. أما جحافل الأوركس فقد هلكت ولم يبقَ منها إلا القليل الذي أزعج العالم لسنوات طويلة فيما بعد. كذلك بقيت بعضٌ من بيوت آباء البشر الثلاثة من أصدقاء الجان, الذين حاربوا مع جيش الڤالار. لكن جزءً كبيراً من أبناء البشر, سواء كانوا من شعب أولدور, أو من القادمين الجدد من الشرق, فقد حاربوا مع العدو.
رأى مورغوث كيف تم القضاء على جيشه وكيف تبعثرت وتشتت قواه, فجبن ولم يجرؤ على إظهار نفسه, لكنه أطلق على خصومه هجومه اليائس الأخير الذي كان على أُهبة الاستعداد. هناك خرجت من حفر أنغباند التنانين المجنحة التي لم تُرى من قبل وكانت مفاجِئَةً ومُدَمِرةً جداً في بداية هجومها المروع, فتشتت جيش الڤالار وتراجع قليلاً. إذ كان مجيء التنانين مع رعدٍ عظيمٍ, وبرقٍ وعاصفةِ نارْ.
أتى إيارينديل, وقد تجمعت حول فينغيلوت كل طيور السماء العظيمة, وكان قائدهم ثوروندور سيّد النسور. دارت معركةٌ في السماء طوال اليوم وخلال الليل. وقبل شروق الشمس تمكن إيارينديل من قتل أنكالاغون الأسود. وهو الأعظم بين جيش التنانين, فرماه من السماء إلى الأرض. سقط أنكالاغون على أبراج ثانغورودريم فدمرها. ومع شروق الشمس كان النصر حليف جيش الڤالار. وفي ذلك اليوم قتلت أغلب التنانين, وأصبحت كل حفر مورغوث مدمرة. فطاردته قوات الڤالار إلى أعماق الأرض, هناك توقف مورغوث في أعمق حفرة له, وطلب العفو والسلام, لكنهم قطعوا قدمه وأُلقي على وجهه, وربطوه بسلسلة أنغاينور التي رُبط فيها من قبل. ثم ضربوه على تاجه الحديدي حتى غاص ووصل إلى عنقه وكاد يخنقه, فركع على ركبتيه. تقدم منه إيونويه وأُخذ جوهرتا السيلماريلس المتبقيتان في التاج, فأشرق نورهما الصافي حتى وصل السماء.
هكذا تم وضع حد لقوة وسطوة أنغباند في الشمال, فأصبح عالم الشر ضئيلاً, وخرج أكثر العبيد من خلف السجون العميقة إلى ضوء النهار, وشاهدوا العالم الذي تغيّر. لكن غضب أعداء الشمال كان عظيم جداً, فقد تمزقت المناطق الشمالية من العالم الغربي, وهدر البحر ودخل إلى الأرض خلال الكثير من الفتحات العميقة, وكان هناك اضطراب وضوضاء عظيمين. فغارت أنهارٌ كثيرةٌ, أو وَجدت طُرقاً جديدةْ, وانتفخت الوديان وانسحقت التلال, غاص نهر سيريون في باطن الأرض وكأنه لم يكن موجوداً من قبل.
أما بالنسبة لمورغوث فقد دفعة الڤالار بنفسهم من خلال باب الليل إلى ما وراء أسوار العالم. إلى الفراغ الأبدي. ووضعوا حراسةً دائمة على تلك الأسوار. واستمر إيارينديل بمراقبة متاريس أسوار السماء, رغم ذلك فأكاذيب ميلكور الجبار الملعون, مورغوث باوغلير. وقوة الحقد والإرهاب. كانت قد بَذرت في قلوب الجان والبشر بذرةً لا يمكن أن تموت أو تُدَمَّرْ. ودائماً تتبرعم هذه الأكاذيب بشكلٍ مفاجئ ثانيةً, ووسوف تؤتي ثمارها المظلمة حتى آخر الأيام.
أثناء ذلك وبعد انهيار أبراح الظلام, عاد ساورون إلى شكله الصافي وسجد أمام إيونوي رسول مانوي, مستنكراً ومتبرأً من كل الأعمال الشريرة التي قام بها. ويفترض البعض بأن ذلك الأمر في بدايته لم يكن كذباً. بل بالحقيقة إن ساورون كان قد ندم وتاب ولو بدافع الخوف والفزع بعد هزيمة مورغوث والغضب العظيم لسادات الغرب. لكن لم يكن من ضمن صلاحيات إيونوي العفو عن المذنبين. لذلك أمر ساورون بالعودة إلى أمان وهناك سيستلم حكم مانوي. لكن ساورون كان خجلاً وغير راغب بالعودة صاغراً لتنفيذ العقوبة التي سيفرضها عليه الڤالار, وقد تكون العبودية لمدة طويلة ليثبت أن توبته حقيقية. لكن ولأنه كان يمتلك قوة عظيمة تحت سلطة مورغوث. لذلك عندما غادر إيونوي, قام ساورون بإخفاء نفسه في الأرض الوسطى. وعاد إلى الشر لأن الروابط الشريرة التي وضعها عليه مورغوث كانت قوية جداً.
كان إيداين لوحده من بين قبائل البشر, هم الذين قاتلوا مع الڤالار. بينما البشر الآخرين قاتلوا مع مورغوث. وبعد انتصار سادات الغرب, فإن أولئك البشر الأشرار الذين لم يقتلوا, هربوا عائدين إلى الشرق, حيث الكثير من جنسهم مازال يتخبط في الأراضي البور, متوحشين فوضويين, رافضين على حد سواء استدعاء الڤالار ومورغوث. وعندما سار بينهم البشر الأشرار, ألقوا فوقهم ظلال الخوف واتخذوهم ملوكاً عليهم. كان الڤالار قد ترك لفترة من الوقت بشر الأرض الوسطى, فهم الذين رفضوا مذكرة الاستدعاء واتخذوا أعوان مورغوث ساداتٍ لهم. فقد سكن البشر في الظلام وضُربوا بأكثر الشرور المبتكرة من قبل مورغوث في أيام حكمه وسلطانه. كالشياطين والتنانين والوحوش الممسوخة والأوركس القذرين. تلك كانت سخرية قدر أبناء إلوڤاتار. وكان غالبية البشر تعساء.